مصر في عيون الأفارقة دولة مهمة، وبرز ذلك في حفاوة الترحيب بالرئيس السيسي، وهو يصعد درجات المنصة، ليتولي رئاسة الاتحاد الإفريقي، وسط عاصفة من التصفيق، وكلمات الإشادة الطيبة ببلده وشخصه. الأمنيات عريضة في أن ينجح الرئيس في نزع فتيل النزاعات المسلحة، خصوصاً في مناطق الصراعات الملتهبة، والثقة كبيرة في قدرة الرئيس تهيئة الأجواء لسلام دائم، تنهي مسلسل نزيف الدم. والثقة - أيضاً - كبيرة في رئيس مصر، أن تعمم التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب في إفريقيا، وأن تفعِّل مبادرة إسكات البنادق، لحقن الدماء وتوجيه الجهود إلي التنمية، بدلاً من تبديد الموارد المحدودة في مكافحة الإرهاب. معدلات الهجرة والنزوح هي الأعلي علي مستوي العالم في أفريقيا، شعوب تترك أماكنها وتعاني من ويلات الهجرة القسرية، وآلاف الشباب يركبون البحر في رحلات الموت، والسبب وراء ذلك الفقر والمرض والجوع والبطالة. لو امتدت جسور الثقة والتنمية بين بلدان القارة، بوسعها أن توفر لشعوبها مستويات معقولة من جودة الحياة، والثقة أولاً لطمأنة المستثمرين وتشجيعهم علي العمل في دول القارة، ووجود الرؤساء الأفارقة يشكل مظلة سياسية، تعكس رغبة الحكومات في تقديم كافة عوامل الأمان للاستثمار والمستثمرين. مشاكل الدول الإفريقية تكاد تكون واحدة، وتتلخص في تدهور شبكات الطرق والمرافق والكهرباء والبنية التحتية بشكل عام، وينظر الأفارقة إلي المشروعات الكبري التي تمت في مصر في السنوات الأربع الماضية، بإعجاب كبير، ويرغبون في الاستفادة من الخبرات المصرية في هذا المجال. من حق كل مصري أن يشعر بالرضا، لأن بلاده تتصدر المشهد السياسي في المنطقة، ويمتد دورها الإقليمي والدولي بشكل غير مسبوق، وهذا يتسبب في إزعاج قوي كثيرة، تريد أن تحصر الدور المصري داخل حدوده ولا يتجاوزها. مصر لم تُضيِّع يوماً واحداً في السنوات الأربع الماضية، إلا في العمل الجاد لبناء دولتها بعد سنوات الانهيار والفوضي، ولم يكن في وسعها أن تسترد مكانتها إلا إذا كانت تقف علي أرضية صلبة، فالعالم لا يحترم إلا الأقوياء، والأدوار لا تأتي بالخطب والشعارات والأمنيات الطيبة. الإمبراطور هيلا سيلاسي.. كم ظلموه. حضرت حفل تأبين الإمبراطور هيلا سيلاسي في حديقة الاتحاد الإفريقي، في احتفاء تقدمه الزعماء الأفارقة، والموسيقات العسكرية وكلمات التكريم.. الإمبراطور الذي حرر أثيوبيا واتهم بالفساد بعد تركه الحكم، ومات في ظروف غامضة، ودفع وعائلته ثمناً فادحاً. اعترفوا بفضله، فقد كان رمزاً للكفاح، وشريكاً لجمال عبد الناصر في معارك استقلال إفريقيا، وبعد أكثر من ربع قرن علي وفاته، صنعوا له تمثالاً محاطاً بالأشجار والزهور.