من فاته مشاهدة وقائع الحياة فى لندن يوم الجمعة 92 أبريل 1102 يوم زفاف الأمير «وليام» وخطيبته «كيت ميدلتون» التى تكبره بنحو العام.. فقد فاته أن يكون وسط أكبر تجمع «للحوريات» على وجه الأرض، كانت الحياة فى لندن بروفة لما يمكن أن يصادفه الإنسان لو دخل الجنة، كل الحدائق فى المملكة المتحدة.. شأنها شأن «الطيور» و«الحمام».. و«الأرض» مملوكة ملكية خاصة للملكة. . وكانت كل حدائق أرض المملكة مجهزة بشاشات عرض عملاقة.. تتيح مشاهدة الحفل دون تكبد مشاق المزاحمة عند الكاتدرائية التى عقد بها مراسم القران أو فى الشوارع التى تخللها مرور موكب الزفاف.. فكان من البديع أن ترى عجائز السيدات وهن يحملن معدات التخييم قبل الحفل بأيام.. وهن ينصبن الخيام.. بالقرب من مرور موكب الزفاف ليضمن مكانا ليس قريبا من الرؤية المباشرة ولكنه ليس بعيدا أيضا عن موكب مرور حفل الزفاف من الكاتدرائية إلى القصر. اكتفيت بمشاهدة اللحظات الأولى للزفاف وسط أكثر من نصف مليون مشاهد فى حدائق «الهايدبارك» أمام شاشة عملاقة جلس أمامها «ألوف» من جنسيات مختلفة بعضهم أعد زجاجات «الشمبانيا» ليوزع منها حتى لمن لم يطلب.. فى مرح.. ثم تجولت مع الجموع فى شوارع لندن التى منع سير العربات بها خصوصا القريبة من مرور موكب الزفاف. كان يوم «جمعة الزفاف» بعد علاقة دامت أكثر من خمس سنوات.. وتخللها حادث الهليكوبتر.. عندما هبط الأمير وليام وأخوه فى حديقة بيت «كيت» واصطحباها فى نزهة وقامت ثورة الصحافة البريطانية على استغلال الأمير للطائرة العسكرية فى نزهته مع صديقته وأخيه.. واعتذرت الأسرة المالكة.. عن سوء سلوك الأمير المتهور ويوم الزفاف كان أيضا احتفالاً من البريطانيين بنمط حياتهم الحريصين عليه فى دقة نظام صارم يقبل كل إسهام يعلى من روعة إظهار عظمة الحياة فى بريطانيا وترحيب الإنجليز بباقى شعوب الكومنولث.. وعموماً كان حفل الزفاف هو حفل لاستقرار الملكية وتجديد حب الإنجليز لنظامهم الملكى. لم يدخر أحد أى جهد فى الحفاظ على دقة النظام وسط هذه الجموع التى قدرت بحوالى عشرة ملايين فرد يتم تحركهم وسط إجراءات شرطية صارمة وحتى تفى الشرطة بواجبها فقد استعانت بمتطوعين من طلبة المدارس الثانوية للمساهمة فى حفظ النظام.. وأيضا استعانت الشرطة بمتطوعين بعرباتهم الخاصة.. ووسط الجموع خصوصا فى «الهايدبارك» كانت هناك حالات زفاف للمثليين من النساء والرجال.. وفى زحمة هذا الكرنفال أصبح مشهد زواج هؤلاء الشواذ لمثلى من الأغراب مظهرا للتعبير عن هذا الفرح العارم الذى اجتاح «خلق الله» من الإنجليز. وكان من اللافت انتشار قارئى الكف ومنبئى الطالع وسط هذا الزحام وكأننا فى «مولد» من موالد «السيدة» أو «الحسين». ولم ينته هذا اليوم الاحتفالى حتى كنت وسط مركز من مراكز تجمع المصريين فى لندن وهو «اتحاد المصريين فى لندن» فى حى «وايت سيتى» حيث تقع استديوهات محطة B.B.C الذى يديره السيد «مصطفى رجب» بعد أن استقر به المقام فى لندن منذ عام .1975 وهو العام الذى يطلق عليه «عام الهجرة» بالنسبة للمصريين فى إنجلترا عموما. تحدث مصطفى رجب عن الثورة المصرية منذ 25 يناير وحتى الآن.. فقال عنها: إنها كانت قضاء وقدرا.. وأنها منحة ربنا للمصريين بعد موات. كما قال إن العالم كله كان بيتحرك وبيشعر بالألم للى حصل فى غزة مثلا.. وإحنا الشعوب العربية حكامها كبتنها لمرضاة إسرائيل وطبعا كان فيه أسباب أخرى للثورة «أسباب مصرية» وعموما شباب الثورة كانوا زى الأسود فى القفص.. والحكام رافضين إطلاقهم.. كنا عايزين نبين للعالم أن إحنا مش أقل من جماعات حقوق الإنسان العالمية.. حتى إن اليهود فى إنجلترا كانوا بيتظاهروا.. والحاخامات طالعين بالزى الرسمى.. للتظاهر بجانب الفلسطينيين.. محصلة الحاجات اللى كنا بنسمعها كانت مؤشر إنه مفيش تغيير والحال استقر على كده.. الفساد مستمر.. وكنا بنتألم وإحنا هنا رفضنا أى منظمات تدعو للتغيير فى مصر سواء كانت بتسمى نفسها «تحرير مصر» أو «إنقاذ مصر» إحنا بنرفض أى حاجة خارج مصر تقول إنها هاتغير مصر. مصر فيها من الكفاءات اللى ممكن تغير العالم مش تغير مصر بس. ومن المنظمات والحركات الموجودة فى لندن وتدعى التغيير «منظمة إنقاذ مصر» وكان فيها كمال الهلباوى «الإخوان المسلمين» وأشرف السعد.. و«حركة التغيير» ودى بيرأسها د.صلاح أبوالفضل. وكلهم بيتكلموا عن الفساد اللى فى مصر وعموما مصادرهم الجرائد.. وحكاوى الناس وليس لهم مصادر رسمية أو معلومات خاصة.. ومنذ فترة وجيزة جبهة إنقاذ مصر عقدت مؤتمراً للإعلان عن أنفسهم.. وفى المؤتمر حضرنا.. وواجهناهم بأن إنقاذ مصر من داخل مصر خصوصا إذا كان المعارضون لهم ثأر سابق مع بعض رموز النظام السابق.. لم تحظ هذه المنظمات بالتأييد وإن كانت استقطبت كبار السن وبعض اللى بيقروا الجرائد من خلال النت. وعموما عدد أعضاء إنقاذ مصر ليسوا أكثر من عشرة أفراد. وأذكر أن أشرف السعد أول ما وصل إنجلترا قعدت معاه ومع الشيخ محمد جبريل وهو يأتى إلى لندن فى زيارات دورية. وأذكر أن أشرف السعد قال لى: الناس بتعاملنى على أننى شيخ. والناس أول ما بتتكلم معاهم بالآيات القرآنية بيطلعوا الفلوس اللى معاهم ويعطوها لى. ومن رموز الهاربين من مصر إلى لندن السيد ممدوح إسماعيل وهو حاول أن يتصل بى وفعلا أتى إلى هنا مرتين ولكن أحدا لم يرحب به وخصوصا بعد أن نشر خبر فى الأهرام أن اتحاد المصريين بيساعد ممدوح إسماعيل على الحصول على الإقامة. وإحنا نشرنا تكذيب بأنه لا توجد أى علاقة أو اتصال ونحن لا نرحب بأى هارب من مصر، ولا أهلا ولا سهلا بأى هارب منهم.. خصوصا المجموعة اللى جت بعد الثورة.. من خلال هذا عرفوا موقفنا. إحنا موقفنا واضح وعشان كده محدش منهم حاول الاتصال بينا. ولكن قبل وفاة أشرف مروان كان بيجمعهم وبيقابل كتير منهم وكانوا بيجتمعوا مع أشرف فى فندق «ماى فير» والغريب أن الهاربين القدامى كانوا على اتصال بالسفارة المصرية ومديرى المكاتب وده مفهوم لأنهم كانوا على علاقة برموز الحكم فى مصر نفسها.. لحد ما الثورة قامت وكانوا لا يظهرون فى أماكن تجمعات الجالية.. ولم يظهر منهم أحد فى «الإعلام العربى» فى لندن وبمناسبة ذكر أشرف مروان الله يرحمه فقد كان إنسانا سريا جدا ولا يتكلم مع أقرب المقربين منه فى «بيزنس» ولا «سياسة» رجل غامض ولكن كان بيحب يقعد قعدات اجتماعية وكان مهتم «بجمعية الجالية المصرية» ووفر لها بناية خاصة وبيصرف عليها وبعد وفاة أشرف خرج كتير من كذابى الزفة وادعوا أنهم أصدقاء أشرف مروان وبعد وفاة أشرف مروان أحد الأشخاص وهو د.عصام عبدالصمد عمل جمعية سماها «اتحاد المصريين فى أوروبا» وهى منصة لمخاطبة الإعلام. وهو طبيب تخدير وادعى أنه طبيب أشرف مروان الخاص وكل يوم بيستشيره أشرف مروان فى مرضه وإنه بيعطى له الأدوية وأن أشرف مروان صرح له بأنه خائف على حياته. وعموما المصريين فى لندن عندهم أمراض اجتماعية.. جيلنا جيل مليان أمراض اجتماعية وأخطرها الولع الإعلامى عند النخبة منهم. وعموما الهاربين ليس لهم أى وجود على الساحة والمصريين فى الخارج فى بريطانيا حوالى 250 ألف.. يوم ما نحصل على حقنا فى التصويت حوالى 5000 فقط هم اللى هيصوتوا فعلا عندهم كل الحرية السياسية للمشاركة فى الحياة السياسية فى بريطانيا ولكنهم عازفين عن ذلك ومشاركتهم محدودة. ولقد سألت مصطفى رجب عن حادث مقتل على شفيق وقد كان معاصراً لوقت الحادث فقال: البوليس كان بيحقق مع «سامى كامل» كان مدير فندق «سافوى كورت أوتيل» وفى أحد الإشكالات قال لأحد الأشخاص مهددا: نقتلك وندفنك زى ما عملنا مع «على شفيق». وأمضى شهورا فى السجن إلى أن حصل «سامى كامل» على البراءة.. ولكن قبل مقتل على شفيق كان هناك خلاف مع أحمد الوردانى شريكه فى محل «النيل» نايت كلب عربى وهو المحل الذى كان يغنى فيه كل من عبدالمطلب - صباح - فهد بلان - أحمد عدوية - وكمان كان فيه سحر حمدى الراقصة التى اشتهرت بلبس التاج الذى ترقص به وأذكر أنه بعد الحرب اللبنانية كان هناك حوالى 20 نايت كلب لاستيعاب الفنانين العرب. أشرف السعد ومن أكبر المشكلات التى تواجه المصريين فى الخارج الآن مشكلة الوفاة فى الخارج لأن تكلفة عودة الجثمان إلى مصر عالية جدا وكان الرئيس السادات قد أصدر قرارا بعودة جثمان أى مصرى يتوفى بالخارج على حساب الدولة وهو الأمر الذى لم ينفذ إلا لعام واحد فقط. وأهم ما يميز الجالية المصرية.. أن أغلب أفرادها لا يحتاجون إلى مترجم سواء فى زيارة الطبيب.. أو فى التعامل مع مؤسسة تعليمية.. أو سكنية أو أمنية.. أو داخل السجون والمحاكم لأن أغلب الجالية يجيد الإنجليزية والحاجة إلى مترجم توفرها الحكومة البريطانية وتتحمل تبعات مالية ضخمة نتيجة لذلك. وأيضاً الجالية المصرية من الجاليات المميزة وتحظى باحترام المؤسسات الرسمية وساهمت فى الاقتصاد البريطانى ومن أهم المساهمات أنهم ليسوا عبئا على المجتمع وهم من أهم دافعى الضرائب بين الجاليات. أما الجاليات الأخرى فهى تحصل على مساعدات ضخمة من الحكومة البريطانية مثل الجاليات المغربية.. الجزائرية.. التونسية.. الموريتانية.. والأفارقة بصفة عامة.. والفلبينية والبنجلاديشية.. عندهم فقر وجهل ومرض والحكومة البريطانية تصرف لهم إعانات.. ولكن لدينا مشكلة خاصة بنا وهى: مشكلة المبعوثين المصريين وخاصة أئمة الأوقاف والأزهر غير المؤهلين وهم ليس لديهم الكفاءة وليسوا ملمين بمشاكل المصريين فى إنجلترا.. والخطاب الدينى عندهم لا يصلح والبعثة هنا لمدة سنتين هيعملوا إيه ماديا خلال السنتين وكلهم على غير دراية باللغة.. وليس لدينا ما يمثل الدين الإسلامى سواء من مصر.. أو حتى الدول الإسلامية فى مؤتمرات لقاء التقارب بين الأديان. شيخ الأزهر قبل أحداث يناير.. وعد بزيارة مركز اتحاد المصريين بالخارج.. وكان له شرط أن يتم تغيير الاسم من مركز اتحاد المصريين بالخارج إلى «بيت العائلة» ومع أن تغيير الاسم لم يكن يضيف على المركز وظيفة جديدة جدية أو هيبة إلا أن طلبات شيخ الأزهر أوامر. ومع أن «بيت العائلة» أو «بيت العز» لم يكن يصنع وئاما أو ترابطا بين الجالية المصرية وغيرها من الجاليات الإسلامية.. إلا أن اليافطة التى تم تغيير الاسم بها أعدت فعلا.. وعلقت بجوار الاسم الأصلى لاتحاد المصريين بالخارج وظلت موجودة وإن كانت زيارة شيخ الأزهر هى التى لم تتم وحال بينه وبين زيارة مركز المصريين بلندن أحداث ثورة 25 يناير. ممدوح اسماعيل كان الهدف الأساسى من رحلتى العاجلة إلى لندن التى واكبت الزفاف الملكى هو التقاء المقدم ممدوح أبوجبل.. فهو الشخص الذى يمكن من استنطاقه معرفة الحقيقة الكاملة وراء اغتيال الرئيس السادات وانتقال السلطة إلى الرئيس مبارك.. ولكن مفتاح اللغز خرج إلى السعودية ومنها إلى لندن.. حيث حاول أن يصنع بيزنس خاصا يتعيش منه أو يتوارى من خلاله فقد أصبح متغلغلا فى ضباب السرية، وطويت معه أسرار المحاكمات التى أعدم فى أعقابها الإسلامبولى ورفاقه كما أعلن وقتها. ممدوح أبوجبل.. منذ أن ذاب مثل ذرة الملح فى عاصفة أقلعت بعيدا عن موطنها.. واختلط فيها سرعة الرياح مع إعصار المطر.. اختفى ممدوح أبوجبل.. بعيدا عن مصر عقب انتهاء الجلسات الأولى لمن اشتركوا فى عملية اغتيال الرئيس السادات. كان هو أداة اختراق الجماعة الإسلامية التى اشتركت فى الظاهر فى حادث المنصة الذى أودى بحكم أنور السادات وأخلف الرئيس مبارك ونظامه الذى حافظ على استمرار التعاون بين مصر والولايات المتحدةالأمريكية ضامنا الحفاظ على أمن واستقرار إسرائيل والاشتراك فى منظومة المصالح الأمريكية والغربية فى المنطقة. ممدوح أبوجبل.. هو اللغز.. وهو مفتاح اللغز.. هو مفتاح العلاقة بين التقاء مجموعتين نفذتا عملية اغتيال السادات. مجموعة الإسلاميين والتى كان لابد أن يلصق بها الاتهام بتنفيذ الاغتيال. والمجموعة الحقيقية والتى كانت تتستر وراء الهرج الذى سوف يحدث فى المنصة ليتم قنص السادات فى كل الأحوال. بحثت عن ممدوح أبوجبل.. وكلما اقتربت من الوصول إليه تباعد.. وأصبح الوصول إليه وإقناعه بالتحدث.. وخصوصا بعدما جرى فى مصر من أحداث فى 25 يناير وما بعدها.. غير محال وصلنى منه عبر وسيط أنه لن يستطيع أن يظهر أو يتحدث.. وحتى الوسيط.. نصح بالتريث إلى أن تكشف حقيقة ما حدث فى مصر بعد انتهاء حكم مبارك وانتظار ما تخبئه الأقدار لمصر.؟