اشتعلت الخلافات فى القصر الرئاسى التركي، لتتسبب فى فقدان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أبرز حلفائه بالحكومة التركية وصهره المقرب إليه برات البيرق بعد إعلانه استقالته من وزارة الخزانة والمالية، والتى بدورها تسببت فى زلزال فى أروقة تركيا السياسية والاقتصادية. وكان البيرق، قد أعلن استقالته، عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى إنستجرام، قائلا: «قررت عدم الاستمرار فى وظيفتى الوزارية بسبب مشاكل صحية»، ومن ثم قام بإغلاق حسابه الرسمى على تويتر، كما قامت وزارة الخزانة والمالية فى حسابها على تويتر بحذف جميع صور البيرق والأنباء المتعلقة بفترة عمله بالوزارة. ولم تستطع الرئاسة التركية تأكيد أو نفى البيان، كما رفض المتحدثون باسم وزارة المالية التعليق على نبأ الاستقالة، كما تجاهل الإعلام الموالى لأردوغان الأمر رغم اهتمام الرأى العام التركى والعالمى باستقالة صهر الرئيس، إذ نشرت الصحف ما يقرب من 500 ألف خبر فقط فى خلال 4 ساعات من صدور الاستقالة.
تعديل وزارى
وبسبب تلك التوترات السياسية والاقتصادية، يحاول أردوغان أن يمتص غضب مؤيديه ونوابه وحزب العدالة والتنمية بإجراء تعديلات وزارية واسعة، تشمل وزير الداخلية سليمان صويلو والصحة فخر الدين قوجة، والبيئة مراد كوروم، والخارجية مولود جاويش أوغلو، والمالية بعد استقالة البيرق، والتى من المتوقع أن يتم الإعلان عنها فى غضون أيام.
تبعات الاستقالة
وتحدثت الصحف التركية حول الضغوط التى تعرض لها البيرق والتى دفعته للاستقالة، ولم تكفه الاستقالة من منصبه والابتعاد عن العمل السياسى مع والد زوجته أردوغان، بل سيضطر إلى هجرة تركيا والعيش بلندن، بعد أن كشفت صحيفة بيرجون عن بحثه عن منزل جديد له بلندن قبل أن يعلن استقالته، ما يشير إلى انفصاله بشكل كامل عن أردوغان وعائلته. كما انتشرت ادعاءات أخرى حول قيام أردوغان بعزل كل من يقرب للبيرق، خوفا من حدوث انقلاب سياسى ضده، فقام بفصل رئيس محافظة إسطنبول عن حزب العدالة والتنمية بيرام شينوجاك المعروف بقربه من البيراق. وبالرغم من الانهيار الذى يعانيه الاقتصاد التركى والذى لن يصلحه استقالة وزير بين يوم وليلة، إلا أن الليرة التركية شهدت ارتفاعا ملحوظا فى غضون ساعات من استقالة صهر الرئيس، وفى اليوم الأول لمباشر ناجى أغبال محافظ البنك المركزى الجديد لعمله، إذ ارتفعت الليرة أكثر من 1٪ فى التعاملات الآسيوية المبكرة، كما حققت بالأمس الاثنين استقرارا غير مسبوق أمام الدولار الأمريكي، الذى هبط إلى 8.0 ليرة تركية، بعد أن ارتفع ل 8.52 ليرة مساء ليلة الأحد، بينما هبط سعر اليورو من 10.12 ليرة إلى 9.75 ليرة، فيما تراجع سعر جرام الذهب من 537 إلى 515 ليرة. ولا يتوقع خبراء الاقتصاد أن تؤثر استقالة البيرق على بشكل إيجابى فى إصلاح الاقتصاد التركى، إذ يتحكم أردوغان فى كافة السياسات النقدية وهو المسئول الأول عن تلك الأزمات. وقال الخبير الاقتصادى أزجور دميرتاش، إن «المشكلة ليست الوزير، المشكلة هى إصلاح السياسة النقدية، ومعالجة النقص الموجود فى مسألة عدم فصل السلطات». ومن تبعات استقالة الصهر الخطيرة على المستقبل السياسى لتركيا، هو دعوة المعارضة وحزب الشعب الجمهورى، إلى إجراء انتخابات مبكرة.
أسباب الاستقالة
رغم غموض الأمر وعدم صدور بيان رسمى من الرئاسة حول أزمة الاستقالة، إلا أن الاسباب التى دفعت البيرق للاستقالة هى خلافه مع أردوغان بعد قراره الرئاسى بإقالة محافظ البنك المركزى مراد أويصال، وتعيين بدلا منه ناجى أغبال عدو البيرق اللدود، وهو ما رفضه البيرق لكن أردوغان أصر على موقفه، ما دفع صهره للاستقالة. وقد توترت العلاقات بين البيرق وأغبال من سنوات، بسبب معارضة أغبال الشديدة لسياسات البيرق النقدية، ولم يكن يرغب البيرق بتعيين أغبال بهذا المنصب ما تسبب فى خلاف بين أردوغان وصهره دفع الوزير للاستقالة من منصبه. وهناك سبب آخر، يشير إلى أن البيرق لم يستقل وإنما أقيل من منصبه، بعد تهديد 40 نائبا من حزبى العدالة والتنمية والحركة القومية الموالين لأردوغان بالاستقالة والانضمام إلى حزب ديفا المعارض التباع لعلى باباجان وزير الاقتصاد السابق، بسبب رفضهم سياسات البيرق. وحاول أردوغان إصلاح الخلافات فعرض على صهره تولى منصب نائب الرئيس مقابل خروجه من وزارته، إلا أن البيرق رفض المنصب، لذا فقد يعطى له حقيبة وزارة الخارجية بعد الإطاحة بجاويش أوغلو، وفقا لصحيفة لبيرجون التركية. وكشف الصحفى التركى باريش يركاداش، أن مدير بنك العمل التركى، عدنان بالى، سيتولى منصب وزارة الخزانة والمالية التركى بعد استقالة البيرق من منصبه. وفى نظر الرأى العام الأمريكي، اختلفت سبب استقالة البيرق، والذى أسندوه إلى فوز المرشح الديمقراطى، جو بايدن، فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما دفع أردوغان إلى إعادة هيكلة الحكومة التركية، إذ كان البيرق يتمتع بصداقة مع ابنة الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، وفقا لما قالته نيويورك تايمز.