عود على بدء، مرة أخرى مع جمعية الصعيد للتربية والتنمية ولكن بتفاصيل ومستندات أكبر وتساؤلات أكثر، حيث تلقيت ردًا من الجمعية تم نشره بالكامل على بوابة روزاليوسف، فى نفس مكان نشر مقالى السابق، وهو رد لا يتجاوز كونه كلامًا مرسلًا من دون أى مستندات تؤكد ما جاء فيه، وإن أجاب على بعض التساؤلات إلا أنه طرح تساؤلات أكثر، أما ما يلفت النظر فى هذا الرد هو تجاهله موضوعًا أساسيًا كان ضمن مقالى السابق حول القضية التى خسرتها الجمعية وصدر حكم فيها بتغريم رئيس مجلس الإدارة وأمين الصندوق ألفى جنيه لكلٍ منهما وإلزامهما برد أموال ضخمة ودفعها لصندوق إعانة الجمعيات الأهلية، عبارة عن تمويلات أجنبية تم الحصول عليها دون موافقة الجهات المسئولة «وزارة التضامن» خلال الفترة من عام 2015 وحتى 2017. وخسرت الجمعية القضية سالفة الذكر فى جميع مراحل التقاضى، من خلال الحكم الابتدائى لمحكمة جنح الظاهر الجزئية فى جلستها بتاريخ 25 فبراير 2018، وحكم محكمة استئناف غرب القاهرة رقم 3902 لسنة 2018، ثم الحكم البات الصادر عن محكمة النقض الدائرة 13 بتاريخ 14 نوفمبر 2023. وحدة مكافحة غسل الأموال وتعود قصة القضية إلى ملاحظة وحدة مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب لحركة التدفقات النقدية الواردة من الخارج «التمويل الأجنبي» فى حساب الجمعية فى بنك «سى آى بي»، وفق الخطاب الصادر عن الوحدة برقم 16337 يفيد بتلقى جمعية الصعيد للتربية والتنمية العديد من التحويلات من جهات بالخارج بمبالغ ضخمة دون تقديمها جميع التصاريح والموافقات اللازمة لذلك. تلا ذلك تحريات الرقابة الإدارية، حيث أوضحت التحريات أنه من الفحص تبين عدم حصول الجمعية على موافقة وزارة التضامن على بعض المنح الواردة من بعض الجهات الأجنبية منها على سبيل المثال: (Jugendwerk Oestirr) , (KATH) , (Katholische zentralst) , (The European Commission) وفى جلسة 28 يونيو 2018، قضت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان المبالغ الواردة للجمعية محل الاتهام والجهات الواردة منها وإذا ما كانت الجمعية حصلت على الموافقات من عدمه، وكذلك الاستماع إلى دفاع المتهم وسماع أقواله وفحص اعتراضاته. تقرير الخبراء وخلص خبراء وزارة العدل بعد فحص سجلات الجمعية إلى أن هناك مبالغ وردت بموافقات وزارة التضامن لكنها غير مدرجة فى السجلات الخاصة بتلقى المبالغ الواردة من الخارج خلال السنوات من 2015 إلى 2017، وأنه تعذر تتبع قيم المنح الواردة بكشوف الحساب المقدمة من البنك التجارى الدولى «سى آى بي» لعدم تحديد تاريخ ظهور كل مبلغ بكشف الحساب المقدم، وعدم تحديد اسم الجهة المانحة أمام كل مبلغ دائن بكشف الحساب، فضلًا عن أن السجل المقدم بمعرفة الجمعية (سجل تلقى المبالغ الواردة من الخارج) ثابت به وجود حسابات لدى بنك الإسكندرية غير مقدم عنها كشوف حسابات، فى حين سبق أن أوضحت الجمعية أن حساباتها لدى البنك التجارى الدولى فقط. تمويلات غير مدرجة ووفقًا لتقرير خبراء وزارة العدل، فإن إجمالى المبالغ التى حصلت فيها الجمعية على موافقة وزارة التضامن لكنها غير مدرجة بسجل تلقى المبالغ الواردة من الخارج خلال السنوات من 2015 على 2017، بلغت 652891.19 يورو، 9000 فرنك سويسرى، 13200000 جنيه مصرى، وبتحويل العملات الأجنبية إلى الجنيه المصرى بالسعر الحالى فإن إجمالى هذه المبالغ بلغ 51625689 جنيهًا (51 مليونًا و625 ألفًا و689 جنيهًا). أما التمويل الأجنبى الوارد فى حسابات بنك الإسكندرية ولم يدون فى سجلات المبالغ الواردة من الخارج فبلغ، 439781.56 يورو، 104604.5 فرنك سويسرى، 39292 دولار أمريكى، 133501 دولار كندى، وهى ما توازى بالسعر الحالى لتلك العملات 40649461.48 جنيه (40 مليونًا و649 ألفًا و461 جنيهًا). ووفقًا لتقرير خبراء وزارة العدل، فإن المبالغ التى حصلت عليها الجمعية دون موافقة وزارة التضامن، أو حصلت عليها بعد مرور المدة القانونية المحددة، بلغت 882477.23 يورو، 47985.37 فرنك سويسرى، 23996 دولارا، بما يوازى 55258771 جنيها (55 مليونًا و258 ألفًا و771 جنيهًا) وفقًا لأسعار العملة الحالية.
وزارة التضامن وبمطالعة تقرير الخبراء، يظل العديد من الأسئلة بحاجة للإجابة عليها من قبل وزارة التضامن، من أبرزها هل تم تنفيذ الحكم؟ وما هى الإجراءات المتخذة تجاه الجمعية؟ وإذا لم يحدث ذلك فلماذا لم يتم تنفيذ الحكم حتى الآن وقبل أن يسقط الحكم؟ ولماذا لم تقم الوزارة بمراجعة السنوات السابقة واللاحقة لتلك الفترة محور الدعوى القضائية خصوصًا أن تقرير الخبراء أوضح أنهم لم يتحصلوا على مثل هذه التقارير لمعرفة إذا ما كانت هناك تمويلات خارجية لم تحصل على الموافقات من عدمه؟ ولماذا لم تستوضح الوزارة الأمر بشأن الحسابات الموجودة ببنك الإسكندرية وغير مدرجة بكشوف الحسابات الخاصة بالتمويل الأجنبى؟ وماذا عن المبالغ التى رصدها الخبراء وسبق الحصول على موافقات بشأنها لكنها غير مدرجة أيضًا؟ أصول الجمعية نعود إلى الرد المرسل من الجمعية ولنا عليه بعض الملاحظات أهمها عدم توثيقه بأى مستندات، إذ أوضحت الجمعية أن الأرض المملوكة لها فى البياضية بالمنيا «غير لازمة للنشاط»، وهو مبرر ضعيف للبيع، كما أوضحت أن إجراءات البيع تمت وفقًا للقانون، وهنا السؤال: هل تمت الدعوة لعقد جمعية عمومية للحصول على موافقتها للبيع ومتى تم ذلك وكم عدد الأعضاء الذين وافقوا وهل تم إخطار جميع أعضاء الجمعية العمومية بشكل رسمى، وكيف تم ذلك؟ والشيء بالشيء يذكر، هناك سؤال بشأن مصير شقة ملك الجمعية وأخرى كانت مقرًا لها فى عمارة عيروط بشارع رمسيس، وكيف تم طرد الجمعية من مقرها القديم؟ أيضًا هناك سؤال بشأن حقيقة ضياع فيلا مملوكة للجمعية فى بلطيم؟ وهل استردت الجمعية هذه الفيلا؟ ومن ثم فإن الجمعية مطالبة بتفسير أسباب ومبررات تآكل أصولها العقارية. لا مدارس جديدة وفى شأن ما ذكرناه فى المقال السابق بشأن عدم بناء مدارس جديدة، جاء رد الجمعية معممًا يخلط بين الترميم والتطوير والهدم وإعادة البناء أو حتى إضافة فصول للمرحلة الإعدادية فى بعض المدارس، فى حين أن ما ذكرناه كان عن المدارس الجديدة، وما لفت انتباهى ذكر مدرسة النصر بالمنشأة الكبرى أسيوط، ضمن المدارس المنشأ بها مبانٍ جديدة وللمصادفة فإننى من المنشأة الكبرى بل أن منزل العائلة مواجه للمدرسة لا يفصل بينهما سوى بضعة أمتار والمدرسة تم إنشاؤها منذ سنوات طويلة وقبل تولى مجلس الإدارة الحالى مهامه، ولعل ما تم بالمدرسة عمل سلم طوارئ وربما بعض الإضافات الصغيرة الأخرى، فى حين تم ذكرها فى الرد كما لو كانت ضمن الإنشاءات الجديدة، ومن ثم يبقى عدد المدارس ثابتًا ولم يتم إنشاء مدارس جديدة تمثل إضافة توسعية لخدمات الجمعية وهو ما أكدنا عليه فى مقالنا السابق، كما لم تقدم الجمعية بيانات واضحة بما تم فى كل مدرسة جاء ذكرها فى الرد ضمن الإنشاءات الجديدة. دعم بارتاج
كما ذكرت الجمعية أن 60 فى المائة من طلبة 35 مدرسة نظامية تابعة لها يحصلون على منح دراسية كاملة ودعم جزئى، وذلك دون تقديم مستندات تدل على ذلك فى حين أن مصدرًا مسئولًا داخل الجمعية أكد أن الإعفاءات تقدم لنحو 20 فى المائة من الطلبة بما يوازى نحو عشرة فى المائة فقط (نحو 10 ملايين جنيه) من قيمة المصروفات الدراسية التى يدفعها الطلبة والتى تختلف من مدرسة إلى أخرى وتتراوح قيمتها بين 6 آلاف إلى 10 آلاف جنيه، ومن ثم كان على الجمعية إرفاق المستندات الدالة على ما ذكرته، ولم تذكر الجمعية فى ردها ثمن الكتب الدراسية التى تشتريها من وزارة التربية والثمن الذى تبيعها به للطلبة، وكذلك ثمن الزى المدرسى خصوصًا أن هناك العديد من أولياء الأمور يشكون من ذلك.
أيضًا فإنه بالإضافة إلى عدد من جهات التمويل الخارجى، هناك هيئة بارتاج الفرنسية التى أوضحت عبر موقعها الإلكترونى أنها تقدم دعمًا كبيرًا ل 19 مدرسة منها 12 مدرسة نظامية من بين ال35 مدرسة المملوكة للجمعية، بما يوازى 45 % من إجمالى طلبة المدارس البالغ عددهم (نظامى وموازي) وفقًا لرد الجمعية 14600، إذ يشير موقع بارتاج إلى أنهم يدعمون تعليم 6665 طالبًا فى 12 مدرسة نظامية، بالإضافة إلى 7 مدارس تعليم مواز]، ناهينا عن تمويلات جهات بارزة مثل إيبارشية كولونيا وإيبارشية ميونخ وهيئة إنقاذ الطفولة ومسيو ألمانيا، والطفولة المقدسة فى ألمانيا، والجمعية الصيرافية فى سويسرا، وجمعيات أصدقاء جمعية الصعيد فى أوروبا وكندا وأمريكا، ناهينا عن التبرعات من داخل مصر إلخ…
الأسئلة كثيرة بحاجة لتوضيح بالمستندات الموثقة ومنها ميزانيات الجمعية وحجم التمويل الأجنبى والمحلى وأوجه تخصيصه وكيفية صرفه، معتمدة من مكتب محاسبى معتمد وفقًا للأسس المتبعة فى مثل هذه الأحوال، وذلك حرصًا على إعلاء مبدأ الشفافية، بدلًا من الاسترسال فى التعريف بأنشطتها دون توثيق بأى مستندات. وللحديث بقية إن شاء الله. 3