كل ذنبه أنه طيب القلب اعتاد أن يغفر لصديقيه سخافاتهما ويفتح معهما صفحة جديدة عقب كل حماقة يرتكبانها في حقه ، وبدلا من أن يقدرا تسامحه ورقي أخلاقه ويرتقيان لنفس المستوى اعتبرا طيبته ضعفًا وتسامحه سذاجة ووصل بهما الحال إلى إحراقه بالنار على سبيل الهزار .. أي هزار هذا الذي يعرض حياة شاب بريء للموت ويكتب عليه أن يعيش مشوهًا ؟! أحمد طارق، الابن الوحيد لأسرته، يقطن بإحدى قرى المنصورة، يتميز بالطيبة، ليس له اختلاط بأحد، يشهد الجميع بأخلاقه الحميدة، لم يكن له أصدقاء سوى أحمد وأدهم، دائما ما تجدهم سويًا، يأكلون ويشربون معًا، ولكن طيبته المعهودة، جعلته يتنازل عن الكثير من حقوقه، لدرجة أن صديقيه أخذا رهانًا على أنفسهما أنهما سيسكبان عليه البنزين لإشعال النيران به دون أن يقاومهما! تقول والدة أحمد" أصحابه دائمًا معه، نعم كانوا يضايقونه كثيرًا، ولكن لأنه طيب، ولم تكن له خبرة كبيرة بالناس كان يصفح عنهم ، وكأنه لم يتعرض لأي إساءة على ايديهم . وقبل الحادثة بيوم، أخذوا منه الهاتف بالقوة، بحجة عمل مكالمة، وقالوا له مش هتاخده تانى، فحدثت مشادة كلامية بينهم، فقال لهما أحمد أنه سوف يحرر محضراً ضدهما، بسرقة هاتفه، ولكن تدخل صديق ثالث لهم، وقال لأحمد اتركه لهما هذا اليوم، وأنا أوعدك بأنك ستأخذه غداً، وبالفعل أحمد تركه بكل بساطة، وفى اليوم التالي، طلبوا منه النزول لمقابلتهم أسفل المنزل، في تمام الساعة الرابعة، وكان معهما بنزين، وأثناء مطالبته بأخذ الهاتف تراهنوا انهم سيشعلون النيران به، إذا لم يكف عن المطالبة به، ولكن أحمد أخذ الهاتف بالقوة وأسرع للهرب منهما، ولكنهما كانوا أسرع فى سكب البنزين عليه، وإشعال النيران به، وفروا هاربين، وأثناء وجودى بالشقة سمعت من الجيران" الحقى ابنك أحمد بيولع تحت البيت"، أسرعت بالنزول،صدمت من المشهد، فالجميع لا يستطيع أن يقترب منه، فالنيران كانت شديدة جداً، ظل يصارع إلى أن تمكن من نزع القميص الذي كان يرتديه، وانتقلنا به على الفور إلى مستشفى المنصورة العام،ولكن رفضت استقباله من شدة الخطورة، وحولته إلى المستشفى الدولي، كل هذا حدث وأنا فى حالة من الذهول، فالأمر كان صعباً جداً، فأنا رأيت ابني يحترق أمام أعيني،ويصارع الموت، تم عمل الإجراءات اللازمة من المستشفى، فسألته من فعل به ذلك، فقال"أحمد وادهم" أصدقائه الذين كانوا دائماً معه هم من فعلوا به ذلك، فذهب والده لتحرير محضر بالواقعة، يحمل رقم 8660 لسنة 2018 جنح قسم ثان المنصورة، وأضافت قائلة" أهلهم عرضوا عليناأموالاً، وأنهم سوف يتكفلون بعلاج أحمد، بشرط التنازل عن القضية، ولكنى رفضت، فكيف اتنازل وابني الوحيد كان من المحتمل أن يموت، فأنالا أريد سوى حق ابنى بالقانون، وتساءلت وهى فى حالة من الصدمة والحزن على ابنها الوحيد، أى ذنب اقترفه لكى يعش طيلة عمره بجسد مشوه؟!". ويقول عاصم أحمد محامى المجنى عليه" إن المتهمين الاثنين اعترفا أمام النيابة بإشعال النار في جسد احمد ولكنهما زعما أنهما لم يقصدا ذلك، وأنهما كانا يمزحان معه فقط، ولكن تم حبسهما أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ثم أخذا 15 يومًا استمرار، وبناء على تقرير المستشفى الذى يثبت أن الحروق التى فى جسده من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، فأنا أطالب بالقصاص، والتعويض وتوقيع أقصى العقوبة عليهما". محنة أب ويقول" طارق" والد المجني عليه" : منذ تلك الحادثة،أى ما يقرب من عشرة أيام، أخذت إجازة من عملي حيث أنني أعمل موظفاً بإحدى شركات الري،فليس لي أخوات، لكي يجلسوا مع أحمد داخل المستشفى وليس لي أبناء غيره ، فأنا لا أفارقه ليلاً أو نهاراً، وأضاف والحزن يعتصرقلبه على حال ابنه الوحيد" ابني كان في بداية طريقه، لكن للأسف حياته انتهت، لسبب بسيط وهو طيبته، هل الطيبة أصبحت ذنباً اليوم؟! وأكد أن" ابنه، سوف يخضع لعمليات جراحية خلال الأسبوع القادم، حيث ينتظر الأطباء أن تستقر حالته،ويعرفون جيداً الأماكن التي تحتاج للترقيع بجسده"، وأضاف" ان أهالي المتهمين عرضوا عليه أموالاً كثيرة للتنازل، ولكن مال الدنيا لا يستطيع أن يغنيني عن ابني، فأنا ليس لي أحد في هذه الدنيا غيره، وانتظر القصاص العادل حتى يعرف كل انسان مستهتر ان اي خطأ سيرتكبه لن يمر دون حساب.