هبة عبدالعزيز وللننظر للمستقبل دون أن ننكر أمجاد الماضي، ولكن قيمة هذه الأمجاد لا تكون إلا بقدر ما لها من منفعة في حاضر ومستقبل يرتفع علي أساس من هذا الماضي ويتقدم امتدادا له. تلك الكلمات التي لم تنشر بعد في الاسبوع الماضي - نظرا لاعتبارات المساحة - كانت خاتمة مقالي السابق هنا وسأبدا معكم اليوم من حيث انتهيت، فقد كنت أتساءل: أين هم من ينتهجون الآن منهج الشيخ »الخولي»؟، وأين من يسيرون علي دربه في تطبيق المنهج الحيوي علي »الدين»؟؟؟. هذا الدرب وذاك المنهج اللذان يؤكدان ضرورة ارتباط التجديد الديني بالعلم والواقع، وكأنما التجديد بهذا المعني كما وصفه »أمين الخولي» في كتابه » المجددون في الاسلام »هو ثورة اجتماعية دورية، يقوم بها عارف بالحياة، متصل بها، عميق الفكرة عنها ... كما أوضحت من قبل.. ولعلي كنت نوهت أيضا في بداية هذه السلسلة الخاصة ب ( الدين والتجديد)، عن أن هناك ثلاثة أسباب متداخلة هي التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع وكذلك في هذا التوقيت تحديدا أيضا، قصدت حينها أن أذكر السبب الأول :وهو افتقار نمط حياتنا الي التمسك بقيم ومعاني (الحياة) : كحب الحياة نفسها وأهمية الاستمتاع بها، والحرص علي الجمال، والاحتفاظ بروح البهجة، والاقبال علي العمل، واللجوء الي العلم، والسعي للرقي والتحضر، الأمر الذي يجعل الهدوء يسود النفوس والنظام يعم المجتمع. ولذا فقد حرصت علي إلقاء بعض من الضوء علي تلك النقطة تحت فكر وعباءة أحد أهم قادة التجديد من أجدادنا، وتحديدا من شيوخنا نظرا للتأثير الشديد الذي دائما ما يحدثه الخطاب الديني في نفوسنا (سواء بالسب او بالايجاب) والذي ينعكس بالتالي علي سلوكيتنا ونمط حياتنا،ومن ثم (هويتنا) باعتبار أن الخطاب الديني هو أحد أهم الوسائل المؤثرة في تشكيل الهوية، هذا من ناحية، وعلي الناحية الأخري كتصحيح أيضا لما هو منتشر من أن شيوخ الاسلام (وليس الاسلام ) عادة ما يتحدثون ويستفيضون في حديثهم عن الآخرة و عذاب الآخرة و العمل للآخرة علي حساب الحديث عن (الحياة) و (الحيوية) وهما تحديدا الكلمتان اللتان حرص الشيخ »الخولي» كل الحرص علي تكرارهما طوال الوقت في كافة كتاباته المتنوعة في مجالات : كالادب والبلاغة واللغة ولاسيما (الدين)، والذي كان قد اتجه فيه الي تطبيق المنهج الحيوي كما أشرت، وأرجأت متعمدة السببين الآخرين للحديث عنهما في المقال القادم بإذن الله.