الأنبا موسى أسقف الشباب هو أحد الخمسة أساقفة الكبار داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والأكثر شعبية من بين آباء المجمع المقدس وهو الأكثر احتكاكاً بالشريحة الأكبر فى المجتمع القبطى، وهم الشباب الذين يعرف مشاكلهم جيدا ويستشعر نبضهم. فمنظومة «أسقفية الشباب» المسئول عنها لا تعتمد فقط على برامج وآليات عصماء للتنفيذ، ولكن تشمل كل الفعاليات فى الأسقفية التى تنبع من آراء وتوجهات ورغبات الشباب القبطى وما على «الأنبا» إلا بلورة رغبات الشباب وطرحها على أرض الواقع. الأنبا موسى ينظم أكبر فعالية شباب فى الكنيسة، قد تكون فى مصر كلها وهى «مهرجان الكرازة» الذى يمتد طيلة السنة فى كل المجالات الثقافية والدينية والاجتماعية والعلمية الذى يشارك فيه قرابة 8 ملايين شاب وفتاة فى داخل مصر وخارجها فى كل أرجاء الكرازة المرقسية فى مصر والخارج بمشاركة بعض وزارات الدولة، مثل وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة. الصدفة وحدها قادتنى للقاء الأنبا موسى ومنالطبيعى أن أحاول استغلال تلك الفرصة صحفياً وإجراء حوار مع نيافته، ولكنه اعتذر ضاحكاً متعللا بعدم الرغبة فى إجراء حوارات صحفية،ولكنى لم أفقد الأمل وحاولت مع نيافته حتى وافق على إجراء حوار اتفقنا ألا يكون تقليديا ويدخل فى المناطق الشائكة فوافق دون قيد أو شرط وكان هذا الحوار الذى تحدث فيه الأنبا موسى فى أهم القضايا السياسية مثل ما يحدث مع الأقباط من تجاوزات فى المنيا وسر هرولة رجال الكنيسة لممارسة السياسة أما فى الشأن الداخلىفتحدث عن قضايا الأحوال الشخصية ومشكلة دير الريان وخطة الكنيسة فى الإصلاح و«روزاليوسف» تنفرد بنشر أهم القضايا التى سوف يناقشها المجمع المقدس الذى ينعقد خلال الأيام المقبلة. ∎ رغم أن الكنيسة كثيراً ما تؤكد أنها مؤسسة دينية فإنها تقحم نفسها فى السياسة خاصة قداسة البابا فلماذا لا تتوقف الكنيسة عن الأمر؟ - هناك سوء فهم لمواقف الكنيسة السياسية فالكنيسة ليست بالمؤسسة الصغيرة ولا البسيطة التى يمكن لها أن تنفصل عن المجتمع سياسياً وكثيراً ما ينتظر المجتمع موقف الكنيسةالسياسىخاصة فى القضايا الكبرى وهنا لا يمكن لنا أن نمتنع عن اتخاذ المواقف بل على العكس نتخذ من المواقف ما يتوافق مع مصلحة الدولة والمجتمع واستمرارا للدورالوطنىالذى تقوم به الكنيسة وسوف أعطيك مثلاً وهو موقف الكنيسة من ثورة 30 يونيو هل كان يمكن ألا تشارك الكنيسة فى الحدث وتكون ضمن من كانوا فى طليعة الثورة؟ لو كانت امتنعت الكنيسة عن اتخاذ موقف من تلك الثورة العظيمة لاتهمت بالخيانة. فنحن نتخذ مواقف تجاه قضايا سياسية ولكننا لا نتدخل فى ممارسة فن الممكن فالسياسة تقتحم الكنيسة وليس العكس. ∎ هل تدفع الكنيسة بقوائم انتخابية فى الانتخابات المقبلة؟ - للأسف يغيب المفهوم الحقيقى للكنيسة عن الكثيرين فالكنيسة ليست هى مجموعة الكهنة والأساقفة فقط بل هى كل جماعة المؤمنين المسيحيين فهل يعقل أن ينفصل جموع المسيحيين عن الدفع بمرشحيهم فى الانتخابات القادمة خاصة أن القانون قد خصص كوتة انتخابية لهم؟ هل ينتظر الأقباط أن يفرض عليهم مرشحون لا يمثلونهم؟ أما إذا كنت تقصد أن يمارس الكهنة والأساقفة دوراً فى الانتخابات القادمة فأنا لا أذيع سراً إذا ما قلت أن الأقباط يثقون فى رأى رعاتهم فى كل نواحى الحياة ورأينا فى الانتخابات يقتصر على الحشد لممارسة العملية الانتخابية والتوعية بأهمية المشاركة الإيجابية. ∎ لماذا لم نسمع للكنيسة صوتاً فيما يحدث من انتهاكات لحقوق الأقباط من منع بناء كنائس وتهجير البعض الآخر خاصة ما يحدث فى المنيا؟ - هذه نظرة ضيقة للأمور فلا يمكن لنا أن نتخيل أن تتجاهل الكنيسة مثل هذه الانتهاكات، ولكن يجب علينا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح فهل انتهاك حقوق الأقباط يأتى فى ظل اضطهاد منظم ضدهم أم أنه يأتى ضمن مخطط موجه ضد الدولة للنيل منها؟ لماذا ترى الانتهاكات التى تحدث لبعض الكنائس ولا ترى العشرات من شهداء الجيش والشرطة هل يعنى هذا أن الدولة تضطهد الجيش والشرطة نحن نؤمن بقول الكتاب المقدس «لكل شىء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت» فمما لا شك فيه أن الدولة تتعافى بكل مؤسساتها وهو ما سوف ينسحب على الكنيسة ونحن نثق فى القيادة السياسية للبلاد ونعلم مدى محبة الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل المصريين بمن فيهم الأقباط، أما بالنسبة لتهجير البعض أريدك أن تعلم جيداً أن التهجير عرف فى صعيد مصر، فالصعيد مازال مجتمعا مغلقا على ذاته له عاداته وتقاليده الخاصة ومن ضمن تلك العادات المجالس العرفية التى تحكم على كل من ينتهك خصوصية المجتمع والتهجير إحدى تلك العقوبات التى تفرضها المجالس العرفية وكثيراً ما تم فرضها على كثير من المسلمين نعم نريد فرض دولة القانون ولكن القانون لا يفرض بالقوة الجبرية القانون هو إفراز لثقافة المجتمع ونحتاج إلى الكثير من التنمية الشاملة بما فيها التنمية الثقافية فى الصعيد وهو أمر يستغرق وقتا لتغيير الثقافات والقناعات. ∎ هل هذا يعنى أننا فى انتظار المزيد من الانتهاكات ضد الأقباط؟ - «ابتسم الأنبا موسى» مازلت تصر على اقتطاع المشهد القبطى من المشهد المصرى العام لقد ذكرتنى عندما أتى لى نائب وزير الخارجية الأمريكى عقب ثورة 30 يونيو منزعجاً مما يحدث فى مصر وماذا يمكن أن تقدم الولاياتالمتحدة لأقباط مصر لحمايتهم وحماية حقوقهم فى ظل تلك الأجواء فضحكت فسألنى عن سبب ضحكى فقلت له كل المعلومات التى لديكم عن الإخوان وسيطرتهم على الشارع المصرى كلها مغلوطة الشارع المصرى، كما تراه حيث خرج الملايين لإزاحة حكم الجماعة أما إن أردت أن تساعد الأقباط فليت الولاياتالمتحدة تتخذ من القرارات والمواقف ما يساعد كل المصريين الذين هبوا متمردين ووقتها فقط سوف تتحقق بالتبعية كل حقوق الأقباط. ∎ لماذا تسعى الكنيسة إلى استصدار قوانين تكرس سلطة الكهنوت داخل الكنيسة مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون بناء الكنائس ولائحة انتخابات البابا - على حد علمى لم يصدر بعد رسميا سوى قرار جمهورى يقر لائحة انتخابات البابا، أما القوانين الباقية لا أعلم عنها شيئا ولم يخرج إلى النور مثل تلك القوانين. ∎ حتى لائحة انتخاب البابا هناك البعض ينادى بعدم دستوريتها. - هذا البعض هو أنت، فأنت الذى تتبنى عدم دستورية انتخاب البابا وهذا رأيك وحقك وما الغضاضة إن كانت لائحة انتخاب البابا غير دستورية وطعن عليها دستوريا، الكنيسة تحترم أحكام القضاء وإذا ما حدث هذا سوف نغير اللائحة بما يتوافق ورأى المحكمة الدستورية فى ظل ثوابتنا الإيمانية. ∎ الشأن الداخلى ∎ دعنا ننتقل إلى الشأن الكنسى فلقد كثرت فى الفترة الأخيرة الشكاوى من تجاوزات متنوعة لبعض الكهنة ولا نرى أى ردود أفعال داخل الكنيسة فهل الكهنة فوق البشر أو أنصاف آلهة؟ - الكهنة هم جماعة من البشر مثلهم مثل أى بشر وبالتأكيد فيهم من يصيب وفيهم من يخطئ فليس هناك أحد منهم معصوما، أيا كانت درجته أو رتبته والكاهن الذى يثبت خطؤه يتم التعامل معه بصرامة شديدة تصل إلى شلحه وقطعه من الكنيسة، ولكن هناك أمران يجب أن أنبه إليهما، الأمر الأول هو أننا لا ننشر أخطاء هؤلاء الكهنة ليس تستراً عليهم، ولكن هم فى النهاية أزواج لزوجات وآباء لأبناء فما ذنب أسرهم أن يلحق بهم عار خطأ أبيهم، ولذلك نكتفى بالإعلان عن شلح هؤلاء دون ذكر الأسباب، أما الأمر الثانى فإن ثبوت إدانة أى شخص هو أمر فى غاية الصعوبة والخطورة فلا يمكن لنا أن نصدر عقوبة على كاهن لمجرد وشاية أو شكوى كيدية، فكل ما تسمع عنه من مخالفات للكهنة مخالفات لا دليل عليها ودعنى أخبرك أن مجلتكم قد نشرت عن أحد الكهنة خطأ بعينه وكانت مصداقيتكم كبيرة بالأدلة والمستندات ولا تظن أن الأمر مر مرور الكرام داخل الكنيسة، فالكاهن المذكور اتخذ الأسقف المسئول عنه بعض الإجراءات والموضوع لم يقفل ولايزال تحت التحقيق، ليس للكنيسة أى مصلحة فى التستر على كاهن مخطئ ، بل هناك الكثير من الأحكام المتنوعة صدرت ضد كهنة بعد محاكمات دقيقة. ∎ ألا ترى نيافتكم أن قداسة البابا كثيراً ما يتراجع عن قراراته بحجة أنها فهمت خطأ وتجلى هذا فى إعلانه قبل اجتماع المجمع المقدس بأن هناك انفراجة فى مشاكل الأحوال الشخصية ولم نر حتى الآن أى بادرة فى هذا الموضوع؟ - يجب علينا أن نفرق هنا بين أمرين أولهما اتخاذ القرار داخل الكنيسة، وهو لا يتم إلا من خلال المجمع المقدس بالتأكيد كلنا داخل المجمع أولاد لقداسة البابا، وهو المتقدم فى الكرامة على الجميع ولكن كما قلت لك إن كنيستنا مجمعية تتخذ فيها القرارات بإجماع الآراء وليس بالأغلبية ومما لاشك فيه أن مشكلة الأحوال الشخصية هى من المشاكل المهمة داخل الكنيسة والحاضرة دائما على طاولة المجمع المقدس، ولكننا نحاول إصدار قانون يخفف الأعباء عن أبنائنا الذين لهم بعض المشاكل، من خلال تسهيل الإجراءات فالإجراءات ليست ثوابت، ولكنها تتغير بحسب أوضاع الحياة، ولكن العقيدة ثابتة وليس بأيدينا أن نغيرها ولا نستطيع ذلك، فالأمر شائك بين التسهيل لسرعة تسهيل القضايا وبين التأكيد على ثوابتنا الإنجيلية، الأمر الثانى هنا هو أن قداسة البابا كأب للجميع يستشعر معاناة أبنائه وهو ما جعله مشفقاً عليهم فكانت له رؤية لحل تلك المشكلة، ورؤية قداسة البابا ليست الوحيدة داخل المجمع، ولكن هناك رؤى كثيرة مقدمة تتم دراستها من خلال لجان المجمع المقدس لنخرج بالتصور الذى يوافق عليه الجميع، وأوكد أن القرارات داخل الكنيسة تتخذ من خلال المجمع المقدس، ولا ينفرد قداسة البابا بها. ∎ لماذا تقحم الكنيسة نفسها فيما لا يعنيها خاصة تجاه قانون الزواج المدنى؟ - عندما طلب رأيى فى هذا الأمر قلت إن الزواج المدنى هو توثيق للزواج لا يكتمل كنسياً إلا بإجراء الطقوس، فنحن لا نعارض أى قانون مدنى ومن حق الجميع أن يدفع من وراء صدور قوانين تحقق مصالحه، فمن يريد أن يتزوج فله هذا، ولكن لا يمكن أن يتخذ القانون ذريعة لمخالفة الدستور فإن كان من حق الشخص الزواج مدنياً فمن حق الكنيسة الاحتكام لشرائعها دستوريا فلا يجوز أن يتزوج شخص مدنيا ويتخذ من وثيقة زواجه المدنى حجة على الكنيسة لكى تعقد له سر الزيجة المقدس الذى يخضع لشروط وضوابط إنجيلية قد لا تتوافر فيمن تزوج مدنيا، فالكنيسة لا تقحم نفسها فيما لا يعنيها كما قلت، ولكن هناك من يحاول أن يتخذ من القانون ذريعة لمخالفة الدستور وإجبار الكنيسة على تغيير عقيدتها. ∎ لماذا تتجاهل الكنيسة الائتلافات والتحالفات القبطية؟ - نحن فى دولة ديمقراطية تكفل حرية الرأى للجميع من حق أى شخص أن يعبر فيها عن رأيه بالطرق المشروعة سواء منفرداً أو داخل جماعة، ولكى نفهم الحقيقة علينا الرجوع إلى مفهوم التحالفات والائتلافات بشكل عام فتلك التنظيمات يتم تكوينها فى الأصل لمواجهة سلطة تغتصب حقاً للضغط على تلك السلطة فى انتزاع الحقوق فالتحالفات القبطية تفقد هنا معناها لأن الكنيسة هى بيت كل الأقباط، ومن حق الجميع أن يطالب بحقوقه من الكنيسة مباشرة فالكنيسة ليست فى مواجهة أحد ولا يشرفها أن تغتصب أى حقوق، أما على أرض الواقع فتلك التحالفات كيانات «فيسبوكية» لا وجود لها خارج العالم الافتراضى على الإنترنت فعلى أرض الواقع لم تصل تلك التحالفات إلى القواعد الشعبية الكنسية وتعتمد على تصيد خطأ هنا أو هناك وبعض من القائمين عليها يسعون إلى الظهور والشهرة، ونحن لسنا ضد ذلك، ولكن للشهرة مقومات يفتقدها هؤلاء فكون أن بعض الأشخاص يعلقون لك على «بوست» على الفيس بوك أو يبدون إعجابهم «لايك»، فهذا لا يعنى أنك قد أصبحت زعيما وقائداً فإن أراد هؤلاء تحقيق ذاتهم من خلال طرح القضايا الكنسية عليهم بالانخراط داخل الكنيسة بيتهم الأصلى الذى لا يحتاج الدخول إليه استئذان. ∎ أهتم بقضية التنوير ∎ ما سبب زيارتكم فى الأيام الماضية لأسترالياونيوزيلاند؟ - هات ما تقصد من وراء السؤال مباشرة. ∎ قيل إن نيافتكم كنت فى مهمة خاصة لإزاحة الأنبا دانييل أسقف أستراليا والأنبا أنطونى أسقف نيوزيلاند وتمكين بعض الرهبان من مقاليد الأمور فى البلدين؟ - هذا كلام عار تماماً من الصحة فالأنبا دانييل والأنبا أنطونى لا غبار عليهما، كما أن الكنيسة لا تعرف إزاحة الأسقف ولا يمكن أن يتم إبعاد أى أسقف عن إيبارشيته ما لم تثبت إدانته كنسياً، كما أننى غير معنى بهذا فللجميع داخل الكنيسة وخارجها كل الحب ولا أدخل فى أى صراعات ضد أحد وأصدقك القول إننى كنت فرحاً جداً بوجودى فى تلك الرحلة بين الآلاف من الشباب والفتيات المشاركين ضمن فعاليات أسقفية الشباب فى المهجر فالقضية الرئيسية التى تشغل بالى هى توعية وتنوير هؤلاء الشباب بالوطن الأم فلدينا الآن الجيل الرابع والخامس من المهاجرين من مصر هذه الأجيال لا تنطق اللغة العربية ويتعرضون لتشويه تاريخ أمتهم ووطنهم من قوى كثيرة خارجية، ولا تتخيل أننا نستطيع ربط هؤلاء بالكنيسة دون أن يكون لديهم انتماء إلى مصر فطبيعة الكنيسة القبطية تختلف عن كل كنائس العالم فهى كنيسة وطن وليست كنيسة مذهب أو طائفة فقبطية الكنيسة هى تأكيد على مصريتها، ومن لم ينتم إلى مصر لن ينتمى إلى الكنيسة القبطية وطبيعة الأقباط فى المهجر متغيرة ومختلفة، وهو ما يستلزم منا دائما تغيير الوسائل والآليات والبرامج الموجهة إليهم لربطهم بالوطن الأم فأقباط المهجر من القوى الناعمة المصرية التى ثبت جدواها فى الكثير من الفعاليات فعلينا ألا نترك ثروتنا البشرية فى الخارج لمن يريد تدمير الوطن. ∎ الكنيسة اعترفت بدير وادى الريان ∎ إلى ماذا انتهى الأمر فى مشكلة دير القديس الأنبا مكاريوس بوادى الريان وهل ترى نيافتكم أن قداسة البابا كان على حق بالتبرؤ من الدير والرهبان؟ - دعنى أفجر لك مفاجأة هنا فالكنيسة بالفعل اعترفت بدير وادى الريان، ولكن كان الاعتراف بالدير الأثرى ومجموعة من القلالى «مساكن الرهبان» القليلة وعدد قليل من الرهبان وأنا أعرف أبونا إليشع المقارى منذ زمان طويل وله كل الحب والتقدير، ولكن هل يمكن لنا أن نرضى بأن يتخذ هذا الاعتراف كوسيلة للضغط على الكنيسة والدولة فى أمور مشروعة، فالمساحة الكبرى المتنازع عليها فى الدير لم يتم تقنينها حتى الآن، وتم الحصول عليها دون أى سند وأصبح الدير ملجأ لكثير من الرهبان الذين طردوا من أديرتهم بسبب أخطاء كبيرة. قداسة البابا تبرأ من الحال الذى وصل إليه الدير ومع هذا فالكنيسة وعلى رأسها قداسة البابا لا تغلق أبوابها فى وجه أحد والفرصة مازالت سانحة أمام الرهبان للتراجع عن أخطائهم والاعتذار لقداسة البابا عما صدر منهم ثم ننظر فى أمر توفيق أوضاعهم. ∎ ألا يعنى هذا أن تلك دعوة لإذعان الرهبان لسلطة الكنيسة وقداسة البابا؟ لماذا لا يحل الأمر بالنقاش؟ - خرج الرهبان فى جميع وسائل الإعلام ووجهوا كلاماً غير لائق لقداسة البابا أبيهم الروحى، فإن رأى الرهبان أنهم كانوا مخطئين فى موقفهم ألا يجب أن يرد لقداسة البابا اعتباره باعتذار؟! الإنسان القوى هو من يعترف بخطئه ويعتذر عنه، أما الإنسان الضعيف فيعرف أنه على خطأ ويتمادى فيه ولماذا تسميها إذعانا؟! المعنى الأدق أنها دعوة للطاعة لقداسة البابا رئيس الرهبنة القبطية تلك الطاعة هى أساس الرهبنة وهو الطريق الذى قرر الرهبان أن يسلكوا فيه، أما عن النقاش فنحن لم ندخر جهدا فى ذلك، ولكن لم تتحقق بعد النتائج التى يرتضيها الجميع. ∎ تغيير الأعياد يشكك فى العقيدة ∎ يروج بعض أقباط المهجر للاستفتاء على تغيير عيد الميلاد والقيامة ليتوافق مع توقيت الكنيسة الكاثوليكية.. ألا تعتبر تلك الدعوة بداية ل«كثلكة» الكنيسة؟ - دع من يستفتى يستفتى، فالكنيسة لن تغير ثوابتها والذين يدعون إلى تلك الدعوة يحاولون إظهار خطأ حساب الأعياد على أساس التقويم القبطى، وهى كلها مغالطات لا أساس لها من الصحة ولنفترض جدلاً أننا خرجنا على شعبنا وقلنا لهم إننا كنا مخطئين فى حساب توقيت الأعياد ألا يمكن لذلك أن يزعزع بعض الثوابت الإيمانية لدى البسطاء ويخرج من يقول: «إذا كنتم أخطأتم فى حساب الأعياد ففى ماذا أيضاً أخطأتم فى العقيدة»؟ فحسابات الكنيسة القبطية هى الأدق وتتبعها معظم الكنائس والكنيسة الكاثوليكية هى التى غيرت توقيت الأعياد، أما عن محاولات «كثلكة» الكنيسة فهى مستمرة ولا تتوقف، لكن نحن لها بالمرصاد فلن نغير من ثوابتنا أى كانت الأسباب. ∎ مضت مائة عام على مذابح الأرمن على يد الأتراك هذا العام ولم نسمع أن أيًا من باباوات الإسكندرية قد شارك فى الذكرى السنوية لتلك المذابح فلماذا يذهب قداسة البابا تواضروس هذا العام للمشاركة فى الذكرى المئوية؟ الكنيسة الأرمنية كنيسة شقيقة لنا فى الإيمان وهم يؤمنون بالعقيدة الأرثوذكسية كما نؤمن نحن تماماً، وشهداء الأرمن هم شهداء للكنيسة القبطية أيضاً والأمر يختلف هذا العام عن كل عام فقداسة البابا لم يذهب ليشارك فى احتفالية، ولكنه ذهب للمشاركة فى صلاة على أرواح الشهداء تشارك فيها كل كنائس العالم وليس خافياً أن هذا التجمع العالمى يأتى لمواجهة الفاشية التركية التى تريد أن تسيطر على العالم، ومن المنطقى أن تكون الكنيسة القبطية فى طليعة تلك المواجهة فقد كنا قاب قوسين أو أدنى من مذابح مشابهة لمذابح الأرمن وبدعم تركى أيضاً لولا عناية الله بمصرنا الحبيبة التى تدخلت فى الوقت المناسب لتحمى مصر كلها من هلاك محقق. ∎ نيافة الأنبا موسى هل لنا أن نعرف أهم الموضوعات التى سوف يناقشها المجمع المقدس فى اجتماعه القادم؟ - حتى الآن لم يتم تحديد جدول أعمال المجمع المقدس القادم ولم تنعقد اللجان التحضيرية للمجمع بعد، ولكن من المؤكد أن يناقش المجمع تفعيل دور ''الإشبين'' وهو المرشد الروحى للشخص فهذا الدور تقلص كثيراً داخل الكنيسة رغم أهميته، وهناك دعوات كثيرة لإعادة تفعيل دور المرشد الروحى للشخص، ومن جهتنا فى أسقفية الشباب نعمل منذ سنوات على تخريج أشخاص لهم القدرة العلمية والعملية فى تقديم الإرشاد الروحى العائلى، ويمكن أن يكون هؤلاء نواة لعودة «الإشبين» داخل الكنيسة، كذلك سوف يناقش المجمع مشكلة دير الريان وكذلك أصدر قانون للأحوال الشخصية لغير المسلمين. ∎ أخيراً لماذا تنطلق بين الحين والآخر دعوات لمقاطعة الكنيسة لمجلة «روزاليوسف»؟ - ضحك الأنبا موسى وقال: «ما فيش مقاطعة ولا حاجة بدليل إنى قاعد معاك أهه»، لكن أحيانا تتعرض مجلتكم لموضوعات لها خصوصية وحساسية لدى الأقباط، ولأننا لم نعرف ثقافة الاختلاف بعد فهذا يدفع البعض للدعوة إلى المقاطعة، ولكنى فى النهاية ضد المقاطعات من هذا النوع لأنها تشكل انسدادًا حواريًا بين قطاعات المجتمع، وهو ما يضخم الخلافات، فإن لم نختلف لن نتطور ولن نتغير، ولكن يجب علينا أن نعرف أولا كيف نختلف.∎