أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيراه اليوناني والقبرصي أسبوع العودة للجذور من الاسكندرية عاصمة البحر المتوسط تحقيقا للمبادرة التي دشنتها السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج رسميا في أكتوبر عام 2017وقال الرئيس السيسي في حفل استقبال نظيراه اليوناني والقبرصي الذي أقيم بقصر رأس التين بالإسكندرية أن الاحتفاء بإحياء جذور الجاليات اليونانية والقبرصية في مصر، دليل علي عمق الأواصر بين الشعوب الثلاثة، وانطلاق مبادرة أسبوع الجاليات نوستوس" من المدينة التي أرسى دعائمَها الأولَى الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، لتصبح إطلالة مصر على شاطئ المتوسط، ونقطة التقاء الحضارات، وحاضنة للثقافات والتراث، ومازالت تمثل تجسيداً، لقيم التسامح والتعايش المشترك والتواصل الإنساني، وهي القيم التي شجعت مئات الآلاف من شعوب المنطقة، على اختيار مصر مقصداً للإقامة في مجتمعها، الذي احتضنهم دون تفرقة، وكان على رأس هؤلاء، الآلاف من اليونانيين والقبارصة، الذين انصهروا في نسيج هذا البلد، فمثلوا إضافةً كبرى للحركة الاقتصادية والعلمية والثقافية في مصر تعد توطيدا وتأصيلا للعلاقات بين الدول الثلاث. و إن الأسطورة الإغريقية القديمة "نوستوس"، تحكي عن بطلٍ أسطوري يشرع في مغامرة بحرية، تجرفه بعيداً عن مسقط رأسه، وتختبره الرحلة، دون أن يفقد بوصلة انتمائه الراسخ، الذي يدفعه للعودة إلى وطنه، تلك الأسطورة التي نستحضرها اليوم، عنواناً لاحتفاليتنا، ليست مجرد حكايةً تُروَى، ولكنها ترمز إلى ما شهدته مياه المتوسط، من تنقّل لشعوبه بين ضفتيه كبطل الأسطورة، حتى تأسست هوية متوسطية، قوامها الانفتاح والاعتدال، والإيمان بالمشترك الإنساني والتواصل الحضاري، ونبذ دعاوى الانغلاق والتطرف. فقد شهد التاريخ عبر العصور، تفاعلات خالدة بين شعوبنا، منذ الحقبة الهيلينية والبَطْلَمِيّة، التي قدمت للعالم إسهاماتٍ بارزة كان من بين إنجازاتها مكتبة الإسكندرية، التي انطلق منها العلماء لإنتاج ثروةٍ من العلم والثقافة، من ضمنها ترجمة أعمال هامة من اللغة المصرية القديمة، فضلاً عن نقل المنجزات العلمية، للحضارة الهيلينية، وحمايتها من التدمير، وهو ما شكَل، في مرحلةٍ لاحقةٍ من تاريخ مصر، الأساس الذي استند إليه "شامبليون"، في فك رموز الحضارة الفرعونية، وكَشْف التاريخ المصري القديم، ولا يفوتني هنا، أن أتوجه بالشكر إلى صديقي فخامة الرئيس "أناستاسياديس"، على إعادة قبرص لعدد من القطع الأثرية المصرية، التي خرجت من مصر بطريقة غير مشروعة. كما أسهمت الهجرات اليونانية والقبرصية الحديثة إلى مصر، اعتباراً من نهايات القرن الثامن عشر، في إثراء تعددية المجتمع المصري حيث شارك اليونانيون والقبارصة، إلى جانب إخوانهم من المصريين، في إحداث نهضةٍ تجاريةٍ وثقافيةٍ وفنية وعملوا في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية بما في ذلك التجارة والصناعة وبناء السفن والإرشاد البحري في قناة السويس والسياحة والزراعة، والطباعة والنشر وشهدت محافظات مصر تأسيس تنظيمات للجاليات اليونانية في المنيا عام 1812 والزقازيق عام 1850 والقاهرة عام 1856 والمنصورة عام 1860 وبورسعيد في عام 1870. وخلال السنوات الأخيرة، كانت آلية التعاون الثلاثي، بين مصر وقبرص واليونان،التي نجحنا في إطلاقها، والحفاظ على قممها الدورية واجتماعاتها الفنية، انعكاساً واضحاً لمتانة العلاقات التاريخية بين دولنا، ونموذجاً يحتذى به في منطقة شرق المتوسط بأسرها، ولاشك في أن الزيارات المتواترة لكبار المسئولين من دولنا، تمثل دليلاً واضحاً،على عزمنا استثمار نجاح هذه الآلية، ودفعها للأمام وتطويرها بما يضمن الحفاظ على أمن واستقرار منطقة المتوسط، ويحقق لشعوبنا ما نرجوه من تنمية ورخاء. ونقل الرئيس تقدير الشعب المصري للمشاركين بما يرسخ من قيم المحبة والإخاء، والتعايش السلمي بين الحضارات والثقافات، والتطلع الدائم إلى زيارات الوفود بشكل متواصل لوطنهم مصر. فيما أكد الرئيسين اليوناني والقبرصي علي عمق العلاقات بين الشعوب الثلاثة وأن مبادرة إحياء الجذور "أسبوع نوستوس" تؤكد أن الإسكندرية عاصمة تلاقي الحضارات منذ القدم وأرض السلام والأمان وتعود لمجدها مجددا. جاء اطلاق أسبوع الجاليات للتأكيد على أن مصر مهد الحضارات وتنعم بالأمن والأمان والسلام وترحب بالجميع لزيارتها والتعرف عليها عن قرب.وترويجا للسياحة المصرية من خلال الجاليات الأجنبية التي سبق أن عاشت في مصر لربط الأجيال الجديدة بأجدادهم القبارصة واليونانيين الذين نشأوا بمصر وارتبطوا بها بذكريات عديدة منذ ستين عاما . وأنها احتفاء شعبي وتاريخي بالجاليات اليونانية والقبرصية التي كانت تعيش في مصر في الماضي، متضمنًا بالأساس زيارة للأماكن التي تحمل ذكرياتهم ومكان نشأتهم. ومدارسهم وغيرها.كما أنها وسيلة لتبادل الخبرات بين المصريين وأبناء هذه الجاليات والتعرف على ثقافات وعادات وتقاليد بعضهم البعض. ،فضلا عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وهذه الدول، على نحو يسمح بجلب مزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة في السوق المصرية.