مفتاح الخلاص وسر النجاح قد يكمن في كلمة واحدة تختزن كل المعاني القادرة علي الوصول بنا إلي مرافئ الانعتاق من أعباء المشكلات المزمنة التي تعقدت خيوطها علي مدي عصور وعهود، لم نواجهها بما تستحقه من إجراءات صارمة وحلول جذرية، ففي كلمة »الاستمرار» يكمن المفتاح والسر معا، وهي تعني ببساطة مواصلة المسير نحو الحلول الجذرية، بإرادة فولاذية لا تعرف التخاذل أو التهاون، وإلا ظللنا إلي أبد الدهر نراوح في مكاننا أسري الدائرة المفرغة »الجهنمية» المفزعة التي تحيل حياتنا إلي جحيم ممتد ليس منه خروج، وترسيخ تلك المعاني يتطلب منظومة تتكاتف فيها جهود الإعلام والثقافة والمؤسسات التعليمية والدينية، وعلي كاهل وزارة الثقافة يقع العبء الأكبر في تكريس تلك القناعات، وقد أعجبني تصريح للفنانة د.إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة في أسوان.. رمز الإرادة المصرية الوثابة، بعد إعلانها عاصمة للثقافة الإفريقية، حيث قالت الوزيرة: إن الثقافة ستظل عنوانا للصمود، ترسم مسارات وآفاقا جديدة للإبداع، وتسهم في الاستنارة الفكرية التي تعزز القيم والمبادئ الإيجابية للمجتمع، وتصحح بعض المفاهيم الخاطئة باعتبارها حصنا للدفاع عن الهوية، وما أروع كلمات الوزيرة التي انتقدت أداء وزارتها مرارا، واستنكرت غير ذي مرة غياب المؤسسات التابعة لها عن معركة المصير التي تخوضها بلادنا الآن في مواجهة جحافل التشدد والانحلال معا وفي وقت واحد، فعبارات الوزيرة دالة قاطعة علي أنها أدركت بعمق دور وزارتها، وأرجو أن تسارع فليس لدينا ترف التمهل إلي وضع خطط واقعية وبرامج عملية، وجداول زمنية، لوضع كلماتها الرائعة موضع التنفيذ، فهي في الحقيقة تمثل رؤية متكاملة واعية لدور الوزارة في المرحلة الراهنة بكل أبعادها، وأرجو أن تبدأ بلا إبطاء - في بث هذه الروح التي تحيي النفوس التي أرادها البعض أن تتشرنق في أكفان اليأس والضجر والسخط، وعليها أن تجرد أسلحة وزارتها وأدواتها لخوض المعركة ببسالة كما يفعل مقاتلونا الأبطال في سيناء وعلي سائر الجبهات، وأتطلع إلي أن تعود شبكة قصور وبيوت الثقافة في كل قرية ونجع لتفتح أبوابها، وتحتضن بيئتها ومحيطها، حيث تشع نتاجها الفكري وتنشر عطرها الفني الراقي بعيدًا عن الخوارج والمتربصين وأهل السبوبة ومحترفي استحلاب مؤسساتنا الثقافية القومية حتي تعجز ميزانيتها عن أداء أدوارها وواجباتها الوطنية.