عالم مختلف.. تراه من الخارج ولكنك لا تعرف ما يدور بداخله.. تجذبك الألوان والضحكات العالية والحركات المضحكة والقفشات الكوميدية.. عالم المهرجين لا أتحدث عن مهرجى السيرك بالرغم من أنه من المؤكد أنه عالم فريد أيضا ولكنى اليوم أتحدث عن آخر صيحة من المهرجين مهرج بطعم الشارع والفيس بوك.. مهرج يحمل لاب توب ويعرض فى إسطبل عنتر.. مهرج يبحث فى أزمات البشر ويحاول علاجهم بالفن.. إنه ببساطة مصنع يعمل على تحويل الآلام الشخصية والكآبات اليومية إلى سخرية ونقد لاذع ومحاولات علاج مجتمعى جماعى.. قد تكون رأيتهم يوما.. ضحكت ومشيت هذا هو حال جمهورهم ولكنهم على يقين دائما أن هناك شيئا تبدل فيك أنت لست مضطرا للذهاب هم يبحثون عنك طوال الوقت.. إنهم ببساطة «أوطه حمرا» حتى هذا الاسم ليس ملكا خالصا لهم ولكن أطلقه عليهم الأطفال فى أحد عروضهم بسبب الأنف الأحمر الكبير الذى يرتدونه. السطور المقبلة فقط لتعريفك بخمسة شباب ليس بينهم أى رباط عرقى أو دينى أو وطنى فهم ببساطة يستهدفون الإنسانية.
∎ على صبحى 31 سنة قالها بكل فخر أنا لم أكمل تعليمى مكثت فى الثانوية العامة لمدة 6 سنوات لأننى بساطة غير مقتنع بنظام التعليم فى مصر فقررت مضيعش عمرى واعمل حاجة بحبها أخذت دورات حرة فى المسرح وأعمل كممثل ومخرج مسرحى بجانب عملى فى الفرقة.. عملت فى البداية فى مسرح الشارع إلى أن جذبنى المسرح الاجتماعى ولمن لا يعرف المسرح الاجتماعى يتعامل مع فئات لديها مشاكل مجتمعية يشتركون فى العروض ويقومون بأداء أدوار تحاكى حياتهم فى الحقيقة ليس هذا فقط بل أيضا يشترك فى تلك العروض الموظفون المضطرون للتعامل مع تلك الفئات وكل هذا يتم بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية مثل.. اللاجئين ومن يتعاملون معهم يرى أن هناك فرقا شاسعا بين مهرج السيرك ومهرج الشارع فمهرج السيرك أنت تذهب إليه بإرادتك لتضحك فقط ولكن دورى أنا كمهرج شارع أن أبحث عن مشكلة وأقيم عليها عرضا وأقدمه لناس ربما ليست لديها إمكانية أو رفاهية الذهاب إلى أى مكان. وعن سؤاله عن الكلمة المصرية الشهيرة «احنا فى إيه وانتوا فى إيه» أكد أنه سمعها كثيرا جدا ولكنه أيضا كان يسمع الرد عليها من الجمهور بعبارات «سيبهم يشيلوا عنا الكآبة شوية» أو مش عاجبك امشى ومتنكدش علينا «ثم قال هى دى طبيعة المصريين من قلب العياط بنعرف نضحك وبرغم من أننا بنحب الكآبة ولكن أيضا ليس لنا صبر عليها وختم كلامه بمثل شعبى سمعته للمرة الأولى «الميتم اللى مفيهوش ضحك مفيهوش رحمة».
∎ ديانا حين سألتها عن دراستها ردت بعبارة ضاحكة: أنا درست من كتير كناية عن تخطيها مرحلة الشباب برغم أننى لم أشعر بذلك مطلقا. ديانا سيدة إسبانية تعيش فى مصر منذ10أعوام تتحدث العربية بطلاقة درست تربية اجتماعية موضحة أنها تختلف كثيرا عن الخدمه الاجتماعية إلى بنعرفها احنا. عملت فى إسبانيا فى المسرح إلى أن قررت المجىء الى مصر وأغرمت بفكرة مسرح الشارع والمسرح الاجتماعى ترى أنها من خلاله تؤدى دورا مهما فى خدمة المجتمع. عن سؤالها عن التحرش حديث الساعة بموجب عملها فى الشارع قالت إن ملابس المهرج تبعدها تماما عن أى مضايقات، بالإضافة إلى أنها لديها أربعة بودى جارد يحرسونها دائما مشيرا إلى أعضاء الفرقة. ولكنها لفتت الانتباه إلى مضايقات من نوع آخر وهى الكلام الذى أصبح يقال حديثا عن الأجانب فأصبح نزولها وسط البلد أو كلامها مع أطفال الشوارع الذين هم محور عملها يقابل بكلمات مثل قابضين كام.. وأنت جاسوسة.. خربتوا البلد. تحلم أن تؤدى فى إسبانيا ما تؤديه فى مصر وترى أن بلدها تعانى من مشكلات مثل البطالة وارتفاع نسبة الانتحار وممارسة القهر على المرأة. ∎ هانى 35 سنة يعمل ممثلا منذ 17عاما مارس التمثيل بكل أنواعه ولكنه استمتع كثيرا بمسرح الشارع حيث رد الفعل التلقائى «لو الجمهور معجبوش العرض بيسبنا ويمشى» يرى أنه يؤدى دورا مهما لمجتمعه من أبسط شىء وهو الضحك. ومن المواقف التى لا ينساها التفاف الأطفال حولهم واعتبارهم ملكية خاصة بهم فى أسطبل عنتر لم يستطيعوا الرحيل دون تدخل الشرطة برغم الأثر السلبى لهذا الموقف ولكنه شىء لم يستطيعوا نسيانه أكد على أن ما يفعلونه يصل للناس بكل تأكيد. من أهم أولوياته تعيين طبيب نفسى للفرقة حتى يستطيعوا التغلب على ما يرونه يوميا.
∎ يعقوب 40سنة سويدى الجنسية يعيش فى مصر منذ 1999 لا يفرق نفسه عن المصريين فى شىء ويرى أنه مصرى جدا درس العلوم السياسية ولكنه شعر بدور أهم وهو يؤدى أدوارا فى مسرح الشارع ويتخيل مقدرة الفن على تغيير الناس للأفضل.. يرى أن المشاكل الإنسانية لا وطن لها وأن تعبيره عن مشاكل المصريين لا يتناقض مع كونه أجنبيا قائلا هل هناك من لا يتأثر بمشهد طفل صومالى جائع. اتفق مع ديانا على مشكلة سمعة الأجانب فى مصر والمشاكل الذى يتعرض لها إذا أراد أن يتحدث مع طفل شارع أو يعدل من سلوكه مع أنه كان يفعل هذا بمنتهى البساطة من قبل يحلم بأن يصبح لفرقتهم كيان قانونى حتى يستطيعوا إكمال مشوارهم وأهداف باحتراف وتخصص أكثر. ∎ أحمد 29 سنة وهو أصغر الأعضاء سنا وأحدثهم انضماما للفرقة درس الإعلام وعمل كممثل فى المسرح إلى أن انضم إلى فرقة الخيال الشعبى ومارس مسرح الشارع ومنه تعرف على هانى وعلى ثم انضم إلى الفرقة. من العروض التى لاينساها عروض الصم والبكم، حيث يعتمد عرض المهرج على الأداء الصامت دون كلام فكان أكثر المتفاعلين معهم هم الصم والبكم قد يجدون صعوبة فى بعض الأحيان فى توصيل المعلومة إلى الأشخاص العاديين ولكن أناسا اعتادوا استعمال الإشارة كان الأمر ممتعاً وأكثر سهولة من المعتاد. ويضيف: حتى نستطيع أن نكمل مشوارنا دون أن تعوقنا المشاكل المادية فإننا نعتمد على الورش التدريبية المدفوعة الأجر حتى نستطيع الصرف على مسرح الشارع وفرقه أوطه حمرا. جميع هؤلاء عملوا كممثلين فى المسارح العادية ومسرح الشارع فى فرقتى حالة والخيال الشعبى حتى التقوا بمؤسسة مهرجين بلا حدود وهى مؤسسة فرنسية تجوب دول العالم الثالث لتنشئ فرق مهرجين بعد تدريبهم لفترة زمنية ليست بالقصيرة انضموا جميعا إلى هذه المؤسسة فى 2009 ثم بدأت انطلاقة «أوطه حمرا».. فى بداية عملهم حلموا بالعروض فى المراكز الثقافية وجمهور وسط البلد الثقافى ولكن مع مرور الوقت عرفوا أنه ليس هناك أصدق من المصرى العادى جدا فقير أحيانا.. جاهل فى أحيان أكثر.. ولكنه تلقائى وذكى وواعٍ يصله الإحساس الصادق بمنتهى البساطة ويرد عليه بتفاعل أبسط ولكنه عميق. إنهم ببساطة أوطه حمرا... مهرجين لكن واخدنها جدا جدا إنها ليست مهنة ولكنه هدف تدعمه موهبة وهواية وعلم..