بقدرة قادر تحول كوبري 15 مايو خلال اليومين الماضيين إلي سيرك مفتوح يضارع سيرك الحلو الشهير. سيارات متوقفة في صفوف ممتدة بلا نهاية ولا بداية، وأخري متجمعة بلا انتظام عند منزل الكوبري ناحية أبو العلا، منها ما توقف بعرض الطريق ومنها ما توقف بالورب أمام الحاجز المؤقت الذي سد المنزل ومنع المرور عليه.. قائدو السيارات تركوا أبوابها مفتوحة وخرجوا منها بدلا من أن يخرجوا من ملابسهم، رجال يجرون ناحية المنزل لاستطلاع الأمر، وآخرون عائدون من نفس النقطة ومظاهر اليأس بادية علي وجوههم، إذ من الواضح أنهم حاولوا استبيان الوضع لكنهم لم يفهموا شيئاً، آخرون ينظرون في ساعاتهم في ضجر بعد أن مر علي وقفتهم تلك وقت طويل ومن المؤكد أن مصالح عديدة ضاعت عليهم، أبواق السيارات تصرخ وتصم الآذان، أصوات عالية متداخلة وثلة من رجال المرور بمختلف الرتب تدخل في جدال مع سائقي المركبات تحاول إقناعهم بتغيير المسار واستخدام منزل ماسبيرو. بعض السيارات الدبلوماسية المتجهة إلي وزارة الخارجية اصطفت بجوار رجال المرور علي أمل السماح لهم بالمرور. في مثل هذا الوقت من السنة مع دخول العام الدراسي اعتاد مستخدمو كوبري 15 مايو علي قدر من التكدس المروري عند منزل الزمالك خاصة عند منتصف النهار بسبب وجود عدة مدارس هناك، لكن باقي الطريق كان يشهد ازدحاما متوسطا سرعان ما ينتهي لتعود السيولة المرورية المعتادة إلي سابق عهدها. يبدو أننا ظلمنا العام الدراسي ففي اليومين الماضيين كان الجنون هو سيد الموقف. الغريب أن السيارات المتجهة إلي شارعي 26 يوليو والصحافة اكتشفت بعد أن أطاعوا الأوامر واستخدموا منزل كورنيش ماسبيرو وداروا حول رأس الرجاء الصالح من قرب ميدان عبد المنعم رياض ليعودوا إلي نقطة شارع 26 يوليو أن الشارع مفتوح من أسفل الكوبري يعني المرور كان مغلقا لمسافة المنزل فقط. لم نفهم الحكمة من ذلك لكننا أدركنا أن شيئا ما حدث فجأة في منطقة إزالات مثلث ماسبير وأدي إلي إغلاق الشارع.. ما علينا أزمة وتعدي. أما الأغرب فهو أن المشهد تكرر في اليوم التالي بحذافيره، والعجيب أن استمرار الأزمة التي أدت إلي إغلاق مخرج أبو العلا ليوم آخر لم تدفع مسئولي المرور لعمل تحويلات واضحة أو وضع لوحات إرشادية للطرق البديلة وهي كثيرة مثل كوبري السبتية وكوبري قصر النيل وكوبري أكتوبر، أو بدلا من التجمع عند نقطة النهاية والإغلاق ومفاجأة السيارات بالحواجز والتسبب في هذا التكدس الجنوني كان الأولي الانتشار عند البدايات مطالع الكوبري المختلفة لتوجيه السيارات المارة في هذا الشريان الحيوي الذي يضخ آلاف السيارات إلي وسط البلد قادمة من مناطق المحور والهرم والعجوزة والمهندسين وامبابة والجيزة والدقي.. كل هؤلاء يستخدمون كوبري 15 مايو الذي تم إغلاقه فجأة ودون سابق إنذار. أكثر من ذلك أن النقطة التي كانت متاحة أسفل الكوبري من الكورنيش أغلقت فجأة بدورها وبعد معاناة اليوم السابق بالدوران حول رأس الرجاء الصالح اكتشفنا أن علينا اتخاذ الطريق إلي السبتية للولوج إلي وسط البلد وكان من الممكن تجنيبنا هذه المعاناة ولعبة دوخيني يالمونة لو أبلغنا السادة المسئولون أن طريق 26 يوليو أصبح مغلقاً من أسفل الكوبري أيضاً. أما الأجدي فكان الإعلان في شريط الأخبار بكل القنوات التليفزيونية بمجرد وقوع الأزمة التي تسببت في الإغلاق عن الطرق البديلة المقترحة لإرشاد قائدي السيارات خاصة القادمين من سفر أو في طريقهم إلي السفر ولديهم مواعيد محددة يلتزمون بها بحيث يستمر الإعلان طيلة مدة الإغلاق مثلما يحدث عند اعتزام هيئة المياه والصرف الصحي قطع المياه عن مناطق محددة. هذه أبسط قواعد احترام المواطن وتسهيل أدائه لمصالحه بدلا من إعاقته، ومثلما يتوجب علي المواطن احترام القانون، ويلتزم بدفع ضرائبه وغراماته عند مخالفته تلك القوانين يتوجب علي الجهات التنفيذية احترام آدميته واحترام وقته بما يثبت أن لدينا حضارة وثقافة احترام المواطن.