مطار القاهرة هو بوابة مصر الرئيسية التى يدلف منها السائح والزائر والقادم من الخارج إلى مصر، وهو الذى يعطى الانطباع الأول لهم عنها، وللأسف فإن ذلك الانطباع سيئ فى الغالب ورغم أن داخل مطار القاهرة لا يختلف كثيرا عن مطارات العالم إلا أن الأمر يختلف تماما اذا ما خطوت إلى خارجه ليصطدمك العديد من الشيالين الذين يعرضون خدماتهم بإلحاح والتى قد لا تحتاج اليها، واذا تخلصت منهم فانك تحاصر بسائقى التاكسى الذين يعرضون خدماتهم لتوصيلك إلى مكان إقامتك بمبالغ تفوق التكلفة الحقيقية، وبعد مساومة قد لا تكون مؤهلا لها ولرغبتك فى أن تنهى تلك المأساة، توافق على أحد العروض لتفاجأ بالسائق يجر عربة العفش ويهرول أمامك وانت تلهث خلفه لأن السيارة فى آخر موقف السيارات وقد يكون معك أطفال أو امرأة لا تستطيع الجرى، فذلك لا يهم، فإذا ما وصلت إلى السيارة تفاجأ بعدد آخر من الشيالين للتهنئة بسلامة الوصول منتظرين البقشيش. وتأخذ رحلة السيارة وقتا ليس بالقصير نتيجة زحمة المواصلات ويستغل السائق ذلك الوقت ليقص عليك عددا من الحكايات عن صعوبة المعيشة وأنه انتظر دوره فى موقف السيارات منذ الساعات الاولى من الصباح وكلها تمهيد لزيادة الأجرة المتفق عليها وبالطبع فأنت قادم من الخارج وتستطيع أن تدفع اى زيادة، ونسيت أن اذكرك بأنك سترى مئات المستقبلين الذين يتعلقون بالحواجز الحديدية ليسألوك عما اذا كانت طائرة ذويهم قد وصلت ام لا وكل تلك الامور تستطيع أن تستوعبها اذا كنت مصريا أما اذا كنت سائحا او مستثمرا عربيا أو أجنبيا فسوف تأخذك الدهشة وربما التبرم. وإذا كان مطار القاهرة الجديد هو مدعاة فخر الدكتور أحمد شفيق ويعد إنجازا مهما أحرزه عندما كان وزيرا للطيران، دعونا نوجز عددا من الملاحظات لعلها تلقى الضوء على واقع مدخل مصر الرئيسى: أولا، منذ فترة طويلة وقبل تحديث المطار، زحف التوسع السكنى حتى وصل الى مشارفه، واذا تجاهلنا دواعى الامن والسلامة فإن الازعاج الناجم عن صعود وهبوط الطائرات لا يعادله إلا إزعاج القطارات لساكنى العمارات والابنية العشوائية على طرفى خطوط القطارات، والمطارات فى كل انحاء العالم يشترط فيها أن تكون بعيدة عن المدن، وما زلت اذكر أن مطار واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة، وهو مطار صغير وربما يكون الاستثناء، تتوقف فيه الرحلات القادمة او المغادرة اعتبارا من ساعات المساء الأولى وحتى صباح اليوم التالى. ثانيا، فى جميع مطارات العالم تجد طابورا من سيارات الأجرة تصطف أمام باب الخروج مباشرة، وبأسعار محددة ومراقبة، وغير مسموح لأى منها تعدى السيارة التى تسبقها، أما فى مقابل المطار فهناك موقف سيارات أرضى واسع ومغطى أو موقف متعدد الطوابق تأخذك إليه ممرات او مصاعد من داخل المطار الى سيارتك أو سيارة مستقبليك ناهيك عن عدم وجود شيالين لمساعدتك ويجب عليك خدمة نفسك مع اعطائك الأدوات المناسبة التى تسهل مهمتك واللوحات الارشادية الواضحة لتدلك على الممرات التى تتوجه اليها لتصل الى موقف سيارات الأجرة أو الى موقف باصات النقل العام أو محطات مترو الانفاق الملاصقة للمطار اذا لم ترغب فى استعمال سيارات الأجرة. ثالثا، أعترف أننى كنت دائم السفر من والى خارج البلاد ولم أفهم الآن ما سبب تلك الساحات الممتدة المقابلة لصالات الوصول والسفر ناهيك أن هناك عددا من الفنادق داخل تلك الساحات ويستوقفك عدد من المطبات الصناعية والاكشاك لتدفع قيمة تذاكر لدخول تلك الساحات والرسوم ومع ضآلتها الا اننى لم الاحظ مثيلا لها الا حول مطار القاهرة. واذا كنا نأمل فى تطوير السياحة وتنمية الاستثمارات الأجنبية فى مصر فإننا نعتقد أنه قد آن لنا أن نفكر فى انشاء مطار جديد يبعد عن المناطق السكانية وأن نتلافى ذلك الزيف وتلك العشوائية فى محيط مطار القاهرة وأن نجعل الانطباع الأول لزائرى مصر ايجابيا يعكس حقيقة هذا الشعب المضياف والمتحضر.