فى أجواء التوتر والقلق السياسى التى تشهدها واشنطن فى الأسابيع الأخيرة من الطبيعى أن يتساءل البعض إذا كان هذا هو ربيع واشنطن فماذا سيكون حال صيفها؟ بالتأكيد ساخنًا وبالطبع أكثر من ذى قبل. خاصة أن الملفات الدولية بدلًا من تسكينها أو الحفاظ على سكونها يتم تسخينه، وإشعال توترها سواء كانت هذه القضايا تخص: إيران أو روسيا أو كوريا الشمالية أو فنزويلا، أو غيرها من دول العالم. ووسط هذه الأجواء الساخنة جاء الاحتفال بعيد الأم كمحاولة للخروج من هذه المعمعة الواشنطنية واللجوء إلى البيت حيث الهدوء والأكل الطيب والونس العائلى وحديث يحاول أن يبتعد ولو قليلًا عن السياسة ووجع الدماغ والقلب!! الأم فى أمريكا مع الاحتفال بيوم الأم فى أمريكا 12 مايو 2019 وهو يتم يوم الأحد الثانى من شهر مايو من كل عام أصدر معهد بيو للأبحاث دراسة حالة لرصد ماهية حالة الأمومة فى الوقت الحاضر على امتداد الولاياتالمتحدة. وذلك بعد مرور أكثر من مائة عام على بدء الاحتفال بهذا العيد السنوى. وأهم ملامح هذه الحالة حسب رصد بيو أن نسبة كبيرة من أمهات هذه الأيام يصبحن أمهات فى مراحل متأخرة من أعمارهن وهن الحاصلات على شهادات تعليمية عليا وأيضًا نساء عاملات فى سوق العمل. وأن هؤلاء الأمهات يعتبرن أيضًا المصدر الرئيسى أو ربما الوحيد لإعالة الأسرة! ظاهرة اجتماعية لم تعد غريبة فى المجتمع الأمريكى وصار معتادًا أن نرى آباء كثيرين يمارسون أبوبتهم لساعات طويلة ويقومون برعاية الأطفال واصطحابهم للحدائق العامة، وأماكن الترفيه خلال ساعات النهار. تأثير هذا التغيير على العلاقات الزوجية وأيضًا الأسرية وعلاقة الأبناء بالآباء لم يعد بالأمر المسكوت عنه، وتتم مناقشته علنًا، وفى وسائل الإعلام من أجل تحسين التعامل مع المستجدات والاستفادة منها بأفضل ما يمكن طالما أنها صارت سمة العصر! وذكرت دراسة بيو أن النساء اللائى تتراوح أعمارهن ما بين 40 و44 سنة وقررن خوض تجربة الأمومة وصلت نسبتهن إلى 86 فى المائة فى عام 2016. فى حين لم تزد هذه النسبة عن 65 فى المائة فى عام 1994. وأشارت الدراسة إلى أن متوسط عمر المرأة لتكون أمًا صار 26 سنة فى عام 2016. وكان 23 سنة فى عام 1994. وتبين من الدراسة أيضًا رغم كثرة الأمهات العاملات فإن أغلبهن يخصصن ساعات أكثر فى رعاية أطفالهن والمشاركة فى حياة أسرهن. وهنا تثار مسألة أخرى تخص قدرة المرأة ومرونتها على القيام بكل هذه المهام فى وقت واحد، وأيضًا مدى تعاملها، وتكيفها مع الضغوط النفسية المتوالدة والمتراكمة مع ازدحام البرنامج اليومى بالمزيد من المهام والمسئوليات. وما يلفت النظر بشكل عام فى دراسة بيو الخاص بالأمومة فى أمريكا تزايد نسبة الأمهات اللائى ولدن فى بلاد أخرى غير أمريكا إذ إن أكثر من ثلث مواليد فى ثلاث ولايات كبرى فى عام 2015 كانوا أبناء وبنات نساء ولدن خارج أمريكا. وهذه الولايات الثلاثة هى: نيوجيرسى ونيويورك وكاليفورنيا. والحديث عن يوم الأم يأخذنا إلى اقتصاديات الاحتفال به. وقد قدر حجم بيزنس يوم الأم هذا العام وتحديدا الهدايا بأكثر من 25 مليار دولار. بالإضافة إلى ملايين أخرى ترتبط بشكل أو آخر بيوم الأم.. مثل اقتصاديات المطاعم والفنادق وكل ما يمكن يعد مكانًا أو فسحة لقضاء أحلى الأوقات مع ست الحبايب. ومعروف أن قائمة الهدايا ولسنوات طويلة تصدرتها الزهور والورود.. بالإضافة إلى كروت المعايدة والمكالمات الهاتفية عبر مئات أو آلاف الأميال من أجل التهنئة بيوم الأم وقولنا شكرًا لها وتقديم أطيب التمنيات بدوام الصحة، وبطول العمر لكل من تحمل لقب الأم. حان وقت تحطيم الفيسبوك أو تفكيكه بهذا العنوان الصارخ والصادم كتب كريس هيوز مقالة مطولة فى موقع «نيويورك تايمز» نشرت فيما بعد فى العدد الأسبوعى للصحيفة الأمريكية الشهيرة. وفجر هيوز بها قنبلة فى الأوساط الإعلامية والسياسية الأمريكية. تحطيم الفيسبوك أو تفكيكه، ثم إعادة هيكلته من جديد صار حديث أمريكا خاصة أن المطالب به كريس هيوز كان أحد مؤسسى الفيسبوك مع مارك زاكربرج وشركاء آخرين وانفصل عنه قبل أن يصبح هذا الوسيط للتواصل الاجتماعى عملاقًا تكنولوجيًا مهيمنًا ومسيطرًا على قلوب وعقول ملايين من البشر.. وصار مملكة عدد سكانها تجاوز ال2 مليار من البشر. إن الفيسبوك بتعبير آخر صار الوحش العملاق الضخم الذى يجب أن تتصدى له الحكومة الأمريكية. كريس هيوز يبلغ من العمر 35 عاما وتقدر ثروته ب430 مليون دولار. أما مارك زاكربرج بالمناسبة تقدر ثروته ب70 مليار دولار ويبلغ من العمر 34 عامًا. لقد حرص هيوز فى مقالته أو عريضته المطولة على القول إن مارك زاكربرج إنسان جيد إلا أن الشركة التى ساهم فى إنشائها (ويقصد الفيسبوك) يعد تهديدًا لاقتصاد أمريكا وديمقراطيتها. وشدد بأن لدينا الأدوات التى نحتاجها للحد من هيمنة الفيسبوك. ولم يأت هيوز بجديد حول هذا الأمر بقدر ما هو مثار أصلًا فى الساحة الأمريكية والساحات العالمية من أجل وضع حد للتغول الفيسبوكى، إذا جاز هذا التعبير وتلجيم سيطرته ونفوذه على الحياة السياسية والاجتماعية لشعوب العالم. كم من الجرائم ترتكب باسم الفيسبوك أو عن طريقه. وفى السباق الانتخابى الرئاسى الأمريكى لعام 2020 والذى نعيش مراحله الأولى نجد على سبيل المثال المرشحة الديمقراطية اليزابيت وارن تشير إلى خطر توسع الفيسبوك وتحذر من نفوذه وهيمنته واحتكاره وتحكمه فى حركة التواصل الاجتماعى وتبعات تدخله فى الحريات الشخصية واختيارات المواطنين. ردود أفعال جهات عديدة لدعوة هيوز بتحطيم الفيسبوك صارت جزءًا من الجدال المثار على نطاق واسع فى المشهد الأمريكى. نيك كليج نائب رئيس الفيسبوك للشئون العالمية والاتصالات أرسل برد على ما أثاره هيوز ونشرته «نيويورك تايمز» تحت عنوان «تحطيم الفيسبوك ليس هو الحل». ذكر فيه كليج أن وضع تشريعات وقوانين أفضل هى الطريقة من أجل إصلاح وسائل التواصل الاجتماعى. وليس معاقبة النجاح. وأن السيد هيوز كان صائبًا عندما ذكر أن الشركات يجب أن تحاسب على أفعالها. وأشار نائب رئيس الفيسبوك فى رده إلى أن شركة الفيسبوك يعمل بها حاليًا أكثر من 38 ألفا من الموظفين على مستوى العالم وأن كل يوم أكثر من اثنين مليار من البشر فى العالم يستخدمون الفيسبوك والانستجرام أو أى وسيط من وسائط الشركة. كما أن هناك أكثر من 90 مليون من مشروعات صغيرة تتواجد وتتفاعل عبر الحدود بسبب استخدام وسائط شركة فيسبوك. كما أن بجانب التجارة وعمليات البيع والشراء يتم جمع التبرعات وإطلاق الحملات عبر نحو 200 دولة.. وذكر كليج أيضًا: «نحن نفتخر بهذا الإنجاز» لا شك أن قوى تكنولوجية واقتصادية وسياسية عديدة فى أمريكا وفى العالم كله تسعى لتحجيم التوسع الفيسبوكى تحت مسميات مختلفة. كما أن مواجهات ومصادمات تشريعية وسياسية حادة فى الطريق. أن الفيسبوك مثل الأمازون يتم التصدى لها إعلاميًا وسياسيًا.. وسوف نشهد مكاشفات ومحاسبات كثيرة فى الأيام المقبلة تؤكد أن النجاح المتنامى أو المتصاعد له ثمنه وتبعاته.. وله طبعًا حدوده وخطوطه الحمراء!