قال الناقد السينمائي جان-ميشال فرودون إن «السينما تواكب الحساسيات السياسية المعاصرة ويسعى المهرجان إلى تعظيم أثرها وتقديم الدعم للفنانين الذين يقتحمون قضايا بلدانهم». وأكد فرودون الذي تولى إدارة مجلة «كاييه دو سينما» الشهيرة: «عندما يكون الفيلم جديرا بالمشاركة في مهرجان عريق ويواجه مخرجه مشاكل في بلده، تمثّل الملتقيات السينمائية الدولية فرصة لتسليط الضوء على وضعه الشخصي وعمله». والواقع ان مهرجان برلين يتمتع بتاريخ حافل حيث تم انشاءه عام 1951 ، في بداية الحرب الباردة ، باعتباره «عرض كبير للعالم الحر» بحسب الشعار الذى أطلق فى البدايات .وقد تطور الحدث ، الذى تشكل في فترة ما بعد الحرب المضطربة والوضع الفريد لمدينة مقسمة ، ليصبح مكانًا للتبادل بين الثقافات ومنصة لطرح القضايا الاجتماعية على الشاشة الفضية بل ويعتبر الأكثر تناولا للسياسة من جميع المهرجانات السينمائية الكبرى. «المخرجون» ومن الأسماء المرموقة في عالم الإخراج يشارك الصيني جانج ييمو، الحاصل على “الدب الذهبي” في برلين 1988 عن فيلمه الأول كمخرج “الذرة الحمراء”،حيث يعود بفيلمه الجديد “ثانية”هذا العام و الذي يروي قصة رجل مشرد يعيش من دون مأوى، ولكنه من هواة السينما، وكيف تتغير حياته عندما يلتقي ذات يوم بمزارع يشاركه ولعه بالسينما. المخرج الكندي دينيس كوتيه يشارك بفيلم من النوع الدرامي الخيالي بعنوان “مختارات مدينة الأشباح” الذي يصوّر ما يحل ببلدة صغيرة منعزلة لا يتجاوز عدد سكانها 200 نسمة، بعد أن تقع حادثة سيارة يقتل خلالها شاب من شباب البلدة، لكن لا أحد يريد أن يحقق في أسباب وقوع الحادثة إلى أن يبدأ ظهور بعض الغرباء في البلدة. بينما المخرج فاتح أكين كان قد شارك في دورة 2017 بفيلم “في الإظلام” الذي كان يناقش فيه موضوع التطرف العنصري والاعتداءات التي تقع على الأجانب في ألمانيا، وها هو المخرج التركي الأصل يعود بفيلم “القفاز الذهبي” الذي يروي قصة السفاح الذي روّع سكان مدينة هامبورج في السبعينات، وعنوان الفيلم هو المكان الذي كان يتردد عليه القاتل. المخرجة البولندية انجيليكا هولاند ، تقدمت بفيلمها الجديد “مستر جونز” وهو ناطق بالإنكليزية ومن الإنتاج البريطاني المشترك مع بولندا وأوكرانيا، ومن بطولة فانيسا كيربي وجيمس نورتون، ويصوّر الفيلم كيف اخترق الصحافي البريطاني جاريث جونز الاتحاد السوفيتي في الثلاثينات وكان أول من كشف للعالم بعض ما كان يجري “وراء الستار الحديدي” وخاصة المجاعة الكبرى التي نتجت عن سياسات ستالين، ويقال إن جورج أورويل استمد روايته الشهيرة “1984” من التقارير التي كان يبعث بها هذا الصحافي. «البانوراما» يشمل قسم “البانوراما” المخصص للأفلام الأولى لمخرجيها 45 فيلما من 38 دولة، بينها 34 فيلما تعرض للمرة الأولى عالميا، وضمن أفلام البانوراما فيلم من إخراج المخرج الدنماركي الفلسطيني الأصل عمر الشرقاوي بعنوان “عرب غربيون” الذي صوّره مخرجه على مدار 12 عاما، وفيه يصوّر تأثير والده على حياته كفلسطيني يعيش في الشتات، وكيف أن نشأة عمر في أسرة لأب فلسطيني متزوج من دنماركية دفعته إلى مراجعة مغزى وجوده وبحثه الشاق عن الهوية والانتماء. وحضر المخرج عمر شرقاوى العرض هو وكل عائلته وكشف عن تناوله المجازر الاسرائيلية على غزة وسط صمت عربى ، وكذلك رصد تداعيات ثورات الربيع العربى وهناك أيضا فيلمان من إسرائيل على شاشة المهرجان الأول هو “اليوم التالي لرحيلي” إخراج نيمرود إلدر وهو عن العلاقة بين أب يعمل مشرفا على الحيوانات المفترسة في حديقة الحيوانات، وابنته المراهقة التي تعتزم الانتحار، والثاني بعنوان “مقيد” للمخرج يارون شاني الذي يصوّر محنة ضابط شرطة متشدد في أداء عمله يواجه مشكلة كبيرة تهز حياته. (عرض عالمي أول). وفي قسم “المنتدى” يعرض 39 فيلما، طويلا وقصيرا، منها 31 فيلما تعرض للمرة الأولى عالميا ما بين الفيلم التجريبي والفيديو آرت والروائي، من الأفلام العربية هناك فيلم “وردة” (وهو فيلم قصير) للمخرج غسان سلهب من لبنان، و”أوفسايد الخرطوم” المخرجة مروة زين من السوادن. ويحتفل هذا القسم بالأفلام السودانية التي أخرجها في السبعينات والثمانينات المخرج إبراهيم شداد الذي يعتبر أول من درس الإخراج السينمائي دراسة أكاديمية (في ألمانيا عام 1964). و فيلم «من الرداء الى الحرية « ويصور قصة «Refuseniks» السوفيتي من خلال منظور سيرة ناتان شيرانسكي. في عام 1977 ، تم اعتقال شارانسكي ، وهو ناشط شهير في مجال حقوق الإنسان ، بتهم من التجسس للولايات المتحدة والخيانة والتحريض ضد السوفيت.يعيدك الفيلم إلى العصر السوفيتي حيث كان هناك ور. غامر بالخوف وانعدام الأمن في مواجهة النظام. لا يرمز شخص واحد إلى عصر أكثر من ناتان شارانسكي ، الذي تحدى النظام السوفياتي بأكمله كفاحه من أجل الحرية والهوية الوطنية. بعد قضاء سنوات في السجن هو في نهاية المطاف فاز في الكفاح ، مما يمهد الطريق لجمع يهود الاتحاد السوفييتي «الموصل 980» هناك أخيرا الفيلم العراقي القصير (10 ق) “الموصل 980” للمخرج علي محمد سعيد الذي سيعرض في قسم “جيل” المخصص لأفلام الشباب، وهو يصور محنة النساء الأيزيديات في المدينة بعد استيلاء تنظيم داعش عليها . ويعرض المهرجان ست أفلام كلاسيكية كجزء من معرض استعادى من ألمانيا والدنمارك والمجر، والولاياتالمتحدةوالنرويج وكوريا الجنوبية. وهذه هي المرة الأولى التي يعرض فيها قسم برلين كلاسيك فيلمًا من النرويج ، وهو «البلد تحت المجهر» الذى عرض في سوق الأفلام الأوروبية عام 1959 وهو يستند الى كتاب نيلس يوهان رود ، هي الميزة الأخيرة التي قدمها المخرج إديث كارلمار. إنها قصة جيرد البالغة من العمر 17 عامًا وصديقها الذي يعيش على الهواء النقي ويحب في مقصورة بعيدة. واستخدمت مكتبة النرويج الوطنية مسحًا لمادة 35 مم الأصلية وصوتًا سلبيًا أصليًا لإنشاء وحدة معالجة مركزية ذات جودة فائقة. وفيلم Destry Rides Again (الولاياتالمتحدةالأمريكية 1939) من إخراج جورج مارشال وبطولة مارلين ديتريش وجيمس ستيوارت. تمت استعادة الفيلم بواسطة Universal Pictures بالتعاون مع مؤسسة Martin Scorsese's The Film Foundation. إنها كوميديا غربية تنم عن الأسلوب ، تتحدث عن شريف يتجنب استخدام الأسلحة. صدر الفيلم في بداية الحرب العالمية الثانية ، وحمل رسالة غير منحازة تحذر من سياسة الاسترضاء الأمريكية تجاه الرايخ الثالث. وعلى هامش فعاليات المهرجان نظم العاملين في مجمع سينما ماكس والذي يشهد جزء كبير من عروض المهرجان المختلفة مظاهرة احتجاجية لتدني مستوى أجورهم، ليس ذلك فقط بل إن بعضهم رفع لافتات ضد شبكة «نتيفليكس»، والتي يرى بعض العاملين في صناعة السينما أنها تشكل تهديدا حقيقيا لهم خصوصا بعد أن دخلت مجال الإنتاج السينمائي ولم تكتف بالدراما التليفزيونية فقط.