منح الله مصر نعمة تلاحم النسيج الشعبي التي يجب الحفاظ عليها، والتمسك بها وعدم السماح باختراق قانون التعايش السلمي بين ابنائها، ضد كل صنوف الصراعات القبلية والمذهبية والعرقية والدينية، التي مزقت دولا وأفنت شعوبا. إذا سألت مسلما عن مذهبه، فلن يقول لك إلا » أنا مسلم»، يجمعنا أذان واحد ونصلي خلف إمام واحد، ومساجدنا واحدة لها نفس الشعائر، ويعشق المصريون آل البيت ويقدسون الصحابة، ولم يحدث علي مدي التاريخ ان وقعت بينهم حروب دينية. عندما أرادت الجماعة الإرهابية ورئيسها المعزول، ان يُدخلوا نوعا من الصراع الديني بين السنة والشيعة، لفظهم المصريون وأسقطوهم من فوق كرسي الحكم، فلم تكن مصر هكذا ولن تكون.
إذا سألت مصريا عن العلامات التي تميز المسلم عن القبطي، فلن يعرف الإجابة، فملابسنا واحدة وأشكالنا واحدة ونسكن متجاورين، وتجمعنا نفس العادات والتقاليد، ونحترم المشاعر الدينية ونجامل بعضنا في الأفراح، ونتشارك في الأحزان، ويربط المسلم بالقبطي ميراث تاريخي عريق من تفاهمات الحياة، التي تجعلهما دائما يرتفعان فوق الخلافات.
الدولة ليست فقط حكومة ولا نظاما ولا حزبا ولا رئيسا ولا حاكما ولا زعيما ، وإنما المؤسسات الوطنية التي ترسيها كالجبال، وأولها جيش مصر، الحارس الأمين علي الشعب والأرض، ويدفع من ارواح ودماء أبنائه ثمنا غاليا، لتظل الرايات خفاقة في السماء، وتبقي الأرض مصانة والشعب آمنا وسالما. جيش مصر تنشق عنه الأرض في المحن والأزمات، فيحمي البلاد ويصون الاستقلال ويحفظ أمن المصريين وسلامتهم، وترسخ هذا المفهوم ثبوت الجبال، بعد 25 يناير وما تلاها من أحداث صاخبه، حدث مثلها في دول مجاورة، فمزقتها وأوقعتها في أتون صراعات مهلكة. خرجت مصر من المحنة سالمة، بأقل قدر من الخسائر، بفضل جيشها الذي حمي نفسه وأنقذ البلاد من الانهيار، وشكل حائط صد للذود عن سلطات الدولة الأخري كالقضاء والشرطة.
الدول تحكم بهيبتها، ومن مكونات الهيبة القضاء المستقل، حارس العدالة والقانون والحقوق والحريات، وفي عز الأزمة ونفق المحنة وحكم الجماعة الإرهابية الباغية، لم يضعف قضاء مصر ولم يفرط ولم يخضع، وكان شوكة في ظهر من ارادوا إضعاف الدولة. ومن سلطات الدولة التي تحفظ هيبتها وقوتها اجهزة الأمن، بالمفهوم الحرفي لكلمة »أمن».. الشرطة التي تعلي راية القانون وتصون حقوق الإنسان، وترتدي فوق قبضة القانون الحديدية قفازا حريريا حتي لا تؤلم ولا تجرح، وتحترم روح القانون مثل نصوصه. الشرطة التي بحثنا عنها بعد 25 يناير، بعد ان ساد الخوف وانتشر المجرمون والبلطجية والعصابات، فنهبوا بيوت الناس وانتهكوا الأعراض وسرقوا السيارات.. الشرطة التي تحفظ هيبة الدولة هي التي تصون كرامة الشعب وتحميه من الخوف.
أرض مصر مقدسة ونذود عنها حتي آخر قطرة من دمنا، الأرض هي العرض والحياة والموت، عشنا فوقها ولن يحتوينا إلا قبرها، ولن يتشرد شعبها أو تهتز تحت اقدامهم. هذه هي مصر الدولة الراسخة في وجدان الزمن، تخرج من المحن والأزمات اكثر قوة وبريقا، وسر قوتها مزيج من روح شعبها المحب للخير والحياة، وروعة تسامحها، إلا مع من يثيرون غضبها.