علاقة ضاربة فى جذور التاريخ، فمصير الدولتين واحد وأمنهما القومى مشترك، فكلاهما سند وظهر للآخر، وفى هذا الإطار التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس بمشايخ وأعيان القبائل الليبية الممثلة لأطياف الشعب الليبى بجميع ربوع البلاد، بحضور رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء الدفاع والخارجية ورئيس جهاز المخابرات العامة. السفير بسام راضى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، صرح بأن الرئيس رحب فى بداية اللقاء الذى عقد تحت شعار «مصر وليبيا.. شعب واحد.. مصير واحد»، بلقاء مشايخ ووجهاء ليبيا، قائلًا: «سعداء ونتمنى كل الخير والسلام لليبيا وحريصون على عدم التدخل فى الشأن الليبى، فكل كبير من كبراء ليبيا يحرص عليها، والشعب الليبى هو من يحدد مصيره، أدعوكم بأن تضعوا أيديكم فى أيدى بعض وتخلصوا النوايا والجهود لصالح الناس فى ليبيا»، مؤكدًا أن الهدف الأساسى للجهود المصرية على جميع المستويات تجاه ليبيا هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبى من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه. وقال الرئيس: «إن مصر تتعامل مع ليبيا واحدة موحدة بحيث تتعاطى مع جميع أبناء الشعب الليبى من كل الأقاليم»، مؤكدًا أن مصر تدعم دولة ليبية بعيدًا عن الميليشيات المسلحة والمتطرفة لأن البلدين واحد، مشددًا على أن خط سرت الجفرة لا يجب تجاوزه وهى دعوة سلام من مصر للبدء فى تفعيل الحل السياسى، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية هى دولة داعية للسلام ولا تقبل بتقسيم ليبيا وتسعى لوقف الاقتتال فى البلاد. ولفت «السيسى» إلى أن مصر ترتبط بعلاقات تاريخية ووثيقة مع ليبيا، مؤكدًا أن دفاع مصر عن ليبيا والعكس هو التزام وطنى، وأن مصر تعول على القبائل الليبية الحرة لحل الأزمة فى البلاد، موضحًا أن مصر لن تسمح بتكرار الرهان على الميليشيات المسلحة فى ليبيا، قائلًا: «مصر ترفض أن تتحول ليبيا لملاذ آمن للخارجين عن القانون»، داعيًا أبناء القبائل الليبية إلى الانخراط فى جيش وطنى موحد وحصر السلاح فى يد دولة المؤسسات دون غيرها. وأكد الرئيس، أن مصر مستعدة لاستضافة وتدريب أبناء القبائل الليبية لبناء جيش وطنى ليبى، موضحًا أن حالة الانقسام السياسى فى ليبيا لن تؤدى إلى حل الأزمة، مشيرًا إلى رفض مصر التدخل الخارجى فى الشأن الداخلى الليبى ولن ترضى سوى باستقرار ليبيا سياسيًا واجتماعيًا وعسكريًا، مؤكدًا أن الخطوط الحمراء فى سرت والجفرة هى دعوة للسلام، ولن نقف مكتوفى الأيدى أمام تهديد أمننا فى التحشيدات العسكرية للهجوم على سرت. وتابع «السيسى»: «أن مصر حال تدخلت فى ليبيا ستغير المشهد العسكرى بشكل سريع وحاسم»، مشيرًا إلى أن الجيش المصرى من أقوى الجيوش فى المنطقة وإفريقيا، قائلاً: «الجيش المصرى رشيد ومصر تدعم دائمًا الحل السياسى فى ليبيا»، مشددًا على مصر ليس لديها أى مواقف مناوئة للمنطقة الغربية فى ليبيا، لافتًا إلى عدم امتلاك أطراف النزاع الإرادة للحل السياسى بسبب تدخل قوى خارجية توظف بعض الأطراف لمصالحها. وشدد الرئيس على ثراء التاريخ المشترك بين مصر وليبيا فى مواجهة جميع أشكال الاستعمار وأن بطولات الليبيين وعلى رأسهم الشيخ عمر المختار وكفاحهم على مر العصور للحصول على استقلالهم خير دليل على رفض الشعب للتدخلات الخارجية الطامعة فى الثروات الليبية، مضيفًا: «أن مصر تعول على القبائل الليبية الحرة الرافضة لاستمرار الأوضاع الراهنة فى ليبيا»، مؤكدًا استعداد مصر لتقديم جهودها لجميع أشقائها الليبيين الراغبين بشكل صادق فى إنهاء الأزمة الليبية. وأوضح أن مصر تعانى وما زالت تعانى من الإرهاب، ومعندناش استعداد أن الميليشيات والجماعات الإرهابية تدخل مصر، متابعًا: «أن مصر خلال الفترة الماضية لم تدخل ليبيا رغم وجود ميلشيات بها، ولكن مصر ستتدخل بناء على طلب من الشعب الليبى، وسنخرج بأمر منكم»، لافتًا إلى أن هدف مصر الرئيسى هو دعوة للسلام، ولاستكمال مرحلة التفاوض، وأن تتوقف مرحلة القتال. واستطرد: «أن الخطوط الحمراء التى أعلنتها من قبل فى «سيدى برانى» هى بالأساس دعوة للسلام وإنهاء الصراع فى ليبيا، إلا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدى فى مواجهة أية تحركات تشكل تهديدًا مباشرًا قويًا للأمن القومى ليس المصرى والليبى فقط وإنما العربى والإقليمى والدولى»، مضيفًا: «حضور القبائل الليبية إلى بلدهم مصر فى هذا التوقيت يبعث رسالة للعالم مفادها وحدة مصير البلدين». وأشار الرئيس إلى أن العلاقات بين الشعبين المصرى والليبى تمتد على مر التاريخ، ولا يمكن بأى حال من الأحوال المساس بها، وأؤكد لكم أن دفاع مصر عن ليبيا، والعكس صحيح، لهو التزام ناتج عن حالة التكاتف الوطنى بين البلدين، مؤكدًا أن مصر تركز على خلق فرص السلام والتنمية والبناء، وتطابق الموقفين المصرى والليبى الرافض لأى تدخل أجنبى ونبذ أى أجندة تعمل على نهب ثروات الشعب الليبى. من جانبهم، أعرب مشايخ وأعيان القبائل الليبية، عن كامل تفويضهم للرئيس والقوات المسلحة المصرية، للتدخل لحماية السيادة الليبية واتخاذ جميع الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومى لليبيا ومصر، ومواجهة التحديات المشتركة، وذلك ترسيخًا لدعوة مجلس النواب الليبى لمصر للتدخل لحماية الشعب الليبى والحفاظ على وحدة وسلامة أراضى بلاده. وفى ختام لقاء الرئيس مع مشايخ وأعيان القبائل الليبية، قام بالترحيب بهم، قائلًا: «بعد الكلام اللى قلتوه، أقول لكم: البيت المصرى بيت لليبيين»، وتابع: «إن تنتصروا بنا فسننصركم بإذن الله».