عندما تقرأ مصطلح "Molka" قد تظن أنها أسم لموجة فنية جديدة أو أبتكار جديد فى عالم الموضة لكن هذه المولكا بعيدة تماما عن الفن والموضة أنها ظاهرة أجرامية تعانى منها كوريا الجنوبية ظاهرة المولوكا هى قيام عصابات أجرامية منظمة أو شواذ التفكير بزرع كاميرات مراقبة خفية فى غرف الموتيلات لتصوير اللقاءات الحميمة بين النزلاء أو الأماكن الخاصة بالسيدات. قبل أيام أستطاعت أجهزة الشرطة فى كوريا الجنوبية القبض على أحدى هذه العصابات وكشفت التحقيقات أرقام مزعجة عن حجم تغلغل هذه الظاهرة الشاذة فى المجتمع الكورى الجنوبى. قبضت الشرطة على عصابة مكونة من ثلاث أشخاص أستطاعوا التسلل الى 30 فندق وموتيل وزرعوا كاميراتهم الخفية فى الغرف وقاموا بالتصوير لمدة ثلاثة أشهر ليحصلوا فى النهاية على أكثر من 1600 تسجيل للقاء حميم بين أزواج وزوجات أو عشاق ظنوا أنهم بعيدين عن الأعين. لم تكتفى عصابة المولكا بالمراقبة والتسجيل بل ساعدتها قدرتها التكنولجية على تشغيل موقع ألكترونى على الشبكة العنكبوتية المظلمة أو مايطلق عليه الجانب القذر من الشبكة المعلوماتية البعيد عن مراقبة الأجهزة الأمنية ويسمح بشراء المخدرات وتبادل الرسائل بين الإرهابيين وترتع فيه عصابات الأستغلال الجنسى للأطفال بعرض صور وأفلام لهم. يقوم الموقع الألكترونى الذى أنشأته عصابة المولكا بالبث الحى للقاءات الحميمة مقابل أشتراك يدفعه شهريا المشترك فى الموقع أما تسجيل اللقاء فله سعر خاص .. بالتأكيد كان شعور الضحايا مأساوى عندما علموا أن لحظاتهم الخاصة كان يشاهدها الألاف على الهواء مباشرة. حققت عصابة المولكا من وراء عمليتها القذرة أرباح تقدر بألاف الدولارات ، قد تأخذك التفاصيل المثيرة حول عملية عصابة المولكا فى التقرير الذى نشرته وكالة رويتر والدوتش فيلا لكن أذا أستبعدنا الأثارة من الموضوع سنجد أننا أمام حالة تواطأ مجتمعى أنتج تلك الظاهرة. فهناك من سهل لهذه العصابة الدخول الى 30 فندق وموتيل هذا غير المشتركين الذين أسرعوا بالألاف ليشتركوا فى الموقع ليشبعوا رغباتهم الشاذة .. نترك قليلا الكوريين ونذهب الى كوكب اليابان فرجال الشرطة فى اليابان مشغولين هذه الأيام بمطاردة 2000 حذاء فى شتى أنحاء اليابان وبالتأكيد هذه ليست أحذية عادية. وصلت معلومات لرجال الشرطة فى اليابان بوجود موقع ألكترونى متخصص فى بيع أحذية للرجال مزودة بكاميرات غاية فى الدقة والتقدم التكنولجى وتسجل أيضا أما الغرض من هذه الأحذية وكاميراتها فهى السماح لمشتريها من الرجال بمراقبة ماتخفيه النساء تحت التنانير التى ترتديها فى الأماكن العامة !! لم تكن تلك الواقعة الأولى فظاهرة التصوير الخفى تعانى منها اليابان منذ فترة وهى مماثلة للمولكا الكورية ولكن بالأسلوب اليابانى ويعمل رجال الشرطة فى اليابان على محاصرة جانبها الأجرامى ولكن أيضا تكشف هذه الظاهرة الشاذة وجود حالة تواطأ مجتمعى فلايمكن أن تقوم بييع سلعة ألا لو كان هناك رغبة فى شرائها سواء كانت السلعة شرعية أو غير شرعية. تطرح هذه الوقائع والظواهر الشاذة عدد من الأسئلة على عقولنا لأنها نتجت وحدثت فى مجتمعين نراهما حسب ماهو ظاهرمن أكثر المجتمعات تقدما وأنضباطا على مستوى المجتمع البشرى فكيف تعانى هذه النوعية المتقدمة من المجتمعات من هذا الشذوذ المخيف ؟. ينظر العالم كله وخاصة فى مجتمعنا الى اليابان بأنبهاروأحترام شديد يصل الى درجة العجز النفسى عن عدم قدرتنا على تحقيق المنجز الحضارى الذى وصلت أليه اليابان وشعبها ولكن داخل هذا المجتمع اليابانى يوجد رجال يدفعون أموال ليست بالقليلة لشراء أحذية بها كاميرات سرية لمراقبة ماتحت تنانير النساء. أما التجربة الكورية فهى الحاضرة دائما فى المقارنة بين ماأنجزوه وبين ما أنجزناه خلال الستة عقود الماضية وأيضا داخل التجربة الكورية توجد ظاهرة المولكا التى وصل خطرها الى الدرجة التى دفعت النساء الكوريات الى الخروج فى مظاهرات بالعاصمة الكورية سئول من أجل طلب الحماية من الدولة لكى تضع تشريعات قانونية رادعة للحد من هذه الظاهرة الأجرامية الشاذة وهو ما بدأته بالفعل الدولة فى كوريا الجنوبية. نعود الى الأسئلة هل يقمع التقدم المادى الأقتصادى التكنولجى الظواهر الأجرامية الشاذة فى المجتمعات ؟ بالتأكيد الأجابة واضحة فرغم الدرجة التى وصل أليها كل من المجتمعين الكورى واليابانى من التقدم يعانيان من أنحطاط أخلاقى تعمل أجهزة الأمن على ردعه لأنه أصبح يهدد سلامة المجتمع. قبل الأسترسال فى الأسئلة يجب أن نتوقف قليلا عند التجربتين الكورية واليابانية وما تحقق من تقدم أقتصادى تكنولجى مبهر لا شك أن المجتمعين بذلا مجهودا شاقا للوصول الى هذه الدرجة من التقدم بعد الحرب العالمية الثانية لكن يجب ألا ننسى أن الدولتين يقعا فى نطاق الأحتلال الأمريكى المباشر وهو ثمن فادح تدفعه أى أمة من حريتها وكرامتها وموروثها الحضارى لأجل الحصول على هذا التقدم وبالتأكيد تجربتى كوريا واليابان عكس تماما المنجز الصينى الذى يرفض الهيمنة الأمريكية. الحقيقة أن التقدم الأقتصادى التكنولجى المبهر الذى تحقق فى اليابان وكوريا هو جزء من الرأسمالية الأمريكية المهيمنة وحتى على المستوى التكنولجى فأصل الأفكار المبهرة قادم من مراكز الأبحاث الأمريكية وتعمل التكنولجيا فى البلدين على تطوير أصل الفكرة تعمل البروماجندا الأمريكية على الترويج دائما للتجربتين اليابانية والكورية مع محاولة أخفاء سطوتها عليهما وأعطاء التجربتين أستقلالية زائفة. تحاول البرومجاندا الأمريكية أيصال رسالة تقول بأن كل من يتبع النهج الأمريكى سيحصل على التقدم المنشود وبالتأكيد تخفى ألة الدعاية الأمريكية الجبارة النصف الثانى من الرسالة أو الثمن المدفوع لمنح هذا التقدم من كرامة وحرية الأمم ويكفى أخبار حوادث الأغتصاب التى يرتكبها الجنود الأمريكيين فى المدن اليابانية التى تقع على أرضها القواعد العسكرية الأمريكية. زرت منذ عامين العاصمة الكورية سئول وأستوقفنى مشهد جنود الجيش الأمريكي يتجولون بزيهم الرسمى فى شوارع العاصمة الكورية ويتحركون فى تعالى واضح لم أستسيغ المشهد أو أعتاده فمنذ وعيت على هذا العالم لم أرى فى شوارع وحارات هذا البلد الطيب ألا ضباط وجنود يرتدون زى الجيش المصرى. تأتى عدم الأستساغة من التركيب الجينى للشخصية المصرية فهى شخصية مسالمة الى أقصى درجة ولكن يمكن أن ينقلب هذا السلام الى ألة حرب لن تتوقف عن القتال مهما كان حجم العدو وقوته وعندما تبحث عن اسباب التحول ستتلخص لك فى سبب واحد لقد تم المس بكرامتها وقد يأتى هذا المس من عدوأراد أحتلال الأرض أو أحتلها بالفعل وظن أنه لن يخرج منها فخرج مدحورا. عندما تحلل صراع الأمة المصرية الموغلة فى التاريخ مع أعدائها ستجدأصل الصراع رفضها للأهانة أو التطاول على ذاتها منذ أن أراد ملك الهسكوس من حاكم مصر ذبح أفراس النهر لأن أصواتها تزعجه .. أستخف الأبله بالشخصية المصرية ولم يدرك الهكسوسى خفيف العقل حجم ما حركه على نفسه وقومه من غضب فنزل عليه المصريين صواعق ليندثر هو وبنى جلدته ولا تجد لهم أثر. نعود للأسئلة التى يطرحها علينا هذا الشذوذ المخيف فى المجتمعين الكورى واليابانى ..هل تجربة التقدم فى المجتمعين الممزوجة بالأحتلال أو على ألأقل الهيمنة على المجتمعين من قبل الولاياتالمتحدة طوال عقود دون أدنى مقاومة تذكر صنعت تشوه عميق فى المجتمع؟ ..هل لا نرى هذا التشوه لأنه يختفى وراء جدار لامع تم بنائه بالدعاية والأبهار التكنولجى وأرقام التفوق الأقتصادى ؟ ... أم لا يوجد هذا التشوه العميق فى المجتمعبن وماحدث مجرد شذوذ مجتمعى سيتم التعامل معه بعقلانية ؟ عشرات الأسئلة تستدعى نفسها وتبحث عن أجابة مما يستلزم أن نعود للبحث من جديد.