منذ اللحظة الأولى لافتتاح دورته التاسعة والستين، ومهرجان برلين السينمائي الدولى كشف عن انتصاره للمرأة، روحا وفكرا وجسدا وكيانا، وهو الشيء المبهر بحق فلم يكن تواجد المرأة فقط من خلال مشاركة سبعة أفلام فى من إخراج النساء فى المسابقة الرسمية من أصل سبعة عشر فيلما، وهو بالقطع حدث فريد يرد على مبدأ الانحياز لسينما المخرج الرجل فى مسابقات المهرجانات الكبرى وفى مقدمتها مهرجان كان. فى دورته هذا العام اختارت إدارة برلين السينمائي النجمة جولييت بينوش لترأس لجنة تحكيم المهرجان، كما تضم فى عضويتها الممثلة الألمانية «ساندرا هو»، الممثلة البريطانية «ترودي شيلر»، وأشادت جولييت بينوش بهذا التوجه قائلة: «أعتبر أن هذا يشكل تقدما.. قبل عشر سنوات كان الوضع مختلفا. الانفتاح مؤشر جيد». وقالت الممثلة والمنتجة والمخرجة البريطانية ترودي ستايلر زوجة المغني ستينغ والعضو في لجنة التحكيم «هذه الخطوة شجاعة وتشكل تقدما هائلا». « تعاطف الغرباء « أيضا جاء فيلم الافتتاح الالمانى الفرنسي « تعاطف الغرباء « The Kindness Of Strangers» للمخرجة الدانماركية «لوني شيرفيج» ، والتى قدمت عملا رائعا ومبهرا وقد صوّرته فى إطار من الواقعية الاجتماعية في نيويورك، وتورونتو وكوبنهاجن ونيويورك حيث يقدم على مدار ساعة و52 دقيقة موضوعا يدور حول قصة أربعة أشخاص « كلارا وأليس وجون وتيموفى « من أسوأ الأزمات في حياتهم. يكافحون مع من أجل البقاء في مدينة نيويورك في ظروف شاقة منها التشرد ، لكنهم يتمتعون بقدر كبير من روح المرح واللطف والتعاطف مع بعضهم البعض. والفيلم الذى يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان يقوم ببطولته زوى كازان التى تجسد شخصية كلارا بواقعية شديدة وهى ام لطفلين لا تلبث ان تهرب من زوجها المسئ ليعيشوا فى مانهاتن . واندريا روز بوروغ، و جاي بارروشيل ، وبيل نايجى. وقالت شيرفيج (59 عاما): «يتناول الفيلم قصة امرأة أقوى مما تظن». وأضافت: «الشخصيات ليس لها بعد سياسي لكن الفيلم والخلفية اي التباين بين نيويورك الفخمة والفقيرة، سيفسحان المجال أمام طرح أسئلة سياسية». وتعتبر المخرجة لون شيرفيج من الجيل المؤسس لجماعة دوجما 95. وسبق أن شاركت في مهرجان برلين بأفلام عديدة منذ عام 1990 عندما شاركت بفيلم «رحلة عيد الميلاد» في قسم البانوراما، ثم في 1998 بفيلم «وحدنا». وقد اشتهرت بفيلم «الإيطالية للمبتدئين» (2001) الذي ينتمي لمنهج حركة «دوغما 95» الذي فاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين، ورشح فيلمها «تعليم» الذي عرض عام 2009 في برلين لثلاث جوائز. ومن النساء الأخريات المشاركات في المسابقة الرسمية البولندية انييسكا هولاند مع «مستر جونز» حول الصحفي الويلزي غاريث جونز الذي فضح المجاعة في الاتحاد السوفياتي في عهد ستالين العام 1933. وتعرض الإسبانية إيزابيل كوشيت «إيليزا إي مارسيلا» حول قصة حب بين امرأتين في إسبانيا مطلع القرن العشرين. وهو أول فيلم من إنتاج «نتفليكس» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين. وكان فيلم «روما» من انتاج «نتفليكس» نال العام الماضي جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية. «فاردا بار أنييس» وخارج إطار المسابقة الرسمية تعرض الفرنسية أنييس فادرا (90 عاما) فيلما وثائقيا يتناول جانبا من حياتها بعنوان «فاردا بار أنييس». وعرض المهرجان للنجمة جوليت بينوش واحد من اجمل افلام العام الرومانسية وهو» ماذا تظنني ان اكون «،امام الممثل فرانسوا سيفيل، والتى قدمت فيه دورا جريئا واداء مفعم بالحيوية والنشوة عن عالم الغرام وممارسة الحب بالفيس بوك وانستجرام. جسدت بينوش دور الاستاذة الجامعية كلير ميلاو البالغة من العمر 50 عاماً ،وأم عازبة لطفلين تنشئ صورة مزيفة على Facebook لامرأة أصغر سنا تبلغ من العمر 24 عامًا ، والتي تدعى كلارا ، للحفاظ على علاماتها السابقة الحبيب التي تخلق صورة مزيفة كإمرأة أصغر سناً ، باسم كلارا 25 ، للتجسس على عشيقها ، لودو. ولكنها تنتهي بالوقوع فى الحب مع أحد أصدقاء ليتو، أليكس المصور الفوتوغرافى . السيناريو كان احد نجوم الفيلم ، بل وافضل ما فيه بجانب التمثيل، كتبه كل من نيبو وجولى بير بسلاسة وتنقل بين الزمانين التى جسدتها البطلة بعمق وحرفية كبيرة، منحا طاقة رائعة لانطلاقة بينوش ، تم تصوير الفيلم بالتسلسل الزمني ، لذلك عندما يتحدثون عبر الهاتف ، فإنهم يتحدثون فقط عبر الهاتف. وعندما يلتقون للمرة الأولى ، يلتقون حقا «فبعد أن خلقت شخصية خيالية باستخدام صورة امرأة شابة جميلة، تمكنت كلير من إفساد علاقتها مع حبيبها السابق ، فقط لرؤية حياتها المتكشفة في نهاية الواقع الافتراضي والتي ادت الى كارثة بعد ان عاشت لحظات حميمية ساخنة ، وهو ما أصابها الدوار العاطفى - بحسب تعبير جولييت نفسها - عندما سألتها اخبار النجوم. عن. تجسيد مشاعر الشخصيتين كلير وكلارا ، وأضافت :إنها أستاذة عمرها 50 عامًا تم التخلي عنها. وهذا يعني أنها يجب أن تذهب إلى شاب أصغر. هذا هو العالم الذي نعيش فيه. هذه هي صورة الشباب والجمال والمرأة ، حيث يمكنك إعادة اختراع نفسك ، وإعادة تجربة الرغبة الجنسية. بينوش تؤمن بأن الحياة تطل لنا بشكلها البكر أو الخام وعلينا نحن نحتها ، والسينما بالنسبة لها سفر داخلي يسمح لها بالتحرك في نطاق مشاعر مختلفة، مشاعر تتكوّن لدينا في مراحل عمرية مختلفة. هذا ما يثير حماستي ويدفعني الى الاستمرار في هذه المهنة. وقالت ان كل مرحلة من عمري تتيح لي أن أكون انسانة مختلفة وممثلة أخرى. عندما صرتُ في الأربعين، بدأتُ أختبر جوانب من شخصيتي لم أكن قادرة على اختبارها في الثلاثين، وهلمّ. الحياة حراك مستمر. تخيّل أن تظل في العشرين لمدى العمر. هذا أشبه بجحيم. ستسأل نفسك: «متى سأخرج من هذا السجن؟». في أيّ حال، شعرتُ دائماً ان بداية العشرينات أصعب بكثير من بداية الثلاثينات او الأربعينات، عندما نكون أتممنا معظم خياراتنا. هذه فترة من الحياة، تصبح فيها معرفتك لذاتك وللآخرين أكثر عمقاً.