يسود مصر حراك سياسي نوعي، يجسد اتساع الهامش الديمقراطي، وبلوغ حرية التعبيرمدي لم تشهده وسائل الاعلام المصرية من قبل ولا شك ان معطيات ذلك الحراك تؤكد ان الجميع حكومة ومعارضة تلتف حول الرئيس حسني مبارك وتخشي علي مستقبل مصر في المرحلة القادمة الامر الذي يعكس مركزية موقع الرئاسة عند المصريين منذ آلاف السنين و يثير الجلبة في الآونة الاخيرة نخبة من المثقفين منعزلة عن الجماهير و تعتقد انها تعبر عنه او تطرح سيناريوهات كلها تتمركز حول " مشروع الضد" أي ضد ما يسمي بالتوريث وهي اسطورة ابتدعتها المعارضة ورددتها حتي صدقتها..بل واوعزت للرأي العام بالتفكير في الامر بصورة ايجابية، وتوزعت النخبة علي ثلاثه اتجاهات: الاتجاه الاول : اكتفي بطرح شعار سوقي و سطحي " ميحكمش " في اشارة واضحة لرفض اسطورة التوريث، ويمثل هذا الاتجاه بضعة اشخاص - مع كامل احترامي لهم - " محروقين" في الشارع المصري ووسط النخب السياسية الاتجاه الثاني: ويمثله الاستاذ محمد حسنين هيكل ودراويشه وهو لا يكف عن فرض وصايته علي الحاكم في مصر عبر النصح والارشاد بنصائح واقتراحات بعيدة كل البعد عن الواقع المصري الاتجاه الثالث : وتمثله الاحزاب وهم يناورون هنا وهناك منتظرين أول اشارة من الحكم لبدء الحوار وتقاسم الأنصبة في الانتخابات القادمة. ويعقد الحزب الوطني مؤتمره رغم اشتداد تحرش المعارضة له.. ولكنه يتعامل مع هذه النخب المعارضة بخبرة ثلاثين عاماً من الحكم استطاع فيها ان يصمت حتي تطلق المعارضة طلقتها الاخيرة ثم يبدأ في الاجهاز عليها بعد إنهاكها فتقبل بنصيبها من الكعكة، وتختلف فيما بينها علي الانصبة، والقوي الدينية في مجتمعنا ليست بعيدة عن ذلك الحراك فالبابا شنودة في أحد البرامج الفضائية دعم ترشيح الاستاذ جمال مبارك.. وردت جبهة العلمانيين ببيان لا يقبلون فيه وصايه البابا علي المسيحيين . و جماعة الاخوان المسلمين استطاعت ان تشغل الرأي العام بمسرحية استقالة المرشد.. ثم عودة المرشد.. وغيرها من المناورات التي اطلقت من خلالها عدة بالونات اختبار موجهة للحزب الحاكم عن كونها مستعدة لعقد صفقة مع الحزب الوطني حتي لو جزئية . كل ذلك والشعب المصري غير مهتم بتلك النخب المعارضة ولا يفكر إلا في لقمة العيش... وقانون التأمين الصحي، و مشاكل النقل والمواصلات، و المشاكل الزراعية التي تخص الفلاحين.. الامر الذي دعا الرئيس مبارك الي توجيه الحزب واعتبار ان دورة انعقاد مؤتمر الحزب لابد ان تركز علي اهتمامات المواطن العادي.. الذي يثق في الرئيس ولا يهمه كل مخططات النخب المعارضة قدر ما يشغله خطط الكابتن حسن شحاته في مباراة الجزائر المقبلة.