ضمن احتفالات العيد القومي...محافظ شمال سيناء يفتتح معرض منتجات مدارس التعليم الفني بالعريش(صور)    عضو بالشيوخ: مصر قدمت ملحمة وطنية كبيرة في سبيل استقلال الوطن    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    لاشين: الدولة دحرت الإرهاب من سيناء بفضل تضحيات رجال الجيش والشرطة    مدبولي: قطاع الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    أستاذ تخطيط: التنمية في سيناء ستعود على الاقتصاد المصري بالنفع    مصرف قطر المركزي يصدر تعليمات شركات التأمين الرقمي    تعطيل خدمات المحمول غدا الخميس 25 إبريل.. اعرف السبب والوقت    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    برنامج الغذاء العالمى يحذر من اقتراب حدوث مجاعة فى غزة خلال 6 أسابيع    وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي: قضينا على نصف قادة حزب الله في جنوب لبنان    بكين ترفض الاتهامات الأمريكية بشأن تبادلاتها التجارية مع موسكو    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    الإسماعيلي يعلن إنهاء أزمة منع النادي من القيد    التشكيل - كابو يقود هجوم إنبي أمام طلائع الجيش بالدوري    بعنوان «تحيا مصر».. المتحدث العسكري ينشر أغنية البطولة العربية العسكرية للفروسية    الحرارة كسرت ال40 في الظل وتحذير من التعرض للشمس فترات طويلة    «التعليم» توجه بمحاربة الغش استعدادًا لامتحانات النقل.. طالب واحد في المقعد    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    وكيل حقوق عين شمس يعلن اكتشاف سرقات علمية فى ثلث رسائل الدكتوراة: تم إلغاؤها    رئيس مجلس إدارة دار أخبار اليوم: العلاقات المصرية الصينية نموذج يحتذى به بين الدول    «قصور الثقافة» تنظم احتفالية فنية لأغاني عبد الحليم حافظ على مسرح السامر    هنا الزاهد تروج لفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بردود أفعال الجمهور    نصيحة الفلك لمواليد 24 إبريل 2024 من برج الثور    نقيب الممثلين: الصحافة مهنة عريقة وراقية وقضيتنا مع المتجاوزين فى الجنازات    الكشف على 117 مريضا ضمن قافلة مجانية في المنوفية    «الصحة»: فحص 1.4 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فيروس سي    «الأطفال والحوامل وكبار السن الأكثر عرضة».. 3 نصائح لتجنب الإصابة بضربة شمس    «الرعاية الصحية في الإسماعيلية»: تدريب أطقم التمريض على مكافحة العدوى والطوارئ    المرصد الأورومتوسطي: اكتشاف مقابر جماعية داخل مستشفيين بغزة إحدى جرائم الحرب الإسرائيلية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    5 كلمات.. دار الإفتاء: أكثروا من هذا الدعاء اليوم تدخل الجنة    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    بعد أن وزّع دعوات فرحه.. وفاة شاب قبل زفافه بأيام في قنا    أسوشيتيد برس: احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين تستهدف وقف العلاقات المالية للكليات الأمريكية مع إسرائيل    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    المستشار أحمد خليل: مصر تحرص على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب    خبراء استراتيجيون: الدولة وضعت خططا استراتيجية لتنطلق بسيناء من التطهير إلى التعمير    11 يومًا مدفوعة الأجر.. مفاجأة سارة للموظفين والطلاب بشأن الإجازات في مايو    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    عاجل.. برشلونة يقاضي ريال مدريد بسبب هدف لامين يامال    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    جديد من الحكومة عن أسعار السلع.. تنخفض للنصف تقريبا    رئيس "التخطيط الاستراتيجي": الهيدروجين الأخضر عامل مسرع رئيسي للتحول بمجال الطاقة السنوات المقبلة    الخارجية الأمريكية تحذر باكستان من احتمال التعرض لعقوبات بسبب تعاملاتها مع إيران    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    أبومسلم: وسام أبو علي الأفضل لقيادة هجوم الأهلي أمام مازيمبي    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي هامش التقريب والتوحد في الكل
مدارات
نشر في أخبار السيارات يوم 01 - 02 - 2019

في يوم 27/6/1990، غادرت مصر علي متن طائرة إلي الولايات المتحدة، في طريقي إلي مستشفي سانت لوك في هيوستن لإجراء جراحة دقيقة بالقلب تحدد لها يوم 16/7/1990.
وكان هدفي من الرحيل مبكرا، أن أخلو إلي نفسي أياما قبل الجراحة أفكر وأتأمل وأبحر في عوالم كثيرا ما تشغلنا هموم الحياة وأحداثها الجسام والتافهة !! عن التأمل فيها !!.. في رحلتي لم أصحب معي غير القرآن الحكيم وكتاب » معالم التقريب »‬ لشيخنا العلامة الجليل الأستاذ محمد عبد الله محمد المفكر والشاعر والمحامي الشهير ومؤلف عمدة المراجع »‬ في جرائم النشر ». إن صحبة القرآن والسياحة فيه صحبة طبيعية معلوم أسبابها.. فلماذا »‬معالم التقريب» بالذات وكنت قد قرأتها ثلاث مرات قبل الرحلة، بل شاركت في جمعها للنشر في كتاب الهلال عدد مارس 1989، مع ما يصاحب هذا الجمع من تكرار للقراءة الدقيقة الملمة الواعية ؟!
لماذا معالم التقريب ؟
السبب أن »‬ معالم التقريب » هي أكثر ما قرأت فهما للدين وللقرآن وإلمامًا واعيًا عميقًا بفلسفته وروحه وأحكامه.. وهو إلي ذلك دعوة عميقة جادة للتقريب بين المسلمين.. في معالجة مليئة بتضاعيف وسبحات تثير الفكر وتدعو إلي التأمل..
فالتقريب هو اتجاه جاد داخل الإسلام، مجرد تماما من اللون الطائفي أو العرقي أو الإقليمي، يسعي للتخلص من العداوة معلنة أو خفية بين أهل المذاهب صيانة لوحدة المسلمين التي تدور حول التسليم بحقوق عامة للمسلم في كل بلاد الإسلام، وأهمها عصمة دمه وماله وعرضه وألا يظن به السوء، وثانيهما التمسك بأخوة المسلم برغم اختلاف مذاهب مدارس الفكر.. فالخلاف المذهبي حين يصبح عداوة يكون قد صار أهواء ومصالح، وهذا لا يواجه إلا بلفت النظر والاعتياد علي تذكر أنه لا خلاف علي الأساسيات.. فإله الجميع واحد.. ونبيهم واحد.. وكتابهم واحد.. وقبلتهم واحدة.. وهذا هو رأس مال كل مسلم.. ولابد من تذكره لكي تتجه قلوب المسلمين وعيونهم إلي المستقبل المشرق الذي ينتظرهم إذا تآخوا وتحابوا..
الأستاذ محمد عبد الله محمد
الأستاذ محمد عبد الله محمد، عالم موسوعي، ومفكر فذ، وواحد من أكبر عمالقة جيل الرواد.. تتلمذ عليه آلاف ملأوا الدنيا.. بعضهم شغل ويشغل أرفع المناصب والمواقع ما بين كرسي الوزارة ورئاستها ورئاسة البرلمان.. ومع ذلك لم تغره شهرته ولا دائرة تلاميذه الواسعة بالخروج عن عزوفه الشديد عن أي رغبة في التصدر أو عرض النفس !!..
ظاهرة طبيب الملايين !
في كتابه »‬ معالم التقريب » بين المذاهب الإسلامية ؛ يوضح أن التصدي للدعوات كثيرًا ما يكون مقرونًا من الناس بوهم كل واحد منهم أنه هو طبيب الملايين !! بل طبيبهم الوحيد !! وأن مرضاه وهم ملايين البشر لا يمكن أن ينتظروا منه أكثر من أفكار أو نصائح أو وصفات مقولة أو مكتوبة ليس عليه منها تبعة ولا عهدة صدقت أم لم تصدق اتبعت أم لم تتبع.. وكل منا قد مر في الغالب بمثل هذا الموقف وحاول مرة أو مرات أن يقوم بدور طبيب الملايين علي هذا النحو وهو يظن أن ملايين العالم يترقبون العلاج والإصلاح علي يديه !!
ووراء هذه النزعة، رغبة غريزية في التصدر والقيادة والأهمية، مقرونة بقدر كثير أو قليل من الحرص الغريزي علي إشباع رغباتنا الذاتية بأقل ما يمكن من الجهد والمشقة والخاطر، وبأكثر ما يمكن من الأمن والدعة والعافية !!
الإحساس الكاذب !
ومهما يكن من أمر هذه النزعة، فإن اعتيادها فيما يقول أستاذنا الجليل محمد عبد الله محمد يحيي لدي كثير من الناس إحساسا كاذبا بالعلم والخبرة والجدارة والتفوق ؟!! ويخلق لديهم شعورا طفوليا صبيانيا بأن تغيير أوضاع الحياة وتحويلها وتشكيلها سهل ويسير.. وكثيرا ما يقترن هذا الإحساس الكاذب والشعور الطفولي بجرأة بلهاء علي مناهضة نواميس الكون وتحويلها، وضعف التبصر بالنسب بين الأشياء والفروق وبقيمة الزمن والشعور بمعني الواقع وصلابته وصلة الواقع بالممكن، فتنحجب عنا دون أن ندري الهوة التي تفصل بين الممكن وبين الوهم والخيال الهاذي.. ولو فهمنا هذا لأدركنا أن طريق الدعوات الأعظم، هو الإنسان نفسه لا فيما يقوله أو يدعيه أو يتشدق به، إنما في حياته نفسها وسلوكه ومواقفه وتصرفاته وأفعاله وردود أفعاله.. باطنه وظاهره.. غيابه وحضوره.. جده وهزله.. فخطاب الناس بالمواقف والتصرفات والأفعال أقوي أثرا وتأثيرا من الدعاوي القولية والخطب الرنانة والانفعالات الحماسية !!
علي أن الناس تهرب كثيرا من المواقف والتصرفات والأفعال الجادة المجدية إلي الكلام والتشدق، لأن الكلام سهل بينما تحتاج الأفعال إلي مزيد من الجهد والمشقة وشجاعة القلب وقوة التمسك والثبات في وجه الصعاب والمخاطر، ولأنه لا يتحقق لأصحاب السكينة والوقار والعفة ما يتحقق في يسر وسهولة للمتشدقين بالكلمات من إسراع إلي الزعامة والتصدر والقيادة والركوب علي رقاب الناس !!
فكرة المكانة !
ذلك أن فكرة »‬ المكانة » مطلب لدي الناس قديم، ويكاد يكون في زمننا مطلب الجميع.. يقتتل عليه الكل، ويرهقون أنفسهم وأهلهم وذويهم وأشياعهم من أجله.. يتشدقون بالمساواة، ولكنها عندهم مجرد كلمة تقال سرعان ما ينفلت ملقيها منها ومن تبعاتها ويسعي بالوعي وباللاوعي للتصدر وطلب الرفعة والمكانة وعلو القدر والمنزلة وامتلاك الحكمة والفوز بالزعامة والاستئثار بالقيادة.. فهو أعلم الناس وأفقه الناس وأذكي الناس وأخلص الناس وأبعدهم بصرا وبصيرة وأكثرهم قدرة علي سياسة الناس وقيادة الكتل والجموع !!!
هؤلاء الناس يتشدقون بالمساواة، ولكنهم في هلع من التشابه والتماثل فيما يؤثر بالنقص علي »‬ المكانة » العليا التي ينشدونها.. وهم لذلك في صراع لا يني ولا يهدأ للطفو فوق بحر العاديين غير المعروفين من الناس ؟! كل منهم يسعي حثيثا للفرار من اللا اسمي وحفر اسمه علي جدار الزمن، وأن يقرئ الدنيا اسمه في كل عمل يعمله.. حتي في التفاهات والحماقات !! لا تكف الأيدي ولا تني ولا تشبع من الكتابة ومحاولة الكتابة علي سبورة الدنيا التي لا يثبت عليها في الواقع خط واحد !!
التوحد مع الكل
إن المسلم السوي لا يفتنه شيء من هذا كله، ولا يهمه أن يكتب اسمه علي شيء أو حتي أن يعرف الناس وجوده أو أن يمنحه الناس صيتا أو مجدا، لأنه موقن أن الناس ينسون ويموتون، وأن الله تعالي وحده حيّ لا يموت.. وأن ما عنده سبحانه باق ومحفوظ لا ينسي ولايضيع.. مهما جحده أو نسيه الناس !!
المسلم السوي يتوحد مع الكل.. يعي أن نفحة الله تعالي فيه هي للكل ومن أجل الكل، لا تهمه صدارة ولا قيادة ولا وجاهة ولا أبهة.. يدرك أن الصورة الإسلامية الحقيقية إنما توجد مع وجود المعني الجامع وهو الله عز وجل، وبالولاء المطلق لله عز وجل، وفيه وبه لا تنشد النفس سوي رضائه سبحانه الذي تتضاءل وتتلاشي أمامه مغريات المكانة والتصدر والوجاهة !!
المسلم السوي يفهم أن »‬ المكانة » لا تأتي بالضرورة لمن يطلبها ويجد في طلبها، وأنها قد تأتي ساعية بنفسها إلي من لا يطلبها بل ويبالغ في العزوف عنها والزهد فيها.. والزهد في »‬ المكانة » والعزوف عنها يحتاج إلي مجاهدة لأنه مضاد لطبيعة الآدمي.. وهذه المجاهدة أيسر بحكم الطبيعة والدور لدي الحكماء والمفكرين والعلماء. منها لدي المنشغلين بلجج الحياة أو المشاركين في إدارة شئون الناس.. فتنافس هؤلاء قد يجرفهم رغبة عارمة في التصدر والقيادة، بدعوي أن كلا منهم أحكم الناس وأخلص الناس وأقدر الناس.. لذلك يندر بين هؤلاء من تتواري ذاته في سبيل الكل.. ومع ذلك فلم ينعدم وجود أمثال هؤلاء ( النادرين ) في القديم والحديث.. منهم الصحابي الجليل.. أمين الأمة.. وأحد العشرة المبشرين بالجنة.. أبو عبيدة عامر بن الجراح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.