مأزق هو الأول من نوعه يتعرض له القضاء بعد أن رفض فضيلة المفتي تطبيق حكم الإعدام على محمد بديع مرشد الإخوان وعدد من قيادات الجماعة على رأسهم محمد البلتاجي وعصام العريان وصفوت حجازي لعدم كفاية الأدلة.. فالمأزق يكمن في ردود الفعل على ذلك.. وقد أعادت محكمة جنايات الجيزة أوراق المتهمين مرة أخرى لفضيلة المفتي.. وحددت جلسة 30 أغسطس الحالي للنطق بالأحكام.. وقد كانت هناك سابقة لرأي المفتي في حكم إعدام أحد المتهمين، عندما تم القبض على "إبراهيم الورداني " الذي قتل رئيس الوزراء بطرس باشا غالي، وقررت المحكمة تحويل أوراق القضية للشيخ " بكري الصدفي" مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي فيها، فطلب الشيخ إحالة "إبراهيم الورداني" إلى لجنة طبية للتأكد من سلامة قواه العقلية، فرفضت المحكمة طلب المفتي في سابقة هي الأولى من نوعها، وقضت المحكمة بإعدام "الورداني" شنقًا، وفي فجر يوم 28 يونيو عام 1910 تم تنفيذ حكم الإعدام. وفي تصريح خاص للشباب يقول المستشار محمد حامد الجمل- رئيس مجلس الدولة الأسبق والفقيه القانوني-: رأي المفتي استشاري من الناحية الفقهية وغير ملزم للقاضي، والقاضي له حق تنفيذ العقوبة إذا استراح ضميره لذلك، فالقانون ألزم المحكمة إذا أصدرت حكما بالإعدام أن ترسله إلى مفتى الجمهورية لاستطلاع رأيه الشرعي فقط، ولكن الكلمة الأولى والأخيرة للقضاء وليس للأراء العلمية أو الشرعية، ولا يجب إصدار تشريع يلزم المحكمة برأي المفتى في أحكام الإعدام. أما عن المأزق فهو محاولة البعض الاصطياد في الماء العكر والتشكيك في أحكام القضاء، ولعل ما ذكرته نيويورك تايمز الأمريكية التي ذكرت أن رفض الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، الموافقة على إعدام 14 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، فى قضية أحداث مسجد الاستقامة يعتبر توبيخاً رسمياً نادراً، وقالت إن رفض المفتى حكم الإعدام لافتقار القضية إلى الأدلة، يعتبر أمراً غير عادى من قبل شخصية بارزة لكبح جماح السلطة القضائية فى البلاد ورغم أن رأى المفتى استشارى فإن له قيمة كبيرة. وتابعت:لم يتضح إلى أى مدى عكس انتقاد المفتى انزعاجاً أوسع داخل الدوائر الحاكمة بشأن مدى قسوة الأحكام والإدانات، لكن مطالبة المحكمة للمفتى بإعادة النظر فى قراره إشارة على إصرارهم ومواصلتهم فى المطالبة بتنفيذ أحكام الإعدام. ويعتبر محمد بديع هو ثاني مرشد لتنظيم الإخوان الإرهابي يواجه حكم الإعدام، فقد سبقه حسن الهضيبي المرشد الثاني عام 1954.. ويعود حكم الهضيبي إلي حادث المنشية الذي دبره الإخوان في 26 أكتوبر 1954 في محاولة لاغتيال الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، بعدما قام بحضر الجماعة واعتقال عدد من أعضائها، وتم القبض على الهضيبي والجهاز السري ومن أطلق الرصاص محمود عبد اللطيف، وحكم على 7 من أعضاء الجماعة البارزين، منهم المرشد السابق، حسن الهضيبى، بالإعدام بالإضافة إلى محمود عبد اللطيف، ويوسف طلعت، وإبراهيم الطيب، وهنداوى دوير، ومحمد فرغلى، وعبد القادر عودة، قبل أن يخفف الحكم على المرشد الهضيبى إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، ونظرت محكمة الشعب ذات الطبيعة العسكرية، القضية برئاسة جمال سالم وعضوية حسين الشافعى وأنور السادات، وانتهت بإصدار الأحكام فى 4 ديسمبر 1954، وكان من بين من حكم عليهم محمد مهدى عاكف الذى حكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه خرج عام 1974 فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد أن قضى عشرين عاماً فى السجن، أما عن الهضيبي فقد خفف إلى المؤبد، نقل بعد عام من السجن إلى الإقامة الجبرية لإصابته بالذبحة ولكبر سنه، وقد رفعت عنه الإقامة الجبرية عام 1961، وأعيد اعتقاله أغسطس 1965 في الإسكندرية وحوكم بتهمة إحياء التنظيم رغم أنه كان قد جاوز السبعين، وأخرج خلالها لمدة خمسة عشر يوما إلى المستشفى ثم إلى منزله ثم أعيد لإتمام سجنه، ومددت مدة سجنه حتى 15 أكتوبر عام 1971 حيث تم الإفراج عنه، وتوفى صباح الخميس 11 نوفمبر 1973 عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاما.