لم تفلح تبريرات حملة المباخر وضاربى الدفوف وقارعى الصاجات لتبرئة ميليشيات الكاتدرائية من كشافة و«بودى جاردات» من الاعتداء الأمنى على متضررى الأحوال الشخصية المستجيرين بالبابا تواضروس فى اجتماعه يوم الأربعاء قبل الماضى والذى وصفه الشعب القبطى ب«الأربعاء الأسود» حيث لم تقدم الكنيسة على مر تاريخها والحافل بالكثير من الأحداث المشابهة على الاستقواء بالأمن وما صاحب ذلك من محاولات لتلفيق قضايا وتهم باطلة لمتضررى الأحوال الشخصية بمعرفة أمن الكاتدرائية بقيادة اللواء نبيل رياض صاحب التاريخ الطويل فى الممارسات القمعية داخل الكاتدرائية ومثل كرة الثلج تنامى الغضب القبطى تجاه الكاتدرائية وقداسة البابا باعتباره المسئول الأول عن كل ما يحدث حول مقره البابوى. البابا استعان ببعض المقربين منه من خارج الكاتدرائية وطلب منهم تقصى الحقائق بشكل سرى وبأسرع وقت والعرض عليه تليفونياً دون مقابلات وبالفعل تم هذا، وأسفرت المعلومات التى توفرت لدى البابا من أكثر من شخصية مرموقة إلى انه كانت هناك مؤامرة دبرها الأنبا بولا لإثارة القلاقل حول البابا وساعد فى هذه المؤامرة ميليشيات الكاتدرائية التى ساعدت على تفاقم الأمور لتصل إلى اتهام أربعة أشخاص من متضررى الأحوال الشخصية من بعض محامى الكنيسة الذين بلغ عددهم ثمانية محامين مدفوعين من قبل أمن الكاتدرائية ببعض التهم الكيدية التى اتضح للنيابة عدم صحتها فأفرجت عن المحتجزين بكفالة هزيلة 100 جنيه لكل شخص . ∎ المواجهة الناعمة للبابا بعد أن توفرت تلك المعلومات لدى قداسة البابا قرر احتواء الخلافات وإرجاع الحق لأصحابه بل وحل مشكلة الأحوال الشخصية من جذورها بمعرفة شخصيات مدنية من خارج الكاتدرائية بعد فشل كل الأطروحات الكنسية التى تبناها الأنبا بولا وكانت سبباً فى تصاعد الأمور لما وصلت إليه وعلى الفور كلف قداسة البابا أحد كبار المحامين الثقاة وهو نبيل عزمى بوضع حلول مدنية يتوافق عليها الجميع وتمثل انفراجة لقضايا الأحوال الشخصية وكانت تعليمات البابا واضحة بالاستعانة بالنشطاء الأقباط فى هذا المجال وطرح مبادرات للحل يتوافق عليها ممثلون لحركات وائتلافات الأحوال الشخصية والعرض على قداسته شخصيا. ∎ مفاوضات جسر السويس تنفيذا لتعليمات البابا قام نبيل عزمى بالتواصل بكل النشطاء الأقباط المهتمين بالقضية ورموز متضررى الأحوال الشخصية وتم الاتفاق مع الجميع على إعداد مبادرات مكتوبة لمناقشتها والاستقرار على إحداها لتقديمها إلى البابا ليتخذ ما يراه مناسباً، وتم تحديد موعد لاجتماع سرى بمكتب عزمى بشارع الجيش بجسر السويس يحضره الجميع للتفاوض وفى يوم الثلاثاء الماضى التقى الجميع وعلى الرغم من حضور معظم ممثلى حركات متضررى الأحوال الشخصية إلا أنه تم طرح وثيقتين فقط الأولى قدمها نادر الصيرفى مقرر ائتلاف أقباط 38 والمرشح المحتمل على قوائم حزب النور فى الانتخابات القادمة الذى تم رفض وثيقته التى رأى المجتمعون أنها مبادرة مدفوعة من حزب النور لزيادة شق الصف بين الأقباط والكنيسة. أما الوثيقة الثانية فهى مبادرة قدمتها ميرفت النمر الناشطة الحقوقية وهى مبادرة مدنية كما تم توصيفها تهدف إلى تكريس سلطات الدولة المدنية على جميع المواطنين وعلى الرغم من أن المبادرة جاءت صادمة فى الكثير من أطروحاتها إلا أن الجميع توافق عليها رغم اعتراض مفوض البابا وراعى الاجتماع نبيل عزمى على بعض ما جاء بالمبادرة ولكن مع إصرار الجميع على طرح تلك المبادرة على البابا امتثل عزمى لرغبة الجميع وقرر المجتمعون تفويض وفد للقاء البابا يضم ميرفت النمر وجابر النخيلى وعادل صدقى على رأس هذا الوفد، مبادرة ميرفت النمر التى توافق عليها الجميع فى 9 صفحات بعنوان «مبادرة لفك الاشتباك بين الدولة والكنيسة ومتضررى الأحوال الشخصية رؤية مدنية». وكان أهم ما جاء بها أن الزواج الكنسى هو زواج مدنى لا علاقة له بإجراء الطقس الكنسى وانتهت المبادرة إلى: لا يجوز الاحتجاج بالمادة الثالثة للدستور على أن الزواج الكنسى أمر دينى الشكل القانونى للزواج المسيحى الحالى هو عقد عرفى يتم توثيقه الزواج مسيحياً بشريعة العقد هو أمر ممارس ومتعارف عليه ولا يحتاج إلى تقنين الزواج والطلاق حريات لصيقة بالمواطنين لا يجوز تقييدها بأى قانون الكاهن الموثق موظف عام بالدولة لا يستطيع الوفاء بالتزاماته كموثق ويخالف ضميره الكهنوتى يجب على الدولة إعادة حق توثيق عقود زواج الأقباط إلى مكاتب الشهر العقارى وسحب دفاتر التوثيق من الكنائس وإلغاء نظام الكاهن الموثق الزواج المسيحى هو زواج مدنى حسب شريعة العقد على أرض الواقع يختص القضاء بنظر كل المنازعات الناشئة عنه والجهات المختلفة بالدولة منوطة بتنفيذ تلك الأحكام كل فيما يخصه طقس الزواج الكنسى شأن كنسى خالص تجريه الكنيسة حسب المستقر فى عقيدتها والكنيسة ليس من اختصاصها إبرام العقود أو المواثيق وعملها روحى وكل كنائس المهجر تسير على هذا المنوال فلماذا تخلق الكنيسة وضعاً مختلفاً فى مصر. ∎ البابا يوافق على مقابلة المتضررين بعد انتهاء «مفاوضات جسر السويس» والذى توافق الجميع فيها على رؤية مدنية قام نبيل عزمى المحامى بإبلاغ البابا على ما اتفق عليه الجميع، فرحب البابا بهذا التوافق وقرر مقابلة الجميع فى الكاتدرائية عقب الاجتماع الأسبوعى له على أن يسبق هذا الاجتماع جلسة تمهيدية مع الأنبا دانيال أسقف المعادى ورئيس المجلس الإكليريكى للقاهرة فى تمام الساعة السابعة لعرض وجهات النظر وتهدئة الأجواء وحينما طلب من البابا الموافقة على أسماء المفوضين من قبل المتضررين وما إذا كان لديه اعتراض على بعض الأسماء لم يبد البابا أى تحفظ بل قرر أن يكون الاجتماع مفتوحاً لكل من يريد الحضور ويعرض وجهة نظره وقال «بابى مفتوح للجميع». ∎ الميليشيات تجهض المفاوضات بسرعة البرق التقط عسس وبصاصو الكاتدرائية أجواء المفاوضات التى نجح البابا فى إدارتها بعيداً عن متربصى الكاتدرائية وكانت المعلومات كاملة على مكتب اللواء نبيل رياض مدير أمن الكاتدرائية وتم الحصول على نسخة من المبادرة المتفق عليها، وبسرعة البرق أيضا أبلغ رياض كل المعلومات إلى الأنبا بولا مشفوعة بتوصية أنه فى حالة تم تمرير هذه المبادرة والتوافق بين متضررى الأحوال الشخصية فهذا يعنى كشف مؤامرة الميليشيات الكنسية على البابا برعاية الأنبا بولا كما أن المبادرة فى حال تقنينها سوف تقوض سلطاته داخل الكنيسة وقد يتورط فى تحقيق كنسى عن بعض التجاوزات فى ملفات الأحوال الشخصية وهنا كانت تعليمات الأنبا بولا واضحة وحاسمة بأنه يجب شق صف المتضررين وإجهاض التوافق مع البابا. ∎ شاى بالياسمين تم تكليف اثنين من المحامين بشق صف المتضررين وهما باسم زاهر وثروت بخيت فقام الأول بالاتصال بالأشخاص الأربعة الذين تم القبض عليهم يوم «الأربعاء الأسود» وتم تلفيق بعض التهم لهم من قبل الكنيسة وأخلى سبيلهم بكفالة 100 جنيه وتم الاتفاق معهم على أن الكنيسة سوف تتنازل عن القضية المرفوعة ضدهم ومنحهم تصاريح زواج ثانى فى مقابل الاعتراض على أى حلول مقدمة واتهام المفوضين من ائتلافات المتضررين بأنهم يسعون إلى إشعال الفتنة وترويج شائعات تطعن فيهم على أن تتم مقابلة البابا يوم الجمعة ويقوم الأربعة بالاعتذار له والإقرار بكل التهم الموجهة لهم حتى يتم إبعاد الشبهات عن ميليشيات الكاتدرائية المتورطة فى أحداث الشغب برعاية الأنبا بولا وشرب المتهمون «الشاى بالياسمين» وباعوا قضيتهم. وفى إجراء غير مبرر قرر اللواء نبيل رياض إبعاد الاجتماع الذى كان سيتم بين الأنبا دانيال ووفد من ممثلى المتضررين والنشطاء والمحامين المتعاطفين مع القضية عن الكاتدرائية وقرر أن يتم فى كنيسة السيدة العذراء بالمعادى مقر الأنبا دانيال حتى يتسنى شق الصف هناك فإذا كانت هناك ردود أفعال عنيفة من المجتمعين فسوف يكون هذا بعيداً عن البابا. ∎ اجتماع المعادى توجه الوفد المقرر له الاجتماع مع الأنبا دانيال إلى مقر الاجتماع الجديد فى المعادى وضم الوفد بيتر رمسيس النجار المحامى ونبيل عزمى المحامى وميرفت النمر الناشطة الحقوقية ومن المتضررين عادل صدقى «أحد المتهمين فى أحداث الأربعاء الأسود» وعماد ناجى وجابر النخيلى ومجدى لمعى وسعيد فخرى، وعقب وصول الوفد إلى مقر الاجتماع فوجئ الجميع بأن هناك اجتماعا مصغراً بين كل من الأنبا دانيال والأنبا باخوم والأنبا ثيئودوسيوس وثلاثة من المتهمين فى الأحداث وعقب وصول الوفد طالب الأنبا باخوم بانضمام عادل صدقى المتهم الرابع فى الأحداث دون بقية الوفد وفجأة وصل ثروت بخيت المحامى ودخل ومعه بعض الأوراق إلى الاجتماع المصغر دون استئذان مما أثار حفيظة الوفد المتواجد فهدأ الأنبا دانيال من روعهم وطلب منهم الانتظار لدقائق وسريعا انتهى الاجتماع المصغر وغادر مقر المعادى المتهمون الثلاثة وباسم زاهر المحامى والأنبا ثيئودوسيوس دون أن ينضموا لباقى الوفد واجتمع الأنبا دانيال والأنبا باخوم بباقى الوفد وحاول الأنبا دانيال كسب ود المتواجدين وأخرج لائحة مكونة من 65 مادة وهى اللائحة التى أقرها المجمع المقدس فى نوفمبر 2014 وحاول إيهام الجميع أن تلك اللائحة سوف تمثل انفراجة كبيرة وسيتم تطبيقها دون الرجوع إلى الدولة لأنها شأن كنسى إلا أن المتواجدين رفضوا بشدة تلك اللائحة وتمسكوا بالمبادرة التى أطلقوها وأطلعوا عليها الأنبا دانيال الذى ثمن المبادرة فطلب منه الجميع الموافقة عليها ولكنه تحجج بأن تلك المبادرة يستلزم صياغتها قانوناً فاعترض الوفد بأن الوثيقة مدنية والمطلوب من الكنيسة فقط عدم الممانعة أما صياغتها القانونية هى مهمة الدولة لأنها شأن مدنى واختلف الجميع وقرروا الاحتكام إلى وزير العدالة الانتقالية لحسم النزاع. تلك كانت الأحداث وردود الأفعال حتى مثول روزاليوسف للطباعة ونحن هنا نطرح بعض الأسئلة المشروعة التى لم نستطع تجاهلها وهى: لماذا يصر قداسة البابا على وجود وسطاء بينه وبين أبنائه؟ هل يدرك البابا أن هناك حباً غير محدود له من قبل المتضررين وأنهم فى حضرته لا يملكون إلا إظهار هذا الحب؟ القبضة الأمنية فى الكاتدرائية كانت سبباً فى العديد من المشاكل فهل حان الوقت ليعيد قداسة البابا النظر فى منظومته الأمنية؟ لماذا لم تفعل الكنيسة اللائحة التى وافق عليها المجمع المقدس فى 2014 حتى الآن ولماذا خرجت من الأدراج وأطلقت الوعود فى تفعيلها فى بداية الشهر القادم لماذا كان كل هذا الانتظار فى حل مشكلة ملتهبة داخل الكنيسة أم أن هناك من يعمل على وأد كل إصلاحات البابا فى مهدها داخل الكاتدرائية؟ طالما أن تلك اللائحة هى شأن دينى لا علاقة للدولة بها فلماذا تستبد الكنيسة فى خروج قانون مدنى هو شأن خاص بالدولة ولا يخص الكنيسة والأغرب هو لماذا تصر الدولة على مشاركة الكنيسة فيما لا يخصها؟ ننتظر إجابات من الدولة والكنيسة ولا نشك فى عزم البابا على مواصلة الإصلاح حتى إن اختلفنا معه فى بعض الأمور.∎