لم تتوقف تداعيات الأمر التنفيذى الذى أصدره الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بدراسة تصنيف تنظيم الإخوان فى مصر والأردن ولبنان كمنظمة إرهابية.. وفتح الإجراء الأمريكى بابا من الأسئلة عن علاقة الإخوان بالإدارات الأمريكية وهل هذا انفصال تام بينهما أم تباعد مؤقت يعود حين تريد الإدارة الأمريكية استخدامهم كما فعلت الإدارات الديمقراطية فى أوقات سابقة.. وللقرب أكثر من التفكير الأمريكى طرحنا عددا من الأسئلة على عضو الحزب الجمهورى «بشار جرار» المتخصص فى الشئون الأمريكية والشرق أوسطية، وقضايا محاربة الإرهاب والمحاضر غير المتفرغ فى برنامج الدبلوماسية العامة التابع للخارجية الأمريكية. كيف ترى القرار التنفيذى للرئيس ترامب بدراسة تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية؟ - لم يكن قرار ترمب استجابة لمتغيرات سياسية داخلية أو خارجية بقدر ما كان توجها أصيلا فى منطلقات ثلاث حملات انتخابية وكان وزير الخارجية الأخير فى ولايته الأولى مايك بومبيو الذى كان قد كلفه قبل ذلك بقيادة المخابرات المركزية «سى آى إيه» كان يعد «لحظر جماعة الإخوان» فى أمريكا بصرف النظر عن إعلانها تنظيما إرهابيا خارجى». والقرار كاد أن يتخذ فى نهاية ولاية ترامب الأولى لكنه آثر إرجاءه لاعتبارات عدة من بينها ضمان عودته إلى البيت الأبيض وهذا ما تم فى انتخابات 2020 مع تفويض أكثر قوة تمكن من الحصول عليه بالسيطرة على الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ باعتباره السلطة التشريعية إضافة إلى تعزيز الغالبية الجمهورية والمحافظة فى المحكمة العليا بنسبة ستة قضاة مقابل ثلاثة من الديموقراطيين الليبراليين أو ما يسمى بالتقدميين. هل كان قرار حاكم ولاية تكساس دافعا للإدارة الامريكية لتصنيف الإخوان على المستوى الفديرالى كمنظمة إرهابية؟ - قرار ترامب كان بمعزل عن قرار حاكم تكساس أحد أشد داعمى ترمب فى الحزب الجمهورى حيث استفاد الرئيس الأمريكى من الزخم الذى حققه قرار حاكم تكساس كونه لم يقتصر على حظر «الإخوان» بل والمنضمين إليهم سرا وعلانية والمتعاطفين والمتأثرين بهم كمنظمة العلاقات الأمريكية الإسلامية المعروفة اختصارا ب«كير» على غرار كلمة «رعاية» باللغة الإنجليزية التى أريد لها الظهور وكأنها منظمة خيرية تطوعية وهى فى حقيقتها سياسية دعائية أثارت الكثير من التحفظات لدى الأمريكيين ومن الحزبين لتوغلها على الفضاء العام بإقحام الدين فى كل شيء رغم مزاعمها إبان التحالف مع جورج بوش الابن الرئيس الأسبق (الجمهورى) بأنها معه فى الحرب على الإرهاب وأنها ضد التشدد والتطرف والعنف. الأمر التنفيذى تناول الإخوان فى مصر والأردن ولبنان رغم قرار حكومتى البلدين بحظر أنشطتهم فى سنوات سابقة.. لماذا هذا القرار الآن وبهذه الصورة؟ - ترامب استفاد من زخم قاده فى البداية عضو مجلس الشيوخ من صقور الحزب الجمهورى عن ولاية تكساس تيد كروز الذى خاص السباق الرئاسى فى انتخابات 2016 ضد ترمب لكنه تحول إلى حليف قوى. كروز ومعه وزير الخارجية الحالى ماركو روبيو كانا من أقوى الأصوات فى مجلس الشيوخ الداعية إلى حظر الإخوان المسلمين وإعلان الجماعة تنظيما إرهابيا خارجيا.
لماذا أغفل قرار ترامب دول أخرى فى المنطقة ترعى تنظيم الإخوان رغم الجرائم التى تم ارتكابها ورغم قرار حظر أو ضبط عناصر التنظيم الهاربين؟ - هنا تكمن الحكمة فى صياغة الأمر التنفيذى الرئاسى حيث ترك ترامب عملا بنصيحة خبراء استخبارات وسياسة وقانون ترك الباب مواربا لا بل وقد يصير «خلفيا دوارا» للقنوات الدبلوماسية الخلفية والسرية لأفرع الجماعة والتنظيمات المنبثقة عنها حيث كانت الأولوية للأفرع التى ثبت عدائيتها والحاجة إلى القضاء عليها وهى فى مصر والأردن ولبنان لحساسية تلك الدول من الناحية فى الترتيبات الإقليمية المقبلة فيما عرف «اليوم التالى» للحرب فى غزة وفلسطينيا وشرق أوسطيا وحتى إسلاميا فى ظل سعى ترامب الحثيث لتوسعة اتفاقات إبراهيم. القرار الأمريكى هل أغفل كلا من قطروتركيا باعتبارهما راعيتين أساسيتين للتنظيم؟ - غض الطرف لا يعنى صرف النظر عن رعاية الدوحة وأنقرة لل«إخوان وأخواتها» من التنظيمات والشخصيات الإسلامية التى تتبنى خطاب الكراهية والإقصاء وتحرض على العنف بل هى مرحلة آتية لا ريب فيها بعد «استيفاء الغرض» من تلك المكاتب والقنوات تماما كما جرى مع طالبان وحماس من الناحية العملية. ثلاث محاولات سابقة لتصنيف الإخوان منظمات إرهابية فى الولاياتالمتحدة فشلت منها مرة فى ولاية ترامب الأولى.. ما الاختلاف هذه المرة؟ - لن يسمح للمحاولة الراهنة لحظر الإخوان المسلمين بالفشل كونها مرتبطة بأجندة أمريكا أولا وشعار «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا» تيار ماغا لم يعد أمريكيا فقد صار أوروبيا أيضا فضلا عن أمريكا اللاتينية ضاقت تلك الدول ذرعا بالتحالف الشيطانى القائم بين اليسار المنحل وتيار العولمة وما تسمى الصحوة «ووكزم» وبين الإسلام السياسى «الانتهازى الوصولى» الذى عبر عنه «الإخوان وأخواتها» حيث أصبحت القضية ذات أبعاد ثقافية حضارية وليست فقط اجتماعية اقتصادية أو سياسية أمنية. المنطقة العربية عانت من ثورات الربيع العربى التى دعمها الحزب الديموقراطى من خلال دعمه الصريح لتميز الإخوان للوصول إلى الحكم؟ - بعد تجربة «حكم المرشد» فى نسختيها الشيعية فى إيران والسنية فى مصر «بديع ومرسى» انتهت مرحلة الربيع العربى المشئوم واتضح أن ارتدادات وتبعات «تغيير النظم وبناء الأمم» فشل مزرى من أفغانستان إلى ليبيا مرورا بالعراق وسورية ولبنان واليمن حيث نجح ترامب على أساس معارضة المحافظين الجدد المعروفين اختصارا ب«نيو كونز» وتمكن من تقوية تيار ماغا بحيث صار هو القوة الحاسمة والضاربة فى الحزب الجمهورى. بيان تنظيم الإخوان ندد بقرار ترامب واعتبره قرارا باطلا وراهن على خسارته قضائيا؟ - رهان الجماعة فى بيانها الذى ندد بقرار ترامب سيلقى مرارة الفشل حيث لن تجد وليا لدى الديموقراطيين ولا نصيرا لدى الجمهوريين «النيو كونز» فى إنعاشهم حتى لو خسر ترامب أحد مجلسى الكونغرس (النواب كما يتوقعون) العام المقبل هذا فضلا عن صقورية جى دى فانس نائب الرئيس فى حال خوضه السباق الرئاسى خلفا لترمب وإلى يمينه روبيو الأكثر صقورية فى التنديد بالإسلام العسكرى والسياسى من كروز نفسه. إدارة أوباما الديمقراطية أعلنت صراحة دعم الإخوان وتمكينهم من الوصول للحكم.. كيف تغير فكر الإدارة الأمريكية خلال عشر سنوات؟ - فيما يخص بأوهام الجماعة والمستفيدين من خدماتها الوظيفية سواء إبان الحكم الكارثى للرئيسين السابق جو بايدن والأسبق باراك حسين أوباما، فقد ولت إلى غير رجعة من الناحية العملية وما يعمل ترامب على تحقيقه فى الإدارة الراهنة مدعوما من تيارات وطنية فى المؤسسات الأمريكية السيادية خاصة تلك العاملة فى ميادين الاستخبارات، لا يمكن تغييره حتى وإن عاد الديموقراطيون إلى الحكم. المنطقة العربية تشعر أن واشنطن باعت الأنظمة للإخوان فى فترات سابقة ما الذى يضمن ألا تعود مصلحتها مع الإخوان هى المحرك الأساسى لها؟ - الأمر التنفيذى لترامب بحظر الإخوان ركز على أدوار وزارات بعينها هى الخارجية والخزانة والعدل بغية الدراسة الوافية الدقيقة الكفيلة بسد أى ثغرة ممكن التسلل منها الآن أو لاحقا. الشبكة المالية للإخوان فى حال حظرها أمريكيا كيف سيتم التعامل معها؟ وكيف سيتم اكتشاف هذه الشبكة المتشعبة؟ - القرار سيترتب عليه مصادرة أموال وأصول بالمليارات فى أمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية فضلا عن دول عربية وإسلامية وحتى الجانب الإعلامى والمعلوماتى تم التعامل معه فى توقيت لافت وما قامت به منصة إكس باعتبار أن ماسك حليف ترامب من كشف أماكن الحسابات المزيفة و«الروبوتية» قد ساهم فى إسقاط القناع عن الكثير من الوجوه السافرة فى عدائها لأمريكا وليس فقط لنظم فى المنطقة وقد تبين أن معظمها من تركياوقطر. كيف تقرأ هذه الفقرة التى تضمنها بيان الإخوان للرد على الرئيس ترامب بأنه يُقوّض الأمن القومى الأمريكى والاستقرار الإقليمي؟ - فيما يخص بيان «الإخوان» فمجرد تضمينه ما يخص الأمن القومى الأمريكى واستخدام كلمة «تقويض» سيكون بمثابة تحفيز وتسريع على ضرب التنظيم بقوة وبسرعة على نحو لا يتخيله خصوم ترمب ولا حتى من يظنوه حليفا بما فى ذلك علاقته الودية مع الرئيس التركى وأمير قطر الذى نصحه علانية باستئجار خدمات شركة علاقات عامة جديدة لترميم العلاقة مع أمريكا خاصة فى الكونجرس. بيان الإخوان دعا للحوار مع الإدارة الأمريكية هل تستجيب الإدارة لذلك؟ - كذب «إخوان» أمريكا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية صار مكشوفا للرأى العام وليس فقط الأجهزة الاستخبارية والشخصيات السياسية، لذلك فإن فرص الحوار معدومة ما لم يكن الانسحاب كليا من المشهد حيث تعلم الجهات المختصة مدى تسلل «التنظيم» عبر ما عرف بمبدأ «التقية» والانتهازية السياسية إلى مؤسسات تبدو غير سياسية لكنها استغلت كل شيء المساجد والمدارس والمراكز الاجتماعى فى تسميم أفكار الناس وتقسيم المجتمع ضد نفسه إدارة ترمب رصدت ذلك منذ الولاية الأولى وفعّلت دور هيئات رقابية وتنفيذية لتفكيك شبكات التمويل والتحشيد والتحريض فى جميع الولايات سيما تلك التى شهدت أعمالا إرهابية كالمواطن الذى شن عملا إرهابيا باسم حماس فى ولاية كولورادو قبل ستة أشهر. ترمب قام بتوظيف ذلك الاعتداء إضافة إلى الاعتداء الذى نفذه إرهابى أفغانى دخل البلاد قبل أربع سنوات لاجئا بدعم من «سى آى إيه» -إبان حكم بايدن- كونه كان متعاونا مع القوات الأمريكية ضد طالبان وصب ترمب جام غضبه على آلاف الصوماليين ومن بينهم أمريكيون فى ولاية مينيسوتا فى إشارة إلى نيته تجميد قبول اللجوء من جميع دول العالم الثالث بعد إعلانه عن قائمة من تسعة عشر بلدا من بينها العديد من الدول المسلمة. فى حال فشل قرار حظر الإخوان هل ستواصل واشنطن حظر أذرع الإخوان العسكرية مثلما حدث مع حركة حسم؟ - الجو العام داخليا وخارجيا يشى بالتصعيد من قبل ترامب لا التفاوض ولا المهادنة مع «فكر» اتضح أنه المسئول عن تفريخ الإرهاب عالميا. 1696 1697