محمد كمال - وزير الطيران اضطرتنى ظروف مرضية للسفر إلى عاصمة الضباب منذ أسبوعين ولكن ظروفا قهرية استدعت أن أعود على وجه السرعة فقد تعرضت ست الحبايب لأزمة صحية خطيرة دخلت على أثرها غرفة العناية المركزة وظلت طريحة للفراش حتى هذه اللحظة وكان لابد من العودة والوقوف إلى جانب أمنا الغالية التى أفنت عمرها بأكمله فى خدمة الأسرة كلها من أول السعدنى الكبير رحمه الله حتى أصغر الأحفاد وكان أن اتصلت بالمسئول عن محطة مصر للطيران فى لندن واسمه الأستاذ هشام عبدالوهاب ورجوته أن يوفر لى ولأولادى مقاعد على أقرب رحلة إلى القاهرة ولكن الرجل أبدى اندهاشا لكونى تجرأت وطلبت خمسة أماكن على وجه السرعة وعندما صارحته بحقيقة الخطر الداهم التى يحيق بالوالدة طلب منى أن أرسل إليه أرقام التذاكر وأن أعاود الاتصال به مرة أخرى وهنا أدركت أن الأستاذ هشام منحنى الطرشة ذلك لأننى فى البداية حاولت الاتصال به 14 مرة قبل أن يتفضل ويتكرم ويتنازل ويرد على شخصى الضعيف وعندما قال لى اتصل بى مرة ثانية أدركت أننى لن أستطيع السفر عن طريق المسئول عن محطة مصر للطيران واتصلت بمن أعرفهم خير المعرفة فى عاصمة الضباب واستمعت منهم إلى قصص عجيبة ومقارنات هى بالتأكيد ليست فى مصلحة الأخ الفاضل.. الفاضل حتى الآن مديرا لمحطة مصر للطيران فى لندن وقد أثنى الجميع على أداء أغلب الذين عملوا فى هذا المنصب من أول الأستاذ سامى عبدالكريم رحمه الله مرورا بالأستاذ أحمد غازى والأستاذين سيد عنان وكريم سامى فقد كان هؤلاء جميعا خدما لأهل مصر يعملون على تيسير أمورهم وكانوا يؤمنون بمبدأ الرحمة فوق القانون خصوصا فى حالة الأزمات التى يواجهها المسافرون إلى القاهرة فكانوا مثالا للشهامة وللرجولة فى المواقف الصعبة ولم يكن أحد منهم يتحرك بناء على كارت توصية أو يعمل حسابا لوزير على حساب غفير أو يمهدون الطريق أمام المسئولين.. فالعكس كان صحيحا فقد كان المواطن المصرى البسيط هو همهم الأول ويكفى أن تحمل جواز السفر الأخضر لكى يكون طريقك من خلال محطة مصر للطيران إلى لندن من ذات اللون الأخضر ومع ذلك كله فقد عاودت الاتصال بالسيد هشام عبدالوهاب لأعرف منه إذا ما كان السفر بأسرع وقت إلى القاهرة ممكنا من عدمه ولكن الرجل بلغ فرار ولم يرد على تليفوناتى.. وبالتأكيد مثل هذا السلوك من موظف يتعامل مع الجمهور هو أمر مرفوض وينبغى التعامل معه بشكل حاسم حتى يكون عبرة لغيره ممن سوف يشغلون هذا المنصب.. وعندما يتصدى موظف ما للعمل العام فعليه أن يدرك أنه خادم عام لأى مواطن مصرى سواء مقيما فى عاصمة الضباب أو عابرا للحدود ولندن بالذات عاصمة يؤمها من أهل مصر آلاف مؤلفة كل عام وهم معرضون لمواقف مثل هذا الموقف العصيب الذى تعرضت له والذى لا يحتمل التعالى والتصرف مثل الطاووس الفرحان بريشه وألوانه الزاهية ولا ينبغى له أيضا أن يخضع للروتين الوظيفى الممل والتعقيدات الوظيفية واللوائح الجامدة.. إن إدارة أى عمل أيها السادة هى عملية فنية ينبغى لصاحبها أن يمتلك قدارات خاصة فإذا كان الشخص يملك هذه القدرات فأهلا به وسهلا أما إذا كان معدوم القدرات نافشا ريشه متباهيا بين الناس أنه مدير كبير وغير مصدق لنفسه بتوليه هذا المنصب الذى لم يكن يحلم به.. فمثل هذا الموظف مكانه بين الإداريين والحسابات والأرقام وينبغى أن نضع بينه وبين الناس جدارا عازلا.. ومن حسن حظى أن الوالدة شفاها الله تحسنت حالتها الصحية وغادرت غرفة الرعاية المركزة وفى نفس الوقت سوف يسعد المصريون فى بريطانيا برحيل الأخ هشام عبدالوهاب قبل نهاية هذا العام ولكن هناك مطلب أتصور أن وزير الطيران سوف يضعه فى الحسبان وهو إبعاد الأخ عبدالوهاب عن أى منصب يكون فيه احتكاك وتماس مباشر مع الناس فالجميع ينتظرون بفارغ الصبر عودته سالما إلى مصر وهم يغنون له أغنية عبدالوهاب أسألك الرحيل.. بعد أن جعل العديد من المصريين هناك يطلقون على محطة مصر للطيران.. محطة مصر للطفشان.. والحق أقول.. إنه لولا ولد اسمه.. أحمد الوزير له من سمرة أرض مصر نصيب فى بشرته وله نصيب من شموخ نخيلها هو بمثابة الشجرة الوارفة التى تظلل على المصريين دون سابق معرفة وبلا كارت توصية ودون انتظار الشكر ذلك لأنه يعتبر أن ما يقوم به من عمل هو أداء لواجب تجاه أهل وطنه ولشركته الوطنية التى بها نعتز ونفخر خصوصا بعد التطور الهائل الذى شهدته مصر للطيران فى عصر وزيرها السابق الرجل الفاضل أحمد شفيق الذى قلب أحوال مصر للطيران رأسا على عقب فقد جاء والأحوال متشقلبة والمواعيد مضروبة والطائرات تقف على الأرض أكثر مما تطير فى الفضاء بسبب الأعطال ونقص قطع الغيار والعين البصيرة والإيد قصيرة ولكن أحمد شفيق حقق المعجزة وعلى الوزير الجديد إن لم يطور فى هذه المنظومة فعليه أن يحفظ ما هو موجود.. وهذا أضعف الإيمان!!؟