عندما يقول وليم شكسبير "إن المرء ليبتسم ويبتسم وهو لئيم خبيث " الا ينتابك هذا الشعور احيانا وأنت تنظر لأحدهم ريبة في زوايا وجهه بعد أن اكتشفت قناعا من المكر في أمر ما، وأيضا الا يبدو مدهشا أن يتطابق شعورا بداخل مقوله من العصر الاليزابيثي مازالت تحيا علي نحوصارخ حتي في قلب رجل بالقرن الواحد والعشرين، انه المتجدد شكسبير. وبهذا التجدد يتناول كتاب "حداثة شكسبير" لمؤلفه/ اسماعيل سراج الدين قدرة شكسبير الهائلة دائما لأن يكون حداثيا، يصلح لكل الوقت، والحداثة هنا كما يخبرنا لاتعني الإشارة إلي المذهب والمصطلح كما يعرفه المتخصصون ولكن مايعنيه المؤلف هنا هو روح المصطلح العام ومايعكسه من آنية ومرونة للتفسير تتسع لليوم والغد. وفي اطلاله عميقة الظلال، حادة الرؤي موجزة ودقيقة مهيبة العقل علي ابداع عاش بكل الأزمنه متنقلا بين كل المدن الصغري والكبري إما بالقراءة أو بالتجسيد. يبدأ الكتاب بتصدير للأديب الشهير وول شوينكا حائز جائزة نوبل يثني علي المؤلف إسماعيل سراج الدين ويري أنه طرح أفكارا وألقي الضوء علي مناطق أهملها النقد التقليدي، ويختتم الكتاب بقائمهةتحوي عشرات المراجع لأعلام النقاد والمحللين لفن شكسبيركانت خلفية معرفية استند علبها المؤلف ومابينهما كثير. يقول المؤلف اسماعيل سراج الدين "اذا قلت عندما تعجز عن فهم الكلمات أن هذا يبدو يونانيا بالنسبه لي فإنك تقتبس من شكسبير ..واذا قلت أنك تتصرف من منطلق حزن لا تعبير عن غضب وإذا كانت رغباتك أساسا لأفكارك واذا ضاعت احلامك في الهواء فإنك تقتبس من شكسبير واذا كنت ستنحني لليل حتي يبزغ الفجر لأنك تشك في مدي نزاهة مايدور حولك من امور فإنك تقتبس من شكسبير " ليؤكد لنا أن شكسبير يعيش في عقولنا وضمائرنا عبر حروف أقوالنا وهواجس أفكارنا. ولم لا ؟ إن شكسبير يمكنك أن تجده بالمترو أو بغرف النوم تجده علي الشاطيء أو داخل الاوتيلات حتي بالمطاعم، بالأرصفة، علي صفحات الجرائد أو داخل الرسائل الالكترونية ناهيك عن المكتبات والمناهج الدراسية، فلم يؤثر كاتب في نفوس البشرية حتي اليوم اكثر من هذا الرجل، شكسبير، أنه ينشر المعرفة والمتعه أينما يمر. يتناول الكتاب "حداثة شكسبير "بشكل عام في بانوراما سريعة أهمية الرجل وأثره العام عبر اللغه وأهمية مسرحياته وقراءة نقدية حوله دون اغفال التفسيرات الكلاسيكيه والمدارس المختلفه لمذاهب الادب وأيضا السياق التاريخي لأعماله الضخمه والعظيمة و التي تم تناولها علي مر العصور من بعده حتي زماننا هذا. لكن الجزء الاكثر فعالية في الكتاب هو تناول المؤلف بالتحليل الدرامي مسرحيتين هامتين وكبيرتين هما "تاجر البندقية" و"عطيل"في ظل حداثة خطاب جديد معني ومايتناسب وعصرنا الأن. ويقرأ المؤلف بموضوعيه عملي شكسبير في ظل قضايا جديدة وتفسيرات حداثيهةففي نص "تاجر البندقيه"يتناول النص في ظل الأقليات والتهميش وأفكار الهويه والمواطنه ويفسر عمل "عطيل" في ظل العنصرية والصراع العنصري واثارة الكراهية عبر العرقية مابين عطيل وياجو بعيدا عن القراءات التعليمية من الغيره ومثيراتها والشر المطلق وغيره ليصل الي الخاتمة منهيا الكتاب الصغير والهام حيث يطرح سراج الدين أفكارا عامة عن مسرح شكسبير ليؤكد لنا أن أهميه الرؤية عند قراءة أعمال شكسبير هو مايسمح لنا بفهم عصرنا الحاضر ....واليوم. لنري أن قوة أعمال شكسبير تنبع من حداثتها وتطويعها دائما لكي تصير جزءاً من حداثة أي عصر، اذا جاءات القراءات عقليه متأنية وفسحنا فضاء من التأمل للابداع والابتكار في الرؤية واطلاق العنان والإبداع للتفسير مبتعدين بذلك عن الثوابت التقليدية في التناول حين التعرض لرجل بحجم شكسبير، وإن كنا ننتظر جزءا آخر يتناول أعمالا أخري لشكسبير ك الملك لير ويوليوس قيصر ومكبث وحلم ليلة صيف وغيرهم. لاشك أنك داخل هذا الكتاب ستجد قوة كامنة وطاقة هائلة من التركيز العميق تنبع أهميتها من مغزي عميق وهام وهو مبحث هام في البحث العلمي الأدبي الا وهو أن نوجد مغزي جديداً للاشياء وأهمية أن تفكر كيف نري معاني جديدة وخلاقة لتناول الإبداع، وأن الكتاب يبني علي فكرة غاية في الأهمية أن شكسبير صالحاً لكل الوقت وأن علينا فقط البحث بمهارة ومايتقاطع مع ذلك مما يؤكد حداثه شكسبير. فمازالت أعمال شكسبير تتسع لتبتلع داخلها المزيد من العصور .