مجلس الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    بدء فعاليات معرض العلاقات المصرية الروسية بدار الإفتاء المصرية    تراجع قوي لمؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات والمؤشر الرئيسي ينخفض ب 5.11%    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري    توريد 560 طن قمح لشون وصوامع الحيرة    جامعة سوهاج تفعل «الكروت الذكية» لتداول الوقود لتعزيز التحول الرقمي    علاء عابد: القمة المصرية البحرينية تأكيد على جهود مصر لوقف الحرب على غزة    برلين تستدعي سفير موسكو بعد توقيف جاسوسين روسيين    جوارديولا ضحية أنشيلوتى المفضلة فى الأدوار الإقصائية بدورى أبطال أوروبا    غضب في سموحة بعد الخسارة من الجونة وتراجع الترتيب.. والاستعداد للبلدية بدون راحة    تفاصيل جلسة رئيس بعثة الأهلي مع خالد بيبو    وكيل تعليم البحيرة يشهد ختام فاعليات القوافل المجانية لطلاب الثانوية العامة بالمحمودية.. صور    إصابة 14 شخصا في حادث تصادم سيارتين بأسوان    بعد 12 واقعة.. سقوط أخطر تشكيل عصابى تخصص فى سرقة العقارات بالقطامية    توقعات برج الحوت في النصف الثاني من أبريل 2024: فرصة لبدء مشروع جديد    متحف الإسكندرية القومي ينظم احتفالية عن الحرف التراثية بالمحافظات    وزارتا التخطيط والصحة تطلقان خدمة رسائل نصية لتوعية الأسر بمواعيد التطعيمات للمواليد الجدد    ريال مدريد يقترب من فقدان نجمه أمام برشلونة في الكلاسيكو    25 أبريل.. انطلاق دورة إعداد المدربين TOT في جامعة بنها    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    ضبط وإعدام أغذية فاسدة في حملة على المحلات التجارية بالوادي الجديد    الأب ضبط ابنته مع خطيبها.. ليلة مأساوية في شقة الوراق    إصابة 3 أشخاص في حريق مخبز بقنا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    وزارة النقل توقع مذكرة تفاهم مع «الغانم» الكويتية لتطوير ميناء برنيس    تفاصيل خطة جامعة حلوان لربط كيانات الجامعة وتعزيز التصنيف الدولي    خصم 30% على إصدارات «دار الكتب» بمناسبة اليوم العالمي للتراث    الفنان محمد رجب يخطف الأضواء في أحدث ظهور    أحمد عبد العزيز يعتذر عن انفعاله فى عزاء شيرين سيف النصر    طارق الشناوي: هشام ماجد أكمل انتصاره الرمضاني بفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة"    بعد نجاح تجربتها مع عمرو دياب.. هل تتجه منة عدلي القيعي للغناء؟    ما حكم الصوم نيابة عمَّن مات وعليه صيام؟.. تعرف على رد الإفتاء    مهدد بالسجن| سر غياب حسين الشحات عن المحكمة في قضية الشيبي.. وماذا طلب المحامي ؟    الأحد.. كشف مجانى بالعيادات الخارجية بطب أسنان جامعة المنوفية    هل يواجه التأمين الصحي الشامل قصورًا تشريعيا؟ برلمانية توضح    صحة المنيا توقع الكشف الطبي على 1632 حالة بالمجان    طفن إعادة التدوير.. ورشة لقصور الثقافة بمركز رعاية ذوي الهمم بالزيتون    تأجيل محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب ممدوح عباس    "سنواصل العمل معًا".. روما يعلن تجديد عقد دي روسي    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    البورصة المصرية، EGX يخترق 30 ألف نقطة وعودة العمليات التصحيحية بقوة ببداية جلسة اليوم    "كل همه يبروز ابنه".. أحمد سليمان يثير الجدل برسالة نارية    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    التموين تزف بشرى سارة عن أسعار السندويتشات في المحلات بسبب الرغيف السياحي    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    «تعليم البحر الأحمر» تجري تعديل على موعد امتحانات الصف الثاني الثانوي بسبب احتفالات عيد السعف    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    فلسطين.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة صوريف شمال الخليل    الجامعة البريطانية في مصر تعقد المؤتمر السابع للإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العوالم الافتراضية فى الدراما التليفزيونية
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 19 - 05 - 2018

إن الدراما بالفعل علم من العلوم الإنسانية خاصة فى عالم معاصر تداخلت فيه العلوم والفنون، وخلقت مسافات متداخلة اصطلح على تسميتها بالعلوم البينية وعلم النقد للفنون الدرامية هى علم متصل بالدراما، ظهرت نظرياته وتجلياته فى النقد المسرحى، ونقد السرد والنقد السينمائى، وفنون الأداء المعاصرة، إلا أن نقد الدراما التليفزيونية لم يحظ بحظ وافر خصوصا فى المجال النظرى لأنها صناعة لاتزال ناشئة مع بدايتها فى مطلع ستينيات القرن العشرين بالمقارنة بالصناعات الدرامية الإبداعية الأخرى، كما أن طبيعة المسلسلات الرمضانية الطويلة التى يستمر عرضها مدة طويلة يصعب إدراك تسلسلها الجزئى كل على حدة.
ولذلك فالوعى الجمالى بها وصفًا وتقييمًا مسألة تحتاج لمتابعة دقيقة لعلاقة الكل بأجزاء، وهى النظرة الأقرب موضوعيًّا للدراما التليفزيونية، حيث يجب الانتظار والتأمل للكل وأثره العام وطريقة البناء الفنى للدراما المكتملة، مع الوعى بضرورة تأمل الأجزاء -الحلقات المتتابعة-، بما تتيحه من نقد للممثل والمخرج والمناظر وعناصر الدراما الأخرى المسموعة والمرئية وهى مسألة ممكنة بشكل مثالى خلال الموسم السنوى الأكثر كثافة فى العرض والمشاهدة، حيث يصبح العالم الدامى الخيالى فى شهر رمضان هو موضوع الحكى الجماعى واهتمام الناس فى مصر والوطن العربى.
ولذلك يمكننا متابعة الجزئى ونقده والكتابة عنه إلا أن التحليل والتفسير والتقييم الموضوعى غير ممكن إلا بعد الإدراك الجمالى للدراما ككل.
ولذلك فما هو متاح من نقد الأجزاء على سبيل المتابعة هو تمهيد تطبيقى لاكتمال الرؤى النقدية بعد اكتمال الدراما ككل، ولعل أول ما يمكن أن يهدف إليه نقد الأجزاء تمهيدًا لنقد الكل المكتمل هى مخاطبة الجمهور العام قبل صناع الدراما والنخبة، والتواصل النقدى معهم بهدف إحداث خلخلة فى تقاليد المشاهدة والتلقى القائمة على الطاعة والامتثال والتى تعود إلى نظام تعليمى فى مراحله المتوسطة والعامة يرسخ التلقين؛ ويعطل مهارات العقل النقدى القادر على المناقشة والقبول والرفض، ذلك أن الدراما كعلم وصناعة ومعها النقد يجب أن يكون الهدف المباشر منها بالإضافة للإمتاع والتسلية والتخلص من العواطف السلبية الضارة، هو التشجيع على التلقى الفاعل عبر إثارة التفكير والمشاركة.
لأنه وفى حقيقة الأمر وبشكل نسبى يجب الاعتراف بأن الوطن العربى فى معظمه برغم تعرضه لموجات الحداثة وما بعدها وامتلاكه لتكنولوجيا المعلومات والاتصال كثيفة الانتشار، إلا أن البنية الاجتماعية والثقافية فيه لا تزال تحتاج إلى ممارسة حقيقية لمفاهيم الحداثة فى عالم معاصر، وواحدة من هذه المفاهيم المعاصرة هى تربية الذائقة الفنية القادرة على امتصاص التأثيرات الإيجابية للصور الدرامية الكثيفة، وليس مجرد تلقيها والامتثال لإعادة إنتاجها وتقليدها ومحاكاتها فى الحياة اليومية، كما لاحظنا جميعنا خلال السنوات الماضية، حيث أعاد عدد من المواطنين إنتاج مشاهد درامية عنيفة كما حدثت فى الصورة الدرامية.
وهى مسألة تحتاج لشرح وتفسير فنى ونفسى يجب إيضاحه للجمهور ولصناع الدراما معا لإدراك أهميتها ومدى قدرتها على التأثير فى الوعى العام، وأيضا فى اللاوعى الجماعى للجمهور.
لأن الصور وطريقة ارتداء الملابس وإطلاق اللحية أو الشعر بصيغة مميزة، والأفعال وردود الأفعال وحل الصراعات الدرامية وترتيب البيوت ووسيلة التفاعل مع الثروة والقوة والحب والنظرة للمرأة، وما إلى ذلك يناقشها الوعى، أما فائض الصور الكثيف فيبقى فى اللا شعور ويظهر بشكل لا إرادى فى تقمص الفرد خارج الدراما للبطل المحبوب الذى شاهد أفعاله، بل وتحدد تلك الصور مفاهيم اجتماعية عامة تحكم تقدير المجتمع لأفكار كالشرف والزواج والعمل والثورة والمواطنة، إنها الصور النمطية العامة صانعة الصور الذهنية.
إن هذا التقمص من الجمهور بشقيه الإيجابى والسلبى أمر حادث مع المسرح والسينما، لكنه حادث بطريقة أعمق مع الدراما التليفزيونية لسهولة وصولها عبر الشاشات اللامتناهية لجمهور كبير، وهذا التقمص يصل مع بعض الأفراد والجماعات الفئوية الخاصة ذات الوعى المحدود الذى لم يمارس التفاعل مع مصادر وعى جمالية أو ثقافية متنوعة، لدرجة التوحد، ويصل إلى أقصى مدى إذا ما ارتبط بنجم أو نجمة محل عشق وجاذبية طاغية.
ولذلك فإن واقع الصورة الدرامية من فرط كثافته وتعدده يكاد أن يخلق عبر العالم الافتراضى عالمًا موازيًا للعالم الواقعى.
وهو الأمر الذى امتد أثره إلى الألعاب الإلكترونية، حيث حدث لبعض من الناشئة درجة من التقمص بحثًا عن تميز ما وهربًَا من واقع ضاغط، ذهبت ببعضهم إلى حد سلب الإرادة ودفعهم لأفعال مذهلة وهو أمر حادث أيضا مع سحر فائض الصور فى العوالم الافتراضية على الشبكة الدولية للمعلومات، صور متنوعة وعلى رأسها الصور الأكثر إتقانا ألا وهى الصور الدرامية التى تحكم سلوك الناس ورؤيتهم للأمور، وإن بدت سهلة وعلى سبيل المشاهدة العادية.
ولذلك فيجب الاهتمام الثقافى وإعمال النقد الجاد الموضوعى فى الدراما التليفزيونية، لأنها الصناعة الدرامية الأكثر ثراء وتأثيرا الآن فى مصر والوطن العربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.