فى خطوة نحو استكمال مباحثات المياه، أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية أن وفدا سيزور تركيا، مطلع الشهر المقبل، لبحث مسألة حصة العراق المائية فى نهرى دجلة والفرات. وذكر المتحدث باسم الوزارة، على راضى، أمس أنه تم عقد اجتماعات عديدة مع الجانبين التركى والسورى بشأن ملف المياه. وبين أن زيارة الوفد العراقىلتركيا تهدف إلى استكمال اللقاءات والمباحثات بشأن حصة بلاده والإطلاقات المائية فى نهرى دجلة والفرات. وقال المسئول العراقى إن زيارة الوفد تهدف إلى التهيئة لعقد اجتماع ثلاثى مشترك يضم العراقوتركيا وسوريا بشأن موضوع تقاسم الضرر فى فترة الشح المائى. وأشار راضى إلى أن جميع دول العالم تأثرت بالتغيرات المناخية، لاسيما ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذى أدى إلى قلة الإيرادات المائية. وقال إن هناك عوامل فنية أخرى تتعلق بتوسع الدول فى إنشاء سدود لتخزين المياه ومشاريع إروائية، موضحا أن هذه العوامل أثّرت هى الأخرى فى إيرادات العراق المائية. وأوضح أن العام الحالى شهد شحا فى المياه، وأن مستوى المياه انخفض فى نهرى دجلة والفرات، بأكثر من 50%. ورغم كل هذه الأوضاع الصعبة، قال المسؤول العراقى إنه «تم تأمين الاحتياجات المائية لهذا الموسم والموسم الشتوى المقبل مما هو متوفر من خزين مائى جيد فى الخزانات والبحيرات». وكان وفد عراقى زار تركيا فى يونيو الماضى، لبحث ملف المياه والاطلاع على المنشآت والخزين المائى فى سد اليسو، الذى تبنيه تركيا على نهر دجلة. ويعد نهر دجلة، إلى جانب نهر الفرات، شريان الحياة بالنسبة للكثير من العراقيين، إذ يغذى النهران الكثير من محطات المياه، وتُستخدم مياههما لرى الحقول على طول ضفتيهما. ويعانى العراق، منذ سنوات، من انخفاض منسوب مياه نهرى دجلة والفرات، من جراء قلة تساقط الأمطار فى فصل الشتاء، السدود التى تقيمها تركيا على نهرى دجلة والفرات. وكان أحدث هذه السدود، سد أليسو، الذى يعد الأكبر فوق نهر دجلة. وإلى جانب تركيا، يعانى العراق من سياسات إيران التى تحرمه الكثير من مياه الأنهار الصغيرة التى كانت تصب فى أراضيه. وقطعت إيران طوال الشهور الماضية معظم الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو العراق، الأمر الذى تسبب بجفاف شديد فى معظم مناطق شرق العراق. وكشفت نقابة الجيولوجيين العراقيين عن الشرط الذى يطلبه الجانب الإيرانى مسبقا للدخول فى أية مفاوضات مع الجانب العراقي، وهو إقرار العراق بالعودة إلى اتفاقية الجزائر، الخاصة بتقاسم البلدين لمياه نهر شط العرب، التى وقعها الطرفان عام 1975 فى عهد الرئيس الأسبق صدام حسين. المطالبة الإيرانية صدمت الأوساط الشعبية والأهلية العراقية، لأنها بمثابة «ورقة ابتزاز»، فإيران حسب مطالبتها هذه، تفرض شرطا خارجيا، للالتزام بمنح العراق حقوقه العادلة والشرعية بمياهه. الأوساط القانونية العراقية علقت على تردد العراق فى التوجه إلى المؤسسات الدولية لحل ملف المياه مع إيران، التى ترفض إجراء أية مفاوضات مع العراق بشأن ملف المياه منذ العام 2003، وتعمل على قطعها بالتتالى. يذكر القانونيون إن جزءًا واضحًا من السلطات العراقية لا يملك مصداقية فى مواجهة إيران، بسبب الارتباطات السياسية، والجزء الآخر يخشى من إمكانية عرض إيران تلك الاتفاقية على الأوساط الدولية، وأن تنال إقرارًا منها. تُقدر حاجة العراق من المياه بحدود سبعين مليار متر مكعب من المياه، يتدفق قرابة نصفها من إيران، وقطعها يُهدد بتصحر ثلثى مساحة العراق، وتاليًا نزوح قرابة عشرين مليون عراقي من الأرياف إلى المُدن، وتاليًا خلق خضة كُبرى فى الحياة العامة العراقية.