فاجأ أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، د. حاتم ربيع، بإعلانه قبل أيام قليلة، أنه سينظم «فعالية» للاحتفال بالفائزين بجوائز الدولة فى السنوات السابقة، وأن الفعالية ستكون عبارة عن صالون ثقافى فنى، يقام أسبوعيًا فى موعد محدد، هدفه التكريم الشخصى لكل فنان فاز بجوائز الدولة التشجيعية والتفوق والتقديرية والنيل. التصريح جاء بعد أكثر من أربعة شهور من إعلان أسماء الفائزين بجوائز الدولة لعام 2016 فى يونيو الماضى، الذين لم يحظوا بتكريم رسمى حتى الآن، وأحدث ردود أفعال مختلفة بين من انتظروا التكريم وشهادات التقدير طوال هذه الشهور. جوائز الدولة أنشئت فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر فى 1958، الذى كان حريصا على تسليمها للفائزين بنفسه، وبذلك يكون فائزو عام 2016، هم الدورة رقم 58. كانت الجوائز حتى مطلع القرن الماضى تقتصر على الجائزتين التشجيعية والتقديرية، قبل أن يضاف إليها جائزتا التفوق ومبارك التى تحول اسمها إلى النيل فى أعقاب ثورة 2011. قيمة جائزة الدولة التشجيعية 50 ألف جنيه، وتبلغ قيمة جائزة التفوق 100 ألف جنيه، والتقديرية 250 ألفًا، وأخيرًا تصل النيل إلى 500 ألف. إحباط يقول الفنان إبراهيم البريدى الذى فاز عمله «الليلة الكبيرة» بجائزة الدولة التشجيعية فى مجال المهارات والمعارف الشعبية المرتبطة بالمهن: «حتى الآن لم يكرمنا أحد، حيث لم ينظم حفل لتوزيع الميداليات أو شهادات التقدير للفائزين، رغم مرور أكثر من أربعة شهور، تسلمنا مبلغ الجائزة فقط، أما التكريم الرسمى من رئيس الجمهورية أو وزير الثقافة، فلم يحدث». يكمل البريدي: «الجائزة بالنسبة لى انتصار لكل فنان تلقائى فى مصر، فأنا مش خريج كليات الفنون ولا أستاذ فيها، ولا برسم رسم أكاديمى، أنا بعمل فن تلقائى، زى آلاف من الفنانين المصريين فى القرى والأرياف، أقدر أقول أنى رحت للجائزة بنفسي». ويتابع: «الجائزة كانت بالنسبة لى بعيدة جدًا، لكن واحد صاحبى نصحنى بأن أتقدم للجائزة، بس اشترط عليا أنى ما أفكرش فيها، لكن لما فزت حسيت إن الجائزة اعتراف بفنى وعملى، وأعطتنى الجائزة قوة دفع شخصية وفنية، واهتمامًا إعلاميًا وشهرة، لدرجة أنه ناس ما يعرفونيش اتصلوا بيا بعد إعلان النتائج عشان يهنوني». لكن رغم كل ذلك - يقول البريدى - أشعر بالإحباط «تأخير التكريم خلانى محبط، وتصريح الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة قائلا «خطوة إيجابية، وأدينا منتظرين». التشجيع مش فلوس أما الفنان والروائى والصحفى محمد عطية الفائز بتشجيعية الفنون عن رسوم الأطفال «كتب الأطفال ما قبل المدرسة»، فقال عن التكريم الفردي: «بادرة جيدة، لكنها ليست بديلا عن التكريم الرسمي»، ووصف اقتراح الأمين العام، بأنه «تقليل من الثقافة والمثقفين، إذا لم يصاحبه حفل تكريم، مهما كان متواضعًا، ليس مهمًا أن يكون الحفل فاخرًا، يكفى أن يكون فى قاعة صغيرة، حتى لو كانت نفس القاعة اللى أعلنوا منها الجوائز». عطية رشحته للجائزة دار نشر خاصة عن عمله لرسوم الأطفال فى أحد إصداراتها،«لما عملت الشغل ده، ما كنتش منتظر جائزة، عشان كده ما كنتش مستنى فلوس الجائزة»، يتابع: «أنا بقول كده لأنى رحت المجلس تانى يوم من إعلان النتائج، وقابلت موظفة كبيرة، ولما سألتها عن حفل التكريم قالت لى انزل عشان تاخد الفلوس، وبعد ما خلصت الموضوع، طلعت تانى، فقالت لي: خلاص يا أستاذ محمد مش خدت الفلوس، حفلة إيه بقي؟» يكمل عطية: «دى اسمها جايزة تشجيعية، يعنى الغرض منها تشجيع المثقفين للاستمرار، وإذا ما حصلش التكريم، فين التشجيع، أما الفلوس فهى لزوم تحسين الأدوات المستخدمة، ألوان، كومبيوتر أرقى، كتب غالية مش متوافرة وهكذا، بس مش ثمن العمل ولا الهدف النهائي». «المجلس فتح باب التقدم لجائزة 2017 من فترة قريبة، ده معناه إن الفائزين يتراكمون، إذا لم يتم التكريم»، يقول عطية. تكريم بالجملة جميع جوائز الدولة يترشح لها المتسابقون من هيئات مختصة، عدا الجائزة التشجيعية التى يمكن أن يتقدم إليها المتسابقون بأنفسهم، إضافة إلى ترشيح هيئات لهم. ويقل عدد الجوائز كلما كانت أعلى، حيث إن النيل تقتصر على ثلاث جوائز: الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، والتقديرية سبعة، اثنتان للفنون والآداب والباقى للعلوم الاجتماعية، وهكذا. ويتساءل عدد كبير من الفائزين عن سبب عدم إقامة حفل التكريم، لكن دون رد، ولم يستطع الفائزون التجمع وطلب ذلك من الوزير لأن أغلبهم لا يعرفون بعضهم. لكن وزير الثقافة الأسبق د. شاكر عبدالحميد الفائز هذا العام بجائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية، لديه رأى مختلف، حيث قال: «أثناء تحملى مسئولية وزارة الثقافة كرمت فائزين من أربع أو خمس سنوات»، ويرى أن التأخير «مسألة إجراءات، لأن جوائز النيل والتقديرية والتفوق تحتاج ميداليات، يحتاج تصنيعها بعض الوقت». وتابع: «لكن كان يجب تكريم الفائزين بالجائزة التشجيعية، فليس فيها ميداليات، فقط شهادات تقدير». وهنا يعلق محمد عطية: «هل يحتاج تصنيع الميداليات كل الوقت ده، هذا بطء، ولازم يراجعوا الموضوع مراجعة جادة وجذرية».