عندما يفجر حادث مثل حادث كنيسة "القديسين" الذي وقع مؤخرا، ضرورة البحث عن أسلوب لإعادة هيكلة المجتمع وعلاقات أفراده، يكون ذلك من خلال تبني أفكار وسطية إعلاميا وثقافيا، وتبني خطاب ديني معتدل، وهذا يمكن وهو ما يمكن أن يحدث من خلال مجال جديد يعرف ب"التنشيط الثقافي"، الذي شرحت الباحثة فينوس فؤاد أول من يحصل علي الماجستير فيه معناه قائلة: "يعرف التنشيط الثقافي بأنه كل عمل داخل مجموعة أو وسط اجتماعي يطمح إلي تنمية التواصل بين الأفراد وهيكلة الحياة الاجتماعية". ولفتت فينوس إلي أن أهمية "التنشيط الثقافي" تكمن في قدرته علي تطوير المؤسسات الثقافية العربية، التي لم تشهد من قبل تقييما أو تطويرا لأفكارها، مما يؤثر في فكر المجتمع ومبادئه، وهناك فرق بينه وبين "الثقافة الجماهيرية" التي تعني بوضع البرامج الثقافية بهدف توصيل الثقافة إلي كافة فئات المجتمع، عن طريق برامج معينة. وتري فؤاد أن أهم المؤسسات الثقافية التي تحتاج إلي التنشيط والتدعيم المدارس والجامعات والمؤسسات المتحفية بكافة أنواعها، فالمتحف هو ذاكرة الثقافة، ويمكن أن يتحول إلي مركز إشعاع ثقافي متكامل، كما أن له دورا في رفع الوعي الثقافي لدي الأمم، وتضيف: "تعاملنا مع المتحف هو تقديس للأديان الثلاثة، فزيارة المتاحف الأثرية التاريخية في مصر تؤكد مسيرة التواصل بين الحضارة المصرية علي مر العصور وترابطها، كما أن تطوير المتحف الإسلامي يواكبه تطوير المتحف القبطي ومتحف "ابن ميمون"، أي أن الدولة لا تفرق في سياستها بين مسلم وقبطي ويهودي، لذا وجب علينا التنويه علي هذه المجهودات وتنظيم لقاءات ثقافية، لإلقاء الضوء علي تاريخ مصر من بدايته للآن، لأن المجتمع المصري لا يعي هذه الإنجازات التي تختصر علي مجرد خبر صحفي غير جذاب مهتم فقط بالمسئول والحاضرين دون الالتفات لأهمية هذا الحدث وما يحققه من إضافة حقيقية للمجتمع. أكدت فؤاد علي ضرورة عمل دراسات ميدانية تقتحم فكر الشباب، لنعرف ما يريده وتحديد الاتجاه الثقافي السائد بينهم وكذلك الأفكار المشوشة، وما يتغلغل إليهم من خلال الثورة المعلوماتية دون قيد أو رابط، لتعميق ثقافة الانتقاء ومواجهة هذا الخطر الفكري، فلقد لوحظ في الفترة الأخيرة من خلال رسائل الإيميل التي تحمل معلومات مغلوطة دينيا وتفاصيل مشوهة تحث علي رفض التراث الأدبي، مستشهدة بواقعة مع طبع "ألف ليلة وليلة" وروايات محفوظ وتكفير نصر حامد أبوزيد، وتعجبت فؤاد كيف لهذه الضجة ألا تثير انتباه القيادات الثقافية تجاه إقحام الدين بالفنون والآداب والثقافة. وأضافت فؤاد أنها اندهشت من إعلان الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لتصدر ملف المواطنة الأجندة الثقافية للهيئة هذا العام، ردا علي أحداث الإسكندرية، التي كان لها مؤشرات سابقة كمشكلة ألف ليلة وليلة، التي لم يتخذ أمامها إجراء حقيقي، وهنا تتضح أهمية "التنشيط الثقافي" المهتم بدراسة الواقع الثقافي للمجتمع في ظل الوقائع السابق ذكرها، وبالتالي كانت ستوضع خطة ثقافية سريعة لتصحيح المسار وتنقية الأفكار المغلوطة، فالفنون بكافة أنواعها هي أقصر الطرق لقلب وعقل الإنسان، لأن الصورة تعادل ألف كلمة وأكثر ثباتا في الذهن. أيضا يجب علي المؤسسات الثقافية متابعة وتحليل القنوات الدينية الفضائية مسلمة ومسيحية والتي يروج بعضها لأفكار سلفية وترفض الآخر وتكفره، ومتابعة الأحداث ككل في المجتمع والمساهمة في حل هذه المشكلات وعلي رأسها العقائدية والفكرية. لابد من الاستعانة بكوادر التنشيط لعمل تنمية فكرية للعاملين بالوزارة، لإجادة احتواء وإدارة الأزمة!