المنتخب المصرى بطولة كأس الأمم الإفريقية المقبلة فى المغرب بخطة إعداد واضحة وضعها الجهاز الفنى بقيادة حسام حسن، وهى خطة تبدأ من مرحلة البناء الذهنى والبدنى، وتنتهى عند الأداء التكتيكى داخل الملعب، مرورًا بمحطات اختبار عملية تهدف إلى تجهيز الفريق قبل خوض منافسة تُعد إحدى أهم المحطات قبل الظهور فى كأس العالم الذى تأهل إليه المنتخب بالفعل بعد سنوات لم تكن سهلة على الجماهير المصرية، التى تتابع التفاصيل خطوة بخطوة وتتطلع إلى عودة المنتخب بشكل قوى على الساحة القارية والدولية. بدأ المنتخب برنامجه الإعدادى عبر معسكر مفتوح انطلق فى الثالث من ديسمبر الجارى، ويستمر لمدة ثلاثة أيام، وهو معسكر يسمح للجهاز الفنى بإعادة تقييم حالة اللاعبين، وإعادة بناء الانسجام بينهم، خاصة مع اختلاف ظروف مشاركاتهم فى أنديتهم خلال الفترة الأخيرة، فبعضهم يخوض منافسات أوروبية عالية المستوى، بينما يتواجد آخرون فى دورى محلى ذات إيقاع أبطأ. لذلك فإن المرحلة الأولى لم تهدف فقط إلى رفع المستوى البدنى، بل إلى خلق بيئة تساعد اللاعبين على استعادة التواصل داخل الملعب، وفهم أدوارهم بشكل جماعى قبل دخول مرحلة التفاصيل الفنية. بعد المعسكر المفتوح، يدخل المنتخب مرحلة تحضير أعمق وأكثر تركيزًا عبر معسكر مغلق ينطلق فى السابع من ديسمبر، تعد هذه المرحلة حاسمة فى بناء شخصية الفريق، حيث يعتمد الجهاز الفنى فيها على تطبيق أفكار اللعب التى سيخوض بها منافسات البطولة، ويُجرى نقاشات مباشرة ومكثفة مع اللاعبين حول الأدوار الفردية، والتعامل تحت الضغط وكيفية مواجهة التنوع التكتيكى للمنتخبات الإفريقية، التى غالبًا ما تجمع بين القوة البدنية، والسرعة الهجومية والتكتل الدفاعى. ولا يقتصر التدريب خلال هذه المرحلة على الجوانب البدنية فقط، بل يشمل أيضًا محاكاة مواقف مباريات عصيبة، لرفع قدرة اللاعبين على اتخاذ القرار السريع والحفاظ على التركيز فى أصعب الظروف. ولأن الاستعداد النظرى وحده لا يكفى، يخوض المنتخب مباراة ودية أمام نيجيريا فى القاهرة يوم 14 ديسمبر الجارى، المواجهة التى تمثل اختبارًا حقيقيًا قبل البطولة. فالمنافس يمتلك تاريخًا كبيرًا فى القارة، ويملك قدرات هجومية معروفة، ما يجعل المباراة فرصة للجهاز الفنى، لقياس مدى تنفيذ تعليماته تحت ضغط حقيقى وحضور جماهيرى متوقع، وهو وضع يجد المنتخب المصرى نفسه فيه دائمًا سواء داخل البلاد أو خارجها، فمشاركة الجماهير عنصر يعكس طبيعة الكرة فى مصر، ويمنح اللاعبين دفعة إضافية. بعد المباراة، يسافر المنتخب إلى المغرب يوم 17 ديسمبر، ليبدأ المرحلة الأخيرة من التحضير، والتى ستكون داخل أجواء البطولة ذاتها من خلال معايشة تفاصيل الملاعب، وتوقيتات المباريات، ودرجات الحرارة، وكل ما يمكن أن يؤثر على الأداء. ويفتتح المنتخب مشواره فى البطولة بمواجهة زيمبابوى فى 22 ديسمبر، وهى مباراة تكتسب أهميتها من كونها بداية رسمية للفريق فى المنافسات، فالمباراة الأولى دائمًا ما تصنع إيقاع البطولة، وتحدد مسار اللاعبين من ناحية الثقة والتماسك. والفوز بها يمنح مساحة للتحكم فى وضع المجموعة، بينما التعثر يتسبب فى ضغط مضاعف على الجهاز الفنى واللاعبين قبل مواجهة جنوب إفريقيا فى السادس والعشرين من الشهر ذاته، وهى مواجهة ذات طابع تنافسى مختلف لأن المنتخبين يعرف كل منهما الآخر جيدًا سواء على مستوى التاريخ أو المواجهات السابقة. ويتميز المنتخب الجنوب إفريقى عادة بالسرعة والقدرة على الخروج بالكرة من الخط الخلفى، ما يعنى أن التعامل معه يتطلب قدرة على الضغط المتدرج، وعدم السماح له بفتح المساحات بين الخطوط. أما المباراة الثالثة، والتى يخوضها المنتخب أمام أنجولا فى 29 ديسمبر، فغالبًا سوف تحدد هذه المباراة شكل المجموعة سواء من حيث الصدارة، أو التأهل، وهى مباراة تحتاج إلى هدوء وعدم الوقوع فى فخ الاستعجال خاصة فى حال كانت حسابات المجموعة معقدة. قائمة المنتخب التى أعلنها حسام حسن، جاءت متوازنة وتعكس رؤية فنية واضحة. فقد حرص المدير الفنى على ضم عناصر تتمتع بخبرة البطولات الكبرى القادرة على التعامل مع ضغوط الأدوار الإقصائية، إلى جانب عناصر شابة تستطيع تقديم حلول داخل الملعب سواء بالسرعة أو بالتحرك بين الخطوط أو باستغلال المساحات. بدا واضحًا أن الجهاز الفنى ينظر إلى كيفية بناء الفريق أكثر من النظر إلى الأسماء الفردية، لذلك لم تكن اختياراته مبنية على شعبية اللاعبين، بل على قدرتهم على تنفيذ المهام المطلوبة ضمن خطة عامة تضم لاعبين قادرين على التعاون مع بعضهم البعض وليس مجرد نجوم مستقلين. يستفيد المنتخب من إمكانات لاعبى الهجوم فى تحريك الخصوم، وفتح الواجهات الهجومية، فالتحرك بين الخطوط عنصر أساسى فى كرة القدم الحديثة، ويسمح للأجنحة بسحب الدفاع إلى الأطراف، لخلق مساحات فى العمق، وهو ما يظهر فى دور محمد صلاح وعمر مرموش، حيث يمتلك كلاهما القدرة على تغيير اتجاه الهجمة أو جذب أكثر من مدافع، ما يمنح المهاجم الصريح مساحة أفضل داخل منطقة الجزاء، وهذه المساحات ليست مجرد تفاصيل، بل تخدم أسلوب اللعب الذى يعتمد عليه حسام حسن، والذى يراهن على التحرك فى العمق والضغط المبكر على حامل الكرة؛ لإجبار الخصم على ارتكاب الأخطاء بدلا من تركه يبنى الهجمة بشكل مريح. بهذه المعطيات يدخل المنتخب البطولة، وهو يدرك أن الطريق ليس سهلا وأن المنافسة القارية لا تتسامح مع الأخطاء المتكررة، لكنها فى الوقت نفسه فرصة لتجربة التوليفة الجديدة تحت ضغط حقيقى وتقييم مدى جاهزية اللاعبين قبل دخول المرحلة التالية من المنافسة العالمية. فالمنتخب الوطنى لا يبحث عن المشاركة فقط بل يسعى إلى تقديم صورة تعكس ثقته بنفسه واستعادته لهويته الكروية، والتطلع إلى حضور قوى فى كأس العالم، وهو هدف واضح للجهاز الفنى الذى يريد أن يكون مستوى المنتخب فى المغرب رسالة واضحة بأن مصر عادت لتنافس لا لتكتفى بالمشاركة، لذا فإن أجواء البطولة ستكون اختبارًا عمليًا لقدرة اللاعبين على ترجمة الاستعدادات النظرية إلى أداء حقيقى على أرض الملعب.