يقع مستشفى الشفاء فى شمال غرب غزة، حيث تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية. وهو عبارة عن مجمع كبير من المبانى والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير فى مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحى الرمال. تبلغ مساحة المجمع الطبي، الذى أنشئ فى عام 1946، 45 ألف متر مربع وهو الأكبر فى غزة، شُيد المستشفى خلال الحكم البريطاني، أى قبل عامين من انسحاب بريطانيا من فلسطين. وظل المستشفى قائمًا خلال فترة إدارة مصر للقطاع التى استمرت عقدين تقريبًا بعد حرب عام 1948. وفى عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة واحتلته وظل مستشفى الشفاء مكانًا محوريًا لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع، حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية. وفى عام 1994، أدت قوات الأمن التى كانت تسيطر عليها حركة فتح التحية للعلم الفلسطينى بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكمًا ذاتيًا محدودًا فى غزة خلال عملية أوسلو للسلام. ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التى تهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز المفاجئ الذى حققته الحركة فى انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكرى على غزة عام 2007. وتم توسيع المستشفى خلال الإدارة المصرية، ومرة أخرى تحت حكم الإدارة الإسرائيلية فى الثمانينيات. خلال تلك السنوات جرى إنشاء قسم للطب الباطنى وجناح جديد للجراحة، وبعد ذلك أضيفت مبان جديدة لطب الأطفال وطب العيون وكذلك أقسام للتوليد وأمراض النساء. كما يعتبر مجمع الشفاء أكبر مستشفى فى القطاع بسعة تصل إلى 700 سرير طبي، لكن حاليا «يتوفر سرير واحد تقريبًا لكل اثنين من المرضى، وقسم الطوارئ والعنابر مكتظة، ما يتطلب من الأطباء والعاملين الطبيين علاج الجرحى والمرضى فى الممرات وعلى الأرض وفى الهواء الطلق»، بحسب منظمة الصحة العالمية. فى الوقت الحالى يضم المجمع ثلاثة مستشفيات هى الجراحة والأمراض الباطنية والنسائية والتوليد فضلا عن قسم للطوارئ والعناية المركزة وغيرها، ويعمل فيه نحو 1500 موظف، ثلثهم أطباء. هذا ويقول الأطباء فى المستشفى: إن الطاقم الطبى يعالج حوالى 2500 مصاب فى منشأة تتسع لحوالى 700 سرير فقط. ولجأت الكثير من العائلات فى غزة إلى مستشفى الشفاء لتفادى القصف الإسرائيلى المستمر على القطاع منذ السابع من أكتوبر. وفقا لمسئولى الصحة فى القطاع، لجأ ما بين 50 و60 ألف شخص إلى المستشفى وحوله، كما أقامت بعض العائلات أيضًا خارج حرم المستشفى مباشرة. كما يحتمى آلاف النازحين من سكان غزة بخيام مصنوعة من القماش فى مرآب سيارات المستشفى وينامون فى الممرات أو على الدرج ويقضون ساعات اليوم على سلالم المستشفى وينشرون الغسيل على الأسطح دون أن يتركوا أى مساحة خالية داخل المنشأة الطبية. ويتهم الجيش الإسرائيلى حركة حماس باستخدام مستشفى الشفاء غطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز العمليات. وتقول إسرائيل، إن أفرادًا من سلاح المهندسين يستخدمون المتفجرات لتدمير الأنفاق فى شبكة حماس الواسعة تحت الأرض. فى المقابل، نفت حماس والسلطات الصحية ومديرو مستشفى الشفاء إخفاء الحركة بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا: إنهم سيرحبون بتفتيش دولى للمنشأة. وأكدت حماس أن الأنفاق التى أشار إليها الجيش الإسرائيلى هى مخزن للوقود إضافة إلى غرفة تحت الأرض. من جانبها، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنها لم تجد ما يؤكد مزاعم الجيش الإسرائيلى بشأن اتخاذ حركة «حماس» من الطوابق السفلية لمستشفى «الشفاء» بمدينة غزة مقرات لها. هذا وتقصف إسرائيل غزة جوا وبحرا وبرا منذ أن اخترق مسلحون من حماس السياج الحدودى للقطاع فى السابع من أكتوبر، ونفذوا هجومًا قالت إسرائيل، إنه أسفر عن مقتل 1400 شخص، واحتجاز نحو 240 آخرين.