«عماد دبور» كاتب ومنتج سينمائى وتليفزيونى تونسى، ويُقدم أحد أشهر البرامج التونسية بعنوان «مش ممنوع»، وهو أيضًا يحمل لقب دكتور فى أنثروبولوجيا الدراسات التاريخية الدينية واللغوية، يحلل وضع المشهد الإعلامى التونسى حاليًا، وارتباط تحولاته بالتغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية المتلاحقة، خارج صندوق التوقعات كان معنا عماد فى الحوار التالى: • بداية.. ماذا عن موقع الإعلام التونسى فى خريطة الإعلام العربى فى تقديرك؟ - الإعلام التونسى هو واحد من قلائل المدارس فى العالم العربى، الذى يملك تاريخًا مع الورق والصحافة، الراديو والتليفزيون، ويشترك فى البدايات ومراحل التطور مع مصر وبلاد الشام والعراق، فالتجربة دائمًا بالضرورة تحتاج إلى تراكم وتاريخ. وحتى البلدان التى لا تملك تاريخًا إعلاميّا تراكميّا، فقد قامت باستيراد الخبرات لتحقيق النقلة النوعية، على سبيل المثال «العربية» نجحت فى استيراد صحفيين من مختلف البِلدان العربية مثل: مصر وتونس ولبنان والمغرب. .. وبالعودة إلى موقع الإعلام التونسى فى الإعلام العربى، فالجواب اليوم لم يَعُد فقط يرتبط بدور الإعلام مَهْمَا كانت جنسيته بالمحلية فقط، فالإعلاميون «التوانسة» مثلًا ستجدهم على رأس مؤسسات إعلامية كبرى فى الأخبار والرياضة أساسًا. • مع ما نشهده من تقدُّم تكنولوجى.. كيف تقيِّم الإعلام التونسى؟ - نهضة الإعلام المحلى الأخيرة أتت متأخرة، وذلك نتيجة تجاوز التكنولوجيا للإعلام وأساليبه القديمة، وثورة المعلومات والاتصال، أيضًا تأخُّر جرعة الحريات التى جاءت بعد تهاوى زمن الجرائد والمجلات، وفى سياق موت التليفزيون مقابل صعود إعلام الإنترنت. • ماذا عن أبرز ملامح التحول أو التطور فى الإعلام التونسى عقب 2011؟ - الحرية منحت الإعلام التونسى الخروج من اللغة النمطية والكلام المُعَلب الذى لم يعد ذا فائدة للآخرين، ولم يَعُد يلمس احتياجاتهم الفكرية والإخبارية والترفيهية. ولكن ينبغى الإشارة إلى ما ترتب على ذلك من تحديات جديدة، بالتزامن مع تصاعد موجة برامج الرداءة التى اجتاحت الكثير من شاشات التليفزيون والقنوات العربية عمومًا، والتى اشتهرت باعتنائها الشديد بفضائح الآخرين واللعب على سذاجة البعض، وحب الظهور، وجوع السياسيين للإعلام؛ خصوصًا نِسَب المشاهدة. • وماذا عن أبرز الإيجابيات؟ - التطور المشهود، الذى ينبغى الإشارة إليه، هو فى النقلة النوعية فى عدد وسائط التواصل الاجتماعى، والتوجُّه أكثر نحو إعلام حُرّ، يتصارع مع إعلام ردىء، مَعْنِىٌّ فقط بالإثارة، وهى ما لا شك فيه معادلة صعبة وصراع سيتواصل. • هل نجح الإعلام التونسى فى القيام بالدور المرجو منه؟ - بالتأكيد هناك محاولات جادة فى مجالات الرياضة والترفيه والسينما والأخبار والاجتماعيات. فنحن نحاول بالتعاون مع بعضنا البعض أن نعيد للبوصلة مسارها، فالإعلاميون الجادون حاضرون دائمًا، وعلى استعداد تام للعمل بجد وكفاءة . • ما النقلة الحقيقية فى تاريخ الإعلام التونسى من منظورك؟ - هناك نقلات كثيرة، وأصبحتُ مقتنعًا على عكس الماضى أن الحُرية وحدها لا تصنع إعلامًا جيدًا، ولا تأتى بإعلاميين متميزين، فهناك شروط أخرى إلى جانب الحرية، فأغلب الإعلاميين المتمرسين عملوا فى ظروف المراقبة ورُغم ذلك نجحوا. • إلى أى مدى نجح الإعلاميون فى التعبير عن الواقع المجتمعى؟ - بنسب كبيرة جدّا، وللعِلم فالراديو يعود وبقوة، ولكن أعتقد أن التليفزيون فى طريقه إلى الزوال كما الجرائد، رُغم أن تأثير التليفزيون لايزال قويّا، ولكنه يتراجع لفائدة وسائط تكنولوجية أخرى ك«اليوتيوب»، أمّا الإذاعات فالمعروف عنها أنها تُعبر كثيرًا عن الواقع وتلتصق بالمحلى كثيرًا. • أيهما أكثر تأثيرًا فى المشاهد التونسى والعربى.. التليفزيون أمْ الإذاعة؟ - أعتقد الإذاعة، وإن كان لايزال دور التليفزيون قويّا، وأقول لايزال لكنه بدأ فى التراجع وبشكل رهيب. • مَن الإعلامى أو الإذاعى الذى نجح فى حَفر بصمته فى التليفزيون أو الإذاعة التونسية فى الماضى والحاضر؟ - نجيب الخطاب، صالح جغام، بالإضافة إلى أسماء أخرى مثل: عبدالعزيز العروى، والحبيب بورقيبة، الذى فهم جيدًا دور التليفزيون والإذاعة، ومن خلال خطبه، التى تذاع كل يوم قبل الأخبار نراقب أسلوبه فى الحديث، كيف كان يتحدث بلغة الشارع، لقد كان بورقيبة رئيسًا وإعلاميّا ذكيّا.