هكذا وصف الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية والأطلسية في أفغانستان الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس باراك أوباما والتي تضمنت إرسال تعزيزات جديدة إلي أفغانستان بنحو ثلاثين ألف جندي، الجنرال ماكريستال يقصد بالطبع أن هذه الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة وإرسال التعزيزات التي طلبها ستكون بداية النهاية للحرب التي تخوضها الولاياتالمتحدة في أفغانستان منذ ثماني سنوات. وهكذا أيضاً يأمل الرئيس الأمريكي الذي قال في خطابه بكلية "ويست بوينت" الحربية إن هذه التعزيزات الأمريكية والدولية ستسمح للأمريكيين بالإسراع بتسليم المسئولية للقوات الأفغانية، وتسمح بالبدء في نقل القوات الأمريكية إلي خارج أفغانستان في يوليو 2011 . فالرئيس الأمريكي لم يكتف بإرسال تعزيزات جديدة من القوات إلي أفغانستان تلبية لطلب قائد القوات الأمريكية منها إنما وهذا هو الجديد حدد موعداً لخروج القوات الأمريكية من أفغانستان، وإنهاء الحرب الأمريكية فيها التي استنزفت موارد أمريكية هائلة، وسقط فيها قتلي وجرحي من الجنود الأمريكيين ومع ذلك لم تحقق فيها القوات الأمريكية أي نصر، ولا قضت علي تنظيم القاعدة، ولا أنهت تحالف حركة طالبان مع القاعدة، ولا حتي ضمنت أمنًا في ربوع أفغانستان ولا أقامت ديمقراطية فيها.. إنما أشاعت فساداً فيها. ولعل هذا ما يراهن عليه الرئيس باراك أوباما لإقناع معارضي زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان واستمرار هذه الحرب، خاصة أن هذه الزيادة سوف تقتضي تدبير 30 مليار دولار للإنفاق خلال عام علي القوات الأمريكية التي سيرتفع عددها بعد الزيادة إلي مائة ألف جندي، وهذه التكلفة هي أحد أسباب هذه المعارضة لأن الاقتصاد الأمريكي لم يبرأ بعد من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، ولا يستطيع أن يدبر باعتراف الرئيس الأمريكي ذاته تمويلاً لبرنامج تحفيز جديد هو في أمسَّ الحاجة إليه لمواجهة أزمة البطالة الحادة. غير أن أكثر الأسباب التي تدفع كثيرين من الأمريكيين، خاصة من نواب حزب الرئيس، هو الخوف من أن يزيد تورط أمريكا في هذه الحرب التي لم تحقق أهدافها المعلنة رغم انقضاء السنوات الثماني.. إنهم يخشون أن تكون هذه الحرب مماثلة لورطة فيتنام الأمريكية، ولذلك يعتقدون أنه لا جدوي من إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلي هذا البلد الذي ينتشر فيه الفساد والإرهاب. وهناك من يعتقد مثل نائب الرئيس الأمريكي أن القاعدة التي يبغي باراك أوباما تفكيكها وإضعافها أو القضاء عليها لا توجد في أفغانستان، وإنما توجد الآن داخل المناطق الحدودية الباكستانية مع أفغانستان، والأجدي أن تركز الولاياتالمتحدة جهودها علي دعم القوات الباكستانية لمطاردة رجال وقيادات القاعدة، والأهم البحث عن وسيلة فعالة لإنهاء التحالفات القائمة بين القاعدة وطالبان وبعض الأجهزة الباكستانية التي تخشي إذا ما تم القضاء علي القاعدة وطالبان أن تقع أفغانستان فريسة للنفوذ الهندي، وهو ما يراه باكستانيون خطراً يهدد الأمن القومي لبلادهم. ولكن الرئيس الأمريكي الذي احتاج لأسابيع مطولة من الاجتماعات والمناقشات ليتخذ قراره بإرسال تعزيزات جديدة من القوات الأمريكيةلأفغانستان، حاول تهدئة واستيعاب هذه المخاوف بتحديد موعد للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، علي غرار ما فعل في العراق، والملاحظ أن هذا الموعد منتصف عام 2011 سيحل في توقيت شديد الحرج للرئيس الأمريكي ذاته، حيث سيكون باقيا شهور قليلة فقط علي انتهاء فترته الرئاسية الحالية، وفي خضم استعداداته للترشح لفترة رئاسية جديدة.. وإذا لم يتحقق وعده ربما يكون قرار كهذا بداية النهاية له وليس بداية النهاية للحرب الأمريكية في أفغانستان.