ما يتعرض له أطفالنا فى الفترة الأخيرة يثير الخوف على مستقبلهم.. فلماذا لا يوجد قانون فى مصر يسمح للطفل بأن يتخلص من اعتداءات الأبوين والخروج عن النطاق الأسرى لتحميهم مؤسسات متخصصة!. الشره الجنسى الذى نعيش فيه الآن ناقوس خطر يدق كل باب ويجعل الذعر والخوف يملآن القلوب ويرعشان اليدين.. حاولنا طرح الفكرة ولكن للأسف لم يشجعها أحد على الإطلاق ورفض الكثيرون التحدث فيها خوفا من انقلاب المجتمع عليهم.
فرجعنا لنناقش محاولين إيجاد العلاج للمرض الأول فى مصر الآن «الشره الجنسى» الذى يرعب البيوت المصرية وأطفالها !!
روزاليوسف بحثت حول سر الشره الجنسي في المجتمع وكيفية علاجه فهو أحد الاضطرابات الجنسية التي تظهر في شكل قهري من الأفكار والسلوك الجنسي وهي حالة تقدمية أي تزداد شدتها بشكل تدريجي فلا تصل لمرحلة الشباب ولا تتراجع بل تتزايد!
يرى الكثيرون أن الفقر يشكل السبب الأساسى للعنف الجنسى ضد الأطفال وحالة الشره الجنس التى وصل لها المجتمع.
وأثارت قضية اغتصاب الطفلة ميادة ببورسعيد طرح فكرة قانون يسمح بحماية الأطفال المتضررين من اعتداءات أهاليهم ووضع دور رعاية خاصة لهم بعيدا عن أهليهم لضمان حمايتهم وسلامتهم على غرار الدول المتقدمة حيث تقول الدكتورة عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة - إن خط نجدة الطفل 16000 يتابع بالتنسيق مع مقررة لجنة الطفولة العامة بورسعيد حالة ميادة لضمان سلامتها الصحية والنفسية وأن خط النجدة خاطب سكرتير عام محافظ الإسماعيلية لاستلام الطفلة لتوفير الرعاية النفسية لها إلا أن قرار النيابة صدر بتسليم الطفلة لوالدها وتسلمها بمحضر رسمى من المستشفى الجامعى ولكن نظرا لظروفه النفسية، فالطفلة حاليا فى رعاية عمها وبالطبع لتزامن الحادثة مع وقف فيلم «حلاوة روح» الذي بطله طفل ورط في مشاهد جنسية إسقاط خاص. «هانى هلال» الأمين العام للائتلاف المصرى قال لنا: المواثيق الدولية تمنع تعريض الأطفال لما يضر التنشئة والتربية السليمة للطفل وفيلم «حلاوة روح» انتهك عدة مواد من قانون الطفل من بينها أن الطفل الذى قام بدور البطولة أقل من 15 عاما والقانون يحظر عمل الأطفال قبل بلوغ هذه السن وقد عبر الائتلاف عن رفضه لعرض الفيلم عقب مشاهدته وهى ليست المرة الأولى التى تعترض فيها المؤسسة على بعض الأعمال الفنية التى تنتهك هذه الحقوق.
كما يعتبر الطفل معرضا للخطر إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف والأعمال المنافية للآداب والأعمال الإباحية أو الاستغلال التجارى والتحرش أو الاستغلال الجنسى أو الاستعمال غيرالمشروع للكحوليات أو المواد المخدرة، ويعاقب كل من عرض طفلا لإحدى حالات الخطر بالحبس ولا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 2000 جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
د. سعيد صادق- أستاذ علم الاجتماع السياسى - قال: إن الشره الجنسى فى المجتمع يرجع أولا إلى أن الرقابة منعدمة والأمن المصرى فاشل حيث ركز الجميع على السياسة وفقط واصبح التحرش والشره الجنسى أساسيًا فى المجتمع شىء، نظرا لغياب الرقابة والرادع والإجراءات القضائية ضعيفة وبطيئة جدا فالاقتصاد والتدين والمجتمع والمدرسة كلها عوامل ساعدت على حالات الشره الجنسى. أما عن إنشاء مؤسسات وأماكن تحمى الأطفال من اعتداءات أهاليهم فهو حلم لم تستطع مصر بتطبيقه، نحن نطبق فى مصر الإصلاحية التى تضم أولاد الشوارع، ومن المفترض أنها تؤدبهم وتعلمهم وتهذبهم، ولكن للأسف تساعد أكثر على زيادة نسبة الإجرام فيهم وتحويلهم إلى مجرمين كبار يعلمون بعضهم البعض ويتبادلون سلوكيات الجريمة وأطرافها فتخرج للمجتمع مجرمين كبارًا.
فى حين تؤكد الدكتورة آمنة نصير- أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر- هذا الكلام قائلة: المجتمع الأوروبى مجتمع متقدم إذا ضرب الأب الابن أو الابنة يحرم منه طيلة حياته وتأخذه الجمعيات المتخصصة لتربية ومنع بطش والديه، وهذا يعد عقابًا للأبوين ولا يمكن تنفيذه فى مجتمعنا لأننا مجتمع متمرد وليس مخالفًا للشريعة بالشكل الفج، ولكن أنا لا أنصح بمثل هذا القانون يطبق فى مصر الآن حيث لا توجد الضوابط التى تؤهل لهذا ولا المكان ولا المسئولية.. نحن مجتمع مخنوق لا يصلح له روشتة غربية ولا مصرية وأنا ليس لدى أولو الأمر القادرون على تنفيذ القانون الذى يحمى الطفل من اعتداء والديه عليه.
ووفق الدرسات الحديثة فهناك علاج دوائى للشره الجنسى يتمثل فى استعمال مضادات الاكتئاب التى لها دور فى علاج الوسواس القهرى مثل البروزاك والأنافرانيل بجرعات حسب رؤية الطبيب النفسى.
أما العلاج النفسى فعلاج سلوكى يهدف إلى إدراك الأسباب التى أدت إلى هذا السلوك والتغير إلى الأفضل حتى يشعر الإنسان بقيمته وسط الآخرين وأنه قادر على الحب والعطاء المتبادل وقادر على مواجهة الضغوط بشكل أكثر إيجابية.
الدكتورة غادة الخولى - أستاذ الطب النفسى- ترى أن هذه الظاهرة انتشرت فى مصر بسبب الحالة الاقتصادية وازدياد معدلات الطلاق والكبت الجنسى فى المجتمع وهذا لا يرتبط بمناطق الفقراء فى مصر، بل إن بعض الأماكن الراقية يحدث فيها ذلك. الدكتور حمدى عبدالعظيم - أستاذ علم الاقتصاد- أكد ارتباط التحرش بالاقتصاد حيث أرجع أسباب الشره الجنسى والتحرش فى المجتمع إلى البطالة التى يعانى منها 20٪ من المجتمع المصرى والتى تؤدى إلى العجز فى إشباع الاحتياجات الاقتصادية، وأشار إلى أنه يتم إنفاق 18 مليار جنيه على المخدرات التى تساهم فى تغييب الوعى وتساعد على انتشار الشره الجنسى فى المجتمع.
فى حين يرى الشيخ جمال قطب - رئيس لجنة الفتوى سابقا - أن انتشار الظاهرة يرجع إلى غياب الحياء الذى يمثل قمة الهرم القيمى للمجتمع وإلى تفسخ حتى التقاليد والأعراف التى تدعو إلى الشهامة والحفاظ على المرأة والفتاة فى حال تعرضها للخطر.