- الخيانة منهج الإخوان.. ولم أهدف إلى تحسين صورتهم - إثارة الجدل دليل على أني لا أقدم شيئا تافها أو سطحيا - ربنا أعطاني موهبة ونعمة التفكير.. وأتمنى أن أموت ممسكاً بقلمي - لست من الأثرياء ولكني أعيش مستورا.. وكسبت احترامي لنفسي -راعيت التسلسل التاريخي للجماعة والأحداث.. والجزء الثالث سيتناول مرحلة الرئيس السادات - الكتابة الدرامية في مصر تواجه خطرا كبيرا بسبب "نظام الورشة" - جماعة إرهابية عمرها أكثر من 80 سنة لا يمكن التخلص منها في يوم وليلة - معظم النشطاء السياسيين مثل فتحي نوفل بطل "طيور الظلام" - أكتب للناس.. والجمهور احترمني.. والدولة قدرتني بكل ما لديها من تقديرات - الإبداع لا يرتبط بسن.. وتوقف الطموح بالنسبة لي احتضار - سنوات عمري الثلاث والسبعين فترة كفاح مستمر لم يتوقف.. أخلصت فيها للوطن رغم الجدل الذي يثيره دائماً في كل أعماله وآخرها مسلسل "الجماعة" والذي عرض طوال شهر رمضان الماضي.. لكن يظل إبداع الكاتب الكبير وحيد حامد فريدا من نوعه وقادرا على فرض نفسه وسط الكثير من الأعمال الدرامية الأخرى، فهو صاحب العطاء الرائع والذي يجعله يشعر بحالة من الرضاء عما قدمه وكسب من خلاله احترامه لنفسه.. واحترام الناس له، ويؤكد وهو يحتفل اليوم بعيد ميلاده الثالث والسبعين أن توقف الطموح بالنسبة له يعني "احتضار".. ولكنه سيظل على عطائه لآخر يوم.. ويفتح المبدع وحيد حامد قلبه ويقدم لنا كشف حساب عما قدمه في مشواره مع الكتابة.. وذلك في الحوار التالي.. * نبدأ من الجزء الثاني من الجماعة.. لماذا تسبب المسلسل في كل هذه الصدمة؟ كل ما في الأمر أن هناك جيلاً كاملاً ليس لديه فكرة عن تاريخ هذه الحقبة الزمنية، ومعلوماته منقوصة وليست كاملة، فإذا كانت هناك صدمة فهذا سيجعل الناس تتعرف على معلومات جديدة. * وهل كنت تتوقع أن يثير المسلسل الجدل؟ بدون شك هناك نقاط خلافية، فالتاريخ له أكثر من وجه، والاستعجال في نقل التاريخ قد يسبب بعض المشاكل، وسيكون بدون دقة كافية، ولكن بالبحث والاستعانة بمراجع أستطيع أن أظهر الحقيقة وهذا ما حدث. * هل كان رد فعل الناصريين متعصبا؟ لا أعلم ما هي الجريمة التى اتهم بها جمال عبد الناصر لكي يدافعوا عنه؟.. هل لأنه انضم لجماعة الإخوان لفترة محدودة؟ فما العيب في ذلك، فكلهم انتموا لتنظيمات أخرى، فلماذا يغضبون، فهو ذهب للإخوان وغيرهم وكان يبحث عن تنظيم قوي يحقق أهدافه، من ضمنهم الإخوان. * البعض أكد أن ما ورد بالمسلسل يضرب شرعية الأنظمة منذ عبد الناصر وحتى الآن.. فما ردك على ذلك؟ هذا غير صحيح، ونحن أمام وقائع وعشرات الوثائق التي تتناول حدثا واحدا من مختلف الزوايا، فعبد الناصر ترك الإخوان وأسس تنظيم الضباط الأحرار بشروط محددة وردت في المسلسل، وهى أن الانتماء للوطن وليس لأحزاب أو جماعات، فلدينا الوثائق الدالة على كل مشهد. * هناك من اعترض أيضا على مشهد تقبيل رئيس الوزراء مصطفي النحاس المنتمي لحزب الوفد ليد الملك فاروق.. فما ردك على ذلك؟ هذا المشهد مثل بقية المشاهد، لم أقم بتأليفه، بل له مصادر ومراجع ،هذه المعلومة لها 3 مصادر، واقتنعت بأسبابها وهو ما جعلني أخرجها للنور من خلال المسلسل، والمصدر الأول هو مذكرات حسن باشا يوسف، الثاني رئيس الوزراء سري باشا، والثالث محمد حسنين هيكل في حديث له في قناة الجزيرة. * وكيف تبرر رد فعل الإخوان الصامت على العمل حتى الآن؟ عدم اعتراض الإخوان على شيء في المسلسل حتى الآن لأنهم لن يستطيعوا إنكار شيء أو الطعن فيه. * ما هو هدفك من كتابة الجزء الثاني من مسلسل "الجماعة"؟ كنت أريد إبراز عدة نقاط أهمها أن الجماعة كان يمكن أن تختفي من الحياة لولا تواطؤ الحكومات معها، كما أن هدفهم من البداية كان إقامة الدولة الإسلامية وحكم البلاد، كما أنهم خانوا الجميع بداية من الملك فاروق وثورة يوليو وعبد الناصر وحاولوا قتله، فالخيانة منهج الإخوان، ولم أهدف إلى تحسين صورة الجماعة كما ادعى البعض ولكن أهدف إلى كشف حقيقة هذا التنظيم، من البداية هدفها كان خبيثا. * هل كان من الممكن أن تتفادى الجماعة مصيرها؟ لا يمكن أن يكون هناك دولة أخرى داخل الدولة، والحقيقة أن جماعة الإخوان كانت ترى أنها دولة موازية للدولة الشرعية، إلى أن قفزت إلى السلطة وأصبحت هي الدولتان الإخوانية والمصرية، وأي شعب لن يتحمل ذلك ورفضهم كان طبيعياً. * وكيف رأيت المسلسل من الناحية الفنية؟ أرى أننا قدمنا عملا فنيا رفيع المستوى من كل النواحي والزوايا، وأعتقد أن المشاهد قادر على إدراك هذه الحقيقة، وبالتالي فأنا راض تماما وأكثر رضاءً على وجود ياسر المصري الذي قدم دور عبد الناصر، لأنه اجتهد بحق وصدق في تقديم الشخصية كما يجب. * هل من الممكن أن يكون هناك جزء ثالث؟ إذا كان الجزء الثاني أغضب الناصريين والوفديين وكل الناس فكيف سأقدم جزءاً ثالثاً؟ ولكن لو هناك عمر إن شاء الله، ونحن نسير في التسلسل التاريخي للجماعة والأحداث، وبالتالي سيتمحور الجزء الثالث حول مرحلة الرئيس السادات، وعموماً إثارة الجدل دليل على أني لا أقدم شيئا تافها أو سطحيا، والجدل عموما مثمر، لأنه في النهاية سيقودنا إلى الحقيقة، إما يفرض حقيقة أو يمحو واقع. * وكيف ترى مستقبل جماعة الإخوان؟ الجماعة موجودة والدليل على ذلك أنها مازالت تمارس الإرهاب والقتل ضد الأبرياء، فجماعة عمرها أكثر من 80 سنة لا يمكن الخلاص منها في يوم وليلة، وهي جماعة تزرع عقيدة معينة في نفوس أعضائها، بحيث يكون التخلي عنها أمرا صعبا، فهي قائمة على السمع والطاعة وإلغاء العقل، فمن الصعب جدا أن يقضى عليها بسهولة. * وهل مستقبل التيار الإسلامي مرتبط بمصيرها؟ هي متفردة في أغراضها، فلديها أغراض اقتصادية وهدف لإقامة دولة خاصة بهم، وغيرها من الأهداف، ولديها طموح غير مشروع لا على المستوى الديني أو الأخلاقي. * هل ترى أن طيور الظلام مازالوا موجودين في مصر؟ بالطبع، ولم ولن نتخلص منهم، فعندما نقرأ كل يوم عن الشهداء والأفكار المغلوطة فنجدهم موجودين. * هل شخصية فتحي نوفل الانتهازية في فيلم "طيور الظلام" ما زالت موجودة؟ طبعا موجودة وبكثرة، وهناك بعض الشخصيات الذين ظهروا على السطح وعملوا أنفسهم نشطاء سياسيين فمعظمهم "فتحي نوفل". * ومن هو البريء الآن؟ المواطن المصري، وسيظل هو البريء، فلكي تغير المواطن المصري فهذا يحتاج إلى وقت ووعي، ويجب أن نفرق بين البراءة والسذاجة، فالسذاجة تعني قلة الوعي، وعندما يكتمل وعي الشعب المصري سيكون مجتمعا فاعلا ومؤثرا وستتغير الأحوال. * هل هناك أزمة كتابة بالفعل في مصر؟ هذه قضية كبيرة، فالمناخ العام أفسد مهنة الكتابة وله تأثير سيئ على الإبداع بشكل عام، كما أنه لم يعد خافيا على أحد أن الكتابة الدرامية في مصر تواجه خطرا كبيرا جدا، والمرحلة القادمة ستشهد حالة عقم كبيرة، لأن المتبع حاليا في كتابة الأفلام والمسلسلات، نظام الورشة، يشترك 5 أو أكثر في كتابة نص واحد، وهذه عملية غير مجدية على الإطلاق، لا تصنع كاتبا، ولا تصنع فنا. * وما الذي كسبته بعد كل ذلك؟ كسبت احترامي لنفسي، واحترام الآخرين، وأشعر بحالة من الرضا، وهذا شيء قيم، وحالة الرضا ليست لما كسبته، فالمكسب إما مادي أو أدبي ومعنوي، إنما هي حالة من الرضا عن كل شيء، فأنا الحمد لله أعيش مستورا بمعنى الكلمة، لا أستطيع أن أصنف نفسي من الأثرياء ولكني من المستورين، وعلى المستوى الأدبي فالحمد لله ربنا منّ عليّ بنعمة أن هناك أناسا كثيرين يتفقون معي في الرأي وهناك احترام متبادل معهم وهذا شيء طيب، ولكني لديّ حالة من الرضا من العطاء الذي قدمته للناس، فأهم شيء في الدنيا ما الذي قدمته للناس خير أم شر، وأنا أشعر بأني قدمت عطاءً طيبا جدا للناس. * وهل تشعر بأنك أخذت حقك وحصلت على المكانة التي تستحقها؟ أول شيء أعتز به جمهور المشاهدين أو القراء، فأنا أكتب للناس سواء فنا أو صحافة، والحمد لله تقدير الناس والجمهور له الاعتبار الأول، و الحمد لله الدولة قدرتني بكل ما لديها من تقديرات، فأعلى جائزة وهي جائزة النيل حصلت عليها وحصلت على كافة الجوائز التي كانت قبلها، وليس شرطا ذلك، ولكن تقدير الناس هو أكبر جائزة. * وما هي الأدوات التي شكلت إبداع وحيد حامد؟ أشياء عديدة جدا، تبدأ منذ النشأة الأولى، واهتماماتي، فالله يعطي الموهبة لمن يشاء، وربنا أعطاني موهبة ونعمة التفكير، وهناك من يفكر في الأدب أو الطب أو الذرة، وأنا أفكر في الكتابة، فربنا هو العاطي. * هل الإبداع يرتبط بسن معينة؟ لا أبدا، فلا يرتبط بعمر لا في البداية أو النهاية، فمن الممكن أن نجد شابا عمره 16 عاما ويقدم عملا فنيا ممتازا، وممكن شيخ ويقدم عملا عظيما، ولدينا مثال قوي على ذلك وهو أستاذنا نجيب محفوظ، فإبداعه لم يتوقف حتى في عز مرضه. * وهل الطموح يقف عند وقت معين؟ الطموح عندما يتوقف فهذا يعني احتضارا، فهناك حكمة لسيدنا علي يقول فيها"اعمل لدنياك كأنك تعيش أمد الدهر وأعمل لآخرتك كأنك تعيش غدا"، فتنتهي الحياة بانتهاء الطموح حتى ولو عاش الإنسان سنوات عديدة. * وما هي طموحاتك الآن؟ أن أرى مصر بخير، وعلى المستوى الشخصي أحمد ربنا على ما أنا فيه وما وصلت إليه، وبكل صدق أقول إني أتمنى أن أموت وأنا ممسك بقلمي.