هل أخرجت الثورة أسوأ ما فينا أم أفضل ما فينا.. قبل الثورة لم ندرك أبدا أن أبناء العائلة الواحدة لهم آراء مختلفة عن بعضها تصل لحد التعصب والشللية. أصبحنا فى بيت واحد نعيش جبهتين «شلة ماما» و«شلة بابا»، أو شلة ماما وبابا، وشلة أنا وإخواتى، ويتجه أفراد العائلة لأى من الشلتين طبقا لآرائهم وأفكارهم. بعد الثورة و الانقسام ما بين مؤيدى مبارك ومعارضيه فى المنزل الواحد، أصبحنا جبهتين، مؤيدًا للتصويت بنعم للدستور أو لا للدستور، ثم فريقين ما بين اختيار الفريق شفيق وما بين مرسى، واستمرت بنا الحال حتى الآن، بنفس المرجعية. شلتين أو أكثر فى جميع التغيرات التى تحدث حولنا سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا... والأمثلة فى العائلات التالية.. عائلة الجارحى ارتفع البنزين.. واشتعلت الخلافات خلود خالد الجارحى ، 21 سنة طالبة بكلية التجارة جامعة حلوان.. قالت بفخر: أنا طبعا من «شلة بابا» أنا شبهه فى كل شىء حتى آرائنا.. لما ارتفع سعر البنزين كان بابا فى الشغل وكنت عارفة إنه هيرجع متضايق جدا، لأنى صحيت على خبر زيادة البنزين و اتنكدت.. لأن أنا كمواطن أصبح كل شىء حولى فى ارتفاع.. وأصبحنا نستغنى عن أشياء كثيرة ونعيش على الأساسيات. ومن نفس العائلة كان رأى أحمد خالد الجارحى، 19 سنة طالب ثانوية عامة، مختلفا فقال بتعصب شديد لرأيه: ارتفاع الأسعار أمر طبيعى. وده كمان رأى «ماما». عائلة أبوحجر لما مصالح الشلة تتعارض مع توجهها حسين أبو حجر محاسب ، 33 سنة. تدهور الحال به بعد الثورة، فبعد أن كان محاسبا فى أحد الفنادق المرموقة بشرم الشيخ، انهارت السياحة، فعاد إلى منزله ورغم هذا هو متفق جدا مع مقاطعة مصر لقطر.. على الرغم من أن أخاه الوحيد مغترب هناك.. وهو من يتولى مصاريف البيت.. وقال: حتى لو أخويا رجع المهم شرف المصريين وشرف البلد، والمصريين عمرهم ما يتذلوا عشان الفلوس ولا يتحوجوا، لأن ساعتها الحوجة الأساسية هتبقى لشرفنا مش هنتذل بتمن لقمة العيش.. ولو والدى عايش كان هيبقى رأيه من رأيى. منى حسين مصطفى والدة حسين.. كانت رافضة لمبدأ المقاطعة، رغم أنها كما يقولون عنها «سيساوية» ومن مؤيدى الرئيس بشدة، فى هذه المرة كان لها رأى مختلف فقالت: مينفعش نقطع العلاقات بالشكل ده، كان ممكن نعمل أى حاجة ثانية، عمرى ما كنت إخوان ولا بطيق سيرتهم بس ابنى هناك بيشتغل وهو بيصرف عليا وعلى أخوه وبيجهز أخته يعنى لو رجع هنعمل إيه، هو احنا عرفين نشغل اللى رجع من شرم الشيخ لما نشغل اللى هيرجعلنا من قطر؟ عائلة البدرى أما تيران وصنافير وكشك الفتوى يقلبوا المواجع مى البدرى 38 سنة معلمة حساب فى مدرسة ابتدائية، متزوجة ولديها ثلاثة أبناء.. كانت مترددة فى الكلام وقالت: ممكن أسأل إزاى أذاكر لابنى فى 6 ابتدائى إن تيران وصنافير مصرية وفى الآخر ييجى ابنى يقولى ذاكرتيلى غلط ؟ هو إحنا توهنا لدرجة إننا مبقناش عارفين بلدنا؟ المشكلة أن اثنين من ولادى متبنيين نفس رأيى، أما الثالث مصدق كلام باباه ومنحاز ليه». عمرو الصواف 44 سنة مهندس معمارى، رد بمنتهى الهدوء: أنا ضد رأى زوجتى، أنا أثق فى قرارات رئيسى، وفى جيش بلدنا ومهما كان الثمن لن يفرط فى شبر من أراضى مصر. فاطمة العربى 25 سنة، مترجمة، تحكى قائلة: «لما سمعت عن موضوع «كشك الفتاوي» أنا وماما مقدرناش نمسك نفسنا من الضحك.. فتاوى إيه اللى تبقى فى أكشاك، اللى عايز يستفتى فى شىء فى أكثر من طريقة ياخذ الفتوى منها، كده بنحرض على التطرف.. لما نقول إن حصة الدين لازم تتلغى من المدارس.. هنروح نعمل كشك فتوى فى المترو؟». أما أخوها سليم العربى 30 سنة.. طبيب أشعة غير متزوج فقال إيه المشكلة أن يكون هناك كشك للفتوى؟ أحيانا كثيرة بنحتاج رأى الدين.. بنحتاج فتاوى كثيرة فى حياتنا وكشك الفتوى هيسهل على ناس كثيرة أن قلبها يرتاح بالاستفتاء بدل ما تستنى بالأيام عشان شيخ يرد عليها بإيميل ويجاوب على فتواهم، وده رأيى أنا وبابا، اللى بسببه كل يوم نتخانق مع أختى وماما، من ساعة الإخوان مشيوا لا تعجبهم أى حاجة تحصل فى البلد. •