انطلق عام دراسى جديد، منذ أيام، تزامن معه ظهور أزمات تتجدد مع بداية كل عام «التكدس، عجز المدرسين، صعوبة المناهج، ارتفاع المصروفات»، كما ظهرت تحديات أخرى ما زالت تواجهها وزارة التربية والتعليم، لا سيما بعد تطبيق منظومة التابلت على طلاب الثانوية العامة، تمثلت فى حالة القلق لدى عدد كبير من أولياء الأمور من كفاءة تطبيق النظام الجديد. «روزاليوسف» زارت إحدى المدارس الابتدائية فى أول يوم دراسى لترصد الأجواء هناك، وتستمع من أولياء الأمور إلى التحديات التى تواجههم، كما انتقلت إلى إحدى المدارس الثانوية، تحديدًا الصف الأول الثانوى، لترى ردود الأفعال حول منظومة التابلت الجديدة. 135 طالبا بالفصل فى «مجمع القلج» السادسة والنصف صباحًا، الشوارع فى أوج نشاطها، الأطفال يسيرون مبتهجين، بقايا نسمات الهواء تداعب وجوههم وهم يستقبلون عامهم الدراسى الجديد، استقر أولياء الأمور أمام بوابة مدرسة «مجمع القلج القديم الابتدائية» التابعة لمركز الخانكة بمحافظة القليوبية ينتظرون لحظات دخول أبنائهم، بينما كان يأتى آخرون من كل حدبٍ وصوبٍ، يعبرون السكة الحديد فى حذر خوفًا من قدوم القطار، مضت دقائق وفُتحت بوابة المدرسة لاستقبال الطلاب، ظل أولياء الأمور فى الخارج يلوحون لأبنائهم ويودعونهم، بينما اتجه الصغار لأداء طابور الصباح. مضت الساعات الدراسية ثقيلة على أولياء الأمور الذين جلسوا لانتظار خروج أبنائهم، حيث يقطنون فى أماكن نائية عن المدرسة، دقت الساعة معلنة الحادية عشرة والنصف صباحًا، جاء موعد انصراف التلاميذ، وتزامن معه حالة من الزحام والتكدس والفوضى «تكاتك، ميكروباصات، تروسيكلات» وسائل مواصلات مختلفة تقل الطلاب إلى منازلهم، مشهد يتكرر كل عام، وتتكرر معه أيضًا أزمات الدراسة التى يواجهها الطلاب وأولياء الأمور معًا. «سمية أحمد» إحدى أولياء الأمور أكدت أن كل فصل بالمدرسة يحتوى 100 طالب، وحين تقدموا بشكوى للمدرسة، تم تقسيم طلاب المرحلة الابتدائية إلى فترتين لحل مشكلة التكدس، لكن الأمور ظلت كما هى، تقول: الصبح من سنة أولى لسنة ثالثة، وبعد الظهر من سنة رابعة ل «ستة ابتدائى»، وللأسف الفصول والأعداد زى ما هى، وهناك فصول فارغة فيها ديسكات ويقولون: أصل مفيش مدرسين، مفيش فراشين بالمدرسة والعيال اللى بيلموا الورق، الفترة الأولى بتخرج 11 ونص وكى جى الساعة 1، والفترة التانية 4، وأنا معايا 3 أولاد بروح وبرجع 3 مرات كل يوم. بجوار مدرسة «مجمع القلج»، توجد مدرسة «عمر بن عبدالعزيز» للمرحلة الإعدادية، ويكون موعد انصراف المدرستين فى آن واحد مما يضاعف التكدس، أما «عبير سيد» أوضحت أن المدرسة تستقبل تحويلات أيضًا رغم صغر مساحتها وكثرة عدد الطلاب بها: «المدرسين عددهم قليل جدًا، والمناهج صعبة، وفى مبانى وفصول فاضية بيحصل فيها كوارث وتحرش بس بيدارو على كل ده»، بينما عبّرت «هناء محمود» عن تذمرها من ارتفاع المصروفات قائلة: «المصاريف رفعوها من 90 ل160 جنيها، وأنا عندى 3 عيال هجيب منين ده غير مصاريف الدروس». مشيرة إلى أن العام الماضى لم يستطع المدرسون إنهاء المنهج فى الوقت المحدد له، بسبب اتساعه على السنة الدراسية: «إزاى الوزارة عاوزة تلغى الدروس الخصوصية وهى بتعقد المنهج للطلبة، وبعد ما قسموا الفترتين قالولنا هنحط 80 طالب فى الفصل والمشكلة زى ما هى وبنتى جت تقولى إنها ملقتش مكان تقعد فيه». قلق أولياء الأمور من منظومة التابلت بالانتقال إلى مدارس الثانوية العامة، تحديدًا مدرسة «الشهيد أحمد راضى الزياتى» نجد أن الأزمات تنحصر فى ارتفاع المصاريف وعدم تقبل أولياء الأمور لنظام التابلت: «منى محمد» أكدت أنها منفصلة، ورغم ذلك طالبتها المدرسة بدفع 1200 جنيه و600 آخرين لصندوق تحيا مصر: «بندفع جزء من المصاريف فى المدرسة والجزء الآخر فى البوسطة وده صعب وبهدلة لينا، ونفسى يجبولى إعفاء من المصاريف لأن معايا 3 أطفال بصرف عليهم لوحدى، ومدخلة بنتى ثانوى خدمات». ولى أمر الطالب «عبدالرحمن غلاب» ترى أن منظومة التابلت فاشلة لأن الأجهزة والمدرسين والطلاب غير مدربين عليها: «ابنى فى أولى ثانوى ونفسى ميطبقش عليه إلا لما يغيروا الأجهزة ويحلوا مشكلة الشبكات اللى بتفصل والامتحان شغال، لأن طلبة كتير ضاعت بسبب كده، ونظام التابلت مش هينفع معانا إلا لو كان عندنا شبكة نت محترمة بالمدارس». «سعاد عبدالله» ترى أن نظام التابلت سيحقق نجاحا كبيرا إذا تم التعامل مع مشكلاته بشكل صحيح: «بنتى فى أولى ثانوى السنة دى، هى لسه مستلمتش التابلت لحد دلوقت، ولما سألت أولياء أمور الطلبة الأكبر منها قالولى المشكلة إن النت بيفصل ودى للأسف مشكلة عامة فى مصر»، وعن طريقة دفع المصروفات أبدت استياءها من النظام الذى فرضته الوزارة: «لسه مش عارفة هدفع المصروفات فى البوسطة ولا بالفيزا طيب ما يسمحوا للبنوك تعمل فيزا باسم كل طالب أو ولى أمر لأن فى ناس كتير مش عندها حساب بنكى». عجز المدرسين ما زال مستمرًا فى فبراير الماضى وافق الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، على فتح باب التقدم للوظائف التعليمية فى جميع المديريات التعليمية، وفقًا للتخصصات التى حددتها الوزارة، لسد العجز فى المعلمين فى المدارس، على أن يكون التعاقد مؤقتًا للفصل الدراسى الثانى فقط، وهدف هذا القرار إلى خدمة 260 ألف معلم ومعلمة بمختلف محافظات الجمهورية، ولكن ظلت الأمور كما هى ولم تعقد المسابقة رغم انطلاق العام الجديد. وقال النائب بسام فليفل، عضو مجلس النواب، إنه سوف يتابع مع بداية العام الدراسى الجديد الحلول والخطط التى طرحتها الوزارة لحل أزمة عجز المعلمين بالمدارس، مؤكدًا أنه لا بد من القضاء عليها فى جميع أنحاء الجمهورية، وأن تقوم الوزارة بعمل حصل دقيق لجميع المدارس لتتعامل بشكل صحيح وشامل مع العجز، وفى أغسطس من العام الجارى أكدت الوزارة أنها تنتظر الحصول على الموافقات اللازمة لتعلن عن مسابقة تعيين المعلمين لتسد العجز، ولم تعلن الوزارة عن أى معلومات عن المسابقة فى ذلك الوقت، رغم أنها أعلنت قبل أشهر عن نيتها فى عقد المسابقة لسد العجز فى بعض التخصصات الذى يصل إلى نحو 65 ألف معلم. القضاء يرفض وقف تنفيذ منظومة التابلت بدأت أزمة أجهزة التابلت بالتزامن مع عقد أول امتحان بالفصل الدراسى الثانى فى 24 مارس الماضى، أجرى الامتحان إلكترونيًا باستخدام جهاز التابلت، وكان امتحان أساسى يتطلب النجاح للانتقال للصف الثانى الثانوى، كما أدى الطلاب الامتحان فى الفصول أثناء وجود مراقب، فنى، وأخصائى تطوير تكنولوجى، ولكن تحولت التجربة إلى أزمة كبيرة بعد وقوع السيستم مرتين أثناء عقد الامتحانات، لذا عقد الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم مؤتمرا أكد فيه أن الامتحانات كانت تجربة وليس عليها درجات، والهدف منها الوقوف على التحديات التكنولوجية. تمسك أولياء الأمور برأيهم معترضين على منظومة التابلت، وقاموا بتقديم طعن ضد وزير التربية والتعليم ورئيس مجلس الوزراء لإلغاء نظام التابلت والعودة إلى النظام القديم، وحجزت محكمة القضاء الإدارى على الطعن رقم 41624/73، وبعد أشهر أعلن شوقى بدء تسليم التابلت للدفعة الجديدة لطلاب الصف الأول الثانوى على دفعات، مؤكدًا أنه تم تزويد المدارس بشاشات ذكية، وأن اختبارات العام الجارى ستكون إلكترونية أيضًا للصفين الأول والثانى الثانوى، بعد انتهاء تجهيز باقى المدارس الثانوية بشبكات «واى فاى». وفى سبتمر الجارى قبلت محكمة القضاء الإدارى شكلا الدعوى المقدمة من أولياء الأمور الخاصة بإلغاء تطبيق نظام التابلت، ورفضت طلب وقف التنفيذ فى الشق العاجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد التقرير القانونى بالرأى القانونى به. رئيس قطاع التعليم: لا تراجع عن التابلت من جانبه، قال الدكتور رضا حجازى، رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، إن أولياء الأمور يشتكون من ثقل وكثافة المناهج، لذا تخلصت الوزارة من الحشو الموجود بأكمله فى العام الماضى وبنت المناهج على 4 محاور وهى «من أنا، كيف يعمل العالم، العالم من حولنا، التواصل»، مؤكدًا أن جميع المواد تدور فى نفس المحاور حيث تكاملت المعرفة مع بعضها ليتم التركيز على الأنشطة وهذه فكرة هامة فى نظام التعليم الجديد، وفيما يخص أزمة عجز المدرسين أوضح أن الوزارة لديها الآن إحصائيات وتعمل على تدارك الأزمة. وأشار حجازى إلى أن الوزير أعلن عن الكتب المدرسية المتأخرة وهى «كونكت بلس» للصف الثانى الابتدائى، موضحًا أن الوزارة سوف تعرض فصلين من الكتاب على الموقع الخاص بها ليشرح منه المعلمون لحين الانتهاء من الطباعة، وهذا الكتاب مقرر لجميع طلاب مصر بداية من مرحلة الحضانة «كى جى» حتى الصف الثانى الابتدائى وهو مستوى رفيع لا يضاف للمجموع، وبالحديث عن منظومة التابلت نوه إلى أن طلاب الثانوية سوف يستلمون الكتب المدرسية مع التابلت الذى يحتوى على مصادر تعليمية متعددة ومتنوعة. وشرح رئيس قطاع التعليم العام نظام بنك الأسئلة الذى يطبق هذا العام، وهو عبارة عن مجموعة من الاسئلة بمواصفات معينة، يدخل السؤال فى البنك من خلال البطاقة الخاصة به، ومن خلال ناتج التعلم يتم قياس السؤال، مجال السؤال، إجابة السؤال، مستوى السهولة والصعوبة، القدرة التميزية للسؤال، وذلك لأن الوزارة تهدف إلى تأهيل طالب متميز يفهم كل ما يدرسه ليتمكن من وضع بصمته فى المستقبل، ويطبق هذا النظام على الصفين الأول والثانى الثانوى.