يحتفل العالم الْيَوْمَ باكتمال 455 عاما علي ميلاد كاتب وشاعر الإنجليز الأعظم وليم شكسبير (حسب أشهر تاريخ ليوم ميلاده) وفي واحدة من أروع الفواجع المسرحية الشكسبيرية التي ألهمت قائمة طويلة من كبار المبدعين في دنيانا (خصوصا في الموسيقي) ينهي البطل »عطيل» الذي تحمل المسرحية اسمه، حياته ودراما مأساته كلها هاتفا بوهن وهو يحتضر واصفا نفسه بصدق بأنه كان »رجلا غبيا أسرف في الحب والعشق بغير عقل ثم ضيع في عمي الرعونة والانفعال لؤلؤة حياته (زوجته المحبوبة ديدمونة) التي هي أثمن وأغلي عنده من عشيرته كلها». هذه الكلمات التي تقطر حزنا وحسرة وندما لايفيد واعترافا بعد فوات الأوان، هي خاتمة ذلك النص الشكسبيري الخالد والمفعم بالمعاني بعدما يطلع الجمهور علي حكاية ملخصها المخل: أن القائد الأكبر والأبرز والأشجع في جيش »جمهورية البندقية» المدعو عطيل والمتحدر من أصول عربية مغربية تطبع بشرة وجهه بسمرة داكنة.. هذا القائد المغوار يختطف بسيرة بطولاته وانتصاراته التي علي كل لسان قلب الحسناء »ديدمونة» ابنة أحد الوجهاء البنادقة الكبار (عضو مجلس الشيوخ)، ومن ثم تتزوجه سرا متحدية والدها وعائلتها الثرية المرموقة، غير أن السر سرعان ما ينكشف مفجرا عاصفة غضب هوجاء تحاصر القائد الهمام الذي لم تشفع له بطولاته وأمجاده الحربية جرأته علي الحب والزواج من ابنة الحسب والنسب، لكن عطيل وديدمونة يصمدان ويتمكن القائد من إقناع كبار المسؤولين في »الجمهورية» ببراءته من تهمة استخدام السحر التي رماه بها حماه المتنفذ، وبدل العزل والنفي يترقي المحارب المغربي ويضحي قائد جيوش الحملة التي ذهبت لملاقاة الأعداء الأتراك في جزيرة قبرص. يذهب القائد إلي الجبهة ومعه زوجته، وهناك يكون موعد الزوجين العشيقين مع قدرهما الأسود حيث يواجهان خطرا أشد فتكا من غضب أهل ديدمونة، إنه خطر الحقد والضغينة والكراهية العمياء التي يضمرها المدعو »ياهو» لعطيل مع أنه أحد مساعديه وحامل الراية في جيوشه!! ينسج الشرير »ياهو» لقائده خطة شيطانية تستهدف القضاء عليه وتخريب حياته والانتقام كذلك من القائد »كاسيو» الذي رقاه عطيل وجعله مساعده الأول.. فأما الخطة الشريرة فهي بدأت بالزن والوسوسة في إذن القائد العاشق بأن زوجته الحبيبة تخونه مع ربيبه القائد »كاسيو»، ولكي يحكم »ياهو» الشرك القاتل الذي بنصبه لقائده يطلب من زوجته »إيميليا» التي هي أيضا تعمل وصيفة لديدمونة أن تسرق من هذه الأخيرة منديلا كان عطيل أهداه لها، وعندما يحصل »ياهو» علي المنديل يرميه في غرفة »كاسيو» ثم يستخدم هذه الواقعة كدليل علي زعمه بوجود علاقة آثمة بين ديدمونة وكاسيو، هنا يتحول الشك إلي يقين يحرق قلب القائد البطل ويعطل عقله تماما ويدفعه إلي التسلل ذات ليلة إلي مخدع حبيبته فيقبلها قبلة الوداع الأخيرة قبل أن يخنقها بيديه انتقاما لشرفه. تقتحم الوصيفة (زوجة ياهو) المشهد ويروعها ما جري لسيدتها فتصرخ وتحكي القصة التي يتبين منها عطيل حقيقة براءة محبوبته ديدمونة، فينهار ويغرق في دموعه وبينما هو يستل سيفه ويغرسه في صدره لكي يلحق بالحبيبة الطاهرة التي قتلها غيلة وظلما، يأخذ في الهذيان بكلمات الندم التي فات أوانها ولم تعد تجديه نفعا.