خطة الحكومة للرد على مراجعات «صندوق النقد»

تفاؤل بارتفاع معدلات النمو الاقتصادى

«الاقتصاد ينمو، والمؤشرات تتحسن».. بهذه العبارة بدا الفريق الحكومى متفائلًا خلال لقاء بعثة صندوق النقد الدولى الموجودة حاليًا فى مصر، وعلى مدار أسبوعين، لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التسهيل المحدد، المدعوم بقيمة 8 مليارات دولار.
وكان من المقرر إجراء المراجعة الخامسة فى يوليو الماضى، لكنها أرجئت ودمجت مع السادسة لمنح الحكومة مزيدًا من الوقت لإجراء الإصلاحات المطلوبة، وفى حال نجاح المراجعتين ستحصل مصر على شريحة بقيمة 2.4 مليار دولار، فضلًا عن إتمام المراجعة الأولى لبرنامج الصلابة والاستدامة للتمويل المناخى، وصرف شريحة للمشروعات الخضراء بقيمة 297 مليون دولار.
 شهادة ثقة
تشكل المراجعتان محطة حاسمة فى تقييم التزام الحكومة بالإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولى، ومن أبرز الملفات التى سيتم مناقشتها خلال الاجتماعات، برنامج تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، والطروحات الحكومية وتقييم الأصول العامة، وضبط المالية العامة بما يشمل تقليص العجز الكلى وزيادة الفائض الأولى، وإصلاحات فى السياسات الضريبية والجمركية وتبسيط الإجراءات، والالتزام بسياسة سعر الصرف المرن، وتعزيز استقلالية السياسة النقدية.
ويُنظر إلى هذه المراجعة كشهادة ثقة دولية فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، خاصة بعد تنفيذ إصلاحات جوهرية فى دعم الطاقة، وإعادة هيكلة الاقتصاد.
وعلى مدار 5 أشهر عملت الحكومة على تقوية موقفها الاقتصادى، وتحسين المؤشرات، دون دعم مالى من صندوق النقد الدولى.
تحدثت «روزاليوسف» مع 3 مصادر رسمية، كشفت عن أن مصر حققت عددًا كبيرًا من المحددات المطلوبة لإنجاح المراجعتين الخامسة والسادسة، وأحرزت تقدمًا فى عدد من الملفات.
 ورقة الأسعار وضبط التضخم
نجحت الحكومة فى وضع حد لانفلات الأسعار والحد من التضخم من خلال عدد من الإجراءات، ومن المرجح أن يواصل التضخم الشهرى تراجعه بسبب استقرار سلاسل الإمداد.
ووفقًا للمصادر فإن الحكومة نجحت عبر تدخلات مع القطاع الخاص فى ضبط الأسعار وتوفير السلع، مع منح أفضلية للصناعة الوطنية، وهو ما سيظهر أثره الإيجابى فى تقرير التضخم المرتقب.
 ورقة السياسة النقدية والاحتياطات الدولية
بالتزامن مع استقرار سلاسل التوريد والإنتاج المحلى وضبط سعر الصرف، ارتفعت التحويلات النقدية للمصريين بالخارج إلى مستويات غير مسبوقة تخطت 30 مليار دولار، بالإضافة إلى نمو الإيرادات السياحية وافتتاح المتحف المصرى الكبير، ومن المتوقع إغلاق العام على عدد سائحين يبلغ 18.5مليون سائح، مع زيادته العام المقبل إلى 25 مليون سائح.
كما نجح البنك المركزى فى تكوين احتياطى نقدى كسر حاجز ال50 مليار دولار، من خلال مصادر حقيقية لتدفقات العملة الأجنبية.
وأوضحت المصادر أن استعادة إيرادات قناة السويس عافيتها، إلى جانب ما تمثله زيادة الصادرات فى دعم الاحتياطيات النقدية واستقرار سعر الصرف، يدعم مستهدف البنك المركزى لاستكمال بناء الاحتياطى النقدى إلى 55 مليار دولار، وتوقعت المصادر حدوث ذلك فى النصف الثانى من 2026.
 ورقة النمو المتصاعد منذ 10 سنوات
وقالت المصادر إن ارتفاع معدلات النمو مؤخرًا، تعد مؤشرًا جديدًا على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى.
وحقق الاقتصاد معدل نمو بلغ 5.3 % خلال الربع الأول من العام المالى الجارى، وللمرة الأولى يواصل الاقتصاد المصرى تحقيق معدلات نمو إيجابية للربع الخامس على التوالى، مدفوعًا بنشاط اقتصادى حقيقى فى مختلف القطاعات الإنتاجية.
وسجل معدل النمو فى الربع الأول من عام 2025 نموًا قدره 5.3 % وهو أعلى معدل نمو ربع سنوى تحققه مصر خلال السنوات العشر الماضية، مدفوعة بانتعاش قطاع الصناعة، وارتفاع مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى، مما يعمل على تعزيز مرونة الاقتصاد، وقدرته على تحقيق معدلات نمو مستقرة، وهو ما يثبت أن النتائج الحالية تعكس ثمرة الإصلاحات الهيكلية التى تم تطبيقها، الأمر الذى يعكس نجاح البرنامج وضمان استمراريته.
هذا النمو المتسارع يعود إلى استمرار تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادى، وإعادة الهيكلة التى تدعم تحول الاقتصاد نحو القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة الأعلى، وفى مقدمتها الصناعة والسياحة والاتصالات.
أحد أهم الأوراق الرابحة لدفع النمو، هو نتائج أعمال قطاع البترول والثروة المعدنية التى تشهد تقدمًا كبيرًا فى الفترة الأخيرة، من حيث معدل الاستكشافات وزيادة الإنتاج المحلى، كما تواصل السياحة تحقيق معدلات قياسية فى عدد الليالى، ولأول مرة يتضمن تحليل النمو الإصلاحات الهيكلية المنفذة لدفع النشاط الاقتصادى.
يذكر أن قطاع البترول شهد تحقيق نحو 75 كشفًا جديدًا منذ أغسطس، وإضافة 383 بئرًا جديدة، مما يعزز القدرات الإنتاجية بنحو 1.1 مليار قدم مكعب غاز، و200 ألف برميل زيت خام يوميًا، ويوفر نحو 6.7 مليار دولار من فاتورة الاستيراد، بالتزامن مع حوكمة منظومة الدعم، وهو ما يسهم بقوة فى تعافى الموازنة العامة للدولة.
ووفقًا للمصادر، تعرض الحكومة خلال الاجتماعات مع بعثة الصندوق، الأداء القوى للصناعات التحويلية غير البترولية، والقطاعات التى تعكس نموذجًا قابلًا للتبادل التجارى الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستندًا إلى بنية تحتية متطورة تُعد قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار.
 ورقة الأهداف المستقبلية
أحد أهم طلبات الصندوق، هو تكوين رؤية واضحة تكون بمثابة رؤية حكومية بعيدة المدى للقطاعات والاستثمارات والضرائب بهدف جذب الاستثمارات، وهو ما تمثل فى إزاحة الستار عن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل» وفقًا للمصادر.
وتدفع المؤشرات الاقتصادية الأولية لمصر لنجاحها فى اجتياز المراجعتين، حيث تعزز توقعات تحقيق معدل نمو لا يقل عن 5 % خلال العام المالى 2025/2026، مع وجود فرص واعدة لتحقيق مستويات أعلى، مدفوعة باستقرار الاقتصاد الكلى، واستمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.
وأظهرت نتائج الربع الأول من العام الجارى 2025 نموًا واضحًا فى معدل أداء الصناعة التحويلية غير البترولية، بنسبة بلغت 14.5 % مقارنة مع 7.1 % خلال الفترة نفسها من العام السابق.
يأتى ذلك متزامنًا مع جهود الدولة لتوطين عدد من الصناعات، لا سيما الصناعات عالية التكنولوجيا، إلى جانب التوسع فى الصناعات القائمة، حيث تشير التقديرات الأولية إلى ارتفاع حجم إنتاج الهواتف المحمولة إلى أكثر من 10 ملايين جهاز خلال 2025 مقارنة بنحو 3.3 مليون جهاز فى نفس الفترة من 2024.
وسجلت صناعة المركبات ذات المحركات نموًا بنحو 50 %، وصناعة المواد والمنتجات الكيماوية قرابة 44 %، وصناعة المشروبات نحو 37 %، وصناعة الأثاث حوالى 34 %، وصناعة المستحضرات الصيدلانية والكيميائية والدوائية نحو 19 %، وصناعة الملابس الجاهزة نحو 17 %، إلى جانب زيادة الصادرات بنسبة 20.6 %.
 ورقة إيرادات قناة السويس
أحد أهم روافد الإيرادات الدولارية هى عودة قناه السويس للعمل بكامل طاقتها، وعقدت الحكومة اتفاقات الشهر الماضى تعجل بتعافى النشاط، وسجلت هيئة قناة السويس وفق البيانات الرسمية أول معدل نمو إيجابى منذ العام المالى 23/2024، وذلك خلال الربع الأول من العام المالى الحالى 25/2026 بلغ 8.6 %، بالتزامن مع العودة التدريجية للاستقرار فى منطقة البحر الأحمر، وهو ما ساهم فى استعادة ثقة شركات الشحن العالمية، واعتمادها مجددًا على قناة السويس كمسار رئيسى، وكانت الأخيرة قد سجّلت معدلات نمو سالبة لمدة تقارب العام ونصف العام، نتيجة للتوترات الجيوسياسية المؤثرة على حركة الملاحة الدولية.
 ورقة برنامج الطروحات
تشهد مصر تحولًا فى هيكل الاستثمارات، حيث سجلت الاستثمارات الخاصة نموًا قويًا بلغ 25.9 %، لتستحوذ على 66 % من إجمالى الاستثمارات، مقابل 34 % للاستثمارات العامة، بما يتسق مع سياسة الدولة فى ترشيد الاستثمار العام وتمكين القطاع الخاص لقيادة النمو.
وترى المصادر أن صفقة علم الروم، بالإضافة إلى عدد من الصفقات المحتملة قبل نهاية العام الجارى، ستحقق الهدف الثالث من الالتزامات المطلوبة لتمرير المراجعتين الخامسة والسادسة، وهو تعزيز قدرة القطاع الخاص فى الاقتصاد لضمان استدامة الإصلاحات.
ووقعت الحكومة مع شركة الديار القطرية الذراع الاستثمارية لجهاز قطر للاستثمار صفقة علم الروم على الساحل الشمالى الغربى بقيمة 3.5 مليار دولار، تدخل حساب البنك المركزى قبل نهاية العام الجارى، واستثمارات متوقعة بقيمة 29.7 مليار دولار.
ووفقا للمصادر، هناك عدد من الطروحات الحكومية المزمعة قبل نهاية العام، تتمثل فى طرح أولى فى البورصة المصرية بقيمة تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار، منها محطة جبل الزيت للطاقة المتجددة.
 ورقة خفض الدين العام وإصلاحات الضرائب
وتلقى بعثة صندوق النقد الدولى نظرة أخيرة على استراتيجية الدين العام المقرر إطلاقها نهاية ديسمبر الجارى، بالإضافة إلى السردية الوطنية الجديدة والحزمة الثانية من الإصلاحات الضريبية.
وثيقة سياسات ضريبية جديدة لمدة 5 سنوات: بحسب شريف الكيلانى، نائب وزير المالية، تخطط مصر لإطلاق وثيقة للسياسات الضريبية تضع أمام المستثمرين كافة التحركات بما يتوافق مع السردية الاقتصادية الجديدة، من حوافز وإجراءات اقتصادية تُسهل على اتخاذ قرار الاستثمار فى مصر.
 أول مراجعة لتمويل برنامج المناخ
من المتوقع أن يجرى الصندوق أول مراجعة لبرنامج تمويل المناخ لصرف شريحة أولى ضمن برنامج بقيمة 1.3 مليار دولار لمتابعة تحركات الحكومة للالتزام بالأهداف المناخية.
ومن المقرر أن تسفر المراجعتين الخامسة والسادسة عن صرف مصر نحو 2.7 مليار دولار قيمة الشريحتين، إلى جانب الشريحة الأولى لبرنامج الصلابة والاستدامة.

أبرز المؤشرات:

ارتفاع القدرات الإنتاجية بقطاع البترول بما يوفر نحو 6.7 مليار دولار من فاتورة الاستيراد

نمو الاستثمارات الخاصة بنسبة بلغت 25.9 % لتستحوذ على 66 % من إجمالى الاستثمارات

قناة السويس تحقق نموًا إيجابيًا بلغ 8.6 % لأول مرة منذ عام ونصف العام

ارتفاع الاحتياطى النقدى إلى 50 مليارًا و«المركزى» يستهدف 55 مليار دولار

توقعات بإغلاق العام على عدد سائحين يبلغ 18.5مليون سائح

ارتفاع التحويلات النقدية للمصريين بالخارج إلى مستويات تخطت 30 مليار دولار

النتائج أظهرت:

ارتفاع حجم إنتاج الهواتف المحمولة فى مصر إلى أكثر من 10 ملايين جهاز خلال عام 2025 مقارنة بنحو 3.3 مليون جهاز فى العام الماضى

سجلت صناعة المركبات ذات المحركات نموًا بنحو 50 %

صناعة المواد والمنتجات الكيماوية قرابة 44 %

صناعة المشروبات نحو 37 %

صناعة الأثاث حوالى 34 %

صناعة المستحضرات الصيدلانية والكيميائية والدوائية نحو 19 %

صناعة الملابس الجاهزة نحو 17 % إلى جانب زيادة الصادرات بنسبة 20.6 %