فى اليوم الواحد نرى صراع دائم بين خصمين النهار والليل لانعلم أى منهما يمتلك البداية أو حق عليه الرحيل ،النور والظلام كمخلوقات مسيرة لا تعرف هذه الخصومة فكل منهما يؤدى دوره فى الكون راضيا وفق أنضباط ألهى عظيم. . هذه الحركة الدائرية التى لا تتوقف بين النهار والليل تعمل فى خدمة الأنسان الكائن العاقل الذى يعطيه عقله القدرة على التجاوب مع الأثنيين ويسخرهما فى خدمة حياته. من الناحية الحياتية يحقق النهار والليل فائدة للأنسان ،يمنح النهار للأنسان سر الحركة والسعى فى الأرض ،يعطى الليل للأنسان ساعات من الراحة تعينه فى كفاحه المستمر على هذا الكوكب الذى يسوده. تبدو هذه الحركة بالنسبة لعقل الأنسان أمر طيب لا تحتاج منه الى كثير من التعقيدات يأخذ من النهار مايعينه ويعطيه الليل السكينة لكن دائما ماتأتى النفس الأنسانية وتجالس العقل وتبدأ فى تعقيد البسيط. تصور النفس للعقل أن الميزان الذى يدير الحركة فى غير صالح الأنسان تطرح عليه الأسئلة بألحاح لماذا لايكن نصيب الأنسان من الراحة التى يوفرها الليل أكثر ؟ لماذا يكد الأنسان ويسعى وقد لاتتحقق أهداف كده وسعيه ؟ تمتلك بعض العقول حكمة تصرف غواية النفس عنها وترى فى حركة النهار والليل عين الأنضباط لكن هناك عقول واهنة تستسلم للغواية وتعطى للنفس كل المساحة فى السيطرة على مقدراتها . يتحول أغواء النفس الى تدبير ترى فى الليل الطيب الذى يعمل فى خدمة الأنسان منذ الأزل صورة أخرى وقوة مستترة تمنح الليل أسما شريرا بعيدا عن حقيقته تسميه الظلام. تعود للعقول الواهنة بأختراعها الجديد ..الظلام ،تستمع العقول الواهنة الى حديث النفس فى شره تهيأ لهم أن فى الظلام قوة قادرة على تحقيق كل أحلامهم المشروعة وغير المشروعة وراحة من كل سعى وكد ، تقول فى سعادة ودهاء قوة الظلام تلتهم الزمن ما يتحقق فى سنوات بالعمل ينفذه الظلام فى ساعات دون أى عمل. تفرح العقول الواهنة بسر القوة الجديدة وتسرف فى أستخدامها فيتولد من الظلام الكائن الأكثر شرا .. الظلم . لا تتوقف العقول الراشدة متفرجة على عبث النفس وسيادة الظلام وتفشى الظلم تتحالف سريعا مع النهار وتستمد من روحه الطيبة النور سر الحياة والنور يتولد منه العدل. الظاهرة الفلكية الطيبة الحاكمة للنهار والليل التى تعمل على خدمة الأنسان أستلهمت منها النفس بغوايتها صراع وجودى بين النور والظلام وأوقعت الأنسان فى فخ هذا الصراع. يتحالف الأقوياء مع النور أما الضعفاء فيسقطون فى غواية الظلام ظانيين أن فى هذا السقوط قمة الأرتفاع. تنبه المصرى القديم لهذا الصراع الوجودى بين النور والظلام لم يسقط فى غواية الظلام ، تحالف عقله مع النور ورأى فى غواية الظلام الهلاك كل الهلاك. عندما يأخذك السير فى ربوع مصر الطيبة تجد فى كل أرض تطأها أثر هذا التحالف العميق الثابت بين المصريين والنور فهم لم يجدوا فى الظلام أى قوة بل وجدوا فى أتباع طريقه الخذلان والندم. مد التحالف مع النور العقل المصرى بقوة جبارة أسمها القدرة على البناء ونشر العمران وضيق شديد من مظاهر الخراب وعبث الفوضى قد نظن أن هذه القوة تتجلى فقط فى الأهرامات وهندستها المحكمة البديعة او فى المعابد رمز الأيمان الراسخ فى الوجدان المصرى أو فى نشأة فكرة الدولة على الأرض المصرية منذ لحظة ميلاد الأمة المصرية. الحقيقة هذه القوة الجبارة تتجلى فى كل يوم على الأرض المصرية بفعل الأنسان المصرى الساعى الى العمران الرافض للخراب الكاره للظلم المحب لقيم العدل./ يرى المصرى منذ القدم أن اليوم هو الميدان الذى سينتصر فيه على الظلام ويجدد فيه تحالفه الدائم مع النور تجده يسعى بجد من أجل رزقه لايريد أن يجور على أرزاق الأخريين خشية الوقوع فى دنس الظلم أستطاع الظلام فى عقود ماضية أن يغوى بعض أجزاء من العقل المصرى عن طريق أفة لعينة أسمها الفاشية الدينية. هذا الأغواء كان غرضه الرئيسى أن يتخلى العقل المصرى عن قدرته فى البناء ونشر العمران ويجد فى الخراب والفوضى أسلوب حياة وظن الظلام وحلفائه الفاشيست أنهم نجحوا الى حد بعيد فى تحقيق غرضهم. تصور الظلاميون الفاشيست أن العقل المصرى يمكن أن يعتاد على الدماء والقتل والتدمير وينقض تحالفه مع النور لكن غاب عن الفاشيست أن هذا العقل ورائه حضارة عريقة تأسست على النور وماهم وظلامهم الخبيث سوى زوبعة من تراب سيزيل العقل المصرى أثارها السخيفة عنه فى ثوانى معدودات . عزز الغباء التليد الذى تملكه الفاشية الدينية من هزيمتها السريعة أمام العقل المصرى أنطلق جنون الفاشية يدمر ويقتل ويسفك الدماء ظن الفاشيست هنا أن العقل المصرى سيعتاد على جنونهم ويرى فى جنونهم عين العقل بعد أن يفرض عليه فى الواقع. توهم الفاشيست أن صمت العقل المصرى أستسلام ونجاح لخطتهم ولأنهم دخلاء على الشخصية المصرية فلم ينتبهوا أو يسمعوا مواويل الصبر التى رددها ويرددها المصرى منذ جلس على شاطئ النيل يراقب جريانه المطمأن الصبور ممسكا بأبتكاره الموسيقى البسيط الناى. تعلم المصرى من جريان النهر معنى الصبر وانضباط القوة فهذا المسالم يتحول الى أقصى عنفوان الغضب عند فيضانه مطيحا بكل عائق أمامه. لم يفهم الفاشيست طبيعة النهر الخالد فى جريانه لأن الفهم يحتاج الى أن تحب وهم محملين بالكراهية والحقد لذلك أدار لهم النهر الوجه الغاضب العبوس. أنها أساسيات الشخصية المصرية التى تغيب عن الغرباء والفاشيست بحقدهم غرباء عن الهوية المصرية المتحالفة مع النور لكن هل طهر عنفوان الفيضان العقل المصرى من كل أثار الفاشية والفاشيست ؟. بالتأكيد هناك أثارهنا أو هناك مازالت متبقية من هذه الهجمة الظلامية الشرسة التى تعرض لها العقل المصرى لكن الشخصية المصرية تمتلك القدرة على أزالة أى أثر شرير متبقى من هذه الهجمة. تمتلك الشخصية المصرية ذاكرة تاريخية تعطيها خبرة تعلمتها على مدار ألاف السنين فى قدرتها على الفرز ولا يقف الزمن عائق أمامها فى القيام بهذا الفرز وأزالة الأثر. يقوم العقل المصرى الأن عقب الأطاحة بالفاشيست بعملية مراجعة شاملة لكل ماهو دخيل على هويته الأصيلة ويستبعد فى صبر وحكمة هذه الشوائب فى دقة متناهية. لا تقاس عملية الفرز والمراجعة تلك بالمستوى الزمنى البشرى لكنها تقاس وفق زمن الأمم والأمة المصرية كما تحالفت مع النور تصادقت مع الزمن وتراه معين لها ولا تستعجله فى تحقيق أهدافها. قد يريد البعض السرعة فى عملية الفرز والمراجعة لكن حركة الأمم لا يمكن أن تسير حسب الأهواء لأن ماتقوم به الأمة المصرية حاليا وذاتيا أكثر عمقا وتأثيرا فى الشخصية والهوية المصرية . الأمة المصرية الأن تشييع الظلام والظلاميين الى قبورهم وتعيد تجديد تحالفها العريق مع النور.