لا نريد من القانون الجديد إلا النص صراحة على «اللامركزية» فى إدارة المحافظات.. فهى من وجهة نظر اللواء أحمد عابدين وزير التنمية المحلية بداية حقيقية لتطهير المحليات.. وإعطاء سلطات حقيقية للمحافظين بدلا من الوضع الحالى الذى يجبرهم على تطبيق أى موافقات تأتى من الوزارات والهيئات التابعة لها على امتداد مصر. يضيف: طالبت منذ 7 سنوات بألا يكون القرار الإدارى منفردا بعيدا عن المحافظ.. وهو ما يجسد تطبيقا حرفيا للمركزية التى اخترعها الفراعنة.. ولكن بفارق وحيد أنهم لم يكونوا «حرامية».. والأمثلة عديدة.. إذا كانت الأراضى الزراعية بالمحافظات قراراتها فى أيادٍ أخرى.. فلا تلوموا المحافظ.. فهناك قرار لوزير الزراعة يسمح ببناء مبان لخدمة الأراضى الزراعية بنسبة لا تتجاوز 2٪ من مساحتها لمن زادت حيازتهم على 5 أفدنة.. أى 400 متر تخصص كمخزن - أو تشوين الأدوات الزراعية.. فماذا يحدث؟
حيازة 10 فدادين يحصل على 800 متر.. فيشيد فى منتصف الأرض فيللا يقوم ببيعها، ويعيد الكرة على ما تبقى لديه من مساحة.
موافقة وزير الزراعة تأتى بعد موافقات إدارية مختلفة.. فإذا رفض المحافظ يتم رفع دعوى قضائية.. يكسبها الخصم فى الحال، فإذا لم يتم التنفيذ.. جنحة فحكم بالسجن.. ولذا طالبت بأن يكون القرار لدى المحافظ.. لا سلطان عليه إلا المصلحة العامة.
∎ تصريحك النارى بإزالة المخالفات على الأراضى الزراعية عقب الثورة.. لماذا لم ينفذ؟
- حدث، وكان من الضرورى إزالة جميع المخالفات البنائية، ولكن جاءت الإزالات على قدرة أجهزة الشرطة المختلفة، وصعب استكماله فى الوقت الحالى، ولكننى أيضا أتبنى «عدم التصالح مع هذه المخالفات وتقنين أوضاعها قانونا.. تحت أى مسمى من المسميات.. ولو ظلت المخالفات 100 عام فالتصالح يشجع الآخرين على المخالفة، مادام الموضوع «ديته غرامة»!
يستطرد: هل تذكرون تصريح الفريق أحمد شفيق أثناء حملاته الانتخابية لرئاسة الجمهورية بالتصالح مع جميع مخالفات البناء على الأراضى الزراعية؟ مئات الآلاف من الأفدنة التهمتها المبانى العشوائية!
يعترف: لا فكاك من عقود النظافة الموقعة مع شركات أجنبية.. ولا تستطيع الحكومة المصرية فسخها.. فذلك يكبد الدولة مئات الملايين من الجنيهات من أحكام دولية ستصدر لصالح هذه الشركات.. فالعقود التى صيغت لهم تغبن الجانب المصرى أى حق من حقوقه! وفى حالة مخالفة الشركة تسدد غرامة لا تتجاوز 1٪ من قيمة العقد! وهى ممتدة حتى 2016 وبالتالى لم يكن أمامنا إلا الاعتماد على القدرات الذاتية المصرية فى القاهرة الكبرى والإسكندرية ستظل المشكلة قائمة.. والتحسن سيكون بطيئا.. أما فى باقى المحافظات فالحلول كثيرة.. العواصم فيها نظيفة والقرى أفضل حالا.. فهناك مقطورة يعمل عليها شباب لجمع القمامة منها مقابل 500 جنيه شهريا.
القاهرةوالإسكندرية عقودها لا يمكن التخلص منها.. استعنا بمكاتب استشارية قانونية دولية لفحصها.. للبحث عن مخرج.. ولم نجد.. فأقصى غرامة توقع على الشركة الأجنبية فى حالة المخالفة لا تتجاوز 10٪ من قيمته حتى لو توقفت عن العمل.. ليس هذا فقط.. فليس من مسئوليتها جمع القمامة من المنازل فهى مسئولية المواطن.. وهذه هى الطامة الكبرى!
أخذنا قرارا باستمرار هذه الشركات.. مع تغطية النقص الناتج عن تقصيرهم على «حسابنا».. فتم تقسيم القاهرة لمربعات.. يتولى كل منها «المقاول بتاع زمان» وأبرمنا عقودا يتم تنفيذها.. فى الإسكندرية تتولى المهمة شركة تابعة «للمقاولون العرب».. بالإضافة إلى استخراج غاز بالبايوإيثلين» من مخلفات القمامة بإعادة تدويرها.
تصوير شيماء العريف
∎ غلق المحال
اقتراح تطبيقه حاليا صعب تنفيذه فى ظل عدم عودة الحالة الأمنية إلى القدرات الكاملة لها.. فهناك قانون ينص على غلق المحال فى التاسعة مساء والمطاعم فى الحادية عشرة.. ولكن لا نستطيع تطبيقه.. فالبكاد استطعنا إزالة الباعة الجائلين من ميدان التحرير.. فكيف نغلق المقاهى والمتاجر؟.. إذا عادت القوة الأمنية كاملة لتم حل العديد من المشكلات اليومية من المرور للوقود.. الوقت حاليا غير مناسب.
∎ خالفت تصريح رئيس الجمهورية بحل 5 مشكلات خلال 100 يوم.. بقولك غير ممكن!
يرد: وهل يمكن حل مشاكل الوقود والمرور والأمن والنظافة ورغيف العيش فى مائة يوم؟! أرى أنها مشكلات مزمنة تتقدم وتتحسن نتائجها تدريجيا.. وهو ما حدث فيما عدا الوقود.. فالوقود يساوى نقودا ادفع.. تفتح محابس المراكب المحملة بالوقود.. ولحين تدبير الموارد المالية تحدث الأزمة.. ولهذا يجب أن يكون لدينا احتياطى يفى باحتياجات 10 أيام على الأقل.. وهو ما سيحدث خلال أيام قليلة بعد أن طالب رئيس الجمهورية بتدبير 400 مليون جنيه لهذا الغرض، فى المقابل لابد أن يعاد النظر فى الدعم المقدم للمحروقات فمن الأمثلة الصارخة والمستفزة أن يتم تموين اللنشات البحرية ببنزين مدعم.. أو أن يحصل على نفس السعر المدعم من يركبون السيارات الفارهة.. هذا سخف وسفه لابد من وقفه.
يشدد قوانين ترشيد الدعم لابد من خروجها للنور إذا أردنا الخروج من هذا النفق المظلم، هناك حلول اتفق عليها تخص الوقود والبوتاجاز ورغيف الخبز والكهرباء.. ولكن للأسف قراراتها مازالت حبيسة الأدراج.. ومنها على سبيل المثال منح بون ب 1000 لتر بنزين مدعم على رخصة القيادة الشخصية.
مشكلة هذا البلد فى عجز الموازنة «الفلوس» مصر أشبه بمريض فى غرفة الإنعاش يحتاج نقلا عاجلا للدم ليتحرك ويعمل.. ولكن للأسف لا يريد أحد أن يمد يدا حقيقية ليخرج المريض ويقف على قدميه مرة أخرى.
∎ هل هناك حركة جديدة للمحافظين؟
أجاب: ما أعرفش.. ولم أتقدم بذلك.. ولم يطلب منى.. ومعلوماتى أنه لا توجد حركة جديدة أو تغيير للمحافظين.. الموجودون يسدون على الأقل فى هذه الفترة.
يرى أن ما أعلن عنه من زيادة فى عدد المحافظات لتصل إلى 31 محافظة والأقاليم إلى «11» إقليما بدلا من 7 أقاليم ليس وقته.. فهناك أمور أكثر أهمية. . ينبغى أن يتأخر ترتيبه.. يجب أن ننشغل بمصائب أكثر إلحاحا وتأثيرا على المواطنين «السولار - الخبز».. هى مقترحات من وزير الإسكان.. «لما يعرضها على مجلس الوزراء.. يفرجها ربنا».
مصر دولة بسيطة.. تحكمها حكومة مركزية مع إعطاء صلاحيات للمحافظين فى حدود.. ليس منها الاقتراض تحت أى مسمى.. فحتى لو حصلت محافظة على منحة من جهة ما من خلال وزارة التعاون الدولى تدخل هذه المنحة فى موازنتها.
وما أطالب به لرفع مستويات الخدمة بجميع المحافظات التى يؤخذ رأى المحافظ مع الوزارات والهيئات قبل طرح أى مشروع للتنفيذ ليحدد أولويات هذه المشروعات.. التى تتم حاليا بمعزل عنه، مما تسبب فيما نطلق عليه «المشروعات اللى بطنها مفتوح»، وتتوقف على مبالغ «هايفة»، فلابد أن يوافق على خطة الوزارة المركزية فيما يخص محافظته.. ويدلل على ذلك بمشكلة واجهته خلال توليه محافظة كفر الشيخ أهم طريق لدينا كان طنطا - كفر الشيخ.. تم تنفيذ ثلثى الطريق.. وفجأة قررت هيئة الطرق والكبارى إنشاء كوبرى حر على الطريق الزراعى.. ولم يستكمل الطريق حتى الآن.. أيضا المحلة - كفر الشيخ. وطريق دسوق - كفر الشيخ، الأول أمر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق بإنشائه وقت حدوث الإضرابات ولا يستخدمه إلا 10 أفراد كل سنة.. ولم ينفذ الطريق الآخر رغم أهميته لجميع المواطنين.. المشكلة نفسها تتكرر مع الرى.. والمدارس والصحة وغيرها من الخدمات.
للأسف فى مصر المركزية مرتبطة بالسلطة.. والسلطة مرتبطة بالمصلحة الشخصية بتطبيق اللامركزية لن ينفذ مشروع إلا بموافقة المحافظ.
لم يجد اللواء أحمد عابدين غضاضة فى التأكيد على عدم كفاية الموارد المالية المخصصة للمحافظات والتى لا تتجاوز 120 مليون جنيه لكل محافظة، من حق المحافظ التصرف فيها بخلاف ما يتم تنفيذه من مشروعات ممولة من موازنات الوزارات والهيئات المختلفة.. ويستطرد: للأسف التخطيط لمشروعات المحافظات فى غاية «السوء» ولهذا لا يشعر المواطن بتحسن حقيقى وملموس التنفيذ لابد أن يقترن بأولويات يحددها المحافظ من خلال تواجده على أرض محافظته ومعرفته بأدق مشاكلها.
يبرهن على ذلك بتنفيذ مشروعات المياه والصرف الصحى التى يجرى تنفيذها مركزيا بضغوط من أعضاء مجلس الشعب.. الآن المشروعات المفتوحة لها الأولوية.
∎ متى تستقيل؟
ببساطة شديدة يرد: إذا لم أجد نفسى قادرا على تحقيق الأهداف التى حددتها وعلى رأسها تطبيق اللامركزية فى إدارة المحافظات واختيار المحافظ بالانتخاب فى مرحلة تالية.. ويعضدنى ورقة مقترحة بتغيير دستورى ينص فيه على ذلك.
ويستكمل وزير التنمية المحلية: ولا أذيع سرا إذا قلت إن الجمعية التأسيسية وافقت على النص الخاص بلامركزية إدارة المحافظات.. أما انتخاب المحافظ فلم يحظ منهم بالموافقة.
∎ هل تملك أدوات لمساءلة المحافظين؟
- لدىّ آليات للتقييم، وإذا لم يؤد المحافظ مهامه على الوجه الأكمل فليس أمامى إلا رئيس الجمهورية.. فليس من سلطاتى «قانونا» تغيير المحافظين.. فقط اقتراح أو طلب تغييرهم وذلك أمر مرهون بصلاحية مطلقة لرئيس الدولة، فالمحافظ مرءوس له ولا ولاية للوزير عليه.. فحتى رئيس الوزراء هو رئيس لمجلس المحافظين.
اقتران اسم جمال مبارك بالقرى الأكثر فقرا لن يمنعنى من استكمال هذا المشروع.. فمن العار أن يتم وأد مشروعات ملحة وحيوية للمواطنين لمجرد اقترانها بأسماء شخصيات ما أسهل أن يتم تغييرها فهل نغلق مكتبات سوزان مبارك لمجرد الاسم؟ طالبت بإعادة التسمية لتصبح مكتبات الثورة.
أما القرى الأكثر فقرا فمشروع مستمر أدرج له فى الموازنة الحالية 150 مليون جنيه يجرى متابعتها.. وطالبت بأن أكون رئيسا لمجلس إدارة هذا المشروع الحيوى بعد أن تمت إعادة تشكيل مجلس أمنائه وفى انتظار موافقة رئيس مجلس الوزراء على التشكيل الجديد بعد عودته من السودان.
يتساءل: لماذا نفترض أن الوزير أكثر أمانة وخبرة من المحافظ؟ فإذا أحسن اختيارهم صلح حال المحليات والمحافظات.
يمنح جميع السلطات والصلاحيات.. وبالتالى يسهل محاسبته، وهذا ليس معناه إلغاء الدولة المركزية. . فحاليا يتم تحقيق التنمية بشكل تكاملى بين محافظات الأقاليم المصرية السبع، ففى زيارات تمت لأربعة منها هى القناة وسيناء والشرقية وشمال الصعيد ويشمل بنى سويف والمنيا والفيوم وجنوب الصعيد «أسوان والأقصر وقنا وسوهاج والبحر الأحمر»، شمال الدلتا «الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ والغربية والمنوفية» تم الاتفاق معهم كحكومة مركزية على التخطيط العام للعمل بعد توزيع الموارد المالية والمشروعات التى سيتم تنفيذها.. بالتنسيق مع المحافظين يتم تعديل هذه الخطط.. وتحديد أولويات صرف ما حصلوا عليه من اعتمادات مالية.. وحاليا طلبت من رئيس الوزراء تفويضا لأتولى اعتماد مخططات المحافظات لحين انتخابات المجالس الشعبية المحلية.. حتى لا يتم تعطيل مصالح الناس مثل الكردونات والأحوزة العمرانية.
∎ هل تغنى هذه المقترحات عن عدم خبرة من تم اختيارهم مؤخرا؟
الوزير: هى خطط لمساعدتهم، فمن اختارهم - وهو رئيس الجمهورية - متأكد تماما من قدرتهم على أداء مهامهم الوظيفية على الوجه الأكمل.. وأيضا يتحمل تبعة تقصيرهم فى عملهم، فرئيس الجمهورية طبقا للدستور والقانون هو الوحيد الذى له حق اختيار المحافظين.. تكليفى جاء فيه تجهيز «نشرة» المحافظين وقد اجتهدت فى ذلك وقبل انتهائى من إعدادها.. صدرت تغييرات المحافظين.. ودورى مساندة من تم اختيارهم ومعاونتهم على النجاح.. أو تقديم استقالتى.. ولا أخفى أننى فكرت فى ذلك ولكن فى المقابل كان السؤال: هل تم التعدى على اختصاصاتى كوزير؟
الإجابة: لا، فتراجعت عنها، لأنها غير مبررة، وبالتالى لم يخطئ المهندس سعد الحسينى محافظ كفر الشيخ حين قال: الوزير ليس له حق اختيار المحافظين، ومن المؤكد أن رئيس الجمهورية حين يختار محافظا يتأكد تماما أنه قادر على أداء مهامه.. لأن «فشل» المحافظ هو فشل لرئيس الجمهورية.. وبالتالى معايير أداء هذه الوظيفة أمر مطلوب.
أول اشتراطات اختيار المحافظ كفاءته فيما تولاه من مناصب سابقة، وما يجرى إعداده حاليا اشتراطات ومعايير اختيار المحافظين.
وبالمصادفة - والكلام على لسان اللواء عابدين - ثلاثة ممن جاءوا ضمن اختياراتى كمحافظين تم تعيينهم «محافظات السويس - البحر الأحمر - شمال سيناء».. وهى محافظات حدودية الجيش يؤمنها ولن يستطيع التعامل معها إلا قيادات عسكرية.
∎ مكافأة نهاية الخدمة..
ينفى وزير التنمية المحلية أن يكون تعيين عسكريين سابقين فى وظائف مدنية ومنها منصب المحافظ هى مكافأة نهاية الخدمة.. بل على العكس تماما.فكل ما يتحصل عليه المحافظ من راتب لا يتجاوز 15 ألف جنيه يصرف منها 5 آلاف على الأقل بالاستراحة التى يقيم بها، أما المجهود فحدث ولا حرج.. جميع المشاكل التى يعانى منها المواطنون تعلق على أكتافه.. رغم عدم مسئوليته عنها.. أما قبولهم لهذه الوظائف فبسبب «البرستيج».