لا أستطيع أن أتفهم كون سوريا حريصة علي أن تبقي عضوًا في لجنة المتابعة العربية، في حين أنها في ذات الوقت تضرب في عمل هذه اللجنة وتشكك في مشروعيتها.. وتقول إنه ليس علي العرب أن يلتزموا بما تصدره من قرارات. المنطق يقول إنه إذا كانت دمشق ضد اللجنة المخولة من مجلس الجامعة بمتابعة مسار التفاوض الفلسطيني.. فإن عليها أن تتركها.. أو علي الأقل لا تعبث في مهماتها. قبل يومين، وبُعيد اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة، اجتمع السفراء العرب في الأممالمتحدة في نيويورك لمناقشة التحرك المقبل والتنسيق فيما بينهم بشأن التحرك داخل مجلس الأمن حول ما ينبغي القيام به.. خصوصًا أن هناك أيام إجازات مقبلة.. وأنه لا بد من استصدار موقف يتسق مع ما صدر عن اللجنة في اجتماع القاهرة بحضور الوزراء.. وفي ضوء أن اللجنة قالت إنه لا مفاوضات إلا في وجود عروض جدية. علي هامش هذا أشير إلي ما جاء في خطاب الرئيس مبارك بالأمس، حين قال: إن التحرك الدولي لا يرقي حتي الآن إلي جسامة التداعيات والمخاطر التي تُلم بقضية فلسطين.. حيث وجه رسالة واضحة إلي الولاياتالمتحدة وأطراف الرباعية الدولية كي يتحملوا مسئولياتهم علي نحو جاد وفعال للخروج من المأزق الراهن. إذا ما عدنا إلي نيويورك وإلي تفاصيل اجتماع السفراء، سوف نجد أن مندوب فلسطين قد تحدث عن أهمية أن يتم استصدار قرار ضد الاستيطان يدينه ويرفضه.. ما يحقق نوعًا من العزلة لإسرائيل في ضوء المواقف الرافضة دوليا للاستيطان.. وبالتنسيق مع مجموعات دولية مختلفة.. مثل منظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز وغيرهما. سفير لبنان كان أبعد عن الواقعية نوعًا ما، حين طالب برفع سقف المطالبة، مادام العرب يحصلون في كل مرة علي قرار أقل من طموحاتهم وأقل من سابقيه.. لكن سفير سوريا عارض فكرة مشروع القرار من الأول وبرمته.. ورفض من الأصل وجوب الالتزام بقرار لجنة المتابعة العربية.. وقال إنها لا تمثل المجلس الوزاري العربي.. وإنه لا ينبغي الاتجاه إلي مجلس الأمن من دون صدور قرار وزاري عن مجلس وزراء الخارجية العرب كلهم.. علي الرغم من أن سوريا عضو في لجنة المتابعة هذه. وفيما يبدو أنه ضرب لمشروع القرار الذي تفكر فيه فلسطين وإجهاض للمحاولة من أولها لآخرها، فإن السفير الذي بدا وحيدًا ومنعزلاً عن بقية الدول العربية راح يطالب بأنه لا بد أن يكون في القرار كل شيء أو لا شيء.. وأن ينص علي حقوق العرب في الأرض والقدس.. ما يعني أنه يدفع الجهود العربية إلي ألا تحصل أصلا بالفعل علي أي شيء. من اللافت أن سفير جامعة الدول العربية في نيويورك هو الذي تصدي له.. يحيي محمصاني قال إنه لا داعي لجدل لا لزوم له.. واللجنة المختصة بالمتابعة العربية مشكلة من قبل مؤتمر القمع ولديها جميع الصلاحيات.. ويتعين تنفيذ توصياتها دون مناقشة.. وأنه لا يوجد مجال لإعادة تفسير ما ورد في توصيات اللجنة أو توسيع نطاق مشروع القرار، وتساءل مندوب فلسطين: هل سوريا تري أنه علي العرب ألا يتقدموا بمشروع القرار بخصوص الاستيطان؟ ولم يرد السفير السوري. ولن يرد.. هذه هي تصرفات سوريا.. وتلك هي طبيعة أدائها.. تعطل دون أن تطرح بديلاً، تحقق عثرات بدلاً من أن تقدم إسهامات.. تعترض ولا تثمر جهودها فائدة.. تشارك في لجنة ثم تناقض أهدافها وتطعن في شرعيتها.. وبالتأكيد فإن هذا كله لا يؤدي إلي نتيجة.. وإلا لو كان هذا الأسلوب مجدياً لكانت سوريا قد تمكنت من تحرير أرض الجولان المحتلة منذ 43 عامًا.. لو تذكرون. الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net البريد الإليكتروني : [email protected]