رغم المطالبات المتكررة من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى للبرلمان على مدار سنوات بضرورة الإسراع بإخراج قانون الإدارة المحلية للنور تمهيدًا لإجراء انتخابات المحليات، وضبط منظومة الإدارة المحلية فإن مشروع القانون ظل طوال 3 سنوات حبيس الأدراج فى المجلس نظرًا لازدحام أجندته التشريعية أو تحريًا للمواءمة السياسية فى ظل ظروف غير مستقرة عانتها البلاد فى فترات سابقة. أخيرًا قرر المجلس إخراج القانون للنور، إذ تناقش الجلسة العامة للمجلس يوم الأحد القادم تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإدارة المحلية ومكتبى لجنتى الشئون الدستورية والتشريعية، والخطة والموازنة عن مشروع القانون المُقدم من الحكومة فضلاً عن ثلاثة مشروعات قوانين قدمها النواب: محمد عطية الفيومى و63 عضوًا آخرين، والمهندس أحمد السجينى والدكتور محمد فؤاد و85 عضوًا آخرين، وعبد الحميد كمال و59 عضوًا آخرين، إلى جانب اقتراح بقانون مُقدم من النائب عبدالمنعم العليمى فى ذات الموضوع. استغرق عمل اللجان 70 اجتماعًا منذ عام 2016، وشهدت هذه الاجتماعات جلسات استماع إلى آراء الخبراء فى مجال الإدارة المحلية، والوزراء والمحافظين الحاليين والسابقين، والأحزاب، والشباب، ومنظمات المجتمع المدنى العاملة بمجال الإدارة المحلية. ويعد مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد واحدًا من أهم التشريعات المنتظر إصدارها من مجلس النواب نظرًا لضرورة نفاذ الاستحقاقات المنصوص عليها فى الدستور لا سيما المادة 242 منه، ويهدف المشروع إلى تنظيم أشكال الوحدات الإدارية والقواعد الخاضعة لها وتشكيلها وآلية عملها وعلاقة كل منها بما يعلوها أو يدنوها بالتدرج الإدارى بما يتفق مع نص المادة 175 من الدستور، كما يحدد المشروع قواعد انتخاب المجالس المحلية، ويضع تعريفات محددة للفئات المنصوص عليها فى الدستور والمحدد لها حصص معينة. يأتى القانون فى إطار سعى الدولة إلى حوكمة الإدارة المحلية، مستهدفًا ترسيخ اللامركزية الإدارية، وتحقيق أساليب الحكم الرشيد القائم على توزيع الاختصاصات والسلطات بين أجهزة الدولة المختلفة، كما سيكون بوابة لتحقيق التنمية الشاملة فى المحافظات وتعظيم مواردها الذاتية، ويستهدف المشروع الذى يضم 153 مادة، إعادة هيكلة المحليات وإحداث طفرة ونقلة نوعية فيها، والتحول إلى نظام اللامركزية «بالتدريج»، وتطوير وتأهيل العناصر البشرية واستغلالها بالشكل الأمثل، وتدريبها على تفعيل نظام اللامركزية. كما يستهدف تطبيق اللامركزية المالية كما نص الدستور، وستكون بجدول زمنى، وحوكمة الإدارة المحلية فى مصر، وتحقيق رؤى إيجابية نحو القضاء على البيروقراطية والفساد، فتضمن نصوصًا تحقق اللامركزية وتعطى سلطات مالية وإدارية للوحدات المحلية، ويلزم المشروع الجديد بميكنة الخدمات فى الوحدات المحلية خلال مدة 3 سنوات، مما يقضى على البيروقراطية والروتين ويؤدى لسرعة إنجاز مصالح واحتياجات المواطنين. ويتبنى هذا المشروع تنظيم آلية الانتخاب ويحدد حقوق وواجبات أعضاء المجالس المحلية ونظم سير العمل فى هذه المجالس، كما يقوم المشروع وتأسيسًا على الدستور بتنظيم أشكال الوحدات الإدارية والقواعد الخاضعة لها سواء من حيث تشكيلها وآلية عملها وعلاقة كل منها بما يعلوها أو يدنوها فى التدرج الإدارى، وذلك من خلال الأخذ بنظام المجلسين- أحدهما منتخب «المجلس المحلى» والآخر بالتعيين «المجلس التنفيذى»، وذلك لفصل الرقابة عن التنفيذ، والانتقال إلى اللامركزية المالية العامة للدولة وفق برامج زمنية محددة. ينص القانون الجديد على التدريب والتأهيل المسبق لرؤساء الأحياء والمدن والقرى والسكرتيرين العموم والمساعدين من خلال إنشاء أكاديمية علمية متخصصة تعمل على تأهيل وتدريب القيادات المحلية وتكون معتمدة من قبل وزارة التعليم العالى. ووفقًا للقانون الجديد سيتم تشكيل المجالس المحلية بالانتخاب بحيث تتضمن 25 % من المقاعد للشباب، و25 % للمرأة، وألا يقل تمثيل العمال والفلاحين عن ثلثى عدد مقاعد القائمة، على أن يمثل كلّ من المسيحيين وذوى الإعاقة تمثيلاً مناسبا، وستكون آلية انتخاب المجال المحلية 25 % بالنظام الفردى، 75 % بنظام القائمة المغلقة المطلقة. وتضمن المشروع الجديد مميزات عديدة لم تتوافر فى القانون الحالى رقم 43 لسنة 1979، حيث حدد اختصاصات المجالس المحلية فى متابعة تنفيذ خطط التنمية ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، باستخدام الأدوات الرقابية التى نص عليها الدستور، لاستخدامها فى الرقابة على الأجهزة التنفيذية المحلية، ومن ضمن هذه الأدوات الاستجواب الذى قد يؤدى لسحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، فضلاً عن بعض الأدوات الرقابية الأخرى مثل توجيه الأسئلة وطلبات الإحاطة، كما يمنح المحافظين اختصاصات وصلاحيات واسعة لعدم غل يدهم فى اتخاذ القرارات. وقال محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، إن حل الكثير من المشكلات فى مصر، يكمن فى إدارة محلية رشيدة، لذا تقدم هو والنائب أحمد السجينى فى أبريل 2016 بقانون الإدارة المحلية، موضحًا أنهما قد عكفا على العمل عليه قبل دخولهما البرلمان، وكان بمثابة إنجاز أن ينهيا القانون، خاصة وأنه مهم جدًا للدولة المصرية. وأشار فؤاد إلى أنهم أمام أزمة حقيقية، لأن غياب التمثيل المحلى يحدث انفصالاً كبيرًا عن متطلبات المواطنين وواقع الشارع، فيتوجه المواطن لعضو مجلس النواب بدائرته ويقدم له طلبات خاصة بالشأن المحلى، يعجز هو وغيره من النواب عن تحقيقها بالكامل، لأنها تتطلب وقتًا وجهدًا يعجز نائب أو اثنين بالدائرة عن تحقيقها. وأضاف «فؤاد» فى تصريحات لروزاليوسف، أن مشروع القانون يهدف إلى تطبيق فكرة اللامركزية الإدارية والمالية بالمحافظات، وأن تكون الوحدات المحلية قائمة بذاتها، من خلال توفير موارد خاصة لهم، مؤكدًا أن ذلك سينعكس إيجابيًا على مستوى معيشة المواطن، لأنها مرتبطة بمدى كفاءة الوحدة المحلية على الاستفادة من مواردها، التى يمكن تنميتها محليا. وأشار «عضو مجلس النواب» إلى أن مشروع القانون يتضمن نسبة 50 % للشباب والمرأة، وهى جيدة للغاية، لأنها ستكون بمثابة مدرسة لتخريج كوادر نيابية، ما سيساهم فى وضع أسس كبداية ممارسة سياسية صحيحة، وبذلك نستكمل أهداف ثورة 30 يونيو، بوجود حياة سياسية حقيقية، يشارك بها الشباب بشكل قوى. ومن جانبه، قال المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق: إن صدور قانون الإدارة المحلية مهم للغاية فى الفترة المقبلة، لدعم خطط عمل رؤساء الإدارة المحلية، وحتى تجرى انتخابات المحليات لتمارس المجالس المحلية دورها الرقابى، حيث تعد بمثابة برلمان للسلطة التنفيذية بالمحافظات، له جميع الصلاحيات كالمساءلة وتقديم طلب إحاطة وطرح استجواب للمحافظ أو رئيس الإدارة المحلية. وأشاد «عطية» فى تصريحات لروزاليوسف، بالبند الخاص بإنشاء أكاديمية للإدارة المحلية، حيث ستعد الكوادر الشبابية المدربة على عمل الإدارة المحلية، موضحًا أنه أثناء قيادته لوزارة التنمية المحلية، أعد مشروع قانون للإدارة المحلية، مدرج به إنشاء معهد قومى للإدارة المحلية، يهدف لتعليم وتدريب الشباب، وعليه فلا يتم التعيين فى الإدارة المحلية إلا من خريجى المعهد، الذين يتحصلون على ماجستير مهنى. وأشار وزير التنمية المحلية الأسبق، إلى أن اللامركزية التى يهدف إليها مشروع القانون ستتيح للمحافظ بأن يكون رئيسًا للجمهورية بمحافظته، وكذلك رؤساء الأحياء والمراكز فى نطاق وحداتهم، وهذا بدوره سيحقق استقلالاً ماديًا واستثماريًا للموارد المالية الموجودة بالمحافظة، مما يسهم فى تطوير كل المحافظات ذاتيًا. وعن نسبة تمثيل الشباب فى المجالس المحلية، أوضح أن النسبة جيدة، وأنها ستكون بمثابة مدرسة لتدريب الشباب على القيادة السياسية، مؤكدًا أن المحليات هى عصب الدولة، ولو صلحت ستصلح كل مرافق الدولة.