يمتلك عالم الأثار الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق كثيرا من القصص الساحرة والمشوقة حول الآثار، ويختزن فى ذاكرته الكثير من التفاصيل عن حياته التى تخللتها أحداث كثيرة كانت الآثار وعشقها محور لها، وهو ما قرر أن يحوله حواس لمادة تقرأ بشغف وتشويق، وذلك فى أحدث كتبه «الحارس» الصادر عن دار نهضة مصر ويوقعه ويناقشه غدا السبت، ويسرد فيه حواس فى 16 فصلا ومجموعة ضخمة من الصور النادرة وسيرته الذاتية من الطفولة ونشأته فى قرية العبيدية، ويسلط الضوء أيضا على الحادثة التى غيرت حياته، حيث لم يكن يرغب فى الالتحاق بكلية الآثار، إلا أن اكتشافه لتمثال أفروديت فى كوم أبولو جعله شغوفًا بعلم الآثار واكتشاف المزيد، كما يتناول عددا من الخلافات والقضايا التى خاضها حواس عبر سنوات طويلة مع جهات مصرية وعالمية من أجل الآثار، كما يتحدث باستفاضة عن عدد ضخم من رؤساء الجمهوريات والملوك ورجال السياسة ونجوم الفن العالميين.. ومن هذا المنطلق كان لروز اليوسف هذا الحوار مع الدكتور زاهى حواس.. إلى الحوار. ¶ لماذا قررت الآن كتابة مذكراتك؟ - لم تكن لدى الرغبة فى كتابة مذكراتى، لكن شجعنى صديقى الناشر محمد إبراهيم رئيس مجلس إدارة نهضة مصر على ضرورة كتابتها حتى لا يزيف أحد الأحداث، وقد جاءت فترة جائحة كورونا التى أجبرتنا على الجلوس والبقاء فى المنازل، وكانت فرصة كى أتفرغ لهذا الكتاب وكتبت منه بخطى 15 فصلا عن حياتى وما بها من أحداث، وكنت أرسل ما أكتبه أولا بأول للكاتبة الصحفية المتميزة زينب عبد الرازق رئيس تحرير مجلة ديوان الأهرام لترسله للطباعة وبعدها تراجعه، وقد اخترتها كونها تتمتع بالكفاءة والمهنية والدقة فى العمل. ¶ ما الذى قدمته فى هذه المذكرات؟ - أشرت إلى العديد من الأصدقاء الذين لعبوا دورا كبيرا فى حياتى، وأيضا لم أنس من وقفوا بجانبى خاصة فى الأزمات التى أعقبت أحداث 2011، وقدر المستطاع ابتعدت عن تجريح أحد، وكان خيارى الأكبر ألا أتناول بالتفصيل من أساءوا لى، وفى حال ذكرت أيا من معاركى مع أحد اكتفيت فقط بالأحرف الأولى من اسمه، وذلك لأن هدفى وأهم شيء لدى أن يصل لمن يقرأ الكتاب فكرة أن النجاح لم يكن سهلا ولا يأتى إلا بالجهد والتعب والدراسة. ¶ هل تحدثت عن حياتك كإنسان عادى أم كأثرى أم ماذا؟ - هذه المذكرات لا تؤرخ لحياتى الشخصية فحسب، لكننى سجلت فيها ما تعرضت له الآثار خلال 10 سنوات منذ أن توليت منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، كذلك الفترة التى توليت فيها أول وزارة للآثار عام 2011، كذلك رصدت فى المذكرات ما شهدته الآثار خاصة الترميم من نهضة كبيرة وحقيقية وبناء المتاحف وتدريب العاملين والوعى الأثرى، كذلك الاكتشافات الأثرية التى أبهرنا بها العالم والدنيا كلها، خاصة الاكتشافات التى فندت ما كان يتردد من خرافات عن الأهرامات وبنائها، وعلى رأس تلك الاكتشافات مقابر العمال بناة الأهرام ووادى المومياوات الذهبية، حيث إن مثل هذه الاكتشافات بجانب قيمتها العلمية فقد زادت من احترام العالم لنا. ¶ هل هناك أشياء لم تذكرها فى هذه المذكرات؟... ولماذا؟ - ما لم أذكره فى الكتاب أن كثيرين هاجمونى لكننى لم أحاول أن أجرحهم، وحاولت أن أذكر ما قالوه عنى وأدافع عن نفسى لكننى لم أجرح أحدا رغم أننى أعرف عنهم الكثير ولم أفكر فى الانتقام من أى أحد بما أعرفه عنه. ¶ ما المواقف التى لا تنساها فى حياتك وذكرتها فى الكتاب؟ - من المواقف التى لا أنساها نهائيا معركة أبو الهول بين فاروق حسنى وأحمد قدرى، كذلك سرقة المتحف المصرى بالتحرير وكشف مقابر العمال بناة الأهرام حيث كان هذا الكشف بمثابة سلاح قوى فى يدى أدافع به عن آثار مصر. ¶ نعلم أنك كنت مرتبطا إلى حد كبير بوالديك وخاصة الأم..ما الذى ذكرته عنهما فى الكتاب؟ - أمى كان لها فضل كبير جدا عليا حيث ضحت بحياتها فى سبيل أولادها وقد توفى والدى وهى فى سن صغيرة ولديها 6 أولاد وما فعلته هى لأولادها لا أعتقد أن أى أم قامت به. ¶ من هم الأبطال المجهولون فى حياتك وسنراهم فى الكتاب؟ - الأستاذ شطا الذى علمنى وأنا فى البلد والشيخ الدسوقى الذى حفظت القرآن الكريم على يديه وكان حكاء وعلمنى كيف أحكى وأستاذى ديفيد كونر ود.جمال مختار والسفير عبد الرؤوف الريدى وغيرهم، كل هؤلاء لهم تأثير كبير فى حياتي. ¶ معروف أنك لست عالم آثار فقط بل عاشق لها.. ما الذى جعلك تهيم بها لهذه الدرجة؟ - العشق هو الذى جعلنى أنظر للآثار على أنها محبوبة جميلة عشقت كل ما فيها، لذلك عشت وما زلت بشغف فى هذا العالم الغامض المشوق، لتصبح حياتى بمثابة مغامرة داخل أنفاق وآبار عميقة أبحث عن المجهول لأكشفه للعالم، لأجد فى النهاية أمام آثار وكنوز أحولها إلى تاريخ حى، وهذا العشق هو ما دفعنى لتقديس العمل والإخلاص له، وهو ما أدى بى لتحقيق إنجازات واكتشافات أثرية كثيرة بشكل غير مسبوق، وأصبح العالم كله يعرفنى وتتابعنى كل وسائل الإعلام فى العالم كله، كما أننى وبسبب هذا العشق تحولت من طالب عادى فى كلية آداب الإسكندرية قسم آثار إلى عالم مميز احترمه العالم كله، وبدأت دراساتى العليا وحصلت على دبلوم الدراسات العليا فى الآثار المصرية وبعدها ماجستير فى الآثار المصرية وآثار سوريا وفلسطين، ودكتوراه عن الأهرامات، كما أننى وبفضل هذا العشق كتبت مئات المقالات العلمية وآلاف المقالات العامة فى صحف عربية وأجنبية، كما أن كتبى التى بلغت 50 كتابا باتت أكبر وأهم الكتب من حيث حجم توزيعها فى العالم. ¶ العمل الأثرى صعب ويحتاج للتطوير دائما، فما الذى فعلته فى سبيل ذلك؟ - بعد تكليفى بأمانة المجلس الأعلى للآثار كان لا بد من إجراءات عديدة ومراجعة مهام المجلس والعمل على الوصول لأفضل بناء تنظيمى وتطوير العمل به وكل الإدارات والقطاعات التابعة له، وتفعيل أنظمة العمل بالمجلس خاصة أنه تتشعب اختصاصاته ومهامه، كما ركزنا جهودنا على تطوير المواقع الأثرية وتنمية الوعى الأثرى، كما عملنا على الاستفادة من منجزات العلم وتقنيات العصر الحديثة لميكنة العمل بالمجلس الأعلى للآثار إداريا وفنيا. ¶ رغم خروجك من الوزارة منذ سنوات ما زلت تتمتع بمكانة كبيرة فى قلوب العاملين بالآثار وغيرهم.. لماذا؟ - كنت حريصا على تشجيع شباب الأثريين وتوفير الفرص لهم خاصة العلمية، وذلك بإرسالهم فى بعثات علمية للخارج، وقد عادوا منها علماء مشهود لهم بالكفاءة، ومنهم أحد تلاميذى وهو الدكتور رمضان بدرى الذى يعمل فى بعثة حفائر أثرية بسقارة حاليا، وقد حقق كشفا أثريا مهما تحدثت عنه وسائل الإعلام فى العالم كله، ولذلك عندما أرى تلميذا من تلاميذى ناجحا فى عمله تنتابنى سعادة كبيرة، حيث كنت أسعى لإتاحة الفرصة لجميع العاملين فى الآثار للظهور فى وسائل الإعلام، كما أننى طوال حياتى كنت أعمل بنصيحة أبى ألا أحصل على حق ليس حقى مهما كان ذلك يحقق لى مكاسب من حيث المكانة والنفوذ، وهذه النصيحة كنت أوجهها لتلاميذى دائما، كما أننى لم يحدث أن حصلت على أى نفع من شخص فى القطاع الخاص أو الدولة، ولم أقترب من المال العام طوال عملى فى الحكومة، ومن ظلمونى كنت دائما أقول لهم «حسبى الله ونعم الوكيل».
الفقى: الكتاب يروى تاريخ مصر على لسان واحد من أخلص أبنائها
حرص الدكتور مصطفى الفقى الذى تربطه صداقة وثيقة بزاهى حواس على كتابة كلمة الغلاف، الذى قال بها:عندما علمت أن الدكتور «زاهى حواس» سيكتب سيرته قلت الآن سنكتشف جوهر «زاهى»، وأسراره، وسنعرف تاريخ مصر على لسان واحد من أخلص أبنائها، ممن كان لهم فضل الحفر والتنقيب عن تراثها المخبوء تحت الأرض. وإذا كنا نعرف «زاهى» العاشق لمصر، فقد آن الأوان لنستمع لقصة «زاهى» نفسه: كيف بدأ؟ وكيف اهتدى إلى طريق الآثار وطريقتها المثلى؟ وكيف نجح فى ترويض الصخور والرمال ليقدم لنا كنوز المعرفة بطريقة تجعل التاريخ القديم كالماء والهواء حقًّا لكل مصرى؟!..هذه سيرة رجل من قلب مصر، وسيرة مصر على قلب رجل من أبنائها المخلصين.