قال تعالي: »وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» يعني أكبر من أي طاعة اخري لأنه يسير علي لسانك، تستطيعه في كل عمل من اعمالك وفي كل وقت وفي أي مكان ولذلك قلنا في آية الجمعة: »فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا» »الجمعة: 10». يقول تعالي: »لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» الآية 21 من الاحزاب. وأسوة: قدرة ونموذج سلوكي والرسول صلي الله عليه وسلم مبلغ عن الله منهجه لصيانة حركة الانسان في الحياة وهو ايضاً صلي الله عليه وسلم اسوة سلوك فما أيسر ان يعظ الانسان، وأن يتكلم، المهم ان يعمل وفق منطوق كلامه ومراده وكذلك كان سيدنا رسول الله مبلغاً وأسوة سلوكية، لذلك قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: »كان خلقه القرآن». لكن ما الأسوة الحسنة التي قدمها رسول الله في مسألة الاحزاب؟ لما تجمع الاحزاب كان من دعائه صلي الله عليه وسلم: »اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الاحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم». وجعل شعاره الايماني فيما بعد »لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الاحزاب وحده»، وما دام هذا شعار المصطفي صلي الله عليه وسلم فهو لكم أسوة حسنة، وقال تعالي عن المؤمنين في هذه الغزوة: »وَزُلْزِلُوا حَتَّي يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَي نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ» »البقرة: 214». وفي بدر يقول أبو بكر: يا رسول الله بعض مناشدتك ربك، فإن الله منجز لك ما وعدك، ولقائل ان يقول: إذا كان الله تعالي قد وعد نبيه بالنصر، فلم الالحاح في الدعاء؟ نقول ما كان سيدنا رسول الله يلح في الدعاء من اجل النصر، لأنه وعد محقق من الله تعالي، واقرأ قوله تعالي: »وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَي الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ» »الانفال: 7». فالرسول لا يريد الانتصار علي العير وعلي تجارة قريش انما يريد النفير الذي خرج للحرب وقوله تعالي: »في رسول الله» »الاحزاب: 21»، كأن الاسوة الحسنة مكانها كل رسول الله فهو صلي الله عليه وسلم ظرف للأسوة الحسنة في كل عضو فيه صلي الله عليه وسلم، ففي لسانه أسوة حسنة، وفي عينه أسوة حسنة، وفي يده أسوة حسنة.. الخ، كله صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة. هذه الأسوة لمن؟ »لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» »الاحزاب: 21». وصف ذكر الله بالكثرة لأن التكاليف الايمانية تتطلب من النفس استعداداً وتهيؤاً لها وتؤدي الي مشقة، أما ذكر الله فكما قلنا لا يكلفك شيئاً ولا يشق عليك لذلك قال تعالي: »وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» »العنكبوت: 45» يعني أكبر من أي طاعة اخري لانه يسير علي لسانك، تستطيعه في كل عمل من اعمالك وفي كل وقت وفي أي مكان ولذلك قلنا في آية الجمعة: »فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا» »الجمعة: 10». وفي قوله تعالي: »وَلَمَّا رَأَي الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا» »الاحزاب: 22». وهذه المسألة دليل من أدلة أن الايمان يزيد وينقص، فالايمان يزيد بزيادة الجزيئات التي تعليه، فبعد الايمان بالحق سبحانه وتعالي هناك ايمان بالجزئيات التي تثبت صدق الحق في كل تصرف، وتسليما أي لله في كل ما يجريه علي العباد.