سعر الذهب اليوم فى السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 20 إبريل 2024    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    عميد تجارة الإسكندرية: السيطرة على سعر الصرف يزيد من فرص الاستثمار    المتحدث باسم الحكومة: الكهرباء بتقطع عندنا في مجلس الوزاء    ارتفاع ضحايا مجزرة "تل السلطان" برفح الفلسطينية ل 6 شهداء    عاجل.. انفجار قوي يهز قاعدة عسكرية بمحافظة بابل في العراق    سفيرة البحرين: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على وحدة الصف بين البلدين    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    أولمبيك آسفي يهزم يوسفية برشيد في الدوري المغربي    استون فيلا يفقد مارتينيز أمام اولمبياكوس في دوري المؤتمر الأوروبي    مدرب مازيمبي: عندما يصل الأهلي لهذه المرحلة يصبح فريقا هائلا    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    ملف يلا كورة.. عقل كولر.. قائمة الزمالك لمواجهة دريمز.. وتألق مرموش    تقارير: مانشستر سيتي يخطط للمستقبل بدون جوارديولا.. ومدرب جيرونا "خليفته المحتمل"    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    جنازة مهيبة للطفل ضحية جاره.. ذبحه داخل شقة في شبرا الخيمة    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    العثور على جثة طفل مذبوح داخل شقة سكنية بشبرا الخيمة    استعد لاحتفالات شم النسيم 2024: نصائح وأفكار لتجديد فرحة الربيع بأساليب مميزة    بليغ حمدي الدراما.. إياد نصار يكشف سر لقب الجمهور له بعد «صلة رحم»    أبرزهم عمرو دياب وإيهاب توفيق.. نجوم الفن فى زفاف نجل محمد فؤاد (صور)    آمال ماهر تتألق في حفلها بالتجمع الخامس.. صور    خالد منتصر: معظم الإرهابيين مؤهلات عليا    أدعية الرزق: مفتاح للسعادة والاستقرار - فوائد وأثرها الإيجابي في الحياة    تعليق مثير من ليفاندوفسكي قبل مواجهة «الكلاسيكو» ضد ريال مدريد    قطر تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد قبول العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    الحكومة تكشف حقيقة استثناء العاصمة الإدارية من قطع الكهرباء (فيديو)    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو.. خبير: عنف الجماعة لم يكن مجرد فعل على الثورة.. وباحث: كان تعاملهم برؤية باطنية وسرية    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    دخول مفاجئ للصيف .. إنذار جوى بشأن الطقس اليوم وبيان درجات الحرارة (تفاصيل)    باحث ل«الضفة الأخرى»: جماعة الإخوان الإرهابية تتعامل برؤية باطنية وسرية    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    إعلام عراقي: أنباء تفيد بأن انفجار بابل وقع في قاعدة كالسو    خبير ل«الضفة الأخرى»: الغرب يستخدم الإخوان كورقة للضغط على الأنظمة العربية المستقرة    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر (فيديو)    «عايزين نغني سطلانة زيكم».. عمرو أديب يهاجم بعض رموز النادي الأهلي (فيديو)    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بالغردقة    سر الثقة والاستقرار: كيف تؤثر أدعية الرزق في حياتنا اليومية؟    أدعية الرزق: دروس من التواصل مع الله لنجاح وسعادة في الحياة    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    مرض ضغط الدم: أسبابه وطرق علاجه    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    تجنب تشوه العظام.. أفضل 5 مصادر غنية بفيتامين «د» يجب عليك معرفتها    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    بفستان أزرق سماوي.. بوسي في حفل زفاف نجل شقيقة غادة عبد الرازق| صور    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    انتشال جثتي شابين غرقا في نهر النيل أطفيح    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    معلومات الوزراء يكشف أهداف قانون رعاية حقوق المسنين (إنفوجراف)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يهدمون مدينة الفنون بالعجوزة؟
نشر في صباح الخير يوم 09 - 10 - 2019


كتب: عز الدين نجيب
ها هى دعوة مريبة تسرى كالسم فى جسم الوطن، تستهدف القضاء على صرح فنى عظيم من عصر الستينيات، يقوم برسالة التنوير والإمتاع الراقى للجماهير، بالعروض المسرحية والاستعراضية والموسيقية والسيرك القومى والسينما والندوات الثقافية، إنها مدينة متكاملة للفنون تخدم محافظتى القاهرة والجيزة، ومن ورائهما جميع محافظات الجمهورية، باستقبالها عروض فرق الأقاليم وإقامة المسابقات للتنافس الإبداعى فيما بينها.
أتحدث عن مجمع المسارح والخدمات الثقافية ومسرح البالون والسيرك القومى بالعجوزة، الذى تتبنى إحدى نائبات البرلمان اليوم الدعوة لإخلائه من مكانه التاريخى ونقله إلى منطقة مطار إمبابة القديم، من أجل بيع الأرض المقام عليها- منذ عهد عبدالناصر- بعدة مليارات من الجنيهات، وكأنها التى ستحل جميع مشاكل مصر الاقتصادية، وهكذا يعيد التاريخ نفسه!.. ففى مثل هذا الشهر من عام 1990 انطلقت دعوة مشابهة لبيع مقتنيات متاحفنا من الفن العالمى بالمزاد العلنى بحجة تسديد ديون مصر الخارجية بعائدها، إلى هذا الحد بلغ الجهل بقيمة الإبداع الحضارى والقُوى الناعمة للتراث الثقافى، بل والجهل بمعنى الوطنية لدى بعض من يدّعون السعى لمصلحة الوطن، وها هو جيل جديد من النواب لم يتعلم الدرس بعد الهزيمة المتكررة لدعاة بيع المتاحف عام 1990 وسقوطهم المزرى فى نظر كل الوطنيين ومحبى الجمال.
غير أن ما يدعو للقلق هو أن آذان الحكومة- خاصة وزارة المالية- ترهف السمع لأصداء تلك الحملة وهى تتلمَّظ متلهفة على قبول الرأى العام للدعوة، حتى تبدأ تنفيذ ما عجزت عن تحقيقه عام 2017 لبيع عدة مواقع بالقاهرة منها منطقة مسرح البالون!.. إن كون الوزارة تكنوقراطية لا يعنى أن تكون بلا وعى سياسى،لكن الإقدام على مثل هذا المشروع فشل سياسى محقق، فبالرغم من أن مدينة العجوزة للفنون لا تقوم بعمل سياسى،فإن وجودها سياسى بامتياز، لأنها- من ناحية- حائط صد لوباء التطرف والإرهاب بما تبثه من وعى وفكر مستنير يعمل على تشكيل عقل ووجدان الشباب الذى لا يجد من يمتص غضبه وإحباطه بسبب الأوضاع الاجتماعية الخانقة، ومن ناحية أخرى هى واحة لاسترخاء أعصاب آلاف الأسر المحرومة من الحد الأدنى من الترفيه، فى خضم معاناتها اليومية مع شظف العيش، ناهيك عن احتضان المدينة للمواهب الفنية عبر عشرات الفرق المسرحية، وفرق الفنون الشعبية، وما يصحبها من غناء وموسيقى ورقص شعبى،تلك التى ترفع راية مصر فى كل المحافل الدولية التى تدعى إليها الفرق الفنية.
إن هذا المربَّع الذى يقع على الخط الفاصل بين محافظتى القاهرة والجيزة ويطل على النيل عند كوبرى الزمالك، يعد واحة ثقافية وترويحية متكاملة للفنون التعبيرية، تضم قطاع الفنون الاستعراضية والفرق القومية للفنون الشعبية والسيرك القومى ومسرح البالون ومسرح السامر ومسرح الغد وقاعة ومكتبة منف وإدارة السينما وإدارة المسابقات المسرحية والاستعراضية لفرق المحافظات، وهى واحة أو مدينة تشهد على رؤية الدولة فى الستينيات للثقافة باعتبارها ضرورة استراتيجية لبناء المواطن، تغذى وعيه وذائقته للفنون، مثلها مثل ضرورات الغذاء والصحة والتعليم، إلى جانب توفير عنصر الترفيه والمتعة بفنون السيرك وغيره كضرورة للترويح عن الإنسان.
إننى أناقش الأمر الآن بافتراض أن الحكومة استجابت لتلك الحملة، وأرجو ألا تفعل حتى ولو وفرت البديل فى المكان المذكور، ذلك لأن الموقع الحالى جزء لا يتجزأ من الهدف من وجود مدينة الفنون بالعجوزة كمعْلَم تاريخى وثقافى وحضارى لا يعوضه موقع آخر، فضلاً عن أننا نشك فى إقامته بعد هدمه لضخامة حجم التمويل فى المكان المقترح، خاصة أن خبرتنا الماضية تصدمنا بأمثلة تم فيها هدم معالم ثقافية بالغة الأهمية وظلت حتى الآن أنقاضًا خربة، مثل متحف الجزيرة، فى ساحة الأوبرا الذى يضم آلاف الأعمال الفنية العالمية، وبانورما القبة السماوية التى كانت منارة للعلم والمعرفة عن الكون من حولنا وعن المجرة من فوقنا، ومتحف تاريخ الإنسان «المسمى بمتحف الحضارة».. وهذه المعالم الثلاثة كان يضمها مبنى واحد هو «سراى النصر» على طرف الجزيرة بين فرعى النيل، وذهبت جميعًا بلا عودة، ومثلها قصر المسافرخانة بحى الجمالية الذى احترق فى ظروف غامضة أواخر التسعينيات، كأروع قصر إسلامى من القرن 19، وكان يضم مراسم الفنانين التشكيليين، وصرح وزير الثقافة فاروق حسنى آنذاك بأن لدى الوزارة جميع الخرائط والرسوم والتصميمات لمبنى القصر، وسوف يتم بناؤه من جديد على أساسها، كصورة طبق الأصل، وبالرغم من غرابة هذا التصريح عن أثر تاريخى لا يجوز استنساخه وإلا فقد صفته الأثرية، فإن مكانه لا يزال خرابة موحشة، وضاعت معه رسالته الحضارية كمركز إبداع للفنانين كانوا يواصلون من خلاله الدور الحضارى المصرى منذ فجر التاريخ، ولم يتم تعويضهم بمراسم فى مكان آخر حتى اليوم.
إذا كانت الدولة مقتنعة بدور الثقافة، وبأهمية مدينة الفنون بالعجوزة كجامعة تشبع احتياج الناس للفنون الرفيعة، وتعمل على حماية النشء من الانحراف نحو اتجاهات ضالة، وتُسَرِّى عن نفوس الأسر التى أرهقتها كروب الحياة، وتمثل مركز إشعاع ثقافيًا فى مرحلة تنطفئ فيها مراكز الإشعاع والتنوير والمتعة، فإن عليها أن تعمل بجميع السبل للحفاظ على هذه المدينة الفنية وتطويرها واستثمارها فى نفس موقعها العبقرى،لأنها جسر يربط بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، فعلى يسارها حى إمبابة الشعبى كثيف السكان عديم الحظ من مراكز الثقافة والترفيه، وعلى يمينها حى العجوزة كنموذج لأسر الطبقة المتوسطة، وفى مقابلها حى الزمالك كحى أرستقراطى ودبلوماسى ومركز مهم لكليات الفنون وقاعات المعارض التشكيلية، ومن وراء هؤلاء جميعًا أحياء القاهرة بمختلف مستوياتها الطبقية بل وجميع المحافظات، ما يعطيها بحق صفة المشروع القومى.
إن تقدم الأمم يقاس بما تملكه من مؤسسات الثقافة والفنون والعلم وكل ما يبنى عقل ووعى وذوق الإنسان، ومصر كانت تزهو بما تملكه من هذه المنارات، فإذا لم تستطيعوا إضافة منارات جديدة، فعلى الأقل لا تهدموا ما ورثناه من منارات بُنيت فى زمن يعرف قدر الثقافة فى بناء الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.