شهدت مدينة برشلونة الإسبانية أعمال المنتدى الإقليمى الثامن للاتحاد من أجل المتوسط، لمناقشة تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، إذ اجتمع وزراء خارجية مصر السعودية والأردن وفلسطين وتركيا، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس الإثنين، مع وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس بمدينة برشلونة. وأكد الوزراء على «الرفض الكامل للسياسيات الإسرائيلية التى تستهدف التهجير القسرى للشعب الفلسطينى سواء داخل غزة أو خارجها لتصفية القضية الفلسطينية، من خلال فرض واقع جديد يستحيل معه العيش فى القطاع، فضلا عن رفضهم التام لأى محاولات لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية». كما شدد الوزراء على مسئولية الدول الفاعلة دوليا فى التدخل لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية، والتى تُعد بمثابة جرائم حرب لابد من محاسبة مرتكبيها، بالإضافة إلى الانخراط بجدية فى مسار سياسى يقوم على حل الدولتين، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، بما يصب فى النهاية فى مصلحة إسرائيل والمنطقة لتحقيق السلام والاستقرار. من جانبها، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، عن اعتقادها بأنه ينبغى استغلال الهدنة الحالية فى غزة كجسر لعملية سياسية، من أجل الوصول إلى حل دائم للصراع فى الشرق الأوسط. وقالت بيربوك: «الشيء المحورى الذى نكافح من أجله فى الوقت الراهن، هو أن نرى معاناة الآخر، لأنه فقط إذا أمكن شفاء معاناة الآخر، فإن معاناتك ستنتهى أيضاً. الإسرائيليون لا يمكنهم أن يعيشوا فى أمان، إلا إذا عاش الفلسطينيون فى أمان». وعلقت بيربوك على إلغاء إسرائيل مشاركتها فى الاجتماع، وقالت إن «إسرائيل لم تشارك لأنها تتخوف من التعرض للعداوة من جانب واحد»، وأضافت أن «هذا يوضح مدى عمق الانقسامات حالياً، ويوضح أن على الجميع أن يتحدثوا مع بعضهم البعض، وأنا هنا اليوم لهذا السبب تحديداً». من جانبه، دعا مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل، إلى تمديد الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس فى قطاع غزة، التى دخلت يومها الرابع والأخير، من أجل العمل على «حل سياسي» للنزاع. وشدد بوريل لدى افتتاح اجتماع لمنتدى «الاتحاد من أجل المتوسط» فى برشلونة، على أنه «يجب تمديد هذه الهدنة»، التى وصفها بأنها «خطوة أولى مهمة»، وتحويلها إلى هدنة «دائمة للسماح بالعمل على حل سياسي». كما أبدى ممثل السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، استنكاره لتخصيص إسرائيل أموالاً لبناء مستوطنات جديدة، بينما لا تزال الحرب قائمة بقطاع غزة، مشدداً على أن هذا لا علاقة له بالدفاع عن النفس. وعن الانتهاكات المستمرة للمستوطنين فى الضفة الغربية، ذكر بوريل أنه لا يمكن السماح للمتطرفين بوضع جدول أعمالهم، مشيراً إلى أن ما يفعله المستوطنون فى الضفة الغربية غير مقبول، ولن يوفر الأمن لإسرائيل. ويشارك فى الاجتماع 27 وزير خارجية من دول الاتحاد الذى يتكون من 43 دولة. من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، أمس الإثنين، إن ما كشفته الهدنة من دمار فى قطاع غزة، يدل على حجم الإجرام الذى مارسته القوات الإسرائيلية، وإن على العالم أن يتعامل مع غزة على أنها منطقة منكوبة، محملاً إسرائيل مسئولية ما حدث. ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، أضاف فى كلمته بمستهل جلسة الحكومة فى رام الله، أن «مشاهد الدمار التى تكشفت عنها حرب الإبادة التى تعرض لها أهلنا فى قطاع غزة طيلة ال52 يوماً الماضية، تُظهر حجم الفظاعات التى ارتُكبت مدفوعة بنزعة الانتقام من آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، وإبادة عائلات بأكملها، وتدمير كل عناصر الحياة من مستشفيات ومدارس وجامعات وأسواق ومخابز ومحطات مياه وكهرباء، ما يكشف عن الأهداف الحقيقية وراء العدوان الذى يستهدف الكل الفلسطيني». وأكد أن «الرئيس محمود عباس يعمل على تحشيد جهد دولى ضاغط لوقف العدوان بصورة نهائية، وهناك تكثيف أيضاً للدعم الإنسانى والإغاثى والطبي، وإعادة توفير مقومات الحياة فى كل مناطق قطاع غزة، وإعادة ربط خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، وإدخال الوقود، وصولاً إلى فتح مسار سياسى حقيقى وجدى على طريق الحل السياسى الشامل، بما يفضى إلى اعتراف العالم بدولة فلسطين، ووضع جدول زمنى لإنهاء الاحتلال». من جانبه، قال وزير الخارجية الأردنى إن إسرائيل لم تحترم اتفاقية أوسلو، وعندما بدأت العملية فى مدريد كان هناك أمل فى الوصول إلى مستقبل آمن، ولكن إسرائيل عملت من أجل توطيد الاستعمار، وخرق اتفاقية أوسلو، ولم يكن هناك أى خطوة من أجل التقدم نحو السلام. وأضاف الصفدي، خلال كلمته فى المنتدى الإقليمى الثامن لوزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط، «إن الوضع فاجع، وهناك مجازر كبيرة جداً، والكثير من العائلات تموت فى قطاع غزة، والبنية التحتية تمحى بشكل كامل، القوة والعنف الشرير لا يمكن قبولهم من قبل العالم، كما على إسرائيل أن تعلم أنه لا يمكننا القبول بتهجير مليون و700 ألف فلسطيني». ودعا الصفدى إلى وقف الحرب بشكل نهائي، وإرسال مساعدات بشكل فائق وسريع إلى غزة، ووضع خطة مستقبلية من أجل الوصول إلى حل الدولتين، وقال «لا يمكننا فقط أن نركز على غزة، علينا أن نعمل بشكل شامل، ولا يمكننا أن نرى كيف إسرائيل تخترق القانون الدولي، ونحن مكتوفى الأيدى».