دقت طبول الحرب فى الغرب الإفريقى بإعلان كل من مالى وبوركينا فاسو إرسال قوات إلى النيجر بعد تحديد (الإيكواس) تاريخ التدخل العسكرى فى نيامى، بالإضافة إلى تهديدهما بالانسحاب الكامل من المجموعة التى تم تعليق عضويتهما فيها بالفعل. ووصفت بوركينا فاسو سياسة المنظمة تجاه النيجر بغير المنطقية، معتبرًا أن فكرة التدخل عسكرياً صادمة، مشددة على أن دول الإيكواس ليس لها الحق فى محاربة بعضها البعض. كما حذر من تزايد نشاط الجماعات الإرهابية فى المنطقة إذا غرقت النيجر فى الفوضى، وختم مشددًا على أن بلاده إلى جانب مالى تقفان ضد أى اعتداء على النيجر. فيما بث تليفزيون النيجر صورًا لطائرات حربية قال: إن مالى وبوركينا فاسو أرسلتهما إلى نيامي، مشيرًا إلى أن البلدين وضعا قواتهما رهن إشارة المجلس العسكرى تنفيذاً لتعهداتهما بالدفاع المشترك وصد أى عدوان قد تتعرض له النيجر، مضيفًا أن ضباطا من قيادات الأركان فى البلدان الثلاثة عقدوا اجتماعًا للتنسيق فى نيامى ضمن الاستعدادات لمواجهة تدخل عسكرى محتمل لقوة مشتركة من إيكواس. ويحظى المجلس العسكرى الذى سيطر على السلطة فى النيجر بدعم مالى وبوركينا فاسو الدولتين المجاورتين واللتين يحكمهما أيضا عسكريون بعد انقلابين فى 2020 و2022. وكانت المجموعة الإفريقية التى تضم 15 عضواً تحدثت عن «احتمال» إيفاد بعثة دبلوماسية إلى نيامى، وقال عبدالفتاح موسى، مفوض الشئون السياسية والسلام والأمن فى إيكواس: إن أى تدخل فى نيامى سيكون قصير الأجل ويهدف لاستعادة النظام الدستورى. جدير بالذكر أن حكومتي البلدين كانتا قد أعربتا فى بيان، عن تضامنهما مع الشعب النيجرى، وأدانتا فرض عقوبات من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على نيامي، معتبرتين أن مثل هذه الإجراءات «لا تؤدى إلا إلى تفاقم معاناة الشعب وتهديد روح وحدة الانتماء الإفريقي». أما تشاد المجاورة التى تعد قوة عسكرية مهمة، فأعلنت عدم مشاركتها فى أى تدخل عسكرى، علمًا أن تشاد ليست عضوًا فى إيكواس. وفى بنين المجاورة للنيجر، أكد وزير الخارجية أولشيغون أدجادى بكارى أن الدبلوماسية تظل «الحل المفضل»، لكنه قال: إن بلاده ستحذو حذو إيكواس إذا قررت التدخل. فيما دعت ألمانياوفرنسا الاتحاد الأوروبى لفرض عقوبات على قادة الانقلاب، وحضت كل من روسيا والولايات المتحدة على حل الأزمة دبلوماسيًا. وفرضت «إيكواس» عقوبات تجارية ومالية على النيجر بينما علقت فرنساوألمانيا والولايات المتحدة برامج مساعداتها لهذا البلد. ميدانيا، قتل متشددون 17 جندياً فى الأقل فى كمين، بحسب وزارة الدفاع النيجيرية، وأصيب 20 جندياً آخر، ستة منهم بجروح بالغة، فى خسائر تعد الأكبر منذ الانقلاب عندما أطاح عناصر من الحرس الرئاسى ببازوم واعتقلوه مع أفراد عائلته. وتشهد منطقة الساحل أعمال تمرد جهادية منذ أكثر من عقد، إذ اندلعت فى مالى عام 2012 قبل أن تمتد إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين عام 2015. وأسفرت الاضطرابات فى أنحاء المنطقة عن مقتل آلاف الجنود وعناصر الشرطة والمدنيين وأجبرت الملايين على الفرار من منازلهم. وغذى الغضب حيال أعمال العنف الانقلابات العسكرية فى مالى وبوركينا فاسو منذ 2020، قبل أن تسقط النيجر أخيرًا. ويفيد محللون بأن أى تدخل ل«إيكواس» ضد قادة انقلاب النيجر سينطوى على مخاطر عسكرية وسياسية، وقد شدد التكتل على أنه يفضل إيجاد مخرج دبلوماسى. واعتبر انتخاب بازوم عام 2021 حدثاً تاريخياً فى النيجر، مهد لأول انتقال سلمى للسلطة فى البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. ونجا بازوم من محاولتى انقلاب قبل أن تتم إطاحته فى خامس عملية استيلاء على الحكم من قبل الجيش تشهدها البلاد. وتعد النيجر من بين أفقر دول العالم وتحل بشكل دائم فى مرتبة متأخرة فى مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة. وحذرت الأممالمتحدة، من أن الأزمة يمكن أن تؤدى إلى مفاقمة انعدام الأمن الغذائى فى الدولة الفقيرة، داعية إلى إدخال استثناءات إنسانية على العقوبات وقرارات إغلاق الحدود منعاً لوقوع كارثة. كما تواجه النيجر تمرداً جهادياً فى جنوبها الشرقى ينفذه مسلحون يعبرون من شمال شرقى نيجيريا، مهد تمرد أطلقته جماعة «بوكو حرام» عام 2010 وتُعتبر النيجر من الناحية الجغرافية أكبر دولة فى غرب إفريقيا، وتواجه نيجيريا العديد من التحديات الأمنية فى الداخل، وبالتالى فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة. وقالت كل من مالى وبوركينا فاسو، إن التدخل العسكرى فى النيجر سيُنظر إليه باعتباره «إعلان حرب» وأنهم سيذهبون للدفاع عن رفقائهم قادة الانقلاب. وبالتالى فإن الأمر يهدد بالتدحرج ككرة الثلج ليصبح حرباً إقليمية واسعة النطاق، خاصة إذا كان سكان النيجر يرفضون التدخل الأجنبى، وعلى الرغم من ذلك فإنه من المستحيل معرفة كيف ستكون ردة فعلهم. وتشترك نيجيرياوالنيجر فى العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس على جانبى الحدود اللغة نفسها وبالتالى فإن هذا قد يجعل بعض الجنود النيجيريين مترددين فى القتال إذا ما وصل الأمر لذلك. ودعت الجزائر، جارة النيجرالشمالية، والصين وروسيا إلى ضبط النفس والاستمرار فى استخدام الحوار لتهدئة التوتر. ولا شك بأن الحل السلمى هو المفضل بالنسبة لجميع الأطراف لكن إيكواس راغبة بإظهار حزمها، حيث إنها فشلت فى منع موجة من الانقلابات فى المنطقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.