يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة، هو يوم العيد عند آلاف الأسر المصرية التى أجلت الاحتفال بعيد الفطر بسبب الامتحانات، التى تزامن موعدها مع إجازة العيد، وأن تظل الأيام على وتيرتها السابقة حتى ينتهى العام الدراسى بأمان دون خلل بالنظام الذى بدأته الأسرة منذ صيف 2017. ظنت الأسر أن كابوس الثانوية العامة سينتهى يوم ظهور النتيجة، وفرحتهم بتعب ومجهود عام بأكمله، لكنه كان بداية معركة جديدة مع الثانوية العامة التى لم تنصف الطلاب فى المذاكرة والدراسة وحتى فى النتيجة. 94.5 % هو مجموع «إسراء محمد» فى الثانوية العامة، وابنة خالتها «بسنت العليم» التى شاركتها رحلة المذاكرة والدروس الخصوصية وبالتبعية استكملت معها مشوار التظلم، حصلت هى الأخرى على مجموع 95.5% فى شعبة علمى علوم لتسيطر حالة من اليأس والإحباط على العائلة بأكملها، وعاد الأهالى من جديد فريسة لقلق الانتظار، ولكن الآن فى انتظار مؤشرات التنسيق. قرار التظلم كان الأمل الوحيد لإنصافهما من المجموع غير المتوقع، وبالفعل توجهت البنتان إلى مديرية التربية والتعليم لطلب تظلم فى المواد ذات الدرجات القليلة لتكون المفاجأة وجود المئات من طلاب الثانوية العامة من جميع محافظات الجمهورية لتقديم تظلمات. قدمت كل واحدة من البنات تظلما فى المواد الشائكة مقابل 100 جنيه للمادة الواحدة، وتم تحديد موعد لانعقاد لجنة التظلم فى واحدة من المدارس التى تم تخصيصها للجان التظلم. موعد مع ورقة الإجابة فى مدرسة من مدارس منطقة السيدة زينب، كانت إسراء على موعد مع لجنتها الجديدة، لكن هذه المرة لمراجعة ورقة الإجابة مع نموذج الإجابات الذى تم التصحيح من خلاله، وبالفعل توجهت إلى المدرسة التى لم تعرفها من قبل مع والدتها لمتابعة إجراءات التظلم. بعد التفتيش والتأكد من شخصية الطالبة توجهت إلى اللجنة التى تم تخصيصها لها، لتجد مراقبا يعطيها ورقة الإجابة الخاصة بها مع نموذج الإجابات المثالية الذى تم التصحيح على أساسه، لكى تعرف لماذا خسرت 7 درجات فى مادتى اللغة العربية والكيمياء. ظلت إسراء تراجع ورقتها فى حالة من الدهشة والاستنكار بسبب مطابقة إجابتها بالنص مع نموذج الإجابة الذى تسلمته فى مادة اللغة العربية، ورغم ذلك تم تصحيح عدد من الإجابات على أنها خطأ، أما الكيمياء فكان التصحيح تقديريا للمدرس المصحح، فعلى سبيل المثال جميع المعادلات الكيميائية الموجودة فى الامتحان حصلت إسراء على درجة واحدة فقط من أصل درجتين على كل معادلة، رغم أن إجابتها صحيحة. فى هذه اللحظة شعرت إسراء بالظلم وقلة الحيلة فلديها ما يقرب من 7 درجات ونصف لم تحصل عليها، إلا أنها وجدت فى كلمات المراقب ما يهدأ من روعها ويثير فى نفسها الشكوك حول حصولها على هذه الدرجات، فقال لها «الخير اللى ربنا كاتبهولك فى ال 94.5، أنا شايف قدامى ورقة متختلفش عن ورق أوائل الثانوية ربنا يوفقك ومتزعليش لو مجتش الدرجات». مصحح ومراجع ورئيس كنترول أغفلوا جميعا هذه الدرجات التى تبدو بسيطة، لكنها مؤثرة فى مستقبل طالبة وفرحة عائلة بأكملها. صيغة رقيقة للتظلم الإجراءات لم تنته عند هذا الحد، فلكى تحصل إسراء على هذه الدرجات عليها كتابة التظلم بصيغة محددة تجعل المصحح الجديد ينظر لورقتها بعين الرفق ويعيطيها حقها كاملا دون أن يرد طلبها بأسوأ جملة على الإطلاق وهى «تقدير» مصحح خوفا من إيذاء المصحيين الأصليين للورقة. مر أسبوعان على تقديم التظلم، لكن الرد المنتظر لم يصل لإسراء حتى وقتنا هذا، وجميع المؤشرات تنذر باحتمالية عدم حصولها على الدرجات، فالكثير من أصدقائها الذين تقدموا للتظلم من قبلها كان الرد تقدير مراجع ولم تعد لهم أى درجات. إسراء ليست الطالبة الوحيدة فى قائمة تظلمات الثانوية العامة؛ فهناك الملايين من طلاب الجمهورية بأكملها لهم عشرات الدرجات المخصومة من المجموع الكلى لهم، تحت مسمى «تقدير مصحح»! محمد عبدالرؤوف من المنوفية بعد التظلم اكتشف أن له 25 درجة فى جميع المواد التى امتحنها لم يحصل عليها، وما زال حتى الآن على أمل الرد بالإيجاب على نتيجة التظلم ليتحول مجموعه من 92% إلى 97 % ويستطيع الالتحاق بكلية الصيدلة التى يحلم بها. طلاب من البحر الأحمر وبنى سويف والأقصر وجنوب الوادى والغربية والشرقية وكافة محافظات الجمهورية جاءوا إلى القاهرة، برفقة أهاليهم لتقديم تظلمات على المجموع الذى حصلوا عليه فى الثانوية العامة، ولاستيعاب هذا العدد الضخم، أصبح كل شىء بالدور، فهناك دور للتقديم على التظلم ودور لتحديد موعد الاطلاع على الأوراق، ودور لظهور النتيجة، والآن وبعد ظهور النتيجة بشهر وبدء مراحل التنسيق الجامعى، ما زال آلاف الطلاب منتظرين رحمة التظلمات التى ستقرر مصير حياتهم المقبلة.•