في قرية السدح بالفيوم.. تعيش قبائل القذاذفة وأولاد سليمان والرماح ولهجتهم تحميهم عند الذهاب إلى ليبيا الزواج من خارج قرية الليبيين مرفوض.. والمهر150 جرام ذهب في كفر الغاب.. مساعدة السوريين وتزويجهم وحلم الهجرة غير الشرعية يراود البعض! أم مريم السورية: تزوجت مصريا بسبب المستقبل المجهول.. ومن تتزوج ب 500 جنيه من" الغجر"! جزيرة فاضل.. تؤوى الفلسطينيين بعد الهروب من حصار الهجّانة الإسرائيلية قرية الفلسطينيين يحكمها المختار.. الأحكام العرفية قانونها مهاجرا أتى هنا.. و لم يعد إلى الوطن؟.. لم تكن تلك الكلمات تعبر عن حال صاحبها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش فقط.. بل تعبر عن ملايين العرب الذين أُجبروا على ترك أوطانهم.. والبحث عن أوطان بديلة تحميهم من الحروب والإرهاب.. ويراودهم حلم العودة إلى أوطانهم.. ومن هؤلاء آلاف جاءوا إلى مصر.. والتي احتوتهم وجعلتهم ينتشرون في كل شبر فيها.. فمنهم من ذهب إلى المدن والأحياء الراقية بأموالهم التي ساعدتهم على بدء حياة جديدة.. وآخرون لجأوا إلى القرى البسيطة في العديد من المحافظات.. وأصبحوا جزءًا منها.. ومن داخل 3 قرى مصرية قمنا بزيارتها نتعرف على حكايات غربة الفلسطينيين والسوريين والليبيين.. وذلك في التحقيق التالي.. القبائل الليبية فى السدح على بعد أكثر من 30 كيلومترا من مدينة الفيوم.. وبالتحديد في مركز" إطسا" يسكن حوالي 2000 نسمة في قرية" السدح".. هنا تقابل وجوها عربية.. وتسمع لهجتهم الليبية.. فهؤلاء هم أبناء القبائل الليبية والذين يفتخرون بمصريتهم.. معظمهم ولد وعاش في مصر.. وآخرون يحملون الجنسية الليبية بجانب المصرية.. ولكن القرية بالنسبة لهم وطن بديل.. بالرغم من بساطتها وقلة خدماتها.. ويجمعهم حلم العودة إلى ليبيا بعد التحرر من الإرهاب.. القذاذفة وأولاد سليمان والرماح.. ثلاث قبائل يعيش أبناءها على أرض السدح.. وفي البداية يشرح والي عبد العزيز الرمحي حكايتهم مع القرية قائلا: القرية تعتبر امتداد للقبائل الليبية، والتي جاء بعض أبنائها منذ زمن طويل، وعاشوا في القرية، والأجيال الحالية التي تعيش هنا هم مصريون يحملون الجنسية المصرية، وبعضهم حصل على الجنسية الليبية، ولا يوجد أي فرق بين مصري وليبيا هنا، فكلنا أخوة وأهل، وكلنا سافرنا إلى ليبيا من أجل العمل والكسب، فهنا من الصعب أن نجد أي فرص عمل. ويتدخل عبد التواب محمد من قبيلة أولاد سليمان قائلا: ولدت في مصر ومعي الجنسية المصرية فقط، ولو أردت الحصول على الجنسية الليبية أنا أو غيري نحصل عليها من خلال قبائلنا، ولكني لا أريد لأني فخور بجنسيتي المصرية، كما أننا نذهب إلى ليبيا من أجل لقمة العيش، ولا تمنعنا الحرب هناك من السفر ودخول الأراضي الليبية، وحتى بعد خطف العديد من المصريين هناك، فلهجتنا الليبية تحمينا، فعندما يستوقفني أحد في ليبيا وأتحدث بلهجتهم وأقول: إني سليماني"أي من قبيلة أولاد سليمان" فلا يقترب مني أحد. عطية أبو هشيمة ابن قبيلة أولاد سليمان رجل في الستينات من عمره جاء من ليبيا من أجل العلاج.. ويقول: معي الجنسيتان المصرية والليبية، وولدت في السدح، وسافرت إلى ليبيا في سبعينات القرن الماضي، وتزوجت وقضيت كل تلك السنوات هناك، ولكني عدت لأني مريض ومن الصعب العلاج هناك، فعدت أبحث عن العلاج هنا، ولكني لم أجده في السدح، بسبب قلة الخدمات، والمستشفى ليس بها أي أطباء أو علاج، كما أني تركت أسرتي كاملة هناك، وسوف أعود مرة أخرى، فالظروف التي تمر بها ليبيا لا تجعلني أخاف من العودة، فهناك وطني وعائلتي مثلما أن مصر وطني وبها أصلي وأهلي. سماسرة الهروب لا مفر من الذهاب إلى ليبيا، هذا ما أكده يوسف الرمحي والذي يقول: معظم الناس هنا تعمل في الزراعة، وهناك صنايعية، ولكن من الممكن أن يكسب أي صنايعي 100 أو 150 جنيهاً في اليوم عندما يذهب للعمل بالقاهرة، ومن الممكن أن يعمل يوم وآخر بلا عمل، ولكن في ليبيا نعمل في أي شيء سواء بيع الخضار أو في مجال البناء أو أي مهن طالما سنحصل على أموال. ورغم خطورة الأوضاع في ليبيا إلا أن الكثير من الشباب يغامرون من أجل العمل هناك، ومن لا يحمل الجنسية الليبية لا يستطيع العبور بشكل قانوني، ولذلك يلجأ بعضهم إلى سماسرة.. هذا ما كشف عنه العديد من الأهالي، حيث أكد أحدهم أن من لا يحمل الجنسية يذهب" هرّابي" من خلال سماسرة وعن طريق الجبل خلف القرية، ومنها إلى جغبوب، وهناك من يهرب بالجمل، وهناك من يأتي من قرى ومدن أخرى من أجل الهرب، كما يقول والي الرمحي: هناك العديد من السماسرة الذين يسهّلون هروب البعض إلى ليبيا، وهم موجودون في مقاهي مرسي مطروح، ويحصل السمسار على 10 آلاف جنيه، ولكن هناك خطورة كبيرة لأن هناك مناطق ألغام على الحدود، وهناك من أصيب فيها، فأكثر من شخص عاد بعد أن بترت ساقه بسبب الألغام، وهناك من يعيده الجيش من الطريق، وبعض السماسرة على دراية ب" مدقات" بعيدة عن الألغام، وهناك من يهرب من السلوم، أو عن طريق الجبل بالفيوم. يذكر أن المسافة بين الفيوم والحدود الليبية حوالي 15 ساعة بواسطة الطريق الساحلي الدولي، وفي يونيو الماضي عثرت قوات حرس الحدود الليبية على جثامين 3 مواطنين مصريين في صحراء ليبيا، ومنهم اثنان من مركز" إطسا" بالفيوم، وكانوا قد دخلوا ليبيا بطرق غير شرعية، وقد حذر مسئول عسكري ليبي من الانسياق وراء عصابات تهريب البشر في تلك المنطقة. التراث الليبى ويحافظ أبناء القرية على بعض ملامح التراث الليبي والعادات التي تحكم القبائل.. حيث يقول يوسف أبو حامد: الكثير من البيوت هنا على الطراز الليبي البسيط، كما أن هذا التراث يظهر في أكلاتنا أيضا، فنتناول العصيدة الليبية والبزين والكسكسي المطبوخ، ويحكم القرية القانون العرفي، فأي مشكلة تحدث يتم حلها في جلسة عرفية، والمخطئ يدفع بعض المال مقابل خطئه، ولكن الحمد لله لا توجد أزمات كبيرة في القرية، أما عن الزواج فمن قبل كانت أم العريس هي التي تختار العروس، وتشاهدها وتقرر قرار الزواج، ولكن الأمور اختلفت الآن بعد أن تعلم الشباب والفتيات في القرية ودخلوا الجامعات، فأصبح هناك مقابلة بين الشاب والفتاة في منزل أسرتها قبل الزواج، ولكن من الصعب أن يتزوج أحد من خارج القرية، فالزواج يكون بين القبائل هنا، فمن الممكن أن يتزوج شاب من قبيلة أخرى، ولكن لا يتزوج من خارج القرية. ويضيف قائلا: المهر عالٍ هنا مثل كل القبائل العربية، فيبدأ من 100 وحتى 150 جرام ذهب، وبدأ ينتشر لدينا مؤخرا" النيش"، فأصبح العريس يدفع من 30 إلى 40 ألف إلى والد العروس من أجل شراء مستلزمات النيش، بجانب أن الفرش كله على العريس، وأحيانا يشارك والد العروس بشراء بعض الأجهزة الكهربائية، فكل ذلك كفيل بأن يفكر أي شاب في السفر إلى ليبيا من أجل العمل وتوفير كل ذلك، وكلنا نتمنى أن تعود الأمور مثل السابق، فنحن زمان كنا نعيش في نعيم، لدرجة أن الرئيس الراحل معمر القذافي كان يرسل مساعدات لهذه القرية التي بها أبناء قبيلته، ولكنها لم تكن تصل إلينا، فالقائمون عليها كانوا يستحوذون عليها ولا يصل منها سوى 200 جنيه لبعض الأسر. سوريون فى كفر الغاب في وسط الحرب والمعارك الدائرة منذ 2011 قرر أنس إبراهيم الرحيل عن وطنه بلا أي أموال.. بحثا عن الأمان الذي لم يجده سوى في قرية صغيرة في محافظة دمياط.. على أمل أن يستطيع الوصول إلى أوروبا عن طريق الهجرة غير الشرعية.. ولكنه بعد أن فشل في تحقيق هذا الهدف قرر البقاء في هذه القرية.. حالما بالعودة إلى الوطن بعد انتهاء معاركه. أنس واحد من ضمن أكثر من 500 ألف لاجئ سوري بمصر، منهم 120 ألف مسجلين بالمفوضية السامية للاجئين وفقا لتصريح السفير طارق القوني مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، ولكن أنس لم يكن معه المال اللازم لافتتاح مشروع خاص به مثل العديد من السوريين الذين افتتحوا المطاعم ومحلات الحلويات في المدن المصرية، حيث يوجد في مصر 30 ألف رجل أعمال سوري حسب تأكيد خلدون الموقع- رئيس رابطة رجال الأعمال السوريين في مصر-، فقرر أنس برفقة عدد من أصدقائه أن يتجه إلى قرية كفر الغاب التابعة لمركز كفر سعد بدمياط. ويروي أنس حكايته ويقول: عندما هربت من الدمار الذي أصاب سوريا قررت مع مجموعة من الأهل والأصدقاء المجيء إلى مصر في 2013، وجئنا عن طريق الأردن، وكان هدفي الأساسي أن أهاجر إلى إيطاليا، فنصحني البعض بالذهاب إلى دمياط حتى أستطيع أن أهاجر بطريقة غير شريعة، ولم يكن لديّ أي مانع في الهروب على مراكب الموت، فهي أرحم مما أصاب الشعب السوري، فجئت إلى هذه القرية مع بعض السوريين، واستقبلنا أهلها أفضل استقبال، لدرجة أنهم وفروا لنا مسكن وأكل، ولم نشعر بالغربة وسطهم، وفي مدينة دمياط تواصلت مع أحد السماسرة الذي طلب مني 25 ألف جنيه من أجل الهجرة إلى إيطاليا، ولم يكن معي هذا المبلغ، فبعض الأهالي بالقرية جمعوا لنا بعض الأموال التي ساعدتنا على تأسيس محل بقالة صغير، فقررت أن أؤجل أمر الهجرة حتى يتاح لي المال، ولكن الحمد لله أني فعلت ذلك، فبعد عدة أشهر تم إلقاء القبض على مجموعة من السوريين كانوا مهاجرين بطريقة غير شرعية، فقررت البقاء في مصر حتى أستطيع أن أعود إلى وطني مرة أخرى بعد أن يعود إليها السلام والأمان. يذكر أن قوات حرس الحدود بدمياط أحبطت في 2014 محاولة هجرة غير شرعية عبر سواحل مدينة عزبة البرج بدمياط، وتم إلقاء القبض على عدد من السوريين ضمن جنسيات أخرى، وكشفت التحريات عن قيام بعض السماسرة بمحاولة تسهيل هجرة 105 أشخاص إلى إيطاليا مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 20 إلى 30 ألف جنيه. خريطة السوريين عمار حسن يشرح خريطة السوريين في مصر قائلا: معظم السوريين الذين افتتحوا مشاريع استطاعوا الخروج من سوريا بأموالهم، ومن لم يستطع فعل ذلك خرج من سوريا ثم تابع مع أحد السوريين هناك والذي قام بدوره بإرسال الأموال إليه في مصر عن طريق البنوك وعلى دفعات، ومن يملك الأموال منهم يتجه إلى مدينة 6 أكتوبر ومدينة نصر والمهندسين ومصر الجديدة، ولكن من لا يملك المال يضطر إلى البحث عن أي فرصة عمل أو الذهاب إلى أي محافظة بعيدا عن القاهرة، ولذلك يجد نفسه في أي قرية بأي محافظة، فربما تكون مصر الدولة الوحيدة التي تسمح للاجئين بالتنقل في أراضيها من شرقها لغربها، حيث إن الدول الأخرى تسمح للاجئين بالتواجد في منطقة تحددها الدولة، ولذلك انتشر السوريون في كثير من المحافظات وصولا إلى الصعيد، وأيضا إلى دمياط والبرلس بكفر الشيخ من أجل الهجرة غير الشرعية. زواج السوريات ولكن أكثر شيء يزعج السوريين في مثل هذه القرى هو الحديث عن تزويج الفتيات السوريات لمصريين.. حيث يقول مهند يوسف: هناك العديد من الفتيات والنساء السوريات تزوجن في مصر بالفعل، ولكن ليس بالصورة التي يتحدث عنها البعض كما لو كان هناك تجارة في الأعراض، فالفتاة يأتيها عريس مصري وإذا كان مناسباً يتم الزواج دون أي مشاكل ومثل أي زيجة تتم، كما أن الفتاة السورية تعتبر هي الأغلى مهرا، لأنها تتزوج بحقيبة ملابسها فقط، والعريس يتحمل كل تجهيزات الزواج. وفي 2013 أعلن المجلس القومي للمرأة أن هناك 12 ألف حالة زواج تمت خلال عام واحد بين لاجئات سوريات ومصريين، بجانب ظهور ظاهرة زواج اللاجئات السوريات بمقابل 500 جنيه للزوجة، وفي 2017 أظهر تقرير للجهاز المركز للتعبئة والإحصاء أن عدد عقود زواج المصريين بسوريات في هذا العام فقط بلغ 472 عقدا. أم مريم إحدى النساء السوريات اللاتي تزوجن في مصر وتقول: جئت إلى مصر في 2013 بعد مقتل زوجي في الحرب، ولم يكن معي أي أموال ولديّ طفلان، وكنت أعيش على تبرعات أهل الخير، ولذلك عندما عُرض عليّ الزواج من مصري لم يكن أمامي سوى الموافقة لأن المستقبل أمامي كان مجهولا، والحمد لله وجدت المعاملة الطيبة من زوجي حسين، ولكن حكاية الزواج بمقابل 500 جنيه فهذا لا يحدث كثيرا، والسوريات اللاتي يقدمن على ذلك هن من الغجر، أو من تريد أن تبيع نفسها، أو عن طريق سماسرة، ولكننا نريد أن نعيش فقط، وصحيح أننا كلنا نريد أن نعود إلى الوطن، ولكن بالنسبة لي فوطني هو وطن زوجي الآن، وأتمنى أن يأتي معي إلى سوريا بعد التحرر. جزيرة فاضل.. قرية الفلسطينيين في عام 1948 وعقب النكبة التي منيت بها فلسطين خرج الشيخ نصير النامولي بقبيلته وجماله ودخلوا سيناء ومنها إلى القنطرة.. ثم بحثوا عن مأوى لهم على أرض مصر.. إلى أن وصلوا إلى جزيرة فاضل بالشرقية.. وكانت منطقة جبال.. فنصبوا خيامهم وعمّروا المنطقة لتصبح منذ هذا الوقت وحتى الآن قرية للفلسطينيين لها عاداتها وقوانينها. لم يكن طريق الوصول إلى القرية سهلا، فهي بعد مركز أبو كبير، وبالتحديد على الطريق الزراعي بين مركزي بلبيس وأبو كبير بمحافظة الشرقية، وللقرية مدخل ضيق، وعند الوصول إلى أول المدخل وبالسؤال عنها، وجدنا من تطوع وقاد موتوسيكلا وسار أمامنا لتوصيلنا إلى مقر"الكبير" أو المختار، وعند دخولنا للقرية وجدناها بسور طيني طويل يبدأ بممر أشبه بأنفاق سيناء، وبيوتها دور واحد ومتشابهة ومعظمها من الطين ومغلقة على أصحابها، فلا يوجد أحد خارج منزله إلا من لديه عمل يقوم به، ووصلنا إلى دار الضيافة الذي يتوسط القرية، وعند مدخله نجد صورة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي يعتبرونه بالقرية زعيم الأمة. حصار الهجّانة الإسرائيلية ويروي عيد النامولي- عمدة القرية وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العام لعمال فلسطين- قصة القرية ويقول: بدأت الحكاية مع الهجرة الأولى من فلسطين، حيث خرج جدي الشيخ النامولي، وسمعت من جدي ووالدي أن الهجانة الإسرائيلية كانت تضرب المناطق الفلسطينية بالقنابل على شكل حدوة فرس، حيث يقومون بالضرب من 3 اتجاهات، ويتركون للفارين اتجاها واحدا وهو اتجاه سيناء، فخرج جدي والقبيلة، واستقر فترة في بئر العبد والقنطرة، وكانت هناك جذور مصرية لقبيلة النامولي، وبدأ الشيخ النامولي يبحث عن مكان ليستقر به مع قبيلته المكونة من 40 فردا، وجاء إلى جزيرة فاضل بالشرقية، وكانت صحراء جرداء، وكانت أراضيها ملكا لشخص اسمه محمد بك فاضل، فاشتروا منه الأرض، وتيمنا به بقيت الجزيرة بهذا الاسم" فاضل"، كما أنها كانت تحيطها الترعة من 3 اتجاهات، وبالتناسل أصبح هناك 3500 نسمة وحوالي 400 أسرة منقسمين إلى عائلات وبطون، وكان الرئيس جمال عبد الناصر يحتضن الفلسطينيين، ولكن بمرور الوقت بدأنا نعاني في التعليم والتملك، ولكننا نتعامل بروح القانون مثل المصريين في بعض الحالات، وقد تم انتخابي"مختار" القرية وهو ما يعني العمدة عند المصريين، وذلك بتوافق مشايخ القرية، وأسعى دائما لحل مشاكل القرية والقبيلة. القانون العرفى القرية لها قوانينها ولا يلجأ أهلها أبدا إلى الشرطة.. هذا ما كشف عنه حسين راجح- أحد أبناء الجزيرة- والذي يقول: نحن لنا عاداتنا وتقاليدنا، والمختار هو الذي يحكمنا وهو بمثابة القاضي، وعند وجود أي خلافات بين شخصين يأتيان إلى المختار، ويوقّع كل طرف على إيصال أمانة، ويتم تحديد المبلغ حسب ما يقرره المختار، وحسب المشكلة، ومن الممكن أن يكون المبلغ المدوّن في الإيصال مليون جنيه، ولكن يتم دفع مبلغ قليل في النهاية، ويحاول المختار أن يراضي بين الأطراف المتخاصمة حتى لا يدفع أحد شيئا، ومن يلجأ للشرطة في أي مشكلة يمضي على إيصال أمانة أيضا حتى يتنازل، ثم ينعقد المجلس العرفي المكوّن من 9 أفراد برئاسة المختار لدراسة المشكلة من أجل حلها، ويتم حل جميع المشاكل الحياتية بالقرية، ولكن بنسبة كبيرة مشاكلنا لا تصل إلى مركز الشرطة، كما أننا لدينا ترابط أسري في كل شيء. حلم العودة حلم العودة إلى الوطن أمنية بعيدة المنال لأهالي القرية بالرغم من إحساسهم بالانتماء لمصر.. ويقول حسين النامولي: كلنا نتمنى العودة إلى وطننا بالرغم من أننا لم نره ولم نولد به، كما لم يفكر أحد من القرية في الذهاب إلى هناك بسبب المشاكل التي من الممكن أن تواجهه، ونحن جميعا نشعر بالانتماء لمصر التي نعتبرها عامود خيمة العرب، ولا نستطيع أن نستغني عنها، ونتمنى أن نحصل على الجنسية المصرية، حتى يتم معاملتنا مثل المصريين في كل شيء، فنحن عشنا وتربينا هنا، ونشعر بمصريتنا إلا أننا تنقصنا الجنسية. أمنية ومريم وريم ونجود ومحمد وزياد.. كلهم أطفال تجمعوا في فصل محو الأمية بدار الضيافة ليتعلموا ويشرفوا وطنهم مثلما أكدوا ولكي يعلموا الأطفال عندما يكبرون.. ويقول معلمهم محمد عبد الحميد: التعليم هنا مثل أي قرية مصرية، وهناك من يحصل على شهادات ابتدائية وإعدادية وثانوية، ويتوقف التعليم عند هذا الحد، لأنهم للأسف ممنوعين من دخول الجامعات، لأن الأهالي هنا يعاملون معاملة المصريين في كل مراحل التعليم، أما في الجامعة فيجب الدفع بالدولار، وهذه كارثة كبرى، فمن أين نأتي بالدولارات وكل الأهالي هنا بسطاء، ولذلك يكتفون بالمدرسة فقط، ولذلك يشعر أهالي القرية بدمار الاحتلال ودمار التعليم، ولذلك يلجأ الشباب للدبلومات الفنية. ## ## ## ## ## ## ## ##